«أهلاً سمسم» في موسمه الخامس يبتكر دمية على كرسي متحرك

برنامج للأطفال يعزّز اللطف تجاه النفس وتقبّل الاختلاف

الشخصيات الدمى تحمل رسائل إنسانية
الشخصيات الدمى تحمل رسائل إنسانية
TT

«أهلاً سمسم» في موسمه الخامس يبتكر دمية على كرسي متحرك

الشخصيات الدمى تحمل رسائل إنسانية
الشخصيات الدمى تحمل رسائل إنسانية

حين يؤثر برنامج للصغار في تطلعات الكبار، عندها يمكن الاطمئنان إلى عمق المحتوى. لدى برنامج «أهلاً سمسم» على «mbc3»، و«روتانا كيدز»، و«سات 7»، و«نور سات» اللبنانية، قدرة متفوقة على تمرير المعلومة والإقناع السلس بالقيم البشرية. وهو ليس وعظياً ولا يكترث لإلقاء الخطاب أو التلقين الببغائي. يدرك فن الأسلوب. من خلال الشخصيات - الدمى، يشعر الطفل بأنه بأمان، يستطيع الاعتراف بمشاعره المتقلبة والتعامل بمرونة مع الصعوبات. الأروع: تقبّل الآخر.
تحضر المشكلة ويحضر أيضاً الحل. فالبرنامج لا يخدع الطفل ليوهمه أنّ الحياة وردية. يقول له ببساطة إنه مُعرّض للتأزّم والخيبة، وعليه أولاً أن يكون لطيفاً مع نفسه، فذلك لا يقل أهمية عن مبدأ اللطف تجاه الآخرين. نحو نصف ساعة مدّة كل حلقة، ولا وقت تضيّعه على خواء وسخافات تملأ برامج الأطفال. يتحمّل فريق من الكتّاب والمنتجين والفنانين في مختلف أنحاء الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، المسؤولية الكبيرة. فالطفولة مثل الإسفنجة، أي امتصاص خاطئ يعرّض الصغار للضياع، وأي معلومة ملغومة وفكرة مضللة ستعلق في الذهن ويكون من الصعب إزاحتها وإقناع الطفل بخطورتها.
الشخصيتان الرئيسيتان: «جاد» و«بسمة»، تجمعهما صداقة صافية مع شخصيات أخرى، بعضها من البشر، تحمل رسائل إنسانية. الحوارات محفّزة، تواجه الطفل مع مهاراته ونقاط قوته، وتذكره بأهم قواعد السعادة: التصالح مع النفس. المنحى إيجابي، والغيوم السوداء مصيرها الزوال. لا بأس بالشعور بالحزن ولا مفر من سطوة الغضب. فهذه «مشاعر طبيعية»، بشرط أن تجد مَن تخبره بأحزانك فيشاركك لحظاتك السيئة. يحفّز البرنامج الصغار على البوح باعتباره سبيلاً إلى استراحة الروح. والأرواح، حتى الطرية، بحاجة إلى مَن يهتم بها، بالحب والإصغاء والحضن.
تطلّ «أميرة» (8 سنوات)، الشخصية الدمية الجديدة للموسم الخامس. «فتاة» تشعّ بالحياة، تمتلئ بالأمل، وتحوّل «الإعاقة» إلى طاقة. تعرّضها لـ«إصابة في النخاع الشوكي» جعلها عاجزة عن المشي، فتستبدل بالقدمين الكرسي المتحرك بنفسجي اللون، أو العكازتين. المهم هي الخطوات. لا تخجل من الحديث عن تجاربها وشغفها بالعلوم والمرح وكرة السلة. تساعد أصدقاءها على إدراك المفاهيم الجديدة وتشاركهم الخبرات بصبر.
تشكّل هذه «الدمية» إلهاماً لملايين الأطفال العرب في العالم. لا تشتكي من قدرها، ولا تعترض على ما سلبتها إياه الحياة. تعوّض «النقص» بالامتلاء الداخلي والثقة بالنفس؛ ومن خلالها يرتقي الطفل نحو قيم عليا، كتقبّل الاندماج الاجتماعي، والاعتراف بالآخر ورفض إصدار الأحكام. الحقيقة الوحيدة هي الإنسانية.
