تمجيد أفكار الموت يوسّع ظاهرة قتل الأقارب في مناطق سيطرة الحوثيين

جانب من إحدى المقابر المليئة بصور قتلى حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
جانب من إحدى المقابر المليئة بصور قتلى حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
TT

تمجيد أفكار الموت يوسّع ظاهرة قتل الأقارب في مناطق سيطرة الحوثيين

جانب من إحدى المقابر المليئة بصور قتلى حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
جانب من إحدى المقابر المليئة بصور قتلى حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

مع اتساع ظاهرة قتل الأقارب في مناطق سيطرة الميليشيات الحوثية في اليمن بعد تسجيل الكثير من الحوادث، أرجعت تقارير يمنية الأسباب إلى ثقافة تمجيد الموت والحض على الكراهية التي تغذيها الميليشيات في أوساط أتباعها، إلى جانب الضغوط النفسية بسبب توقف الرواتب وانسداد سبل العيش الكريم.
وفي حين وثقت تقارير يمنية الكثير من هذه الحوادث، أفادت مصادر محلية في محافظة عمران (شمال صنعاء) بأن شخصاً أقدم أمس (الجمعة) على قتل زوجته وابنته وإصابة والده قبل أن يقوم بقتل نفسه في مديرية عذر بعزلة السكيبات.
وتشير المصادر إلى أن المناطق الخاضعة تحت سيطرة الميليشيات الحوثية شهدت في الآونة الأخيرة تصاعداً ملحوظاً في جرائم الاعتداء والقتل بحق الأقارب، حيث نُسب أغلبها إلى مسلحين على صلة بالميليشيات.
وفي هذا السياق أفاد تقرير رسمي أعدّه موقع «الثورة نت» الحكومي بتسجيل 15 جريمة قتل مسلحين حوثيين لأقاربهم في الفترة من يناير (كانون الثاني) 2020 حتى يوليو (تموز) 2021، راح ضحيتها 28 شخصاً من الأقارب.
وربط التقرير بين تصاعد منسوب حوادث قتل الأهالي في مناطق الحوثيين وعلاقتها الوطيدة بالتعبئة الفكرية والطائفية التي تنتهجها الجماعة من خلال زجها بالمئات من الأطفال والمراهقين في دوراتها التعبوية وغسل أدمغتهم بالأفكار التي يتصدرها تقديس زعيم الجماعة.
ورغم مواصلة الميليشيات الحوثية مساعيها منذ الانقلاب في تعبئة وتفخيخ عقول الأطفال والنشء بأفكار مغلوطة تخوّل لهم استباحة دماء كل من لا يمجّد زعيم الانقلاب وإن كانوا من الأقارب، اتهم ناشطون يمنيون قادة في الميليشيات بالوقوف وراء تفشي مثل تلك الجرائم.
وفي هذا السياق أوردت وكالة «خبر» اليمنية خلال الأسابيع القليلة الماضية أنباء متفرقة أفادت بارتكاب مسلحين حوثيين خمس جرائم اعتداء وقتل منفصلة بحق أقاربهم في كل من الحديدة وإب وعمران وذمار، وأسفر عن ذلك سقوط نحو 20 قتيلاً وجريحاً بينهم نساء وأطفال.
ومن بين تلك الحوادث المسجلة في الأيام الماضية، إقدام شاب في صنعاء على قتل والده وشقيقه وزوجة والده، من خلال إطلاق الرصاص الحي، وهو الحادث الذي شكل صدمة جديدة لسكان العاصمة، خصوصاً أن والد الضحية من القيادات الاجتماعية والحزبية والرياضية المعروفة. وسبق تلك الواقعة بيوم وقوع جريمتين متشابهتين في محافظتي الحديدة وإب ويقف خلف ارتكابها مسلحون حوثيون.
