مع نهاية موسم آخر من الدوري الإنجليزي الممتاز، قرر ثلاثة من حكام إنجلترا المخضرمين: مايك دين، وجون موس، ومارتن أتكينسون، الاعتزال بعد رحلة مثيرة من النجاحات والإخفاقات. ونستعرض هنا أفضل وأسوأ اللحظات التي مروا بها.
- مايك دين
الظهور الأول في الدوري الإنجليزي الممتاز: ليستر سيتي ضد ساوثهامبتون عام 2000.
عدد المباريات: 559.
البطاقات الحمراء: 114.
البطاقات الصفراء: 2026.
القرار الأكثر إثارة للجدل: إشهار البطاقة الحمراء المباشرة لسفيان فيغولي، لاعب وستهام، بعد تدخل عادي وغير مؤذٍ، على لاعب مانشستر يونايتد فيل جونز. وهو القرار الذي وصفه الناقد نيال كوين بأنه «قرار تحكيمي سيئ»، قبل أن يقرر الاتحاد الإنجليزي لكرة القدم رفع البطاقة الحمراء، وعدم إيقاف اللاعب لأي مباراة.
قد يكون من المناسب تماماً أن نبدأ في الحديث عن أكثر الحكام المتقاعدين إثارة للجدل، وهو الأمر الذي سيُقدره بلا شك؛ خصوصاً أن مايك دين لا يوجد لديه أي نقص في الغرور والغطرسة وتقدير الذات! لقد تعرض دين لانتقادات كثيرة من قبل جماهير جميع الأندية تقريباً؛ لكنه قد يجادل بالقول المأثور الذي يقول: «إذا كنتَ لا تُغضب أحداً، فأنت تفعل شيئاً خاطئاً».
في الحقيقة، من السهل جداً استفزاز دين، المعروف عنه إشهار البطاقات بكثرة. لقد كان يدير المباريات في الدوري الإنجليزي الممتاز منذ عام 2000، وهي الفترة التي أدار خلالها 559 مباراة وأشهر 114 بطاقة حمراء بشكل غير مسبوق لأي حكم آخر، و2026 بطاقة صفراء، وهو عدد هائل لا يُصدق، بالإضافة إلى احتساب 184 ركلة جزاء. ومن الواضح أن هذه الأرقام أكثر بكثير من نظيرتها لأي حكم آخر في الدوري الإنجليزي الممتاز.
لكن إشهار البطاقات بكثافة ليس الشيء الوحيد الذي يشتهر به دين الذي ارتكب حماقات كبيرة، مثل إخفائه لكرة المباراة التي سجل فيها المهاجم الأرجنتيني سيرجيو أغويرو 3 أهداف (هاتريك)، فضلاً عن عادته الغريبة في إشهار البطاقات للاعبين وهو لا ينظر إليهم، كما حدث خلال البطاقة الصفراء الشهيرة التي منحها لمهاجم ليفربول روبرتو فيرمينو.
هناك وجهة نظر بأن دين جعل اللعبة أكثر حيوية؛ لأنه من الرائع أن يكون هناك شخص شرير في العرض الكروي! لكن هناك أيضاً وجهة نظر أخرى، مفادها أنه لا يوجد أي شخص يشتري تذكرة لرؤية حكم بعينه وهو يدير المباريات! لكن التحكيم غالباً ما يكون مهمة غير جيدة، فعندما ظهر دين في برنامج مع بيتر كراوتش، تحدث باستفاضة عن كيف كان على مدار 16 عاماً، يستيقظ في الثالثة صباحاً، ويذهب إلى وظيفته ليذبح 140 ألف دجاجة في أحد المصانع في ويرال، ثم ينتقل إلى وظيفة التحكيم بدوام جزئي بعد الظهر. من المؤكد أن هذا النوع من التفاني في العمل لن ينال الاستحسان نفسه الذي ناله النجم المصري محمد صلاح، عندما قال إنه كان يقضي 9 ساعات، ويتنقل بين 10 حافلات مختلفة وهو في طريقه إلى التدريبات، عندما كان صغيراً في السن؛ لكن ما كان يقوم به دين هو مثير للإعجاب أيضاً.