تتحدث المديرة الأولى والمنتجة المشرفة على البرنامج إيستي بردناشيفلي بإعجاب عن «أميرة». تقول لـ«الشرق الأوسط» إنها تتحدّى الصورة النمطية التي قد تكون لدى كثيرين عن الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة، وإنّ رغبة ألحّت لتقديم «شخصية جديدة ذات إعاقة واضحة، تستخدم كرسياً متحركاً أو عكازات لتمثيل تجارب العديد من الأطفال والعائلات في الشرق الأوسط والعالم». وتُكمل أن «الإعداد لها تطلّب نحو عامين، بتوجيه من مستشاري الإدماج والإعاقة الذين ساعدوا في ضمان أن تمثل حركاتها ومظهرها إعاقتها بالشكل الصحيح». يحلو لها التذكير بأهمية «تطبيع الصداقة واللعب بين الأطفال من مختلف القدرات والإعاقات، وتشجيع ثقتهم وحبهم للذات والآخرين، بغض النظر عن قدراتهم الجسدية».
تشغل إيستي بردناشيفلي المنحدرة من جورجيا والمهاجرة إلى الولايات المتحدة، منصب المديرة الأولى والمنتجة المشرفة في «ورشة سمسم»، وتُشرف بشكل مباشر على التطوير الإبداعي وإنتاج برنامج «أهلاً سمسم». نسألها عن الأشياء التي يبحث عنها الفريق عند إعداد شخصية جديدة. تصف الأمر بـ«الممتع للغاية، إلا أنه يتطلّب الكثير من التفكير والبحث المدروس». تشرح: «في (ورشة سمسم) نبحث دائماً عن طرق لزيادة التمثيل وسد الثغر المتعلقة بتعلّم الأطفال وفهمهم للعالم. لكل شخصية في برامجنا هدف ودور مهم تلعبه في تعليم الأطفال المهارات الاجتماعية والعاطفية والأكاديمية الحاسمة، التي تخلق أساساً قوياً للتعلّم مدى الحياة والنجاح في المدرسة وخارجها. يجب أن تكون الشخصيات قابلة للتعبير والتمثيل، ولكن نولي اهتماماً كبيراً أيضاً لأن تكون الشخصية جذابة ومضحكة ومثيرة لانتباه الأطفال وخيالهم. جميع الشخصيات مصممة بعناية، مع مراعاة أهداف البرنامج التعليمية والتنموية».
لا تسع البهجة إيستي بردناشيفلي حين تتكلم عن «أميرة» كابنة من بناتها. تصفها بـ«الذكية والفضولية، تجسّد شيئاً من جميع الأطفال الذين لا بدّ أنهم يرون أنفسهم فيها. وتمثل جميع الفتيات اللاتي يعشقن العلوم والرياضة وقد لا يرين أنفسهن ممثَّلات على الشاشات وفي برامج الصغار». تراها «نموذجاً يُحتذى به لجميع الأطفال ليكونوا فضوليين، يكتشفون ما حولهم ويتعلمون المزيد. ففضول (أميرة) يتجلّى من خلال شغفها بالعلم ومعرفة الحقائق الشيّقة. تدرك أنه من أجل التعلّم، علينا تجربة أشياء مختلفة».
البرنامج حاصل على جوائز، وهو يشكل جزءاً من مبادرة إنسانية وليدة شراكة بين مؤسسة «ورشة سمسم» و«لجنة الإنقاذ الدولية» (IRC)، هدفها معالجة الآثار المدمّرة للأزمات والنزوح، عبر تسهيل التعليم المبكر والرعاية للأطفال ومقدّمي الرعاية المتضرّرين من الصراعات والأزمات. يُنصح بمشاهدته.


