زاهي حواس يستعد لتصوير أفلام عن آثار السعودية

زار منطقة «جبة التاريخية» المسجلة على قائمة التراث العالمي باليونيسكو

زاهي حواس خلال جولته بموقع «جبة» الأثري ضمن صور حصلت عليها «الشرق الأوسط» منه
زاهي حواس خلال جولته بموقع «جبة» الأثري ضمن صور حصلت عليها «الشرق الأوسط» منه
TT

زاهي حواس يستعد لتصوير أفلام عن آثار السعودية

زاهي حواس خلال جولته بموقع «جبة» الأثري ضمن صور حصلت عليها «الشرق الأوسط» منه
زاهي حواس خلال جولته بموقع «جبة» الأثري ضمن صور حصلت عليها «الشرق الأوسط» منه

كشف الدكتور زاهي حواس، وزير الآثار المصري الأسبق، عن «بدء الإعداد لتصوير سلسلة من الأفلام التسجيلية للتعريف بالتراث والمناطق الأثرية السعودية، بالتعاون مع هيئة التراث السعودية و(نتفليكس)».
وقال حواس في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، في أعقاب زيارة للسعودية استغرقت أسبوعاً واحداً، قال إنها «كانت بهدف تفقد المواقع الأثرية السعودية، في إطار التحضير لسلسة من الأفلام التسجيلية والوثائقية تعدها (نتفليكس) عن المناطق التاريخية في المملكة» التي تعد «غنية بالمناطق الأثرية المهمة، والمميزة» حيث «تضم رسوماً صخرية، وكتابات تاريخية، من المهم أن يتعرف عليها العالم، مثلما تعرف على الآثار والحضارة المصرية».

ومن بين المناطق التي تفقّدها حواس، منطقة «جبة» الأثرية، المسجلة على قائمة التراث العالمي باليونيسكو منذ عام 2015، وبيّن أنها «تعد من أهم المواقع الأثرية في السعودية، من حيث قِدَم نقوشها، وما تتضمنه من قلاع ورسومات صخرية وكتابات ثمودية».
وتقع «جبة» في منطقة حائل، وتضم بقايا واحد من أقدم المواقع الإنسانية التي تعود للعصور الحجرية ومجموعة من الرسوم والنقوش الصخرية التي توضح واقع حياة البشرية في العصور القديمة، من أهمهما الرسوم الموجودة في جبلي (أم سنمان) و(غوطة)، والتي تمثل النمط المبكر للحفر والنقش. و«يعود تاريخها إلى الألف السابع قبل الميلاد»، حسبما نشرت وكالة الأنباء السعودية (واس)، وتعود تسمية «أم سنمان» إلى الشبه الكبير بين الجبل والناقة ذات السنامين، ويضم نحو 5431 نقشاً ثمودياً، و1944 رسماً لحيوانات مختلفة، منها 137 رسماً لجمال بأحجام وأشكال مختلفة، إضافة إلى مشاهد من الحياة اليومية في تلك الفترة، وفقاً لـ«واس».

ويشير حواس إلى أن «مساحة السعودية تتجاوز المليوني كيلومتر مربع، حيث تحتل الجزء الأكبر من شبه الجزيرة العربية»، مضيفاً: «رغم كثرة الاكتشافات الأثرية التي شهدتها المملكة مؤخراً، فإنها لا تزال أرضاً بِكراً لم تُكتشف بعد، مما يتطلب العمل لسنوات لاكتشاف أسرارها وتعريف العالم بها وبحضارتها وتراثها، وهو ما تعمل عليه وزارة الثقافة السعودية، وهيئة التراث في المرحلة الحالية».
وفي مايو (أيار) الماضي، أعلن حواس عزمه «البدء في أعمال الحفائر بموقع الملك رمسيس الثالث بشمال السعودية للكشف عن آثار الفراعنة في المملكة، والعلاقات التجارية بين البلدين قبل نحو ثلاثة آلاف عام»، حيث كانت الرياض قد كشفت في نهاية عام 2010 عن «أول نقش هيروغليفي في الجزيرة العربية، وهو نقش موجود على صخرة ثابتة في منطقة تيماء شمال المملكة، يتضمن خرطوشاً للملك رمسيس الثالث، آخر ملوك الرعامسة، الذي حكم مصر في الفترة بين 1192 و1160 قبل الميلاد».

