سنودن يحقق من منفاه في روسيا انتصارات داخل بلده الذي يطارده.. أميركا

حكم بعدم قانونية التسجيلات وإبعادها عن متناول الحكومة.. و«آبل» و«غوغل» تتجهان لحماية زبائنهما من الرقابة

مؤيدون لسنودن يرفعون صورته خلال مظاهرة نظموها خارج القنصلية الأميركية في هونغ كونغ في 13 يونيو 2013 (رويترز)
مؤيدون لسنودن يرفعون صورته خلال مظاهرة نظموها خارج القنصلية الأميركية في هونغ كونغ في 13 يونيو 2013 (رويترز)
TT

سنودن يحقق من منفاه في روسيا انتصارات داخل بلده الذي يطارده.. أميركا

مؤيدون لسنودن يرفعون صورته خلال مظاهرة نظموها خارج القنصلية الأميركية في هونغ كونغ في 13 يونيو 2013 (رويترز)
مؤيدون لسنودن يرفعون صورته خلال مظاهرة نظموها خارج القنصلية الأميركية في هونغ كونغ في 13 يونيو 2013 (رويترز)

ما زال إدوارد سنودن، المتعاقد الأميركي السابق مع وكالة الأمن القومي الأميركية واللاجئ حاليا في روسيا يثير الاهتمام في بلده الأصلي. وكان مايو (أيار) الحالي شهرا آخر من شهور التنقل «الافتراضي» الدولي لسنودن، مع عرض أشرطة فيديو تتطرق إلى قصته في جامعة برينستون الأميركية، وسلسلة من كبار الشخصيات الذين تناولوا قصته في جامعة ستانفورد الأميركية أيضا، وفي مؤتمر عقد حول قضيته في النرويج ثم أستراليا.
وقبل انقضاء الشهر، كان عليه الحديث مجددا أمام الكاميرا إلى الجمهور المتابع لقضيته في إيطاليا، وكذلك في الإكوادور التي تشهد عرضا لفيلم «المواطن أربعة»، وهو الفيلم الوثائقي الحائز على جائزة الأوسكار حول قصته.
ولكن كانت هناك انتصارات متراتبة وكثيرة لقضية سنودن بعد عامين من طيرانه إلى هاواي ثم إلى هونغ كونغ حاملا جهاز كومبيوتر مفعما بأسرار الأمن القومي الأميركي.
قبل أسبوعين، قضت محكمة الاستئناف الفيدرالية بأن برنامج وكالة الأمن القومي الأول الذي كشف عنه سنودن، والذي يجمع تسجيلات مكالمات الهواتف لملايين من المواطنين الأميركيين، غير قانوني. وفي الأسبوع الماضي، صوت مجلس النواب بأغلبية ساحقة على تحويل البرنامج عن طريق إبقاء معظم تسجيلات الهواتف بعيدا عن متناول الحكومة، وهو التغيير الذي أشرف الرئيس باراك أوباما عليه شخصيا ويخضع حاليا لمناقشات مجلس الشيوخ. وقد أغضبت شركتا «آبل» و«غوغل» المباحث الفيدرالية الأميركية بتصعيدهما لقضية التشفير، ومن بينها الهواتف الذكية، لتأمين الاتصالات وحماية العملاء من أي نوع من أنواع الرقابة الحكومية التي كشف عنها سنودن.
كانت تلك النتائج العارضة مصدر ارتياح عميق لدى سنودن، الذي خشي في بادئ الأمر من تجاهل المعلومات التي كشف عنها للجميع، كما أفاد بذلك بين ويزنر، وهو محام لدى «اتحاد الحريات المدنية الأميركي» الذي يمثل سنودن في القضية. غير أن الجدل الثائر حول سنودن لا يزال مستعرا وأبعد ما يكون عن الانتهاء.
يقول المحامي ويزنر «إن حياته غنية للغاية ومتكاملة»، في حرص منه على دحض توقعات النقاد في عام 2013 بأنه سوف ينتهي الحال بسنودن قابعا في الظل والخفاء داخل روسيا. وأضاف ويزنر «لقد أصبح مواطنا بارزا بحق، وصار قادرا على استخدام التكنولوجيا لهزيمة المنفى والمشاركة في الجدال الذي بدأه».
هناك قصة مغايرة يدلي بها المسؤولون في مجتمع الاستخبارات الأميركية عن المغامرة التي بدأت في 20 مايو 2013. وهو اليوم الذي طار فيه سنودن إلى هونغ كونغ. فلا يزال قرار سنودن بتسريب مئات الآلاف من وثائق وكالة الأمن القومي الأميركي السرية للغاية إلى الصحافيين يثير غضب وسخط الكثيرين في إدارة الرئيس أوباما، التي تقول إن المعلومات التي كشف عنها سنودن مكنت الإرهابيين وغيرهم من خصوم الولايات المتحدة من تفادي أنشطة التنصت والتجسس للوكالة. ويشيرون إلى أن إفصاحه عن تلك المعلومات، وبعض منها اتخذ طريقه للنشر عبر صحيفة «نيويورك تايمز»، تجاوز مسألة تسجيل مكالمات الهواتف، حيث تلامس مع الكثير من البرامج التي تستهدف بعض الدول الأجنبية ولا تتعلق فقط بخصوصية المواطنين الأميركيين.
