كيف غيرت الحرب في أوكرانيا من تحركات اليابان عسكرياً ودبلوماسياً؟

رئيس الوزراء الياباني فوميو كيشيدا (أ.ف.ب)
رئيس الوزراء الياباني فوميو كيشيدا (أ.ف.ب)
TT

كيف غيرت الحرب في أوكرانيا من تحركات اليابان عسكرياً ودبلوماسياً؟

رئيس الوزراء الياباني فوميو كيشيدا (أ.ف.ب)
رئيس الوزراء الياباني فوميو كيشيدا (أ.ف.ب)

منذ بدء الغزو الروسي لأوكرانيا في فبراير (شباط) الماضي، تعاظمت مهام فوميو كيشيدا، رئيس وزراء اليابان الجديد، باحثاً عن دور لبلاده في خضم الأزمات التي تحيط بها، وحاشداً لحماية الديمقراطية في كييف، ونشطاً في مساعيه نحو عالم خال من الأسلحة النووية.
وتعكس محاولات كيشيدا قلق الرجل من أوجه تشابه بين تصرفات روسيا في أوروبا، وتوسع الصين في منطقة المحيطين الهندي والهادئ، وهي منطقة تمتد من ساحل أميركا على المحيط الهادئ إلى المحيط الهندي، حسب ما نقله موقع شبكة «سي إن إن» الأميركية.
وقال كيشيدا في بيان مشترك مع زعماء الاتحاد الأوروبي في مايو (أيار)، «نعارض بشدة أي محاولة أحادية الجانب لتغيير الوضع الراهن بالقوة بغض النظر عن الموقع». وتضمن البيان ذاته فقرة عبرت عن «القلق الشديد بشأن التقارير التي تتحدث عن العسكرة والإكراه والتخويف في بحر الصين الجنوبي»، رغم أنها لم تذكر الصين بصفتها المعتدي.
وحفزت الحرب في أوكرانيا المناقشات حول الأمن القومي لليابان كما لم يحدث من قبل، وإعادة النظر في المخاوف التي تحيطها، خصوصاً مع موقعها الجغرافي المتقلب، حيث يحيط بها الصين من الجنوب، وكوريا الشمالية المسلحة نووياً من الغرب وروسيا من الشمال.
وانعكست هذه النقاشات على تقديم أعضاء الحزب الحاكم في البلاد، في أبريل (نيسان)، مقترحاً برفع ميزانية الدفاع للبلاد من 1 في المائة إلى 2 في المائة - بما يتماشى مع أعضاء الناتو - وتطوير «قدرات الهجوم المضاد» - وهي خطوة تنذر بتغييرات كبيرة الموقف الأمني السلمي لليابان طويل الأمد.
ولا تكتف طوكيو بالاستثمار في الجانب الدفاعي، حيث نشطت في استخدام الدبلوماسية لتقوية علاقاتها في المنطقة وخارجها، لتوطد التنسيق مع واشنطن، خلال الشهور الأخيرة، كشريك موثوق به في المسرح العالمي.
يأتي هذا التنسيق على خلفية مزاعم الصين بسيادتها على بحر الصين الجنوبي البالغ مساحته 1.3 مليون ميل مربع تقريباً، خصوصاً مع تحويلها للعديد من الشعاب المرجانية والحواجز الرملية - بعيداً عن شواطئها - إلى جزر صناعية من صنع الإنسان ومحصنة بشدة بالصواريخ والمدارج وأنظمة الأسلحة.