مقالات ذات صلة

الإعلامي الأميركي تاكر كارلسون يعلن أنه سيشتري عقاراً في قطر

العالم العربي الإعلامي الأميركي المحافظ تاكر كارلسون (أ.ب)

الإعلامي الأميركي تاكر كارلسون يعلن أنه سيشتري عقاراً في قطر

أعلن الإعلامي الأميركي المحافظ تاكر كارلسون، الأحد، أنه سيشتري عقاراً في قطر، نافياً الاتهامات بأنه تلقى أموالاً من الدولة الخليجية.

«الشرق الأوسط» (الدوحة)
الاقتصاد شعار شركة «وارنر براذرز ديسكفري» في أحد مكاتبها في كولفر سيتي كاليفورنيا (أ.ف.ب)

حرب الاستوديوهات... «نتفليكس» تُسقط «وارنر براذرز» في أكبر صفقة إعلامية

شهدت هوليوود واحدة من أهم لحظات التحول الاستراتيجي في تاريخها، بعد إعلان شركة «نتفليكس» إبرام صفقة ضخمة للاستحواذ على «وارنر براذرز».

«الشرق الأوسط» (لوس أنجلس، نيويورك )
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي دونالد ترمب (أ.ب)

البيت الأبيض يخصص قِسماً على موقعه الرسمي لانتقاد وسائل الإعلام

أطلق البيت الأبيض قسماً جديداً على موقعه الرسمي يوم الجمعة، ينتقد علناً المنظمات الإعلامية والصحافيين الذين يدَّعي أنهم «يشوهون التغطية الإعلامية».

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
رياضة سعودية وزير الرياضة الفيصل يتحدث بحضور وزير الإعلام سلمان الدوسري (وزارة الرياضة)

«جزيرة شورى» تحتضن لقاء الإعلام الرياضي السعودي

احتضنت جزيرة شورى، المركز الرئيس لمشروع البحر الأحمر في السعودية، أمس فعاليات «لقاء الإعلام الرياضي» الذي أطلقته وزارة الرياضة.

أوروبا شعار هيئة الإذاعة والتلفزيون الهولندية (متداولة)

هيئة الإذاعة والتلفزيون الهولندية توقف النشر على منصة «إكس» جرّاء «معلومات مضللة»

قالت هيئة الإذاعة والتلفزيون الهولندية (إن أو إس)، الثلاثاء، إنها توقفت عن النشر على منصة «إكس» بسبب نشر المنصة معلومات مضللة.

«الشرق الأوسط» (أمستردام)

مصر لتطوير حديقتي «الحيوان» و«الأورمان» وفق مواصفات عالمية

جانب من حديقة الحيوان بالجيزة (فيسبوك)
جانب من حديقة الحيوان بالجيزة (فيسبوك)
TT

مصر لتطوير حديقتي «الحيوان» و«الأورمان» وفق مواصفات عالمية

جانب من حديقة الحيوان بالجيزة (فيسبوك)
جانب من حديقة الحيوان بالجيزة (فيسبوك)

تواصل مصر خطتها لإحياء وتطوير حديقتي «الحيوان» و«الأورمان» بمحافظة الجيزة (غرب القاهرة)، وفق أحدث المعايير العالمية والدولية، مع العمل على وصلهما ببعضهما البعض وافتتاحهما قريباً بإدارة من القطاع الخاص.

وأكد رئيس الوزراء المصري، مصطفى مدبولي، أن الحكومة تتابع باهتمام تنفيذ مشروع تطوير الحديقتين، انطلاقاً من أهميته في ظل الطابع التاريخي المميز لهما، وتتطلع لإعادة إحيائهما، والانتهاء من عملية التطوير وفق الخطة الزمنية المقررة، وإدارتهما وتشغيلهما على النحو الأمثل.

وقال مدبولي في بيان عقب اجتماع، الأحد، مع عدد من الوزراء والمسؤولين المعنيين بالمشروع: «هذا المشروع بمثابة حلم للحكومة نعمل جميعاً على تحقيقه، وهدفنا أن يرى النور قريباً، بإدارة محترفة من القطاع الخاص، تحافظ على ما يتم ضخه من استثمارات».

وشهد الاجتماع استعراض مراحل مشروع إحياء وتطوير حديقتي الحيوان والأورمان، حيث تمت الإشارة إلى اعتماد التصميمات وأعمال الترميم والتطوير من جانب المنظمات العالمية المُتخصصة، ونيل شهادات ثقة عالمية من جانبها، مع التعامل مع البيئة النباتية بأسلوب معالجة علمي، إلى جانب تدريب الكوادر العاملة بالحديقتين وفق أعلى المعايير العالمية، بما يواكب رؤية التطوير، ويضمن توافق التشغيل مع المعايير الدولية»، وفق تصريحات المتحدث باسم رئاسة مجلس الوزراء، المستشار محمد الحمصاني.

ويتضمن مشروع تطوير «حديقة الحيوان بالجيزة» مساحة إجمالية تبلغ 86.43 فدان، ويبلغ إجمالي مساحة مشروع «حديقة الأورمان» 26.7 فدان، بمساحة إجمالية للحديقتين تصل إلى 112 فداناً، واستعرض الاجتماع عناصر ربط المشروعين معاً عبر إنشاء نفق يربط الحديقتين ضمن المنطقة الثالثة، بما يعزز سهولة الحركة، ويوفر تجربة زيارة متكاملة، وفق البيان.