يقول ستيوارت بيكر، وهو مستشار سابق لدى وكالة الأمن القومي ومن النقاد الصرحاء لتسريبات سنودن «إن الجدل الوحيد الثائر لدينا في الولايات المتحدة يدور حول أول وثيقة كشف عنها سنودن»، مشيرا إلى الأمر القضائي السري الذي يخول حق استخدام برنامج التنصت الهاتفي للوكالة. وأضاف: «أما بقية الوثائق فما كانت إلا نوعا من أنواع الإباحية الاستخبارية لبقية دول العالم، على شاكلة: أوه، ألا ترون ما تصنعه وكالة الأمن القومي!».
وفي مذكرة حديثة، أعرب مايكل جيه. موريل، نائب المدير السابق والقائم بأعمال مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية، عن الرأي القاتم للكثير من رجال الاستخبارات المتقاعدين، والذين يلقون باللائمة على تسريبات سنودن من حيث تعزيزها لقدرات جماعة إرهابية مثل داعش. ويقول موريل في مذكرته بعنوان «الحرب العظمى الحالية»: «كان تنظيم داعش أحد الجماعات الإرهابية التي تعلمت من سنودن، ومن الواضح تماما أن تصرفاته لعبت دورا مؤثرا في صعود ذلك التنظيم الإرهابي. باختصار، تسبب سنودن في جعل الولايات المتحدة وحلفائها أقل أمنا عن ذي قبل. ولا أقول ذلك على سبيل التلطيف: إن المواطنين الأميركيين قد يتعرضون للقتل فعليا على أيدي الإرهابيين بسبب تصرفات إدوارد سنودن».
وفقا لتلك التقديرات، رفض الادعاء العام الأميركي منح سنودن أي فرصة لمساومة قد يتقبلها. وقد منحته الحكومة الروسية حق الإقامة لمدة ثلاث سنوات، في الصيف الماضي، وليست لديه أي خطط للمغادرة في أي وقت قريب. وحتى إذا تمكن سنودن من الحصول على وثائق السفر - مع إلغاء الولايات المتحدة لجواز سفره، وهو ليس من مواطني روسيا، ومن ثم لن يحصل على جواز سفر روسي - فإنه يواجه خطر إلقاء القبض عليه في أي دولة من الدول وإعادته إلى الولايات المتحدة لمحاكمته.
ويقول محامي سنودن إن مصدر دخله الوحيد يتلقاه من مقابل الأحاديث التي يدلي بها، والتي في بعض الأحيان تتجاوز حد 10 آلاف دولار مقابل الجلسة الواحدة. أما صديقته الأميركية، ليندسي ميلز، والتي مثلته شخصيا في حفل توزيع جوائز الأوسكار في فبراير (شباط) الماضي، فقد لحقت به في موسكو.
غير أن موقف سنودن، برغم تعقيده، لا يزال بعيدا عما كان عليه الأمر في أول تسريب يعلن عنه من هونغ كونغ في يونيو (حزيران) 2013 بوصفه مصدرا لتسريبات أرشيف وكالة الأمن القومي الأميركية. ففي الكونغرس وعلى شاشات التلفاز في ذلك الوقت، كان مجمل الحديث يدور حول الخيانة، وافتراضات تقول إن سنودن أحد عملاء روسيا أو الصين، كما خرجت دعوات لاغتياله من خلال غارة بطائرة بدو طيار.
حتى الآن، لم يبرز أي دليل يؤكد سحب سنودن لبيانات وكالة الأمن القومي الأميركية بإيعاز من دولة أخرى أو أنه تقاسم تلك البيانات مع أي جهة غير الصحافيين. (يقول موريل، المسؤول الاستخباري السابق، إنه يعتقد أن سنودن رفض أي عروض من روسيا أو الصين، باعتبار عقليته واستيائه الواضح من أجهزة الاستخبارات كافة).
في جامعة برينستون هذا الشهر، قدمت كيم شيبيل، وهي مديرة برنامج الجامعة حول القانون والشؤون العامة، إدوارد سنودن إلى الجمهور الذين ملأوا القاعة الكبيرة وغرفتين علويتين. وأقرت بأنه من غير المعتاد لبرنامج الجامعة حول القانون أن يقدم متحدثا يواجه ذلك القدر الخطير من الاتهامات الجنائية. وأضافت تقول: «نظرا لحجم الحضور هذا اليوم، فإنه يشير إلى أن إدوارد سنودن قد صنع شيئا مهما للغاية، من خلال الكشف عن المعلومات التي لفتت أنظار المجتمع إلى الأمور التي تجري في الظل باسم أمتنا». ثم ظهرت صورة ضخمة لسنودن ذاته على شاشة المسرح الكبير. وقد ضحك بخجل واضح، متمتما حول ظهوره في صورة الأخ الأكبر.
ثم يوم الجمعة الماضي، في جامعة ستانفورد، عرج سنودن على السؤال الحتمي المطروح: هل هو بطل أم أنه خائن؟.
وقد أجاب في إصرار قائلا: «ليس الأمر متعلقا بشخصي، بل إنه متعلق بنا جميعا. لا أدعي البطولة. كما أنني لست خائنا. أنا مجرد مواطن أميركي عادي مثل أي مواطن آخر في تلك الغرفة». غير أنه لم يكن في تلك الغرفة بولاية كاليفورنيا، وقد تحدث بحزن ظاهر عن ذلك، حيث قال: «إذا سنحت لي الفرصة، فسوف أعود إلى بلادي بلا أدنى شك. وذلك لأنه موطني الذي أعيش فيه. وهناك تعيش عائلتي».

