أميركا ستحتفظ بـ100 ألف جندي في أوروبا وتبحث في إقامة قواعد دائمة في شرقها

أكد المتحدث باسم الخارجية الأميركية نيد برايس أن الولايات المتحدة ستحتفظ بالقوات التي نشرتها في أوروبا، بعد دخول روسيا إلى أوكرانيا، والتي تبلغ الآن نحو 100 ألف جندي أميركي. وقال برايس، رداً على سؤال عما إذا كان هذا العدد سيبقى بشكل دائم، بعدما ارتفع من 60 ألفاً، قبل بدء «العملية العسكرية الروسية»، إن الزيادة التي حصلت في الأسابيع الأخيرة على وجه التحديد، سببها «الوفاء بتعهداتنا التي قطعناها قبل الغزو الروسي». وأضاف: «قلنا أيضاً إننا سنعزز ونتخذ خطوات لطمأنة حلف الناتو والدول الأعضاء فيه، ولا سيما تلك الموجودة على الجانب الشرقي من حلف الناتو، وهذا ما فعلناه». وقال: «أنا واثق بأن هذه المناقشات ستستمر، وسنواصل الحديث عن وضع تلك القوة وطبيعة وجودها، سواء ضمن قوات الناتو أو من حيث انتشارنا، مع حلفائنا وشركائنا في أوروبا، في الأسابيع المقبلة، خصوصاً في القمة التي ستعقد في مدريد في يونيو (حزيران) المقبل لدول الحلف. وقال إنه «قبل ذلك، كنا واضحين أننا سنفعل بعض الأشياء إذا استمر عدوان الرئيس بوتين». وأضاف، لقد أوضحنا أننا سنقدم مستويات غير مسبوقة من المساعدة الأمنية لدعم شركائنا الأوكرانيين حتى يتمكنوا من الدفاع عن حريتهم بشكل فعال، والدفاع عن ديمقراطيتهم، والدفاع عن بلادهم. كما أوضحنا أننا سنفرض عواقب وخيمة على الاقتصاد الروسي، وعلى النظام المالي الروسي».
وكان مسؤولون أميركيون قد كشفوا لمحطة «سي إن إن» أن الولايات المتحدة ستحتفظ بـ100 ألف جندي في أوروبا، لمواجهة «التهديدات» الروسية. وأضافوا أن عدد القوات قد يزداد مؤقتاً، إذا أجرى الناتو مزيداً من التدريبات العسكرية في المنطقة، كما يمكن أن تضيف واشنطن قواعد إضافية في أوروبا إذا تغيرت البيئة الأمنية. وعقد الخميس اجتماع لقادة جيوش دول الناتو في بروكسل، ورفعوا توصيات إلى اجتماع وزراء دفاع الحلف المقرر عقده في يونيو. وتتوافق هذه التصريحات مع تصريحات كبار القادة العسكريين الأميركيين، في شهادات أدلو بها أمام الكونغرس الشهر الماضي. وقال رئيس هيئة الأركان المشتركة، الجنرال مارك ميلي، إنه يؤيد إنشاء قواعد أميركية دائمة في أوروبا الشرقية رداً على هجوم روسيا على أوكرانيا. لكنه أضاف أن انتشار القوات الأميركية في تلك القواعد يمكن أن يكون دورياً، مشيراً إلى أنه لا يعتقد أن الولايات المتحدة بحاجة إلى نشر قوات بشكل دائم لخلق قوة ردع فعالة. ومع استعداد السويد وفنلندا للانضمام إلى الناتو، لا يعتقد المسؤولون الأميركيون أنه ستكون هناك حاجة إلى قوات إضافية ما لم تشكل روسيا فجأة تهديداً لهاتين الدولتين. وقال المسؤولون إنه إذا كانت روسيا ستنقل أسلحتها بالقرب من هاتين الدولتين أو وجهت تهديدات لهما، فقد يتعين إعادة تقييم وضع القوة. وقال الأدميرال روبرت باور، رئيس اللجنة العسكرية للناتو، الخميس، إن بعض الدول وافقت على تقديم دعم إضافي للبلدين.
ميدانياً قال المتحدث باسم وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون)، جون كيربي، الذي انضم الجمعة إلى مجلس الأمن القومي في البيت الأبيض ليتولى منصب منسق التواصل الاستراتيجي، إنه لا يوجد أي دليل حتى الآن على استخدام روسيا لأسلحة تعمل بالليزر في أوكرانيا. وأضاف أنه ما من دليل أيضاً على أن احتلال روسيا للوغانسك يقترب من الاكتمال، بحسب تصريحات وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو. وقال كيربي إنه لا يمكنه تقدير النسبة المئوية للجغرافيا التي سيطرت عليها روسيا في تلك المنطقة، وليس متأكداً أنه سيكون مقياساً مفيداً، لأنه «حرفياً» المنطقة تتغير كل يوم. وأضاف: «على سبيل المثال، قبل أسبوعين، إذا سألتني عن خاركيف، عندما كان الروس يطوقونها، لم يكن هناك سوى ممر صغير باتجاه الجنوب الشرقي من المدينة، مكن الأوكرانيين من الاستمرار في إمداد أنفسهم». وأضاف: «الآن قاموا بدفع الروس بعيداً عن خاركيف على طول الطريق بالقرب من الحدود مع بيلاروسيا وروسيا. وفي الشرق، في منطقة دونباس الشمالية، دفعوا الروس أيضاً». وقال إنه في كل يوم تقريباً، هناك تغيير في السيطرة على القرى والبلدات، ولا يزال الروس متأخرين كثيراً، عما كانوا يخططون له في هذه المنطقة. وأضاف كيربي، أنه «رغم أنهم حققوا بعض التقدم التدريجي، فإنه بطيء وغير متكافئ».