وتمثلت الحادثة الأولى، وفق مصادر محلية، في إقدام عنصر حوثي على قتل وإصابة 6 من أفراد أسرته بمديرية جبل راس بمحافظة الحديدة (غرب صنعاء).
وأشارت المصادر إلى أن المسلح الحوثي ويدعى محمد العسكري، عمد عقب اندلاع مشادة بينه وأفراد أسرته في جلسة عائلية إلى إطلاق الرصاص من سلاحه صوب شقيقه الأكبر ونجليه فايز ومريم، وصوب طفل وامرأة ورجلين آخرين من أفراد الأسرة، ما تسبب بمقتل 4 منهم وإصابة اثنين بجروح متفاوتة.
وشهدت محافظة إب وقوع الجريمة الثانية وتمثلت بإطلاق مسلح حوثي يدعى عمر العماد وابلاً من الرصاص على شقيقه في أثناء ما كان في ضيافة أحد أعيان عزلة العرافة بمديرية السدة (شرق إب) ونتج عنها إصابة شقيقه بجروح.
وأفادت مصادر حقوقية في إب لـ«الشرق الأوسط» بأن الشيخ القبلي ويدعى عبد الغفار الحكيم، الذي تربطه علاقة أسرية بهم، باشر بملاحقة الجاني عقب جريمته مع أفراد من حراسته بغية القبض عليه، لكنه رد عليهم بإطلاق النار ما تسبب بمقتل ذلك الشيخ، الأمر الذي قاد نجله الأكبر حينها لاستدعاء تعزيزات على الفور انتقاماً لمقتل والده ومباشرتهم الاشتباك مع الجاني لتنتهي المواجهة بمصرعه.
في سياق متصل، شهدت محافظة عمران (50 كلم شمال صنعاء) هي الأخرى حوادث متكررة من هذا النوع، كما حدث مع القيادي الحوثي المدعو خالد العنصور الذي أطلق النار على والدته وشقيقه بمديرية مسور، ما أدى إلى مقتلهما وجرح اثنين آخرين كانا برفقتهما.
وأشارت المصادر إلى أنه سبق تلك الجريمة بـ10 أيام، ارتكاب مسلح حوثي آخر جريمة مماثلة، حيث قتل زوجته الحامل شنقاً في منطقة العصيمات بعمران دون معرفة دوافع القتل.
وتوالياً لتلك الجرائم التي تغذّيها أفكار الجماعة الحوثية، شهدت محافظة ذمار (100 كلم جنوب صنعاء) مؤخراً حادثة قتل وحشية كان ضحيتها 8 أشخاص من أسرة واحدة على يد مسلح حوثي.
وذكرت مصادر محلية بذمار أن المسلح ويُدعى جمال الكبسي أقدم حينها على قتل والدته وزوجته و4 من أطفاله بينهم فتاتان، إضافةً إلى شقيقه وزوجة والده في قرية تتبع مديرية معبر بذات المحافظة.
وتأتي تلك السلسلة من حوادث قتل مسلحي الجماعة ذويهم، في وقت يؤكد فيه حقوقيون أن ذلك النوع من الجرائم يعد نتاجاً طبيعياً للتغذية الحوثية الممنهجة لأتباعها من شريحة الشبان والأطفال الذين استدرجتهم بمختلف الوسائل إلى صفوفها وأقنعتهم عبر دورات تحريضية بأن طاعة زعيم الجماعة مقدمة على طاعة الوالدين وما دونها من الطاعات الأخرى.
ويرى الحقوقيون اليمنيون أن جرائم الاعتداء على الأهل وأولياء الأمور من الأب والأم والإخوة وغيرهم تحولت في الآونة الأخيرة وفي ظل مواصلة عمليات الاستقطاب والتعبئة الطائفية إلى ظاهرة متكررة في مناطق سيطرة الجماعة.