وتضمنت مراحل التطوير فتح المجال لبدء أعمال تطوير السافانا الأفريقية والمنطقة الآسيوية، إلى جانب الانتهاء من أعمال ترميم الأماكن الأثرية والقيام بتجربة تشغيلية ليلية للمناطق الأثرية بعد تطويرها بواقع 8 أماكن أثرية.

التشغيل التجريبي للمناطق الأثرية ليلاً بعد تطويرها (حديقة الحيوان بالجيزة)

وأشار البيان إلى أن مستشاري مشروع الإحياء والتطوير؛ وممثلي الشركة المُشغلة للحديقتين، عرضوا خلال الاجتماع مقترحاً للعودة للتسمية الأصلية لتكونا «جنينة الحيوان»، و«جنينة الأورمان»؛ حرصاً على التمسك بهويتهما لدى جموع المواطنين من روادهما منذ عقود، كما أكدوا أن إدارة الحديقتين وتشغيلهما سيكون وفق خطة تضمن اتباع أحدث النظم والأساليب المُطبقة في ضوء المعايير العالمية.

وتم تأكيد ارتفاع نسب الإنجاز في الجوانب التراثية والهندسية والفنية بمشروع تطوير الحديقتين، حيث شملت أعمال الترميم عدداً من المنشآت التاريخية، أبرزها القصر الملكي والبوابة القديمة والكشك الياباني.

وحقق المشروع تقدماً في الاعتمادات الدولية من جهات مثل الاتحاد الأوروبي لحدائق الحيوان (EAZA) والاتحاد العالمي (WAZA) والاتحاد الأفريقي (PAAZA)، وفق بيان مجلس الوزراء المصري.

وترى الدكتور فاتن صلاح سليمان المتخصصة في التراث والعمارة أن «حديقة الحيوان بالجيزة من أكبر حدائق الحيوان في الشرق الأوسط وأعرق حدائق الحيوان على مستوى العالم، حيث تأسست في عهد الخديو إسماعيل، وافتُتحت في عصر الخديو محمد توفيق، وكان بها في بداية افتتاحها أكثر من 175 نوعاً من الحيوانات النادرة من بيئات مختلفة حول العالم، كما كان تصميمها من أجمل التصميمات في العالم وقتها، وكانت متصلة بحديقة الأورمان وقت إنشائها».

وأضافت لـ«الشرق الأوسط» أن «حديقة الأورمان من أهم الحدائق النباتية في العالم، وكانت جزءاً من القصر الخاص بالخديو إسماعيل، وكانت مخصصة لمد القصر بالفواكه والخضراوات، وصممها مهندسون فرنسيون»، وأشارت إلى أن كلمة أورمان بالأساس هي كلمة تركية تعني الغابة أو الأحراش، وعدت مشروع تطوير الحديقتين «من أهم المشروعات القائمة حالياً والتي من شأنها أن تعيد لهما طابعهما التراثي القديم، وهو من المشروعات الواعدة التي من شأنها أن تغير كثيراً في شكل الحدائق المصرية» وأشادت بفكرة العودة إلى الاسمين القديمين للحديقتين وهما «جنينة الحيوان» و«جنينة الأورمان»، لافتة إلى تغيير الصورة الاستثمارية للحديقتين بعد التطوير لوجود مناطق ترفيهية وكافيهات ومناطق لأنشطة متنوعة.


نادين لبكي: السينما هاجس داخلي… وأفلامي تولد من أسئلة لا تهدأ

نادين لبكي تتحدث عن مشوارها الفني في «البحر الأحمر» (إدارة المهرجان)
نادين لبكي تتحدث عن مشوارها الفني في «البحر الأحمر» (إدارة المهرجان)
TT

نادين لبكي: السينما هاجس داخلي… وأفلامي تولد من أسئلة لا تهدأ

نادين لبكي تتحدث عن مشوارها الفني في «البحر الأحمر» (إدارة المهرجان)
نادين لبكي تتحدث عن مشوارها الفني في «البحر الأحمر» (إدارة المهرجان)

قالت المخرجة والممثلة اللبنانية نادين لبكي إن العمل الفني لا يولد مصادفة، بل يأتي من تلك الرجفة الداخلية التي يخلّفها هاجس ما، أو من أسئلة لا تتوقف عن الإلحاح حتى تتحوّل إلى قصة.

