بوادر انفراج في أزمة اللاجئين العالقين في البحر بجنوب شرقي آسيا

ماليزيا تطلق عملية إنقاذ.. والولايات المتحدة تدخل على الخط وتناقش الملف مع ميانمار

كوالالمبور - لندن: «الشرق الأوسط»
كوالالمبور - لندن: «الشرق الأوسط»
TT

بوادر انفراج في أزمة اللاجئين العالقين في البحر بجنوب شرقي آسيا

كوالالمبور - لندن: «الشرق الأوسط»
كوالالمبور - لندن: «الشرق الأوسط»

أعلنت ماليزيا، أمس، أن قواتها البحرية باشرت أمس عمليات لإنقاذ آلاف المهاجرين العالقين في بحر إندامان منذ أسابيع، وذلك تزامنا مع عقد دول المنطقة والولايات المتحدة اجتماعات في ميانمار لحل هذه الأزمة.
وقال رئيس الوزراء الماليزي نجيب الرزاق، على حسابه على موقع «فيسبوك» الإلكتروني: «علينا أن ننقذ أرواحا». وجاء هذا «التحرك» الماليزي غداة تغيير ماليزيا وإندونيسيا لموقفيهما المتشدد، وإعلانهما التوقف عن العمل بسياسة إبعاد القوارب المحملة باللاجئين عن مياههما الإقليمية. وذهبت ماليزيا لأبعد من ذلك أمس بإطلاقها عملية الإنقاذ في البحر هذه التي تشكل تبدلا كبيرا في إدارة الأزمة. وأدى رفض ماليزيا وإندونيسيا وتايلاند استقبال قوارب مليئة بالمهاجرين المرهقين من الروهينغا وآخرين هاربين من الظروف الاقتصادية في بنغلاديش إلى أزمة إنسانية كبيرة.
في غضون ذلك، التقى في نايبيداو أمس مساعد وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، مع رئيس مينمار ثين سين، لكن لم تبرز أي تفاصيل عن مضمون المحادثات على الفور. وكان مفترضا أن يلتقي بلينكن أيضا مع وزير خارجية ماليزيا حنيفة أمان، ووزيرة خارجية إندونيسيا ريتنو مرسودي.
وعرضت الولايات المتحدة والفلبين وحتى غامبيا في شرق أفريقيا تقديم مساعدات وحتى السكن للمهاجرين الروهينغا، مذكرة بالرد الدولي المنسق على هجرة آلاف الأشخاص خلال الحرب الفيتنامية في سبعينات القرن الماضي. وأعلنت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأميركية ماري هارف، أمام صحافيين في واشنطن، أن «الولايات المتحدة مستعدة لمساعدة دول المنطقة على تحمل العبء وإنقاذ أرواح». وأضافت أن «واشنطن مستعدة لمساعدة الأمم المتحدة على إقامة مراكز استقبال، ويمكن أن تنظر في طلبات لاستقبال بعض اللاجئين».
من جهته، دعا البرلمان الأوروبي دول جنوب شرقي آسيا إلى تقديم «حد أدنى من الحماية المؤقتة» إلى الروهينغا الفارين من ميانمار. وقال النواب الأوروبيون في قرار اعتمد في ستراسبورغ إن «آلاف الروهينغا ومهاجرين آخرين ما زالوا ينقلون سرا من قبل مهربي بشر عبر تايلاند وانطلاقا من دول أخرى في المنطقة، في بعض الحالات بسبب فساد السلطات المحلية التايلاندية». وأضاف أنه يتعين على السلطات والموظفين التايلانديين «وضع حد لكل تواطؤ مع العصابات الإجرامية» المسؤولة عن هذه الممارسات. كما دعوا ميانمار إلى «تغيير سياستها» و«وقف الاضطهاد والتمييز» بحق الروهينغا والسماح لهم بالحصول على المواطنة.
بدورها، أعلنت ميانمار أمس أنها بدأت منذ أسبوع عمليات للبحث والإنقاذ، لكن لم يمكن التحقق من صحة هذه المعلومات. ويذكر أن حكومة ميانمار تصر على رفضها الاعتراف بالروهينغا كمجموعة إثنية وتعتبرهم مهاجرين غير شرعيين من بنغلاديش المجاورة، وإن كان بعضهم يقيمون في ميانمار منذ أجيال. وهم محرومون من الوثائق الرسمية والتعليم والخدمات الصحية والعمل. ويقدر عدد الروهينغا بـ1.3 مليون نسمة، ويعيشون خصوصا في ولاية راخين المنطقة الواقعة شمال غربي ميانمار والمحاذية لبنغلاديش. وقال مدير المكتب الرئاسي في ميانمار زاو هتاي، لوكالة الصحافة الفرنسية: «إذا كانوا يريدون التباحث حول الروهينغا، فنحن نرفض هذا التعبير كما قلنا في السابق». إلا أنه أكد مشاركة ميانمار في قمة إقليمية مقررة في بانكوك في 29 مايو (أيار) الحالي حول أزمة المهاجرين.
وتعد ظاهرة الهجرة قديمة في جنوب شرقي آسيا، إلا أنها اتخذت منحى كارثيا منذ مطلع مايو الحالي مع تفكك الشبكات السرية للتهريب تحت ضغط السياسة القمعية الجديدة لتايلاند. واستقبلت تايلاند وإندونيسيا وماليزيا نحو ثلاثة آلاف مهاجر سري خلال أيام، لكنها أبعدت سفنا أخرى، مما أثار انتقادات من الأمم المتحدة ومنظمات غير حكومية.
وتتعرض ميانمار منذ أسابيع لضغط دولي، مما دفعها لتخفيف حدة موقفها جزئيا، إذ أعلنت استعدادها لتقديم مساعدة إنسانية للمهاجرين. وقبالة سواحل ميانمار، تقول الأمم المتحدة إن أكثر من ألفي مهاجر محتجزون على سفن من قبل مهربين في ظروف مروعة، كما قال بعض الناجين النادرين الذين دفعوا فدية للعودة إلى البر.



مسؤول في «طالبان» يحث على إلغاء حظر تعليم الفتيات والنساء في أفغانستان

شير محمد عباس ستانيكزاي الذي يشغل منصب نائب وزير الخارجية الأفغاني (إعلام أفغاني)
شير محمد عباس ستانيكزاي الذي يشغل منصب نائب وزير الخارجية الأفغاني (إعلام أفغاني)
TT

مسؤول في «طالبان» يحث على إلغاء حظر تعليم الفتيات والنساء في أفغانستان

شير محمد عباس ستانيكزاي الذي يشغل منصب نائب وزير الخارجية الأفغاني (إعلام أفغاني)
شير محمد عباس ستانيكزاي الذي يشغل منصب نائب وزير الخارجية الأفغاني (إعلام أفغاني)

حثَّ مسؤولٌ بارزٌ بحركة «طالبان» قادةَ الحركة على إلغاء حظر تعليم النساء والفتيات الأفغانيات، قائلاً إنه «لا يوجد سبب لذلك»، وذلك في انتقاد علني نادر لسياسة الحكومة. وأدلى شير عباس ستانيكزاي، النائب السياسي بوزارة الخارجية، بهذه التصريحات خلال خطاب، السبت، في إقليم خوست بجنوب شرقي البلاد.

أفغانيات يتظاهرن ضد قرار حرمانهن من التعليم (متداولة – أرشيفية)

وقال للحضور، خلال مراسم دينية بمدرسة، إنه «لا يوجد سبب لحرمان النساء والفتيات من التعليم»، بحسب تقرير لـ«أسوشييتد برس»، الأحد.

وأضاف: «لم يكن هناك مبرر لذلك في الماضي، ولا يجب أن يكون هناك مبرر على الإطلاق». وكانت الحكومة قد منعت تعليم الفتيات بعد الصف السادس.

وقال ستانيكزاي، في مقطع فيديو نشره الحساب الرسمي له على موقع «إكس»: «نطالب القيادة مجدداً بفتح أبواب التعليم».

فتيات أفغانيات في الطريق إلى المدرسة قبل قرار حظر التعليم (متداولة)

فعل ظالم بحق 20 مليون شخص

وأضاف: «نحن نرتكب فعلاً ظالماً بحق 20 مليون شخص من بين 40 مليون شخص، ونحرمهن من جميع حقوقهن. هذا ليس من صفات الإسلام، ولكن خيارنا الشخصي أو الطبيعة». يُشار إلى أن ستانيكزاي كان يترأس في السابق فريق «طالبان» خلال المباحثات التي أدَّت للانسحاب الكامل للقوات الأجنبية من أفغانستان.