ربما كانت الشائعات الأكثر انتشاراً حول دين هي أنه من مشجعي توتنهام (إنه في الواقع من مشجعي نادي ترانمير روفرز المتعصبين) بفضل حادثتين سيئتين، بدا خلالهما وكأنه يحتفل بأهداف توتنهام، خلال مباراتين كان يديرهما بنفسه: الأولى عندما قفز قفزة عالياً بعد الهدف الذي أحرزه لويس ساها في ديربي شمال لندن عام 2012 (بعد أن قرر دين عدم احتساب خطأ للاعبي توتنهام ومنحهم فرصة مواصلة اللعب)، ثم ظهوره وهو يمد ذراعيه بعد هدف موسى ديمبيلي في عام 2015 في مرمى أستون فيلا. (أوضح دين منذ ذلك الحين أن ما كان يحتفل به حقاً هو قراره العبقري بعدم إيقاف اللعب).
لقد كانت جماهير آرسنال تكن عداء خاصاً تجاه دين، لدرجة أن 100 ألف شخص من هذه الجماهير وقَّعوا ذات مرة على عريضة تطالب بمنعه من التحكيم مجدداً.
ولم يكن المشجعون فقط هم من يظهرون العداء لدين الذي أثار أيضاً حفيظة كثير من اللاعبين والنقاد. لقد أكد ألان سميث على قناة «سكاي سبورتس»، أن دين «يريد أن يكون مركز الاهتمام»، كما وجه غاري لينيكر ومارتن كيون وستيفن هانت وآلان شيرار ومجموعة كبيرة من المحللين الآخرين، انتقادات لاذعة لدين خلال تحليل المباريات.
وتشمل النقاط البارزة الأخرى في مسيرة دين، تلك اللقطة الشهيرة التي ألقى فيها المدير الفني الهولندي لويس فان غال بنفسه على الأرض، في محاكاة وهمية عندما حاول التأثير على دين الذي كان يعمل كحكم رابع في تلك المباراة. ولن ينتهي دين من إزعاج الناس بعد اعتزاله؛ حيث قال إنه سيعمل بدوام كامل حكماً لتقنية الفيديو المساعد (الفار)، كما عمل حكماً لتقنية «الفار» من قبل.
- جون موس
الظهور الأول في الدوري الإنجليزي الممتاز: بلاكبول ضد برمنغهام سيتي عام 2011.
عدد المباريات: 274.
البطاقات الحمراء: 39.
البطاقات الصفراء: 892.
القرار الأكثر إثارة للجدل: خلال الموسم الجاري الذي قد يُحسم بفارق ضئيل للغاية مرة أخرى، تعرض موس لانتقادات شديدة لاحتسابه ركلة جزاء لصالح مانشستر سيتي ربما تكون حاسمة في فوز الفريق بلقب الدوري، عندما اصطدمت الكرة بإبط لاعب ولفرهامبتون، جواو موتينيو.
قد يكون موس أقل شهرة من دين؛ لكنه لم يكن بعيداً عن الاتهامات بالغطرسة والغرور، كما اتخذ عديداً من القرارات التي جعلت اسمه يتصدر عناوين الصحف. وفي مباراة مليئة بالإثارة في عام 2014 بين مانشستر سيتي وتوتنهام، احتسب موس 4 ركلات جزاء: اثنتان منها فقط يمكن اعتبارهما واضحتين.
وقبل عامين، خضع موس للتحقيقات -ثم تم دعمه- من قبل الاتحاد الإنجليزي لكرة القدم، بعد أن قال للاعب بورنموث دان غوسلينغ: «لستُ السبب في وجودك في أحد المراكز المؤدية للهبوط؛ بل أنت السبب في ذلك!» ورغم أن موس لم ينفِ توجيه هذه الكلمات للاعب بورنموث، فقد تمت تبرئته على أساس أنها كانت «مباراة صعبة للغاية بالنسبة لجون وطاقم تحكيمه».
وفي واقعة أخرى، تعرض موس لسخرية كبيرة بسبب كتابته للقبه «موسي» على الحذاء الذي ارتداه في مباراة الدور نصف النهائي لكأس الاتحاد الإنجليزي. وسخر آلي ماكويست من ذلك قائلاً: «ليس لدي حذاء مكتوب عليه كلمة (موسي)! لو كان ديفيد بيكهام مثلاً من فعل ذلك لكنت احتفظت بهذا الحذاء طوال اليوم، لا ينبغي للحكم له أن يفعل ذلك!».