* خدمة «نيويورك تايمز»



ما دلالة تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً»؟

محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
TT

ما دلالة تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً»؟

محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)

دفع تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً» إلى تساؤلات حول تأثير القرار على مستقبل التنظيم وعناصره. يأتي هذا في ظل تصاعد الصراع بين «قيادات (الإخوان) في الخارج» حول قيادة التنظيم. وقال باحثون في الحركات المتطرفة والإرهاب إن «قرار باراغواي أشار إلى ارتباط (الإخوان) بـ(تنظيمات الإرهاب)، وقد يدفع القرار دولاً أخرى إلى أن تتخذ قرارات مماثلة ضد التنظيم».
ووافقت اللجنة الدائمة بكونغرس باراغواي على «اعتبار (الإخوان) (تنظيماً إرهابياً) يهدد الأمن والاستقرار الدوليين، ويشكل انتهاكاً خطيراً لمقاصد ومبادئ الأمم المتحدة». جاء ذلك في مشروع قرار تقدمت به ليليان سامانيغو، رئيسة لجنة الشؤون الخارجية بالكونغرس المكوّن من 45 عضواً. وقال البرلمان في بيان نشره عبر موقعه الإلكتروني (مساء الخميس) إن «تنظيم (الإخوان) الذي تأسس في مصر عام 1928، يقدم المساعدة الآيديولوجية لمن يستخدم (العنف) ويهدد الاستقرار والأمن في كل من الشرق والغرب». وأضاف البيان أن «باراغواي ترفض رفضاً قاطعاً جميع الأعمال والأساليب والممارسات (الإرهابية)».
ووفق تقارير محلية في باراغواي، فإن باراغواي رأت في وقت سابق أن «(حزب الله)، و(القاعدة)، و(داعش) وغيرها، منظمات (إرهابية)، في إطار مشاركتها في الحرب على (الإرهاب)». وقالت التقارير إن «تصنيف (الإخوان) من شأنه أن يحدّ من قدرة هذه الجماعات على التخطيط لهجمات (إرهابية) وزعزعة استقرار الدول». كما تحدثت التقارير عن دول أخرى أقرت خطوات مماثلة ضد «الإخوان» من بينها، روسيا، والمملكة العربية السعودية، ومصر، والإمارات، والبحرين.
وتصنف دول عربية عدة «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً». وعدّت هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية التنظيم «جماعة إرهابية منحرفة» لا تمثل منهج الإسلام. وذكرت الهيئة في بيان لها، نوفمبر (تشرين الثاني) عام 2020، أن «(الإخوان) جماعة إرهابية لا تمثل منهج الإسلام وإنما تتبع أهدافها الحزبية المخالفة لهدي ديننا الحنيف، وتتستر بالدين وتمارس ما يخالفه من الفُرقة، وإثارة الفتنة، والعنف، والإرهاب». وحذّرت حينها من «الانتماء إلى (الإخوان) أو التعاطف مع التنظيم».
كذلك أكد مجلس الإمارات للإفتاء الشرعي أن كل مجموعة أو تنظيم يسعى للفتنة أو يمارس العنف أو يحرّض عليه، هو تنظيم إرهابي مهما كان اسمه أو دعوته، معتبراً «(الإخوان) تنظيماً (إرهابياً)».