مقالات ذات صلة

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

العالم العربي مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

لجأت الجماعة الحوثية إلى مواجهة مخاوفها من مصير نظام الأسد في سوريا بأعمال اختطاف وتصعيد لعمليات استقطاب وتطييف واسعة وحشد مقاتلين

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح خلال الاجتماع (سبأ)

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

دعا عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح إلى ما أسماه «وحدة المعركة»، والجاهزية الكاملة والاستعداد لتحرير العاصمة اليمنية صنعاء من قبضة الميليشيات الحوثية.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي جانب من اجتماع سابق في عمّان بين ممثلي الحكومة اليمنية والحوثيين خاص بملف الأسرى والمحتجزين (مكتب المبعوث الأممي)

واشنطن تفرض عقوبات على عبد القادر المرتضى واللجنة الحوثية لشؤون السجناء

تعهَّدت واشنطن بمواصلة تعزيز جهود مساءلة مرتكبي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في اليمن، بمَن فيهم «مسؤولو الحوثيين».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي من عرض عسكري ألزم الحوثيون طلبة جامعيين على المشاركة فيه (إعلام حوثي)

حملة حوثية لتطييف التعليم في الجامعات الخاصة

بدأت الجماعة الحوثية فرض نفوذها العقائدي على التعليم الجامعي الخاص بإلزامه بمقررات طائفية، وإجبار أكاديمييه على المشاركة في فعاليات مذهبية، وتجنيد طلابه للتجسس.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني (سبأ)

​وزير الإعلام اليمني: الأيام المقبلة مليئة بالمفاجآت

عقب التطورات السورية يرى وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني أن المنطقة مقبلة على مرحلة جديدة تحمل الأمل والحرية

عبد الهادي حبتور (الرياض)

الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
TT

الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)

تبنت الجماعة الحوثية المدعومة من إيران هجمات جديدة بالطائرات المسيّرة ضد أهداف إسرائيلية، الجمعة، إلى جانب تبنّى هجمات بالاشتراك مع فصائل عراقية موالية لطهران، دون أن يعلق الجيش الإسرائيلي على الفور بخصوص آثار هذه العمليات.

وتشن الجماعة المدعومة من إيران منذ أكثر من عام هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، فضلاً عن إطلاق الصواريخ والمسيّرات باتجاه إسرائيل تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين في غزة.

صاروخ أطلقه الحوثيون باتجاه إسرائيل من نوع «فلسطين 2» (إعلام حوثي)

وخلال حشد حوثي في ميدان السبعين بصنعاء، الجمعة، ادعى المتحدث العسكري باسم الجماعة يحيى سريع أن قوات جماعته نفذت عمليتين عسكريتين استهدفت الأولى هدفاً عسكرياً في عسقلان، فيما استهدفت الثانية هدفاً في تل أبيب.

وزعم المتحدث الحوثي أن العمليتين تم تنفيذهما بطائرتين مسيّرتين تمكنتا من تجاوز المنظومات الاعتراضية والوصول إلى هدفيهما.

إلى ذلك، قال سريع إن قوات جماعته نفذت بالاشتراك مع ما وصفها بـ«المقاومة الإسلامية في العراق» عمليةً عسكريةً ضد أهداف حيوية جنوب إسرائيل، وذلك بعدد من الطائرات المسيّرة، زاعماً أن العملية حققت أهدافها بنجاح.

وتوعد المتحدث الحوثي بالاستمرار في تنفيذ الهجمات ضد إسرائيل حتى توقف الحرب على غزة ورفع الحصار عنها.

19 صاروخاً ومسيّرة

في أحدث خطبة لزعيم الجماعة عبد الملك الحوثي، الخميس، قال إن جماعته أطلقت باتجاه إسرائيل خلال أسبوع 19 صاروخاً باليستياً ومجنحاً وطائرة مسيّرة، زاعماً أنها استهدفت تل أبيب وأسدود وعسقلان.