وربما كانت اللحظة الأكثر إحراجاً لموس عندما نقل الميكروفون الموجود على جانب الملعب قوله لمساعده إدي سمارت، في الدقيقة 87 من مباراة ليفربول ضد توتنهام: «ليس لدي أي فكرة عما إذا كان لوفرين قد لمس الكرة أم لا لكي أكون صادقاً معك؛ لكني سأحتسب ركلة الجزاء». في الحقيقة، كان هذا القرار لا يبدو صحيحاً على الإطلاق، وهو الأمر الذي جعل المدير الفني لليفربول، يورغن كلوب، يعلن عن غضبه في المؤتمر الصحافي الذي عقد بعد المباراة، ويقول إنه سيتعرض لـ«أكبر غرامة في العالم» لو قال رأيه بصراحة بشأن هذا القرار.
وفي مباراة أخرى شارك فيها ليفربول، لم يكن المدير الفني لأستون فيلا، ستيفن جيرارد، سعيداً بأداء موس، وعندما قيل له إن موس سيعتزل التحكيم بنهاية هذا الموسم، رد بشكل قاطع قائلاً: «هذا أمر جيد».
وخارج الملعب، أنشأ موس، وبشكل مفاجئ نوعاً ما، متجره الخاص للتسجيلات في ليدز، واصفاً شبابه بأنه: «إنفاق لمنحة الدراسة الخاصة بي على التسجيلات، ولعب كرة القدم صباح يوم السبت من كل أسبوع، ثم الذهاب بعد ظهر يوم السبت للتجول في متاجر التسجيلات». لكن ما التسجيلات التي ستكون موجودة في هذا المتجر؟ ربما تكون لديه تسجيلات لفرقة «جوي ديفيجن» أو «البيتلز» أو «تريسي تشابمان»؛ لكن الشيء شبه المؤكد أن جيرارد لن يقوم بزيارة هذا المتجر!
- مارتن أتكينسون
الظهور الأول في الدوري الإنجليزي الممتاز: مباراة كريستال بالاس ضد مانشستر سيتي عام 2004.
عدد المباريات: 461.
البطاقات الحمراء: 67.
البطاقات الصفراء: 1485.
القرار الأكثر إثارة للجدل: في الحقيقة لم يكن قراراً واحداً؛ لكن أتكينسون حصل على «استراحة» بعد الأداء الضعيف الذي قدمه طوال مباراة تشيلسي ضد بيرنلي في عام 2015.
يدير أتكنسون مباريات في الدوري الإنجليزي الممتاز منذ عام 2004؛ لكنه بدأ العمل حكماً محترف عندما كان يبلغ من العمر 16 عاماً. وتعرض أتكينسون الذي اعترف بأنه مشجع لنادي ليدز يونايتد، لانتقادات شديدة من جمهور مانشستر يونايتد على مر السنين، بسبب اتهامه بالتحيز ضد فريقهم؛ خصوصاً في المباريات التي تجمعهم مع غريمهم اللدود ليدز يونايتد. وخلال مباراة لمانشستر يونايتد أمام تشيلسي عام 2009، قال نجم مانشستر يونايتد واين روني أمام الكاميرا، عبارة: «12 رجلاً»، في إشارة إلى أن أتكينسون كان متحيزاً لتشيلسي. وقال المدير الفني الأسطوري لمانشستر يونايتد السير أليكس فيرغسون، إن أداء أتكينسون هو «السبب في فقدان الناس الثقة في التحكيم».
لكن ربما يكون أشد خصم لأتكينسون هو زميله الحكم السابق مارك كلاتينبرغ، الذي أشار من قبل إلى وجود «حرب» بينهما. كما نقلت كاميرات التلفزيون أتكينسون وهو يتجاهل مصافحة لايتون بينز في نهاية مباراة إيفرتون ضد آرسنال، على الرغم من عدم تمكن أي شخص من معرفة السبب وراء ذلك.
وبعد الانتهاء من مسيرته التحكيمية، سينضم أتكينسون إلى موس في لجنة الحكام المحترفين، لتوجيه الجيل الجديد من الحكام.