وتحظر الحكومة المصرية «الإخوان» منذ عام 2014، وقد عدّته «تنظيماً إرهابياً». ويخضع مئات من قادة وأنصار التنظيم حالياً، وعلى رأسهم المرشد العام محمد بديع، لمحاكمات في قضايا يتعلق معظمها بـ«التحريض على العنف»، صدرت في بعضها أحكام بالإعدام، والسجن «المشدد والمؤبد».
وحسب الباحث المصري المتخصص في شؤون الحركات المتطرفة والإرهاب الدولي، منير أديب، فإن «تصنيف باراغواي (الإخوان) يؤكد الاتهامات التي توجَّه إلى التنظيم، بأن تنظيمات العنف خرجت من رحم (الإخوان)، أو أنها نهلت من أفكار التنظيم»، لافتاً إلى أن «قرار باراغواي أشار إلى أن (الإخوان) وفّر الحماية لتنظيمات التطرف التي نشأت في الشرق والغرب». وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن «قرار بعض الدول العربية في وقت سابق حظر (الإخوان) يعود إلى أمرين؛ الأول أن التنظيم مارس العنف، والآخر أن التنظيم وفّر الحماية لجماعات الإرهاب».
وفي وقت سابق أكدت وزارة الأوقاف المصرية «حُرمة الانضمام لـ(الإخوان)»، مشيرةً إلى أن التنظيم يمثل «الخطر الأكبر على الأمن القومي العربي». وفي فبراير (شباط) 2022 قالت دار الإفتاء المصرية إن «جميع الجماعات الإرهابية خرجت من عباءة (الإخوان)». وفي مايو (أيار) الماضي، قام مفتي مصر شوقي علام، بتوزيع تقرير «موثق» باللغة الإنجليزية على أعضاء البرلمان البريطاني يكشف منهج «الإخوان» منذ نشأة التنظيم وارتباطه بـ«التنظيمات الإرهابية». وقدم التقرير كثيراً من الأدلة على علاقة «الإخوان» بـ«داعش» و«القاعدة»، وانضمام عدد كبير من أعضاء «الإخوان» لصفوف «داعش» عقب عزل محمد مرسي عن السلطة في مصر عام 2013، كما لفت إلى أذرع «الإخوان» من الحركات المسلحة مثل «لواء الثورة» و«حسم».
وحول تأثير قرار تصنيف باراغواي «الإخوان» على «قيادات التنظيم في الخارج»، أكد الباحث المصري المتخصص في شؤون الحركات المتطرفة والإرهاب الدولي، أن «قرار باراغواي سوف يؤثر بالقطع على عناصر التنظيم في الخارج، لأن التنظيم يزعم أنه ينتشر في دول كثيرة حول العالم، ومثل هذا القرار يؤثر على عناصر (الإخوان) الموجودة في باراغواي وفي الدول المجاورة لها، كما أن القرار قد يدفع دولاً أخرى إلى اتخاذ قرار مماثل ضد (الإخوان)».
يأتي قرار باراغواي في وقت يتواصل الصراع بين «قيادات الإخوان في الخارج» حول منصب القائم بأعمال مرشد التنظيم. ويرى مراقبون أن «محاولات الصلح بين جبهتي (لندن) و(إسطنبول) لحسم الخلافات لم تنجح لعدم وجود توافق حول ملامح مستقبل التنظيم». والصراع بين جبهتي «لندن» و«إسطنبول» على منصب القائم بأعمال المرشد، سبقته خلافات كثيرة خلال الأشهر الماضية، عقب قيام إبراهيم منير، القائم بأعمال مرشد «الإخوان» السابق، بحلّ المكتب الإداري لشؤون التنظيم في تركيا، وقيامه بتشكيل «هيئة عليا» بديلة عن «مكتب إرشاد الإخوان». وتبع ذلك تشكيل «جبهة لندن»، «مجلس شورى» جديداً، وإعفاء أعضاء «مجلس شورى إسطنبول» الستة، ومحمود حسين (الذي يقود «جبهة إسطنبول»)، من مناصبهم.


بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
TT

بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)

بعد التدهور الأخير في الأوضاع الأمنية التي تشهدها البيرو، بسبب الأزمة السياسية العميقة التي نشأت عن عزل الرئيس السابق بيدرو كاستيو، وانسداد الأفق أمام انفراج قريب بعد أن تحولت العاصمة ليما إلى ساحة صدامات واسعة بين القوى الأمنية والجيش من جهة، وأنصار الرئيس السابق المدعومين من الطلاب من جهة أخرى، يبدو أن الحكومات اليسارية والتقدمية في المنطقة قررت فتح باب المواجهة السياسية المباشرة مع حكومة رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي، التي تصرّ على عدم تقديم موعد الانتخابات العامة، وتوجيه الاتهام للمتظاهرين بأنهم يستهدفون قلب النظام والسيطرة على الحكم بالقوة.
وبدا ذلك واضحاً في الانتقادات الشديدة التي تعرّضت لها البيرو خلال القمة الأخيرة لمجموعة بلدان أميركا اللاتينية والكاريبي، التي انعقدت هذا الأسبوع في العاصمة الأرجنتينية بوينوس آيريس، حيث شنّ رؤساء المكسيك والأرجنتين وكولومبيا وبوليفيا هجوماً مباشراً على حكومة البيرو وإجراءات القمع التي تتخذها منذ أكثر من شهر ضد المتظاهرين السلميين، والتي أدت حتى الآن إلى وقوع ما يزيد عن 50 قتيلاً ومئات الجرحى، خصوصاً في المقاطعات الجنوبية التي تسكنها غالبية من السكان الأصليين المؤيدين للرئيس السابق.
وكان أعنف هذه الانتقادات تلك التي صدرت عن رئيس تشيلي غابرييل بوريتش، البالغ من العمر 36 عاماً، والتي تسببت في أزمة بين البلدين مفتوحة على احتمالات تصعيدية مقلقة، نظراً لما يحفل به التاريخ المشترك بين البلدين المتجاورين من أزمات أدت إلى صراعات دموية وحروب دامت سنوات.
كان بوريتش قد أشار في كلمته أمام القمة إلى «أن دول المنطقة لا يمكن أن تدير وجهها حيال ما يحصل في جمهورية البيرو الشقيقة، تحت رئاسة ديما بولوارتي، حيث يخرج المواطنون في مظاهرات سلمية للمطالبة بما هو حق لهم ويتعرّضون لرصاص القوى التي يفترض أن تؤمن الحماية لهم».
وتوقّف الرئيس التشيلي طويلاً في كلمته عند ما وصفه بالتصرفات الفاضحة وغير المقبولة التي قامت بها الأجهزة الأمنية عندما اقتحمت حرم جامعة سان ماركوس في العاصمة ليما، مذكّراً بالأحداث المماثلة التي شهدتها بلاده إبّان ديكتاتورية الجنرال أوغوستو بينوتشي، التي قضت على آلاف المعارضين السياسيين خلال العقود الثلاثة الأخيرة من القرن الماضي.
وبعد أن عرض بوريتش استعداد بلاده لمواكبة حوار شامل بين أطياف الأزمة في البيرو بهدف التوصل إلى اتفاق يضمن الحكم الديمقراطي واحترام حقوق الإنسان، قال «نطالب اليوم، بالحزم نفسه الذي دعمنا به دائماً العمليات الدستورية في المنطقة، بضرورة تغيير مسار العمل السياسي في البيرو، لأن حصيلة القمع والعنف إلى اليوم لم تعد مقبولة بالنسبة إلى الذين يدافعون عن حقوق الإنسان والديمقراطية، والذين لا شك عندي في أنهم يشكلون الأغلبية الساحقة في هذه القمة».
تجدر الإشارة إلى أن تشيلي في خضمّ عملية واسعة لوضع دستور جديد، بعد أن رفض المواطنون بغالبية 62 في المائة النص الدستوري الذي عرض للاستفتاء مطلع سبتمبر (أيلول) الفائت.
كان رؤساء المكسيك وكولومبيا والأرجنتين وبوليفيا قد وجهوا انتقادات أيضاً لحكومة البيرو على القمع الواسع الذي واجهت به المتظاهرين، وطالبوها بفتح قنوات الحوار سريعاً مع المحتجين وعدم التعرّض لهم بالقوة.
وفي ردّها على الرئيس التشيلي، اتهمت وزيرة خارجية البيرو آنا سيسيليا جيرفاسي «الذين يحرّفون سرديّات الأحداث بشكل لا يتطابق مع الوقائع الموضوعية»، بأنهم يصطادون في الماء العكر. وناشدت المشاركين في القمة احترام مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للبلدان الأخرى، والامتناع عن التحريض الآيديولوجي، وقالت «يؤسفني أن بعض الحكومات، ومنها لبلدان قريبة جداً، لم تقف بجانب البيرو في هذه الأزمة السياسية العصيبة، بل فضّلت تبدية التقارب العقائدي على دعم سيادة القانون والنصوص الدستورية». وأضافت جيرفاسي: «من المهين القول الكاذب إن الحكومة أمرت باستخدام القوة لقمع المتظاهرين»، وأكدت التزام حكومتها بصون القيم والمبادئ الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان وسيادة القانون، رافضة أي تدخّل في شؤون بلادها الداخلية، ومؤكدة أن الحكومة ماضية في خطتها لإجراء الانتخابات في الموعد المحدد، ليتمكن المواطنون من اختيار مصيرهم بحرية.
ويرى المراقبون في المنطقة أن هذه التصريحات التي صدرت عن رئيس تشيلي ليست سوى بداية لعملية تطويق إقليمية حول الحكومة الجديدة في البيرو بعد عزل الرئيس السابق، تقوم بها الحكومات اليسارية التي أصبحت تشكّل أغلبية واضحة في منطقة أميركا اللاتينية، والتي تعززت بشكل كبير بعد وصول لويس إينياسيو لولا إلى رئاسة البرازيل، وما تعرّض له في الأيام الأخيرة المنصرمة من هجمات عنيفة قام بها أنصار الرئيس السابق جاير بولسونارو ضد مباني المؤسسات الرئيسية في العاصمة برازيليا.


