اعتماد كلوب على العلم والدقة يمهد الطريق لانتصارات غير متوقعة لليفربول

يمتلك شخصية كاريزمية قوية... ويستخدم شركة ألمانية متخصصة في علم الأعصاب

لاعبو ليفربول وكأس إنجلترا بعد تخطي تشيلسي بركلات الترجيح (إ.ب.أ)
لاعبو ليفربول وكأس إنجلترا بعد تخطي تشيلسي بركلات الترجيح (إ.ب.أ)
TT

اعتماد كلوب على العلم والدقة يمهد الطريق لانتصارات غير متوقعة لليفربول

لاعبو ليفربول وكأس إنجلترا بعد تخطي تشيلسي بركلات الترجيح (إ.ب.أ)
لاعبو ليفربول وكأس إنجلترا بعد تخطي تشيلسي بركلات الترجيح (إ.ب.أ)

تخيل للحظة أنك أنت إطار المرمى الموجود في الناحية الشرقية من ملعب ويمبلي، وأنك كنت تشاهد خلال الصيف الماضي لاعب المنتخب الإنجليزي ماركوس راشفورد في ذروة تلك الليلة من شهر يوليو (تموز) الماضي وهو يتقدم لتسديد ركلة الجزاء، وبعد ذلك عندما سقط حارس مرمى المنتخب الإيطالي جانلويغي دوناروما على يسارك، وضع راشفورد الكرة على يمينك.
أنت بالفعل تحب هذا اللاعب الشاب، ولباقته الواضحة، وموقفه من مختلف القضايا الاجتماعية – كما أنك الآن مرمى إنجليزي قبل أي شيء، وتريده أن يسجل ركلة الجزاء. لقد بذلت قصارى جهدك وحاولت أن تتمدد قليلاً وتوسع مساحتك لكي تسمح للكرة بالدخول، لكن قدميك كانتا مثبتتين في الأرض بقوة وارتطمت الكرة بالقائم لتخرج بعيداً. ولو كان راشفورد قد سدد الكرة ثلاث بوصات فقط بالداخل فربما سمحت أنت للكرة بدخول المرمى، ولو كنت قد فعلت ذلك لربما فازت إنجلترا ببطولة كأس الأمم الأوروبية، وربما لم يكن راشفورد ليمر بمثل هذا الموسم البائس؛ وربما لم يكن مانشستر يونايتد ليشعر بأنه تحول إلى قوة باهتة في حاجة إلى إعادة تشكيل في أسرع وقت ممكن.
وخلال المباراة النهائية لكأس الاتحاد الإنجليزي بين ليفربول وتشيلسي، ارتطمت ركلة الجزاء التي سددها سيزار أزبيليكويتا بالجهة الخارجية من القائم الأيسر وخرجت بعيداً، ثم بعد ذلك بلحظات سدد لاعب ليفربول تياغو ألكانتارا في الزاوية اليمنى بالقرب من القائم الأيمن لتدخل الكرة الشباك. ولو كان أي منهما قد سدد على بُعد ثلاث بوصات فقط في الاتجاه الآخر، لكانت النتيجة مختلفة تماماً ولفاز تشيلسي باللقب، خصوصاً بعدما تصدى حارس مرمى «البلوز» إدوارد ميندي لركلة الجزاء التي سددها مواطنه وزميله في منتخب السنغال ساديو ماني. وقد اعترف المدير الفني لليفربول، يورغن كلوب، بأنه عقّد الأمور دون داعٍ عندما طلب من ماني أن يغير أسلوبه المعتاد في التسجيل نظراً لأن مواطنه ميندي يعرفه جيداً.
ولو حدث ذلك وفاز تشيلسي باللقب، كانت العواقب والمشاعر ستصبح مختلفة تماماً في صباح اليوم التالي، وهو ما يؤكد أن فارقاً بسيطاً للغاية قد يجعل الأمور تسير في اتجاه مختلف تماماً.
ولو كان تشيلسي قد فاز في تلك المباراة، لكنا نتحدث الآن عن روح الانتصار التي وُلدت من رحم الشدائد – رغم أنها محنة تعكس التدهور الشديد الذي أصاب كرة القدم، بعد أن توقف تمويل مالك النادي الروسي رومان أبراموفيتش لتشيلسي نتيجة الغزو الروسي لدولة ذات سيادة على الجانب الآخر من القارة، وهو الأمر الذي ربما أقنع الناس أخيراً بأن اقتناص الأموال بسعادة من هذا الشخص المقرب من الزعيم الروسي المستبد ليس شيئاً جيداً.
وبينما كانت كأس الاتحاد الإنجليزي تحتفل بعيد ميلادها الـ150 بالانطلاق في وقت غريب للغاية، ومجموعة «دي جي» تعوق الرؤية من جزء من الأماكن المخصصة للصحافيين في المدرجات، فربما يجعلك ذلك تتساءل عن الهدف الذي كان يسعى تشارلز دبليو ألكوك، المولود في سندرلاند، لتحقيقه عندما فكر في إطلاق هذه المسابقة. وربما تكون الرسالة التي يجب إرسالها إلى تشارلز في هذا التوقيت هي: «انظر، تشارلز، هناك بعض الأخبار الجيدة حقاً: ما زالت المنافسة التي كانت من فكرتك مستمرة حتى عام 2022، لكني أود أن أحذرك من أنها قد تغيرت قليلاً بحيث لم تعد تمثل متعة لتلاميذ المدارس العامة بعد الآن، بل تحولت إلى مسرح لممارسة ألعاب القوة الناعمة بين الدول الثرية ورأس المال الأميركي!».
قد يكون هناك بعض التذمر من أداء روميلو لوكاكو، وإشراك روبن لوفتوس تشيك لمدة 14 دقيقة فقط قبل تغييره مرة أخرى، وهو الأمر الذي يجعلنا نطرح السؤال التالي: ما مدى سوء تسديد لوفتوس تشيك لركلات الترجيح حتى يتم إخراجه من المباراة بعد هذه الفترة القصيرة؟ وما مستوى روس باركلي - الذي قال توماس توخيل إنه دفع به بدلاً من لوفتوس تشيك بسبب إجادته لتسديد ركلات الجزاء - في اللعب بحيث لا يمكن لتوخيل أن يعتمد عليه لمدة 14 دقيقة؟ لكن كان هناك شعور بأن العاصفة قد مرت، وأن الأسس لا تزال قائمة بحيث يمكن للتحالف الذي استحوذ على تشيلسي بقيادة رجل الأعمال الأميركي تود بويلي أن يبني عليه.

كلوب وفرحة غامرة بكأس إنجلترا (رويترز)

أما بالنسبة لليفربول، فقد كان هناك شعور مزعج بأن هذا الموسم، الذي قد يكون أفضل ما يمكن لأي نادٍ تحقيقه حتى الآن من حيث الفوز بالبطولات، قد ينتهي به الحال مثل موسم دون ريفي النموذجي مع ليدز يونايتد في أواخر الستينيات وأوائل السبعينيات من القرن الماضي: أن يؤدي الإرهاق الشديد في نهاية الموسم بسبب القتال على العديد من الجبهات إلى عدم الحصول على الكثير من البطولات في نهاية المطاف.
لقد اعترف كلوب بأن الفوز بلقب الدوري يبدو غير مرجح الآن، وقال إن فرصة خطف فريقه لقب الدوري من مانشستر سيتي في الجولة الأخيرة «غير محتملة لكنها ممكنة». وقال كلوب الفائز بلقب الدوري في 2020: «إنها ممكنة، غير محتملة لكنها ممكنة». وهذا يكفي. بالتأكيد غير محتملة لأن سيتي سيلعب على أرضه أمام أستون فيلا الذي يخوض مباراة يوم الخميس. ستكون مباراة صعبة أمام بيرنلي الذي يكافح للهروب من الهبوط».
وأضاف مشيراً إلى إبعاد جون ستونز الكرة من خط المرمى في مباراة سيتي وليفربول في 2019: «لكنها كرة القدم. أتذكر عندما فاز سيتي باللقب (في 2019)، كان بسبب 11 مليمتراً». وأشار كلوب إلى أنه يتوقع أجواء حماسية في أنفيلد في الجولة الأخيرة. وقال «لو أراد البعض أن نصبح أبطالاً، فيجب علينا الفوز أولاً وحصول أستون فيلا على نقطة واحدة من سيتي».
وتابع: «كلنا نعلم أننا لن نستسلم. سنحاول، ستكون مباراة على أرضنا، مباراتنا الأخيرة على ملعبنا في الموسم. الأجواء ستكون استثنائية وسنحاول استغلالها. يجب علينا القيام بعملنا. كرة القدم تصبح معقدة في بعض الأحيان. أستون فيلا سيلعب يوم الخميس ثم الأحد. سنرى لكن يجب علينا التركيز على أنفسنا».
وقد يكون هناك شعور بالتشاؤم الآن فيما يتعلق بالمباراة النهائية لدوري أبطال أوروبا بعد إصابة كل من فابينيو وفيرجيل فان دايك ومحمد صلاح. لقد كان من الممكن أن ينتهي الموسم بمجرد الحصول على بطولة كأس رابطة الأندية الإنجليزية المحترفة، رغم وصول ليفربول إلى كل المباريات النهائية الممكنة هذا الموسم، والمنافسة حتى الرمق الأخير على الرباعية التاريخية. وبالتالي، فمن المؤكد أن الفريق سيصاب بإحباط شديد لو فشل في الحصول على هذه البطولات بعدما وصل إلى المحطة الأخيرة.
لقد كان ليفربول قريباً للغاية من الخسارة بركلات الترجيح أمام تشيلسي، لكن الحقيقة أن الفارق بين الفريقين لم يكن قريباً. ربما تعادل ليفربول مع تشيلسي أربع مرات هذا الموسم، لكن من الواضح للجميع أن ليفربول هو الفريق الأفضل. وفي الحقيقة، يعود ذلك بشكل كبير إلى كلوب، بفضل شخصيته الطاغية ومهاراته التنظيمية والإيمان الذي يغرسه في نفوس لاعبيه. لكنه نسب الفضل في النجاح في تسديد ركلات الجزاء بهذه الطريقة إلى شركة «نيرو 11»، وهي شركة ألمانية متخصصة في علم الأعصاب تعمل مع ليفربول منذ أكثر من عام. لقد سجل الفريق 17 ركلة ترجيح من أصل 18 ركلة لعبها هذا الموسم، وهو ما يؤكد أن كلوب كان محقاً تماماً في إشادته بالشركة الألمانية.
هذا هو الجانب الآخر من كلوب، الذي يمتلك شخصية كاريزمية قوية تجذب إليه الانتباه، لكنه أيضاً يتقبل بشكل كبير المتخصصين الذين يمكنهم تقديم ميزة تنافسية لفريقه، بدءاً من علماء الأعصاب وصولاً إلى محللي البيانات والمدربين المتخصصين في تنفيذ رميات التماس. وهذا أحد الأسباب التي جعلت ليفربول لا يبرم صفقة سيئة منذ صفقة كريستيان بينتيكي في عام 2015. إن كرة القدم الممتعة والمثيرة التي يقدمها هذا الفريق تعتمد بشكل كبير على أسس علمية متقدمة للغاية، وبالتالي فإن بعض الفوارق البسيطة للغاية قد تساعد الفريق على التفوق على المنافسين، كما حدث خلال ركلات الترجيح أمام تشيلسي.


مقالات ذات صلة

وست هام يلغي مؤتمراً لمدربه لوبيتيغي مع انتشار شائعات إقالته

رياضة عالمية خولن لوبيتيغي (رويترز)

وست هام يلغي مؤتمراً لمدربه لوبيتيغي مع انتشار شائعات إقالته

ألغى وست هام المؤتمر الصحافي للمدرب الإسباني خولن لوبيتيغي، المقرر عقده الأربعاء، في ظل انتشار تقارير تُشير إلى استعداد النادي لإقالة مدربه.

«الشرق الأوسط» (لندن)
رياضة عالمية إيزاك نجم نيوكاسل يواصل مسيرته الرائعة ويهز شباك توتنهام (رويترز)

10 نقاط بارزة في الجولة العشرين من الدوري الإنجليزي

ربما كان ألكسندر أرنولد مشتتاً بسبب الحديث الدائر حالياً عن مستقبله واقترابه من الانتقال إلى ريال مدريد.

رياضة عالمية صلاح نجم ليفربول ينفّذ ركلة حرة في مواجهة يونايتد الأقوى هذا الموسم (إ.ب.أ)

هل يستطيع المنافسون استغلال تعثر ليفربول وملاحقته على القمة؟

ليفربول لم يتأثر بالتعادل أمام يونايتد لأن ملاحقيه تعثروا أيضاً، باستثناء نوتنغهام فورست، مفاجأة الموسم.

رياضة عالمية بول سكولز (بي تي سبورتس)

سكولز ينتقد رفع راتكليف أسعار التذاكر لجماهير مانشستر يونايتد

قال نجم كرة القدم الإنجليزي السابق بول سكولز إن السير جيم راتكليف لم يفعل «أي شيء إيجابي» خلال عامه الأول في نادي مانشستر يونايتد الإنجليزي.

«الشرق الأوسط» (مانشستر)
رياضة عالمية كاسيميرو (أ.ب)

الأندية السعودية مهتمة بكاسيميرو بعد إشارات الرحيل عن يونايتد

يبدو أن لاعب خط الوسط البرازيلي كاسيميرو أعطى إشارات واضحة لمانشستر يونايتد حول استعداده للرحيل عن الفريق.

فاتن أبي فرج (بيروت)

«بوندسليغا»: ليفركوزن وشتوتغارت يستعيدان نغمة الفوز

رفع ليفركوزن رصيده إلى 6 نقاط في المركز الخامس (أ.ف.ب)
رفع ليفركوزن رصيده إلى 6 نقاط في المركز الخامس (أ.ف.ب)
TT

«بوندسليغا»: ليفركوزن وشتوتغارت يستعيدان نغمة الفوز

رفع ليفركوزن رصيده إلى 6 نقاط في المركز الخامس (أ.ف.ب)
رفع ليفركوزن رصيده إلى 6 نقاط في المركز الخامس (أ.ف.ب)

استعاد باير ليفركوزن حامل اللقب نغمة الانتصارات بفوزه الكاسح على مضيفه هوفنهايم 4 - 1، السبت، ضمن المرحلة الثالثة للدوري الألماني لكرة القدم.

وكان «فيركسليف» تعرّض لخسارته الأولى هذا الموسم على يد لايبزيغ في المرحلة الثانية 2 - 3، وهي الأولى أيضاً في الدوري منذ 463 يوماً، وتحديداً منذ سقوطه أمام بوخوم 0 - 3 في مايو (أيار) 2023.

وسجّل لليفركوزن الفرنسي مارتين تيرييه (17) والنيجيري فيكتور بونيفاس (30 و75) وتيمو فيرتس (71 من ركلة جزاء)، فيما سجّل لهوفنهايم ميرغيم بيريشا (37).

ورفع ليفركوزن رصيده إلى 6 نقاط في المركز الخامس، فيما تجمّد رصيد هوفنهايم عند 3 نقاط في المركز الـ12.

وحصد شتوتغارت وصيف البطل الموسم الماضي فوزه الأول هذا الموسم بعد انطلاقة متعثرة بتخطيه مضيفه بوروسيا مونشنغلادباخ 3 - 1.

وسجّل لشتوتغارت دينيز أونداف (21) والبوسني إرميدين ديميروفيتش (58 و61)، في حين سجّل لمونشنغلادباخ الفرنسي الحسن بليا (27).

واستهل شتوتغارت الموسم بشكل سيئ، فخسر مباراته الأولى أمام فرايبورغ 1 - 3، ثمّ تعادل أمام ماينتس 3 - 3.

وفشل لايبزيغ في تحقيق فوزه الثالث من 3 مباريات بعد أن اكتفى بالتعادل أمام أونيون برلين من دون أهداف.

وكانت الفرصة سانحة أمام لايبزيغ لاعتلاء الصدارة بالعلامة الكاملة، لكنه فشل في هزّ شباك فريق العاصمة.

وفي النتائج الأخرى، فاز فرايبورغ على بوخوم 2 - 1.

ويدين فرايبورغ بفوزه إلى النمساوي تشوكوبويكي أدامو (58 و61)، بعدما كان الهولندي ميرون بوادو منح بوخوم التقدم (45).

ورفع فرايبورغ رصيده إلى 6 نقاط من 3 مباريات، فيما بقي بوخوم من دون أي فوز وأي نقطة في المركز الأخير.

كما تغلب أينتراخت فرانكفورت على مضيفه فولفسبورغ 2 - 1.

وتألق المصري عمر مرموش بتسجيله هدفي الفوز لفرانكفورت (30 و82 من ركلة جزاء)، في حين سجّل ريدل باكو هدف فولفسبورغ الوحيد (76).

ويلتقي بايرن ميونيخ مع مضيفه هولشتاين كيل الصاعد حديثاً في وقت لاحق، حيث يسعى العملاق البافاري إلى مواصلة انطلاقته القوية وتحقيق فوزه الثالث بالعلامة الكاملة.

وتُستكمل المرحلة، الأحد، فيلتقي أوغسبورغ مع ضيفه سانت باولي، فيما يلعب ماينتس مع فيردر بريمن.