واستُكملت الحفائر حتى أُعلن مطلع عام 2019 عن اكتشاف طريق تجاري يربط بين وادي النيل بتيماء والشمال الغربي للجزيرة العربية، كان يُستخدم في عهد الملك رمسيس الثالث، حيث كانت القوافل التجارية المصرية تذهب إلى تيماء للحصول على البخور والنحاس والذهب والفضة. ويبدأ الطريق من وادي النيل حتى ميناء القلزم، ثم مدينة السويس، ويتجه بحراً حتى سرابيط الخادم بالقرب من ميناء أبو ذنيمة على خليج السويس، ويعبر شبه جزيرة سيناء ثم وادي أبو غضا بالقرب من واحة نخل ويتجه إلى رأس خليج العقبة، ثم موقع تمنية بمنطقة عسير جنوب غربي السعودية، والذي عُثر فيه على خراطيش لرمسيس الثالث تشبه تلك التي عُثر عليها في تيماء.


مقالات ذات صلة

المتحف المصري الكبير يحتفي بالفنون التراثية والحِرف اليدوية

يوميات الشرق المتحف المصري الكبير يضم آلافاً من القطع الأثرية (الشرق الأوسط)

المتحف المصري الكبير يحتفي بالفنون التراثية والحِرف اليدوية

في إطار التشغيل التجريبي للمتحف المصري الكبير بالجيزة (غرب القاهرة) أقيمت فعالية «تأثير الإبداع» التي تضمنت احتفاءً بالفنون التراثية والحِرف اليدوية.

محمد الكفراوي (القاهرة)
يوميات الشرق المعبد البطلمي تضمّن نقوشاً ورسوماً متنوّعة (وزارة السياحة والآثار)

مصر: الكشف عن صرح معبد بطلمي في سوهاج

أعلنت وزارة السياحة والآثار المصرية، السبت، عن اكتشاف صرح لمعبد بطلمي في محافظة سوهاج بجنوب مصر.

محمد الكفراوي (القاهرة )
يوميات الشرق جزء من التجهيز يظهر مجموعة الرؤوس (جناح نهاد السعيد)

«نشيد الحب» تجهيز شرقي ضخم يجمع 200 سنة من التاريخ

لا شيء يمنع الفنان الموهوب ألفريد طرزي، وهو يركّب «النشيد» المُهدى إلى عائلته، من أن يستخدم ما يراه مناسباً، من تركة الأهل، ليشيّد لذكراهم هذا العمل الفني.

سوسن الأبطح (بيروت)
يوميات الشرق مشهد من جامع بيبرس الخياط الأثري في القاهرة (وزارة السياحة والآثار المصرية)

بعد 5 قرون على إنشائه... تسجيل جامع بيبرس الخياط القاهري بقوائم الآثار الإسلامية

بعد مرور نحو 5 قرون على إنشائه، تحوَّل جامع بيبرس الخياط في القاهرة أثراً إسلامياً بموجب قرار وزاري أصدره وزير السياحة والآثار المصري شريف فتحي.

فتحية الدخاخني (القاهرة )
المشرق العربي الضربات الجوية الإسرائيلية لامست آثار قلعة بعلبك تسببت في تهديم أحد حيطانها الخارجية وفي الصورة المعبد الروماني
(إ.ب.أ)

«اليونيسكو» تحذر إسرائيل من استهداف آثار لبنان

أثمرت الجهود اللبنانية والتعبئة الدولية في دفع منظمة اليونيسكو إلى تحذير إسرائيل من تهديد الآثار اللبنانية.