واشنطن: مادورو غير شرعي

نيكولاس مادورو في 8 ديسمبر 2022 (رويترز)
نيكولاس مادورو في 8 ديسمبر 2022 (رويترز)
TT

واشنطن: مادورو غير شرعي

نيكولاس مادورو في 8 ديسمبر 2022 (رويترز)
نيكولاس مادورو في 8 ديسمبر 2022 (رويترز)

قالت الولايات المتحدة اليوم (الثلاثاء)، إنها ما زالت ترفض اعتبار نيكولاس مادورو الرئيس الشرعي لفنزويلا، وتعترف بسلطة الجمعية الوطنية المُشَكَّلة عام 2015 بعد أن حلت المعارضة «حكومتها المؤقتة».
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية نيد برايس للصحافيين: «نهجنا تجاه نيكولاس مادورو لا يتغير. إنه ليس الرئيس الشرعي لفنزويلا. نعترف بالجمعية الوطنية المُشَكَّلة عام 2015»، وفق ما أفادت به وكالة الصحافة الفرنسية.
ولدى سؤاله عن الأصول الفنزويلية، ولا سيما شركة النفط الفنزويلية في الولايات المتحدة، قال برايس إن «عقوباتنا الشاملة المتعلقة بفنزويلا والقيود ذات الصلة تبقى سارية. أفهم أن أعضاء الجمعية الوطنية يناقشون كيف سيشرفون على هذه الأصول الخارجية».