وبدت نادين في جلستها الحوارية بمهرجان البحر الأحمر السينمائي، الأحد، التي أدارها أنطوان خليفة، مدير البرنامج العربي والكلاسيكي بالمهرجان، كأنها تفتح كتاباً شخصياً، تقلب صفحاته بهدوء وثقة، وتعيد ترتيب ذكرياتها وتجاربها لتشرح كيف تُصنع الأفلام. فمنذ اللحظة الأولى لحديثها، شددت على أن الصدق هو ما يميّز الفيلم؛ ليس صدق رؤيتها وحدها، بل صدق كل مَن يقف خلف الكاميرا وأمامها.

وأكدت أن الشغف والهوس هما ما يسبقان الولادة الفعلية لأي فكرة؛ فقبل أن تصوغ أولى كلمات السيناريو، تكون قد أمضت زمناً في مواجهة فكرة لا تريد مغادرة ذهنها. شيئاً فشيئاً يبدأ هذا الهاجس بالتشكّل والتحول إلى موضوع محدد يصبح البوصلة التي تضبط كل التفاصيل الأخرى. قد تتغير القصة، وقد يتبدّل مسار الفيلم، لكن الفكرة الجوهرية، ذلك السؤال الملحّ، تبقى العنصر الثابت الذي يجب بلوغه في النهاية.

وتسترجع نادين لحظة ولادة فيلم «هلّأ لوين؟»، فتعود إلى حرب 2008، حين كانت مع طفلها في شوارع بدت كأنها على وشك الانزلاق إلى حرب أهلية جديدة. وتروي كيف تسلّل إليها الخوف عندما تخيّلت ابنها شاباً يحمل السلاح، وكيف تحوّلت تلك اللحظة إلى بذرة فيلم كامل.

نادين لبكي خلال «مهرجان البحر الأحمر» (إدارة المهرجان)

وفي «كفرناحوم» حدث شيء مشابه، إذ تقول إنها كانت ترى الأطفال في الشوارع، وتنصت إلى قصصهم، وتراقب نظرتهم إلى العالم وإلى الناس الذين يمرّون أمامهم كأنهم عابرون بلا أثر. من هنا بدأت الفكرة، ثم امتدّ المشروع إلى 5 سنوات من البحث الميداني، أمضت خلالها ساعات طويلة في محاولة فهم القوانين، والحياة اليومية، والدوافع الإنسانية التي تحكم هذه البقع المهمَّشة.

وتؤكد نادين أن مرحلة الكتابة ليست مجرد صياغة نص، بل لحظة مشاركة وتجربة مشتركة، فالعلاقة بين فريق الكتابة بالنسبة إليها أساسية. وتشير إلى أنها تحب العمل مع أشخاص يتقاسمون معها الرؤية والمبادئ نفسها. أحياناً يكتبون أسبوعين متواصلين، ثم يتوقفون شهوراً قبل أن يعودوا للعمل من جديد، بلا مواعيد نهائية صارمة، لأن القصة، كما تقول، هي التي تحدد إيقاعها وزمنها، لا العكس.

وعندما تنتقل إلى الحديث عن اختيار الممثلين، تكشف أن العملية تستغرق وقتاً طويلاً، لأن أغلب أبطال أفلامها ليسوا محترفين. ففي «كفرناحوم» مثلاً، كان من المستحيل بالنسبة إليها أن تطلب من ممثل محترف أن ينقل ذلك القدر من الألم الحقيقي، لذلك اتجهت إلى أشخاص عاشوا التجارب نفسها أو عايشوا مَن مرّ بها. وتؤكد أنها مفتونة بالطبيعة الإنسانية، وأن فهم الناس ودوافعهم هو بوابة الإبداع لديها؛ فهي لا تفكر في النتيجة في أثناء التصوير، بل في التجربة نفسها، وفي اللحظة التي يُصنع فيها المشهد.

نادين لبكي عقب الجلسة الحوارية (مهرجان البحر الأحمر)

وتتوقف نادين أيضاً عند تجربتها التمثيلية في فيلم «وحشتيني»، كاشفة أنه من أكثر الأعمال التي أثّرت فيها على مستوى شخصي، وأنها سعدت بالعمل مع النجمة الفرنسية فاني أردان. وترى أن التمثيل هذه المرة جعلها تعيش السينما من زاوية مختلفة، فهي تؤمن ـ كما تقول ـ بنُبل السينما وقدرتها على تغيير الإنسان وطريقة تفكيره ونظرته إلى الأشياء، وهو ما يشجعها على الاستمرار في خوض تجارب سينمائية تركّز على السلوك الإنساني، مع سعي دائم لفهم الدوافع غير المتوقعة للأفراد أحياناً.