صياغة ميثاق أمني أميركي أقوى
يعتقد المحللون أن تنشط اليابان في الاضطلاع بدور قيادي أقوى في المنطقة، مدفوعة بالأزمات المحيطة حولها.
قال كين جيمبو، خبير الأمن القومي والأستاذ في جامعة كيو، «تدرك اليابان أنها إذا اعتمدت فقط على الولايات المتحدة، فلن يحافظ ذلك حقاً على الثقة السياسية بين الجانبين».
أعلن كيشيدا في ديسمبر (كانون الأول) الماضي أن الحكومة تدرس خيارات لمنح اليابان القدرة على ضرب قواعد العدو. ومنذ ذلك الحين، تكثفت الدعوات من داخل الحزب الحاكم في اليابان لتطوير «قدرات الهجوم المضاد» بالتنسيق مع الولايات المتحدة. ستؤدي هذه الخطوة إلى توسيع حدود دستور البلاد السلمي، لكنها ستزيد من قدرة طوكيو على الرد على الهجمات المحمولة والغواصات.
من جانبه، قال كليو باسكال، الخبير الاستراتيجي في منطقة المحيطين الهندي والهادئ في مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات، إن اليابان تريد أن تكون قادرة على الدفاع عن نفسها في معركة، موضحاً أنه توجد في البلاد شريحة قوية جداً من السكان الذين لا يريدون الاعتماد على القوى الخارجية من أجل أن يكونوا قادرين على اتخاذ قرارات قد تكون مخاطرة أو لا.
ومع ذلك، هناك مقاومة داخل البلاد لأي تحرك بعيداً عن موقف اليابان السلمي.
قال جيمس براون، خبير العلاقات الدولية في جامعة تمبل، «لا يزال الرأي العام الشعبي ينظر إلى اليابان على أنها دولة مسالمة لا ينبغي أن تكون لديها القدرة على مهاجمة الآخرين، ويجب أن تكون لديها فقط الوسائل الكافية للدفاع عن نفسها»، مشيراً إلى أن هذا القلق جعل الحكومة تتحرك بشكل أبطأ في هذا الشأن.
ومع ذلك، يبدو أن الحرب في أوكرانيا تعمل على تغيير المواقف، حيث أظهر استطلاع حديث أجرته أساهي شيمبون وجامعة طوكيو أن 64 في المائة من 3000 شخص شملهم الاستطلاع يؤيدون تعزيز اليابان لقدراتها الدفاعية - وهي أعلى نسبة منذ بدء المسح في عام 2003.

إدارة نفوذ الصين
عزز دعم الصين للإجراءات الروسية في أوكرانيا مهمة كيشيدا لحماية سلامة منطقة المحيطين الهندي والهادئ. إنه لا يتواصل مع حلفاء أكبر في الولايات المتحدة وأوروبا فحسب، بل إنه ينخرط في دبلوماسية أقرب إلى الوطن لتوضيح أن اليابان شريك يمكن الاعتماد عليه في الأوقات المضطربة.
قال توماس ويلكينز، الزميل الأول في معهد السياسة الاستراتيجية الأسترالي، إن اليابان تريد أيضاً تقديم بديل للصين من خلال عرض مشاريع البنية التحتية عالية الجودة الخاصة بها، والتي تستخدم العمالة المحلية، ولديها ضوابط عالية الجودة ولا تترك أعباء ديون لا يمكن تحملها في البلدان المشاركة.


مقالات ذات صلة

السودان وأوكرانيا على طاولة مباحثات السيسي ورئيس الوزراء الياباني

شمال افريقيا السودان وأوكرانيا على طاولة مباحثات السيسي ورئيس الوزراء الياباني

السودان وأوكرانيا على طاولة مباحثات السيسي ورئيس الوزراء الياباني

أكد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، اليوم (الأحد)، على ضرورة الوقف الفوري لإطلاق النار في السودان، وذلك خلال لقائه مع رئيس الوزراء الياباني فوميو كيشيدا في القاهرة. ووصف الرئيس المصري المباحثات مع رئيس الوزراء اليباني بأنها كانت «إيجابية وبناءة»، حيث جرى استعراض ما تشهده الساحة الدولية اليوم من تحديات.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
الرياضة سالم الدوسري في مرمى النيران بعد تصرف غير مبرر في «ذهاب الأبطال»

سالم الدوسري في مرمى النيران بعد تصرف غير مبرر في «ذهاب الأبطال»