ميشال أبونجم (باريس)

موسيقى تحت النار تصدح في «مترو المدينة» لإعلان الحياة

مقابل الصدمة والاهتزاز واليأس... موسيقى ونغمات وأمل (مترو المدينة)
مقابل الصدمة والاهتزاز واليأس... موسيقى ونغمات وأمل (مترو المدينة)
TT

موسيقى تحت النار تصدح في «مترو المدينة» لإعلان الحياة

مقابل الصدمة والاهتزاز واليأس... موسيقى ونغمات وأمل (مترو المدينة)
مقابل الصدمة والاهتزاز واليأس... موسيقى ونغمات وأمل (مترو المدينة)

وصلتْ إلى هاتف صاحبة السطور رسالة تعلن عودة أمسيات «مترو المدينة». كان كلُّ ما حول المتلقّية هولاً وأحزاناً، فبدا المُرسَل أشبه بشعاع. يبدأ أحد مؤسّسي «مترو» ومديره الفنّي، هشام جابر، حديثه مع «الشرق الأوسط» بترسيخ الفنون بوصفها احتمالاً للنجاة. ينفض عنها «مفهوماً قديماً» حصر دورها بالترفيه وتمضية الوقت، ليحيلها على ما هو عميق وشامل، بجَعْلها، بأصنافها وجمالياتها، مطلباً مُلحّاً لعيش أفضل، وحاجة لتحقيق التوازن النفسي حين يختلّ العالم وتتهدَّد الروح.

موسيقيون عزفوا للمحاربين في هذه الاستراحة (مترو المدينة)

في 15 نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، أنار المسرح البيروتي أضواءه واستقبل آتين إلى سهراته المميّزة بفرادة الطابع والمزاج. أُريد للموسيقى خَلْق فسحة تعبيرية لاحتواء المَعيش، فتُجسّد أرضية للبوح؛ مُنجزةً إحدى وظائفها. تُضاف الوظيفة الأخرى المُمثَّلة بالإصرار على النجاة لمَنْح الآتي إلى الأمسية المُسمَّاة «موسيقى تحت النار» لحظات حياة. موسيقيون على البزق والدرامز والإيقاع والكمنجة... عزفوا للمحاربين في هذه الاستراحة. يُعلّق هشام جابر: «لم يكن ينقصنا سوى الغبار. جميعنا في معركة».

لشهر ونصف شهر، أُغلق «مترو». شمَلَه شلل الحياة وأصابته مباغتات هذه المرارة: «ألغينا برنامجاً افترضنا أنه سيمتدّ إلى نهاية السنة. أدّينا ما استطعنا حيال النازحين، ولمّا لمسنا تدهور الصحّة النفسية لدى المعتادين على ارتياد أمسيات المسرح، خطرت العودة. أردنا فسحة للفضفضة بالموسيقى».

لم يَسْلم تاريخ لبنان من الويل مما لقَّن أبناءه فنّ التجاوُز (مترو المدينة)

يُشبّه المساحة الفنية التي يتيحها «مترو» بـ«علبة خارج الزمن». ذلك لإدراكه أنّ لبنان امتهن الصعاب ولم يَسْلم تاريخه من الويل، مما لقَّن أبناءه فنّ التجاوُز. وامتهن اجتراح «العُلب»، وهي الفسحات الرقيقة. منها يُواجه أقداره ويُرمّم العطب.

استمرّت الحفلات يومَي 20 و21 الحالي، وسلّمت «موسيقى تحت النار» أنغامها لعرض سُمِّي «قعدة تحت القمر»، لا يزال يتواصل. «هذا ما نجيده. نعمل في الفنّ»، يقول هشام جابر؛ وقد وجد أنّ الوقت لا ينتظر والنفوس مثقلة، فأضاء ما انطفأ، وحلَّ العزفُ بدل الخوف.