كما ادعى الحوثي استهداف خمس سفن أميركية في خليج عدن، منها: بارجتان حربيتان، وهدد بالاستمرار في الهجمات، وقال إن جماعته نجحت في تدريب وتعبئة أكثر من 600 ألف شخص للقتال خلال أكثر من عام.

من آثار مسيّرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في جنوب تل أبيب الاثنين الماضي (أ.ف.ب)

وتبنّى الحوثيون على امتداد أكثر من عام إطلاق مئات الصواريخ والطائرات المسيّرة باتجاه إسرائيل، لكن لم يكن لها أي تأثير هجومي، باستثناء مسيّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.

واستدعت هذه الهجمات من إسرائيل الرد في 20 يوليو الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، وهو ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وتكرّرت الضربات الإسرائيلية في 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، ضد مستودعات للوقود في كل من الحديدة ورأس عيسى. كما استهدفت محطتي توليد كهرباء في الحديدة، بالإضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات. وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً، وفق ما أقر به الحوثيون.

أحدث الهجمات

أعلن الجيش الإسرائيلي، الاثنين الماضي، أن طائرة مسيّرة، يعتقد أنها انطلقت من اليمن، أصابت مبنى في جنوب تل أبيب، وفق ما نقلته وسائل إعلام غربية.

وقالت القناة «13» الإسرائيلية: «ضربت طائرة مسيّرة الطابق الـ15 من مبنى سكني في يفنه، ولحق دمار كبير بشقتين»، مشيرة إلى وصول قوات كبيرة إلى المكان.

وأفاد الجيش الإسرائيلي بورود «تقارير عن سقوط هدف جوي مشبوه في منطقة مدينة يفنه. ولم يتم تفعيل أي تحذير». وقالت نجمة داود الحمراء إنه لم تقع إصابات.

وأشارت قوات الإطفاء والإنقاذ، التي وصلت إلى مكان الحادث، إلى وقوع أضرار جسيمة في شقتين. كما نقل موقع «0404» الإسرائيلي اليوم عن متحدث باسم الجيش الإسرائيلي قوله: «يبدو أن الطائرة المسيّرة التي أصابت مبنى في يفنه قد انطلقت من اليمن»، مشيراً إلى أنه يجري التحقيق في الحادث.

مدمرة أميركية في البحر الأحمر تطلق صاروخاً ضد أهداف حوثية (رويترز)

وعلى صعيد الهجمات البحرية، كانت القيادة المركزية الأميركية أعلنت في بيان، الثلاثاء، الماضي، أنّ سفينتين عسكريّتين أميركيّتين صدّتا هجوماً شنّه الحوثيون بواسطة طائرات من دون طيّار وصاروخ كروز، وذلك في أثناء حراستهما ثلاث سفن تجارية في خليج عدن.

وقال البيان إن «المدمّرتين أحبطتا هجمات شُنّت بطائرات من دون طيار وبصاروخ كروز مضاد للسفن، لتضمنا بذلك سلامتهما وأفرادهما، وكذلك سلامة السفن المدنية وأطقمها».

وأوضح البيان أنّ «المدمرتين كانتا ترافقان ثلاث سفن تجارية تابعة للولايات المتحدة»، مشيراً إلى عدم وقوع إصابات أو إلحاق أضرار بأيّ سفن.

يشار إلى أن الهجمات الحوثية في البحر الأحمر أدت منذ 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023 إلى غرق سفينتين وقرصنة ثالثة، كما أدت إلى مقتل 3 بحارة وإصابة آخرين في هجوم ضد سفينة ليبيرية.

وفي حين تبنى زعيم الحوثيين مهاجمة أكثر من 211 سفينة منذ بدء التصعيد، كانت الولايات المتحدة ومعها بريطانيا في أربع مرات على الأقل، نفذت منذ 12 يناير (كانون الثاني) الماضي أكثر من 800 غارة على أهداف للجماعة أملاً في الحد من قدرتها على تنفيذ الهجمات البحرية.