تحول المهاجم سالم الدوسري من بطل محتمل للهلال في نهائي دوري أبطال آسيا لكرة القدم إلى «مفسد للحفل» بعد طرده في الدقائق الأخيرة بلقاء الذهاب، بسبب اعتداء على منافس في الدقائق الأخيرة خلال تعادل محبط 1 - 1 في الرياض أمس (السبت). وافتتح الدوسري التسجيل في الدقيقة 13 من متابعة لكرة عرضية، ليثبت مجدداً أنه رجل المواعيد الكبرى، إذ سبق له التسجيل في مرمى أوراوا في نهائي نسخة 2019، حين أسهم في تتويج الهلال. وخلد اسمه في الذاكرة بتسجيل هدف فوز السعودية التاريخي على الأرجنتين في كأس العالم بقطر العام الماضي، ليهز الشباك في نسختين بالنهائيات، فضلاً عن التسجيل في 3 نسخ لكأس العالم للأندية. لكن الدوسري (31

«الشرق الأوسط» (الرياض)
العالم ما دلالات جولة رئيس وزراء اليابان الأفريقية؟

ما دلالات جولة رئيس وزراء اليابان الأفريقية؟

في ظل التداعيات الجيوستراتيجية للحرب الروسية - الأوكرانية، والتنافس المحموم من جانب الدول الكبرى على النفوذ في أفريقيا، تسعى اليابان لزيادة تأثيرها في القارة، وهو ما يراه خبراء تقاطعاً وتكاملاً مع استراتيجية واشنطن الجديدة، وتأسيساً لأدوار جديدة تحاول طوكيو من خلالها مجابهة تصاعد النفوذ الصيني. في هذا السياق، زار رئيس الوزراء الياباني فوميو كيشيدا، أمس، مصر في بداية جولة أفريقية تشمل أيضاً غانا وكينيا وموزمبيق.

أفريقيا ما دلالات الجولة الأفريقية لرئيس وزراء اليابان؟

ما دلالات الجولة الأفريقية لرئيس وزراء اليابان؟

في ظل التداعيات الجيوستراتيجية للحرب الروسية - الأوكرانية، وما استتبعها من تنافس محموم من جانب الدول الكبرى على النفوذ في أفريقيا، تسعى اليابان لزيادة نفوذها في القارة، وهو ما يراه خبراء تقاطعاً وتكاملاً مع استراتيجية واشنطن الجديدة، وتأسيساً لأدوار جديدة تحاول طوكيو من خلالها مجابهة تصاعد النفوذ الصيني. في هذا السياق، زار رئيس الوزراء الياباني، فوميو كيشيدا، اليوم (السبت)، مصر، في بداية جولة أفريقية تشمل أيضاً غانا وكينيا وموزمبيق.

العالم البرلمان الياباني يوافق على اتفاقيتي التعاون الدفاعي مع أستراليا وبريطانيا

البرلمان الياباني يوافق على اتفاقيتي التعاون الدفاعي مع أستراليا وبريطانيا

وافق البرلمان الياباني (دايت)، اليوم (الجمعة)، على اتفاقيتين للتعاون الدفاعي مع أستراليا وبريطانيا، ما يمهّد الطريق أمام سريان مفعولهما بمجرد أن تستكمل كانبيرا ولندن إجراءات الموافقة عليهما، وفق وكالة الأنباء الألمانية. وفي مسعى مستتر للتصدي للصعود العسكري للصين وموقفها العدائي في منطقة المحيطين الهادئ والهندي، سوف تجعل الاتفاقيتان لندن وكانبيرا أول وثاني شريكين لطوكيو في اتفاق الوصول المتبادل، بحسب وكالة كيودو اليابانية للأنباء. ووافق مجلس المستشارين الياباني (مجلس الشيوخ) على الاتفاقيتين التي تحدد قواعد نقل الأفراد والأسلحة والإمدادات بعدما أعطى مجلس النواب الضوء الأخضر لها في وقت سابق العام

«الشرق الأوسط» (طوكيو)

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
TT

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)

تخضع «هيئة تحرير الشام»، التي قادت قوات المعارضة للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، لعقوبات من الأمم المتحدة منذ فترة طويلة، وهو ما وصفه المبعوث الخاص للمنظمة الدولية إلى سوريا غير بيدرسون، بأنه «عامل تعقيد لنا جميعاً».

كانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف في السابق باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت العلاقات بالتنظيم في عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما فُرض عليها تجميد عالمي للأصول وحظر أسلحة.