يُذكِّر بتاريخ البشرية المضرَّج بالدماء، وتستوقفه الأغنيات المولودة من ركام التقاتُل الأهلي اللبناني، ليقول إنّ الحروب على مرّ العصور ترافقت مع الموسيقى، ونتاج الفنّ في الحرب اللبنانية تضاعف عمّا هو في السلم. يصوغ المعادلة: «مقابل الصدمة والاهتزاز واليأس، موسيقى ونغمات وأمل». ذلك يوازي «تدليك الحالة»، ويقصد تليينها ومدّها بالاسترخاء، بما يُشبه أيضاً إخضاع جهاز لـ«الفرمتة»، فيستعيد ما تعثَّر ويستردّ قوةً بعد وهن.

أنار المسرح البيروتي أضواءه واستقبل آتين إلى سهراته المميّزة (مترو المدينة)

يتمسّك «مترو المدينة» بحقيقة أنّ الوقت الصعب يمضي والزمن دولاب. أحوالٌ في الأعلى وأحوال في الأسفل. هذه أوقات الشدائد، فيشعر الباحثون عن حياة بالحاجة إلى يد تقول «تمسّك بها»، ولسان يهمس «لا تستسلم». أتاح المسرح هذا القول والهَمْس، ففوجئ هشام جابر بالإقبال، بعد الظنّ أنه سيقتصر على معارف وروّاد أوفياء. يقول: «يحضر الناس لكسر الشعور بالعزلة. يريدون مساحة لقاء. بعضهم آلمته الجدران الأربعة وضخّ الأخبار. يهرعون إلى المسرح لإيجاد حيّز أوسع. ذلك منطلقه أنّ الفنّ لم يعد مجرّد أداة ترفيهية. بطُل هذا الدور منذ زمن. الفنون للتعافي وللبقاء على قيد الحياة. أسوةً بالطعام والشراب، تُغذّي وتُنقذ».

كفَّ عن متابعة المسار السياسي للحرب. بالنسبة إليه، المسرح أمام خيارَيْن: «وضع خطّة للمرحلة المقبلة وإكمال الطريق إن توقّف النار، أو الصمود وإيجاد مَخرج إن تعثَّر الاتفاق. في النهاية، المسارح إيجارات وموظّفون وكهرباء وتكاليف. نحاول أن يكون لنا دور. قدّمنا عروضاً أونلاين سمّيناها (طمنونا عنكم) ترافقت مع عرض (السيرك السياسي) ذائع الصيت على مسرحنا. جولته تشمل سويسرا والدنمارك وكندا...».

ترسيخ الفنون بوصفها احتمالاً للنجاة (مترو المدينة)

ويذكُر طفولة تعمَّدت بالنار والدخان. كان في بدايات تفتُّح الوعي حين رافق والده لحضور حفل في الثمانينات المُشتعلة بالحرب الأهلية. «دخلنا من جدار خرقته قذيفة، لنصل إلى القاعة. اشتدّ عودنا منذ تلك السنّ. تعلّقنا بالحياة من عزّ الموت. لبنان حضارة وثقافة ومدينة وفنّ. فناء تركيبته التاريخية ليست بهذه البساطة».

يرى في هذه المحاولات «عملاً بلا أمل». لا يعني إعلان اليأس، وإنما لشعورٍ بقسوة المرحلة: «يخذلني الضوء حيال الكوكب بأسره، ولم يعُد يقتصر غيابه على آخر النفق. حين أردّد أنني أعمل بلا أمل، فذلك للإشارة إلى الصعوبة. نقبع في مربّع وتضيق بنا المساحة. بالفنّ نخرج من البُعد الأول نحو الأبعاد الثلاثة. ومن الفكرة الواحدة إلى تعدّدية الأفكار لنرى العالم بالألوان. كما يُحدِث الطبيب في الأبدان من راحة وعناية، يحتضن الفنّ الروح ويُغادر بها إلى حيث تليق الإقامة».