على صعيد آخر، قالت وزارة الدفاع البريطانية أمس السبت، إن روسيا تعاني على الأرجح من نقص في طائرات الاستطلاع المسيرة المناسبة والتي تحاول استخدامها لتحديد الأهداف التي ستقصفها بالمقاتلات أو المدفعية. وأفاد تقرير للوزارة بأن ذلك النقص تفاقم بسبب محدودية قدرات التصنيع المحلية الناتجة عن العقوبات. وقالت بريطانيا في نشرة دورية إنه إذا استمر المعدل الحالي للخسائر التي تتكبدها روسيا في الطائرات المسيرة، فإن قدرة القوات الروسية على المراقبة والاستطلاع ستتدهور بشكل أكبر، ما يؤثر سلباً على فاعلية العمليات. كما أبدت وزيرة الخارجية البريطانية ليز تراس في مقابلة نشرتها السبت صحيفة «ذي تلغراف»، رغبتها في أن ترى مولدافيا الدولة المجاورة لأوكرانيا، «مجهزة وفقاً لمعايير حلف شمال الأطلسي» (ناتو) لحمايتها من هجوم روسي محتمل. وأوضحت تراس أن المملكة المتحدة تناقش مع حلفائها سبل ضمان أن تكون أوكرانيا «قادرة على الدفاع عن نفسها بشكل دائم»، وهو ما ينطبق أيضاً على «دول معرضة» أخرى على غرار مولدافيا التي ليست عضواً في الناتو. ونقلت صحيفة «ذي تلغراف» عن أحد مساعدي الوزيرة قوله إن «تجهيز مولدافيا وفقاً لمعايير الناتو» يتطلب أن تقدم دول أعضاء في الحلف معدات حديثة لاستبدال تلك التي يعود تاريخها إلى الحقبة السوفياتية وأن تدرب جنوداً على استخدامها.
من جهة أخرى وقع الرئيس الأميركي جو بايدن، خلال وجوده في كوريا الجنوبية، على تصويت الكونغرس على حزمة المساعدات الضخمة لأوكرانيا بقيمة 40 مليار دولار. وجاء تصويت الكونغرس، بعد اتفاق بايدن مع زعيم الأقلية الجمهورية في المجلس، السيناتور ميتش ماكونيل، على فصل حزمة المساعدات لأوكرانيا عن مساعدات كوفيد التي كان الديمقراطيون يسعون إلى تمريرها بمشروع القانون. وقال ماكونيل، إن الطبيعة الحزبية للتصويت، تمثل انتصاراً شخصياً له، على «الجناح الانعزالي» للحزب الجمهوري، المتشكك في الدعم العسكري والاقتصادي طويل الأمد لكييف.
وفي سياق متصل قالت روسيا أمس السبت إنها قررت حظر دخول 963 أميركياً إلى أراضيها، بينهم الرئيس جو بايدن ووزير الخارجية أنتوني بلينكن ومدير وكالة المخابرات المركزية ويليام بيرنز، وستواصل الرد على ما وصفته بالأعمال العدائية الأميركية. ولحظر السفر تأثير رمزي فقط لكنه يشكل جزءاً من التدهور المستمر في علاقات روسيا مع الولايات المتحدة وحلفائها.
وعلى نحو منفصل، قالت وزارة الخارجية الروسية إنها أضافت 26 اسماً جديداً إلى قائمة الكنديين الذين منعتهم من السفر إلى روسيا، بينهم مسؤولون في قطاع الدفاع وصوفي جريجوار ترودو زوجة رئيس الوزراء جاستن ترودو. وقالت وزارة الخارجية التي نشرت لأول مرة القائمة الكاملة للأميركيين المحظور دخولهم روسيا: «نؤكد أن الأعمال العدائية التي تقوم بها واشنطن، والتي ترتد على الولايات المتحدة نفسها، ستستمر في تلقي الرفض المناسب». وأضافت الوزارة أن العقوبات الروسية المضادة كانت رداً ضرورياً يهدف إلى «إجبار النظام الأميركي الحاكم، الذي يحاول فرض نظام عالمي على بقية العالم قائم على القواعد الاستعمارية الجديدة، على تغيير سلوكه والاعتراف بالواقع الجيوسياسي الجديد».
ومن بين الأسماء التي تم الإعلان عنها سابقاً في القائمة الضخمة وزير الخارجية بلينكن ووزير الدفاع لويد أوستن ورئيس وكالة المخابرات المركزية بيرنز. ونُشرت القائمة الكندية الجديدة بعد أربعة أيام من تقديم كندا لمشروع قانون يمنع الرئيس فلاديمير بوتين ونحو ألف من أعضاء حكومته وجيشه من السفر إلى هناك. ورداً على العقوبات، منعت روسيا بالفعل رئيس الوزراء الكندي ترودو ووزيرة المالية كريستيا فريلاند ومئات الكنديين الآخرين من دخول البلاد.