الاختبارات سريعة وسهلة، دون الحاجة إلى أي تحضيرات مسبقة، لكن الاختبارات ليست مناسبة للجميع.
من بين الأشياء الكثيرة التي علّمتنا إياها الجائحة أن بمقدورنا الاضطلاع بالمزيد من الإجراءات داخل المنزل فيما يخص الرعاية الطبية، سواء كان ذلك بالحصول على فحص طبي عبر الفيديو أو الاتصال الهاتفي (التطبب عن بُعد) أو إرسال قياسات ضغط الدم إلى الأطباء إلكترونياً.
وفيما يخص بعض الأشخاص، فإن ذلك يعني كذلك خوض تجربة إجراء اختبار الفحص المنزلي لسرطان القولون والمستقيم. ومع أن الموافقة على إجراء هذه الاختبارات صدرت منذ سنوات، فإنه غالباً ما كان يجري تجاوزها، واختيار تنظير القولون بدلاً عنه.
إلا أن الوقت الراهن يشهد تراكماً ضخماً لعمليات تنظير القولون المؤجلة، لأن الكثير من الأفراد اضطروا إلى إلغاء مواعيدهم في أثناء الوباء. في هذا الصدد، قال لورانس إس. فريدمان، بروفسور بكلية الطب التابعة لجامعة هارفارد ورئيس قسم الطب بمستشفى «نيوتن ويليسلي»: «لن نتمكن أبداً من إنجاز جميع عمليات تنظير القولون التي يجب إجراؤها. لذلك، فإنه فيما يتعلق بالأشخاص المعرضين لخطر متوسط للإصابة بسرطان القولون والمستقيم، يبدو من المعقول استخدام طريقة فحص بديلة».
من ناحية أخرى، يجب أن يستمر الأشخاص الذين يعانون من أعراض قد تكون ناجمة عن سرطان القولون والمستقيم، أو أولئك المعرّضون لخطر متزايد للإصابة به -نتيجة انتشار سرطان القولون والمستقيم في عائلاتهم أو لأن لديهم حالات مثل مرض التهاب الأمعاء- في الخضوع على نحو منتظم لعمليات تنظير القولون.
اختبارات منزلية
يعتمد اختبار الفحص في المنزل على مجموعة من الأدوات تسمح لك بجمع عينة من البراز داخل خصوصية منزلك. وتتميز عملية الجمع بالسرعة والسهولة ولا تتطلب خطوات تحضير خاصة للأمعاء.
بعد ذلك، يجري إرسال عينة البراز إما إلى عيادة طبيبك وإما إلى مختبر. هناك، يجري تحليله بحثاً عن علامات الإصابة بسرطان القولون والمستقيم، مثل الكميات المجهرية من الدم (التي يمكن أن تأتي من الأورام الحميدة أو «الأورام ما قبل السرطانية polyps» أو الحمض النووي من الخلايا السرطانية.
من ناحيتها، توصي فرقة عمل الخدمات الوقائية الأميركية بثلاثة أنواع من اختبارات الفحص في المنزل:
1-اختبار الغواياك لرصد الدم الخفي في البراز guaiac fecal occult blood test (gFOBT) (فحص الدم الخفي)، وذلك باستخدام مواد كيميائية للعثور على الدم في البراز. ويجب إجراء هذا الاختبار مرة واحدة في السنة.
2-يستعين الاختبار الكيميائي المناعي البرازي A fecal immunochemical test (FIT) بالأجسام المضادة لاكتشاف الدم في البراز. ويجب إجراؤه أيضاً مرة واحدة في السنة.
3-اختبار الحمض النووي للبراز متعدد الأجسام A multitarget stool DNA (mt - sDNA) test (Cologuard)، والذي يستعين بالحمض النووي لتحديد الخلايا السرطانية في البراز. ويجب إجراء هذا الاختبار كل ثلاث سنوات.
توافر ودقة
> التوافر والتكاليف: عادةً ما يصف الطبيب إجراء فحص داخل المنزل، وتتولى «ميديكير» في الولايات المتحدة تحمل تكلفة هذا الفحص إذا لم يكن لديك أي أعراض لسرطان القولون والمستقيم.
ويمكن للأشخاص الذين ليس لديهم طبيب اللجوء إلى الإنترنت وطلب اختيار اختبار الحمض النووي للبراز متعدد الأجسام، وستتولى الجهة المصنِّعة لمعدات الاختبار ترتيب جلسة للتطبب عن بُعد مع طبيب سيتولى تقييم الحالة، ثم بمقدوره توصيف إجراء الاختبار. إلا أنه ربما يتعين عليك دفع تكاليف جلسة التطبب عن بُعد.