وتشير إلى أن المدرسة الإيرانية في إدارة الممثلين كانت ذات تأثير كبير في تكوينها الفني. ورغم غياب صناعة سينمائية حقيقية في لبنان عندما بدأت مسيرتها الإخراجية، فإنها تعلّمت عبر الإعلانات والفيديو كليبات، وصنعت طريقها بنفسها من عمل إلى آخر، لعدم وجود فرصة الوقوف إلى جانب مخرجين كبار. وقد عدت ذلك واحداً من أصعب التحديات التي واجهتها.

وأكدت أن فيلمها الجديد، الذي تعمل عليه حالياً، مرتبط بفكرة مركزية، وسيُصوَّر في أكثر من بلد، ويأتي ضمن هاجسها الأكبر، قصة المرأة وتجاربها. ولأن أفكارها تولد غالباً من معايشة ممتدة لقضايا تحيط بها يومياً، تقول: «نعيش زمناً تختلط فيه المفاهيم بين الصواب والخطأ، ولا نجد مرجعاً سوى مبادئنا الشخصية»، مؤكدة أنها تستند في اختياراتها الفنية إلى ما تؤمن به فقط.

وفي ختام حديثها، تتوقف عند شراكتها مع زوجها الموسيقي خالد مزنَّر، وتصفها بأنها واحدة من أهم ركائز تجربتها، موضحة أن رحلتهما في العمل على الموسيقى تبدأ منذ لحظة ولادة الفكرة. وأحياناً يختلفان بشدة، ويتجادلان حول الموسيقى أو الإيقاع أو الإحساس المطلوب، لكنهما يصلان في النهاية إلى صيغة فنية تجمع رؤيتهما، وترى نفسها محظوظة بأنها ترافق شخصاً موهوباً فنياً وإنسانياً.


تسرب مياه في متحف اللوفر يتلف كتباً بقسم الآثار المصرية

سائحون يلتقطون صوراً بساحة متحف اللوفر في باريس 6 يوليو 2024 (رويترز)
سائحون يلتقطون صوراً بساحة متحف اللوفر في باريس 6 يوليو 2024 (رويترز)
TT

تسرب مياه في متحف اللوفر يتلف كتباً بقسم الآثار المصرية

سائحون يلتقطون صوراً بساحة متحف اللوفر في باريس 6 يوليو 2024 (رويترز)
سائحون يلتقطون صوراً بساحة متحف اللوفر في باريس 6 يوليو 2024 (رويترز)

أدّى تسرب مياه الشهر الماضي إلى إتلاف مئات الكتب في قسم الآثار المصرية بمتحف اللوفر، ما يسلط الضوء على الحالة المتدهورة للمتحف الأكثر زيارة في العالم، بعد أسابيع فقط من عملية سطو جريئة لسرقة مجوهرات كشفت عن ثغرات أمنية.

وذكر موقع «لا تريبين دو لار» المتخصص في الفن التاريخي والتراث الغربي أن نحو 400 من الكتب النادرة لحقت بها أضرار ملقياً باللوم على سوء حالة الأنابيب. وأضاف أن الإدارة سعت منذ فترة طويلة للحصول على تمويل لحماية المجموعة من مثل هذه المخاطر، لكن دون جدوى.

وقال نائب مدير متحف اللوفر، فرانسيس شتاينبوك، لقناة «بي إف إم» التلفزيونية، اليوم (الأحد)، إن تسرب أنابيب المياه يتعلق بإحدى الغرف الثلاث في مكتبة قسم الآثار المصرية.

وأضاف، وفقاً لوكالة «رويترز»: «حددنا ما بين 300 و400 عمل، والحصر مستمر»، وتابع أن الكتب المفقودة هي «تلك التي اطلع عليها علماء المصريات، لكن ليست الكتب القيمة».

وأقرّ بأن المشكلة معروفة منذ سنوات، وقال إن الإصلاحات كان من المزمع إجراؤها في سبتمبر (أيلول) 2026.

وسرق 4 لصوص في وضح النهار مجوهرات بقيمة 102 مليون دولار في 19 أكتوبر (تشرين الأول)، ما كشف عن ثغرات أمنية واسعة في المتحف.

وأدّت الثغرات الهيكلية في نوفمبر (تشرين الثاني) إلى إغلاق جزئي لقاعة عرض، تضم مزهريات يونانية ومكاتب.