ويخضع عدد من أعضاء «هيئة تحرير الشام» أيضاً لعقوبات الأمم المتحدة مثل حظر السفر، وتجميد الأصول، وحظر الأسلحة، ومنهم زعيمها وقائد إدارة العمليات العسكرية أحمد الشرع، المكنى «أبو محمد الجولاني»، المدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.

وقال دبلوماسيون إنه لا يوجد حالياً أي مناقشات عن رفع العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة على الجماعة. ولا تمنع العقوبات التواصل مع «هيئة تحرير الشام».

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟ (رويترز)

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

فرضت الأمم المتحدة عقوبات على «جبهة النصرة»، لأن الجماعة مرتبطة بتنظيم «القاعدة»، ولأنها كانت «تشارك في تمويل أو تخطيط أو تسهيل أو إعداد أو ارتكاب أعمال أو أنشطة» مع «القاعدة» أو دعماً لها وتستقطب أفراداً وتدعم أنشطة «القاعدة».

وجاء في قائمة العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة: «في يناير (كانون الثاني) 2017، أنشأت جبهة النصرة (هيئة تحرير الشام)، وسيلة لتعزيز موقعها في التمرد السوري وتعزيز أهدافها باعتبارها فرعاً لتنظيم (القاعدة) في سوريا»... ورغم وصف ظهور «هيئة تحرير الشام» بطرق مختلفة (على سبيل المثال كاندماج أو تغيير في الاسم)، فإن جبهة «النصرة» استمرت في الهيمنة والعمل من خلال «هيئة تحرير الشام» في السعي لتحقيق أهدافها.

وفُرضت عقوبات على الجولاني بسبب ارتباطه بتنظيم «القاعدة» وعمله معه.

كيف يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة؟

تستطيع أي دولة عضو في الأمم المتحدة في أي وقت تقديم طلب لرفع العقوبات عن كيان أو شخص إلى لجنة عقوبات تنظيمي «داعش» و«القاعدة» التابعة لمجلس الأمن الدولي المؤلف من 15 دولة.

وإذا جاء الطلب من دولة لم تقترح في البداية فرض عقوبات الأمم المتحدة، فإن اللجنة تتخذ القرار بالإجماع.

وإذا تقدمت الدولة التي اقترحت في البداية فرض العقوبات بطلب الشطب من القائمة، فسيمحى الاسم من القائمة بعد 60 يوماً، ما لم توافق اللجنة بالإجماع على بقاء التدابير.

لكن إذا لم يتم التوصل إلى إجماع، يستطيع أحد الأعضاء أن يطلب إحالة الطلب إلى مجلس الأمن للتصويت عليه في غضون 60 يوماً.

ولم تتضح بعد الدول التي اقترحت فرض عقوبات على جبهة «النصرة» والجولاني.

ويستطيع أيضاً الشخص أو الكيان الخاضع للعقوبات أن يطلب إزالة التدابير عن طريق الاتصال بأمين عام المظالم، وهو منصب أنشأه المجلس في عام 2009، ليقوم بمراجعة الطلب.

وإذا أوصى أمين عام المظالم بإبقاء اسم ما على القائمة، فسيظل مدرجاً على القائمة. وإذا أوصى أمين عام المظالم بإزالة اسم ما، فسترفع العقوبات بعد عملية قد تستغرق ما يصل إلى 9 أشهر، ما لم توافق اللجنة في وقت أسبق بالإجماع على اتخاذ إجراء أو الإحالة إلى المجلس لتصويت محتمل.

هل هناك استثناءات من العقوبات؟

يستطيع الأشخاص الخاضعون لعقوبات الأمم المتحدة التقدم بطلب للحصول على إعفاءات فيما يتعلق بالسفر، وهو ما تقرره اللجنة بالإجماع.

ويقول المجلس إن عقوباته «لا تستهدف إحداث عواقب إنسانية تضر بالسكان المدنيين».

وهناك استثناء إنساني للأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة يسمح «بتوفير أو معالجة أو دفع الأموال أو الأصول المالية الأخرى أو الموارد الاقتصادية، أو توفير السلع والخدمات اللازمة لضمان تقديم المساعدات الإنسانية في الوقت المناسب، أو لمساندة الأنشطة الأخرى التي تدعم الاحتياجات الإنسانية الأساسية».