ويمكنك من شراء أدوات اختبار «الغواياك» لرصد الدم الخفي في البراز والاختبار الكيميائي المناعي البرازي عبر الإنترنت أو من دون وصفة طبية مقابل ما يتراوح بين 10 و25 دولاراً، لكن هذه الاختبارات قد لا تكون على نفس مستوى دقة أنماط الاختبارات الأخرى التي يصفها الطبيب. على أي حال، يجب عليك مناقشة نتائج الاختبار مع طبيب.
> دقة الاختبار: تتباين اختبارات الفحص في المنزل من حيث قدرتها على اكتشاف سرطان القولون والمستقيم. عن هذا الأمر، أوضح د. فريدمان أن: «اختبار الحمض النووي للبراز متعدد الأجسام يعد الأشد حساسية، وهو قادر على رصد السرطان حال وجوده في نحو 92% من الحالات. أما الاختبار الكيميائي المناعي البرازي، فأقل حساسية ويرصد ما بين 80% و82% من السرطانات. وكذلك، يعد اختبار الغواياك لرصد الدم الخفي في البراز أدنى حساسية ويرصد ما بين 20% و50% من السرطانات، ويعد الأقل من بين الاختبارات».
في بعض الأحيان، تأتي نتائج الاختبارات المنزلية إيجابية عن طريق الخطأ، وذلك نتيجة وجود أنواع أخرى من الأورام الحميدة أو وجود تشوهات في الأوعية الدموية. ويمكن أن يحدث ذلك بمعدل 14% مع اختبارات اختبار الحمض النووي للبراز متعدد الأجسام، ونحو 5% مع الاختبار الكيميائي المناعي البرازي.
وقال د. فريدمان: «ينبغي تذكر أن الاختبارات المنزلية ربما تكشف أنك مصاب بسرطان القولون والمستقيم، لكن يبقى من الضروري إجراء تنظير للقولون من أجل تشخيص النظام».
نتائج الاختبار
إذا ظهرت لديك نتيجة اختبار منزلية إيجابية، ستحتاج إلى زيارة اختصاصي أمراض الجهاز الهضمي لإجراء تنظير القولون للمتابعة لتحديد وإزالة الأورام أو السلائل السرطانية. إذا كانت لديك نتيجة اختبار منزلية سلبية، فيجب عليك (كما هو الحال دوماً) الاستمرار في متابعة الإشارات المحتملة لسرطان القولون، مثل:
- الشعور بأن الأمعاء لا تفرغ بالكامل.
- ظهور دم في البراز.
- أن يكون حجم البراز أضيق من المعتاد.
- الشعور بالامتلاء أو الانتفاخ على نحو متكرر.
- فقدان الوزن من دون سبب معروف.
في هذا الصدد، أوضح د. فريدمان أنه «إذا ظهر لديك أيٌّ من هذه الأعراض، فقد تحتاج إلى إجراء تنظير للقولون بهدف التقييم. إذا لم يكن لديك أي أعراض، وكنت عُرضة لخطر متوسط للإصابة بسرطان القولون والمستقيم، فستظل بحاجة إلى إجراء الاختبارات في المنزل كل عام إلى ثلاث سنوات».
ومن الممكن علاج سرطان القولون والمستقيم إذا جرى اكتشافه مبكراً باختبار الفحص، إنما عليك عدم إرجاء الفحص، لأنك لست على ثقة من أيهما ستحصل عليه. ومثلما قال د. فريدمان، فإن «أفضل اختبار فحص، هو الاختبار الذي تم إجراؤه فعلاً».
- المعيار الذهبي في فحص سرطان القولون والمستقيم
> يتمثل اختبار فحص سرطان القولون والمستقيم الأكثر شمولاً، في فحص القولون بالمنظار، وهو إجراء يمكّن الطبيب من فحص القولون من الداخل، وقص الأورام المشبوهة.
قبل هذا الإجراء، عليك تناول سوائل تساعدك على تنظيف القولون حتى يتمكن الطبيب من رؤية كل شيء. بعد ذلك، يمرر الطبيب أنبوباً طويلاً ومرناً إلى القولون. ويحمل الأنبوب كاميرا فيديو صغيرة وأدوات جراحية.
في بعض الأحيان، تكون هذه العملية طويلة وغير مستساغة، لكنها تستحق العناء. في هذا الصدد، قال د. فريدمان: «تنظير القولون الاختبار الأكثر حساسية المتاح لدينا لتحديد سرطان القولون، فهو يكتشف ما لا يقل عن 95% من السرطانات. وإزالة أي زائدة سرطانية محتملة، تمنع الإصابة بسرطان في المستقبل».
ويوصى بإجراء فحص تنظير القولون في سن 45، وكل 10 سنوات بعد ذلك إذا لم يُعثَر على سلائل (حتى سن 75 عاماً)، أو بمعدل أكثر عن ذلك إذا كان هناك خطر متزايد للإصابة بسرطان القولون والمستقيم.
- رسالة هارفارد للقلب، خدمات «تريبيون ميديا».