طابور من الأفغانيات في انتظار حصولهن على المعونات الغذائية في العاصمة كابل (متداولة)

يذكر أن الحكومة الأفغانية كانت قد منعت الإناث من التعليم بعد الصف السادس، وفي سبتمبر (أيلول) الماضي، وردت تقارير تفيد بأن السُلطات أوقفت أيضاً تدريب النساء في القطاع الطبي، والدورات التعليمية المُخصصة لهن في هذا المجال.

وفي أفغانستان، لا يمكن للنساء والفتيات تلقي العلاج إلا على أيدي طبيبات ومتخصصات في الرعاية الصحية. وحتى الآن، لم تؤكد السلطات حظر التدريب الطبي.

وقال ستانيكزاي، في مقطع فيديو نشره على حسابه الرسمي على منصة «إكس» للتواصل الاجتماعي: «ندعو القيادة مرة أخرى إلى فتح أبواب التعليم. نحن نرتكب ظلماً بحق 20 مليون شخص من أصل 40 مليون نسمة، بحرمانهم من جميع حقوقهم. هذا ليس في الشريعة الإسلامية، بل هو نتيجة لخياراتنا الشخصية أو طبيعتنا».

أفغانية تعمل على الحاسوب من منزلها في كابل (أ.ف.ب)

وهذه ليست المرة الأولى التي يقول فيها ستانيكزاي إن النساء والفتيات يستحققن الحصول على التعليم، حيث أدلى بتصريحات مماثلة في سبتمبر 2022، أي بعد عام من إغلاق المدارس للفتيات، وقبل أشهر من فرض حظر على دخولهن الجامعات.

أول دعوة علنية لزعيم الحركة

لكن تصريحات ستانيكزاي الأخيرة تُمثَّل أول دعوة علنية له لتغيير السياسة، وأول نداء مباشر إلى زعيم «طالبان» هبة الله أخوند زاده.

وقال إبراهيم بهيس، وهو محلل في برنامج جنوب آسيا بمجموعة الأزمات الدولية، إن ستانيكزاي كان يدلي بتصريحات مماثلة بشكل دوري يؤكد فيها أن التعليم حق لجميع النساء الأفغانيات. وأضاف: «مع ذلك، يبدو أن التصريح الأخير يذهب إلى ما هو أبعد من ذلك، حيث إنه يدعو فيه علناً إلى تغيير السياسة، ويشكك في مدى شرعية النهج الحالي».

أفغانيات عاملات بالتطريز (أرشيفية)

وفي العاصمة الباكستانية إسلام آباد، دعت الحائزة جائزة «نوبل للسلام»، ملالا يوسفزاي، القادة المسلمين، في وقت سابق من الشهر الحالي، إلى تحدي «طالبان» بشأن تعليم النساء والفتيات.

الحائزة جائزة «نوبل للسلام» ملالا يوسفزاي تتحدث خلال جلسة لمناقشة تعليم الإناث في العالم الإسلامي حضرها مندوبون عن «منظمة التعاون الإسلامي» في إسلام آباد بباكستان في 12 يناير 2025 (إ.ب.أ)

جاء ذلك خلال حديثها في مؤتمر استضافته «منظمة التعاون الإسلامي» و«رابطة العالم الإسلامي».

وقالت الأمم المتحدة إن الاعتراف بحكومة «طالبان» يكاد يكون مستحيلاً في ظل استمرار حظر تعليم الإناث وتوظيفهن، وعدم السماح لهن بالخروج إلى الأماكن العامة دون ولي أمر ذكر.

ولا تعترف أي دولة بحركة «طالبان» حكومةً شرعيةً لأفغانستان، إلا أن دولاً مثل روسيا بدأت في بناء علاقات معها، كما تعمل الهند على تطوير علاقاتها مع السلطات الأفغانية الحالية.

وفي دبي، في وقت سابق من الشهر الحالي، أظهر اجتماع بين أكبر دبلوماسي هندي فيكرام ميستري، ووزير الخارجية الأفغاني أمير خان متقي، مدى عُمق التعاون بين البلدين.