تعهد رئيس الوزراء الأسترالي الجديد أنتوني ألبانيزي، أمس (الأحد)، بإعادة إطلاق علاقات بلاده مع العالم وتغيير سمعتها كدولة متقاعسة في مجال مكافحة التغيّر المناخي، في وقت يسابق الزمن لتشكيل حكومة قُبيل انعقاد قمة مهمّة في طوكيو.
وبعد نصر انتخابي أسدل الستار على حكم المحافظين الذي استمر عقداً، تحدّث ألبانيزي عن حقبة مقبلة ستكون أستراليا فيها أكثر إنصافاً وصديقة للبيئة وبعيدة عن السياسات الصدامية.
وقال الزعيم اليساري الوسطي البالغ 59 عاماً إن انتخابات السبت شكّلت «لحظة مهمة» في حياته، لكنه شدد على أنه يريدها أن تكون «لحظة مهمة بالنسبة للبلاد».
وما زال غير واضح إن كان حزب العمال الذي ينتمي إليه سيحصل على ما يكفي من المقاعد في البرلمان لتشكيل غالبية أم سيتعيّن عليه اللجوء إلى المستقلين أو الأحزاب الأصغر من أجل الدعم.
لكن يُتوقع أن يتم تنصيب ألبانيزي وأبرز الوزراء غداً (الاثنين) ليتمكنوا من حضور قمة مع قادة كل من اليابان والهند والولايات المتحدة في إطار ما يطلق عليه تحالف «كواد» (الرباعي).
وقال ألبانيزي اليوم (الأحد)، إن القمة «أولوية قصوى» بالنسبة لأستراليا وفرصة «لنبعث برسالة إلى العالم تفيد بوجود تغيير في الحكومة... ستكون هناك تغييرات في السياسة، خصوصاً فيما يتعلّق بالتغيّر المناخي وانخراطنا مع العالم بشأن هذه المسائل».
وحوّلت صور غابات شجر الكينا المحترقة والمدن التي يغلّفها الضباب الدخاني والشعاب المرجانية المتراجعة، أستراليا إلى مضرب مثل للدمار الناجم عن تغيّر المناخ في السنوات الأخيرة.
وفي ظل قيادتها المحافظة، باتت أستراليا التي تعد في الأساس من بين أكبر مصدّري الغاز والفحم في العالم، تعد الطرف المخرّب في محادثات المناخ الدولية.
وتعهد ألبانيزي بتبني أهداف أكثر طموحاً للحد في الانبعاثات وتحويل البلد إلى «قوة عظمى» في مجال الطاقة المتجددة.
وبعد القمة واجتماعات ثنائية سيعقدها مع كل من الرئيس الأميركي جو بايدن، ورئيس الوزراء الياباني فوميو كيشيدا، ونظيره الهندي ناريندرا مودي، قال ألبانيزي إنه سيعود إلى أستراليا (الأربعاء).
وقال: «من ثم سنبدأ عملنا».
ورحّب قادة دوليون بانتخاب ألبانيزي، ليأتي الترحيب خصوصاً من جزر المحيط الهادئ المجاورة لأستراليا علماً بأن ارتفاع منسوب البحر يشكّل تهديداً وجودياً لهذه البلدان.
قال رئيس وزراء فيجي، فرانك باينيماراما: «من بين جميع وعودك المرتبطة بدعم منطقة الهادئ، لا يوجد وعد يَلقى ترحيباً بقدر خطّتك منح أولوية للمناخ... يعتمد مستقبل شعبينا على الأمر».
في المقابل، سيراقب كثيرون الوضع عن كثب لتحديد إن كان ألبانيزي سيستخدم لهجة أقل تشدداً حيال الصين وإن كانت الاجتماعات الوزارية مع بكين ستُستأنف بعد توقفها لأكثر من عامين.
وأظهرت نتائج رسمية أن حزب العمال سيفوز بـ74، علماً بأنه يحتاج إلى 76 للحصول على الغالبية في المجلس المكوّن من 151 مقعداً. وما زال مصير عدد من المقاعد غير محسوم.
لكن من الواضح أن الانتخابات أحدثت هزة سياسية في أستراليا.
وبالنسبة إلى كثير من الأستراليين، كانت الانتخابات بمثابة استفتاء على رئيس الوزراء المنتهية ولايته سكوت موريسون المثير للاستقطاب.
وخلال عهده، شهدت أستراليا حرائق غابات وموجات جفاف وفيضانات إلى جانب الوباء، وهي عوامل حطّمت شعور الأستراليين بالأمن وثقتهم بحكومتهم.
وأثار موريسون استياءً بتقليله من أهمية تداعيات التغيّر المناخي على الكوارث المتزايدة أكثر من أي وقت مضى في أستراليا، وقال حين طلب منه تبرير سفره في عطلة في الخارج في ظل أزمة حرائق الغابات: «لا أحمل خرطوم مياه في يدي».
ويؤكد مدير صندوق إدارة استثمارات يبلغ 32 عاماً ويدعى دين برغن، أنّ «توجهه (موريسون) إلى هاواي بينما كانت نصف البلاد تحترق تماماً لم يكن قراراً حكيماً على الأرجح... يمكن لأي شخص وإن كان بنصف عقل إدراك ذلك. ما قام به هو عكس ما تعنيه القيادة تماماً».
وردّ الناخبون في صناديق الاقتراع عبر تسديد ضربة قاسية لائتلافه «الليبرالي - الوطني»، ما أطاح بكبار الوزراء من البرلمان وطُرد نظريا الحزب من المدن الرئيسية.
وقالت كاثي هوبكنز (60 عاماً)، وهي موظفة تعمل في مجال دعم المعاقين في ضاحية كلوفيلي في سيدني، والتي لطالما كانت محسوبة على المحافظين: «أشعر بسعادة بالغة» بنتيجة الانتخابات، مشيرةً إلى أن تغيّر المناخ كان قضية رئيسية تبعث على القلق. وقالت: «إنها (قضية) مهمة للغاية، خصوصا بالنسبة لمن هم أصغر سناً».
ودعم الناخبون المحليون أليغرا سبيندر، واحدة من عدد من المرشّحات المستقلات اللواتي ركّزن على ملفات الدفاع عن البيئة ومكافحة الفساد والمساواة بين الجنسين.
وقالت سبيندر أمام أنصارها في بوندي بيتش: «هذه لحظة وضع حد لحروب المناخ»، متعهدةً بالضغط من أجل مزيد من النزاهة في السياسة من أجل اقتصاد شامل للجميع. وأكدت أن «هذه هي القيم التي دافع عنها المجتمع».
وبالنسبة إلى حلفاء موريسون المحافظين، تشعل الهزيمة معركة من أجل روح الحزب. وتدور منافسة غير رسمية على زعامته، إذ يُلقي المعتدلون باللوم في خسارته الانتخابية على انجرافه إلى اليمين.
وفي تصريحات أدلى بها في الكنيسة اليوم (الأحد)، قال موريسون بينما اغرورقت عيناه بالدموع إن الفترة التي قضاها في منصبه كانت «صعبة للغاية». وأضاف: «يدعونا الله للقيام بمهام معيّنة... أنا سعيد للغاية لأنني أدلي بآخر تصريحاتي كرئيس للوزراء هنا»، قبل أن يُخرج هاتفه النقال ليختتم خطابه بآية من الإنجيل.
رئيس الوزراء الأسترالي الجديد يتعهد إصلاح صورة بلاده
رئيس الوزراء الأسترالي الجديد يتعهد إصلاح صورة بلاده
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة