سنوات السينما

نجوم الغانم
نجوم الغانم
TT

سنوات السينما

نجوم الغانم
نجوم الغانم

- ‫حمامة‬
- (2011)
- صانعة المعجزات
- ★★★
لا يوجد بين مخرجي الأفلام التسجيلية في دولة الإمارات من هو أكثر حرفية ودقّة في العمل من نجوم الغانم. وهذا الحال يشمل أيضاً السينما في منطقة الخليج حيث هي واحدة من بين حفنة صغيرة من المخرجين تعرف دروب ومناهج العمل الصحيحة لفيلم تسجيلي مبنيٍّ جيّداً على تلازم وملاءمة عناصره المهنية.
أحد أسباب ذلك أن المخرجة واحدة من القليلات في أيامنا هذه في مضمار استبعادها نفسها من الظهور المباشر أو غير المباشر، في أفلامها. إنها ليست في الفيلم لتستعرض مهارتها أو موهبتها أو لتشير إلى أنها هي من اختارت هذا الموضوع وهي من أخرجته ومن تستحق الثناء. بمجرد أن تصنع فيلماً جيّداً ومتيناً تستحق الثناء بلا جدال لكن المخرجة أوعى من أن تطوّع العمل لدعاية ذاتية بعذر أنها مبدعته.
هو حول امرأة عجوز اسمها «حمامة» تعيش في أطراف بلدة إلى جانب مزرعتها الصغيرة من الماعز والأبقار. هي ليست أي امرأة عجوز، بل طبيبة شعبية تداوي بالكيّ وبالأعشاب ولديها قدرة فطرية تلتقي وخبرة السنوات الطويلة في فهم ماهية المرض وحالاته وكيفية علاجه.
تتابعها الكاميرا بعد التعرّف عليها، وهي تعمل، وتُجري معها حوارات دائمة (عن حُسن قرار، تمتنع المخرجة عن إسماعنا الأسئلة إلا نادراً) وتعيش معها في ذلك البيت الذي تداوي فيه «حمامة» الآتين إليها مع حكايات وشواهد تؤكد قدرتها على الإشفاء والتداوي التي، من دون مغالاة، تتجاوز قدرة أطباء المستشفيات. أكثر من شخص يتولّى الشرح ذاكراً أنه لم يترك طبيباً أو يوفّر مستشفى للعلاج إلا وذهب إليه باحثاً عن علاج لمشكلته البدنية، لكن بلا فائدة إلى أن عالجته «حمامة».
أكثر القصص مدعاةً للحبور تلك التي يتولّى رجل في مقتبل العمر سردها أمام الكاميرا: لقد تعذّر عليه المشي في سن السادسة. حاول الأطباء وفشلوا. جيء به إلى «حمامة». داوته بالحرق والمراهم والأعشاب فعاد يمشي بعد أسبوع واحد منذ ذلك الحين.
ليس فقط أن الموضوع آسر (ومراميه أيضاً، إذ تتمنّى «حمامة» أن تعيش كما عاشت دوماً وهذا يشمل أيضاً عدم شق الطريق المزمع شقّه أمام المنزل)، بل لم يكن ليكون بهذه الإجادة لولا معالجة نجوم الغانم له على هذا الأساس. هذا البذل في سبيل حركة كاميرا صحيحة ومونتاج جيد وإعلاء شأن ومستوى الاحتراف الفني في كل تفاصيل العمل بلا استثناء. ما كان ينقص الفيلم إلا أن يجد خيطاً يوصله باهتمام عالمي كأن يثير الموضوع من كيانه المحلّي ليطرح ما هو خارج الحدود (هل كان ممكناً مثلاً الحديث عن حالات مماثلة أو غيابها في مجتمعات أخرى؟) من دون الخروج عن موضوعه.
نجوم الغانم من مواليد سنة 1962 وبدأت بالشعر والسينما في سن مبكرة. أفلامها عادة ما تتحدث عن الفن وصانعيه أو عن أصحاب الحرف التقليدية والتراثية المنفردة والمهددة بالزوال، كما حال «حمامة».
من ناحية أخرى تهتم بحضور المرأة في أفلامها. من أعمالها الأخرى: «أمل» (2012) و«سماء قريبة» (2014) و«آلات حادة» (2017).

ضعيف ★ وسط ★★ جيد ★★★
ممتاز ★★★★ تحفة ★★★★★


مقالات ذات صلة

«حالة من الصمت» يحصد «جائزة الشرق الوثائقية»

يوميات الشرق الفيلم يتناول مخاطرة صحافيين بحياتهم لتغطية «سياسات المخدّرات» في المكسيك (الشرق الأوسط)

«حالة من الصمت» يحصد «جائزة الشرق الوثائقية»

فاز الفيلم الوثائقي «حالة من الصمت» للمخرج سانتياغو مازا بالنسخة الثانية من جائزة «الشرق الوثائقية».

«الشرق الأوسط» (جدة)
سينما «من المسافة صفر» (مشهراوي فَنْد)‬

8 أفلام عن أزمات الإنسان والوطن المُمزّق

تُحرّك جوائز «الأوسكار» آمال العاملين في جوانب العمل السينمائي المختلفة، وتجذبهم إلى أمنية واحدة هي، صعود منصّة حفل «الأوسكار» وتسلُّم الجائزة

محمد رُضا‬ (سانتا باربرا - كاليفورنيا)
سينما «موعد مع بُل بوت» (سي د.ب)

شاشة الناقد: تضحيات صحافيين وانتهاكات انظمة

يأتي فيلم «موعد مع بُل بوت» في وقت تكشف فيه الأرقام سقوط أعداد كبيرة من الصحافيين والإعلاميين قتلى خلال تغطياتهم مناطق التوتر والقتال حول العالم.

محمد رُضا‬ (لندن)
يوميات الشرق فيلم «الحريفة 2» اعتمد على البطولة الشبابية (الشركة المنتجة)

«الحريفة 2» ينعش إيرادات السينما المصرية في موسم «رأس السنة»

شهدت دور العرض السينمائي في مصر انتعاشة ملحوظة عبر إيرادات فيلم «الحريفة 2... الريمونتادا»، الذي يعرض بالتزامن مع قرب موسم «رأس السنة».

داليا ماهر (القاهرة )
يوميات الشرق «صيفي» فيلم سعودي مرشح لجائزة مسابقة مهرجان البحر الأحمر السينمائي للأفلام الطويلة

الفساد والابتزاز في «صيفي»... تحديات تقديم القضايا الحساسة على الشاشة

تعود أحداث فيلم «صيفي» الذي عُرض ضمن فعاليات مهرجان البحر الأحمر السينمائي في دورته الرابعة، إلى فترة أواخر التسعينات.

أسماء الغابري (جدة)

8 أفلام عن أزمات الإنسان والوطن المُمزّق

«من المسافة صفر» (مشهراوي فَنْد)‬
«من المسافة صفر» (مشهراوي فَنْد)‬
TT

8 أفلام عن أزمات الإنسان والوطن المُمزّق

«من المسافة صفر» (مشهراوي فَنْد)‬
«من المسافة صفر» (مشهراوي فَنْد)‬

تُحرّك جوائز «الأوسكار» آمال العاملين في جوانب العمل السينمائي المختلفة، وتجذبهم إلى أمنية واحدة هي، صعود منصّة حفل «الأوسكار» وتسلُّم الجائزة وإلقاء ما تيسَّر له من تعابير فرحٍ وثناء.

لا يختلف وضع العام الحالي عن الوضع في كل عام، فجميع آمال العاملين في هذه الصّناعة الفنية المبهرة يقفون على أطراف أصابعهم ينتظرون إعلان ترشيحات «الأوسكار» الأولى هذا الشهر. وحال إعلانها سيتراجع الأمل لدى من لا يجد اسمه في قائمة الترشيحات، وترتفع آمال أولئك الذين سترِد أسماؤهم فيها.

يتجلّى هذا الوضع في كل مسابقات «الأوسكار» من دون تمييز، لكنه أكثر تجلّياً في مجال الأفلام الأجنبية التي تتقدّم بها نحو 80 دولة كل سنة، تأمل كل واحدة منها أن يكون فيلمها أحد الأفلام الخمسة التي ستصل إلى الترشيحات النهائية ومنها إلى الفوز.

«ما زلت هنا» لوولتر ساليس (ڤيديو فيلمز)

من المسافة صفر

لا يختلف العام الحالي في شكل التنافس وقيمته بل بأفلامه. لدينا للمناسبة الـ97 من «الأوسكار» 89 دولة، كلّ واحدة منها سبق أن تنافست سابقاً في هذا المضمار. لكن المختلف هو بالطبع الأفلام نفسها. بعض ما شُوهد منها يستحق التقدير، والفرق شاسع بين ما يستحق التقدير وبين ما يستحق الترشيح والوصول إلى التّصفية.

الحلمُ في تحقيق هذه النقلة يسيطر على المخرجين والمنتجين العرب الذين نفّذوا أعمالهم الجديدة خلال هذه السنة وسارعوا لتقديمها.

من بينهم المخرج الفلسطيني رشيد مشهراوي، الذي وفّر خلال العام الحالي فيلمين، واحدٌ من إخراجه بعنوان «أحلام عابرة»، والثاني بتوقيع 22 مخرجاً ومخرجة أشرف مشهراوي على جمع أفلامهم في فيلم طويل واحد بعنوان «من المسافة صفر»، وجميعها تتحدّث عن غزة، وما حدث فيها في الأسابيع الأولى لما يُعرف بـ«طوفان الأقصى». بعض تلك الحكايا مؤثرٌ وبعضها الآخر توليفٌ روائي على تسجيلي متوقع، لكنها جميعها تكشف عن مواهب لو قُدِّر لها أن تعيش في حاضنة طبيعية لكان بعضها أنجز ما يستحق عروضاً عالمية.

لا ينحصر الوضع المؤلم في الأحداث الفلسطينية بل نجده في فيلم دانيس تانوفيتش الجديد (My Late Summer) «صيفي المتأخر». يقدم تانوفيتش فيلمه باسم البوسنة والهرسك، كما كان فعل سنة 2002 عندما فاز بـ«الأوسكار» بصفته أفضل فيلم أجنبي عن «الأرض المحايدة» (No Man‪’‬s Land). يفتح الفيلم الجديد صفحات من تاريخ الحرب التي دارت هناك وتأثيرها على شخصية بطلته.

«صيفي الأخير» لدانيس تانوفيتش (بروبيلر فيلمز)

مجازر كمبودية

تختلف المسألة بالنسبة للاشتراك الصّربي المتمثّل في «قنصل روسي» (Russian Consul) للمخرج ميروسلاڤ ليكيتش. في عام 1973 عندما كانت يوغوسلاڤيا ما زالت بلداً واحداً، عاقبت السلطات الشيوعية هناك طبيباً إثر موت مريض كان يعالجه، وأرسلته إلى كوسوڤو حيث وجد نفسه وسط تيارات انفصالية مبكرة ونزاع حول الهوية الفعلية للصرب. حسب الفيلم (الاشتراك الثاني لمخرجه للأوسكار) تنبأت الأحداث حينها بانهيار الاتحاد السوفياتي و«عودة روسيا كروسيا» وفق قول الفيلم.

التاريخ يعود مجدداً في فيلم البرازيلي والتر ساليس المعنون «ما زلت هنا» (I‪’‬m Still Here) وبطلته، أيضاً، ما زالت تحمل آلاماً مبرحة منذ أن اختفى زوجها في سجون الحقبة الدكتاتورية في برازيل السبعينات.

في الإطار نفسه يعود بنا الاشتراك الكمبودي (التمويل بغالبيته فرنسي) «اجتماع مع بُل بوت» (Meeting with Pol Pot) إلى حقبة السبعينات التي شهدت مجازرعلى يد الشيوعيين الحاكمين في البلاد، ذهب ضحيتها ما بين مليون ونصف ومليوني إنسان.

وفي «أمواج» (Waves) للتشيكي ييري مادل، حكاية أخرى عن كيف ترك حكمٌ سابقٌ آثاره على ضحاياه ومن خلفهم. يدور حول دور الإعلام في الكشف عن الحقائق التي تنوي السلطة (في السبعينات كذلك) طمسها.

تبعات الحرب الأهلية في لبنان ليست خافية في فيلم ميرا شعيب «أرزة»، الذي يدور حول أم وابنها يبحثان عن سارق دراجة نارية ويتقمصان، في سبيل ذلك، شخصيات تنتمي إلى الطائفة التي قد تكون مسؤولة عن السرقة. هما سنّيان هنا وشيعيان هناك ومسيحيان أو درزيان في مواقع أخرى وذلك للتأكيد على أن التربة الطائفية ما زالت تنبض حية.

حتى كوريا الجنوبية ما زالت تحوم حول الانقلاب (وهي تعيش اليوم حالة مشابهة) الذي وقع في مثل هذا الشهر من سنة 1979 عندما اغتيل الرئيس بارك على يد رئيس شعبة الدفاع لي تايدو-غوانغ (أُلقي القبض عليه لاحقاً وأُعدم). هذا هو ثالث فيلم شاهده الناقد كاتب هذه الكلمات حول الموضوع نفسه.