تأمل ماريا أن يلتحق بها ابنها قريباً إلى الولايات المتحدة، في حين يتمنى نيلفر عودة الزبائن لارتياد مطعمه في هافانا، حيث يحلم الكوبيون بكسر الجليد بعد أول بادرة اتخذتها واشنطن منذ خمس سنوات لتخفيف التوتر.
وكانت إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن أعلنت، الاثنين الماضي، رفع مجموعة من القيود المفروضة على كوبا، ولا سيما في مجال الهجرة والتحويلات المالية والرحلات الجوية.
قالت ماريا استرادا (55 عاماً) التي كانت تجلس في حديقة بالقرب من السفارة الأميركية في هافانا، ريثما يحين موعدها في القنصلية، لوكالة الصحافة الفرنسية: «إنها أنباء سارة لجميع الكوبيين، لأولئك الذين لديهم عائلة هنا وهناك، لأنه من الصعب حقاً فصل العائلات».
قررت ماريا التي هاجرت من كوبا وتعيش في ميامي، القدوم «عند الفجر» إلى السفارة فور سماعها أن من بين الإجراءات التي أعلنتها واشنطن استئناف العمل ببرنامج معلّق منذ سنوات، ما يسهّل إجراءات الهجرة إلى الولايات المتّحدة لأفراد من العائلة نفسها.
كما وعدت الإدارة الديمقراطية بزيادة قدرة دبلوماسييها في هافانا على معالجة طلبات تأشيرات السفر إلى الولايات المتحدة، وهي خدمة استأنفتها السلطات الأميركية على نطاق ضيق في مطلع مايو (أيار) بعد أربع سنوات من إيقافها بسبب هجمات صوتية مزعومة تعرّض لها موظفون دبلوماسيون في هافانا.
وقالت ماريا: «لقد عانينا كثيراً، وانتظرنا طويلاً، وجئت للاستعلام عن كيفية الإجراءات»، معربة عن أملها في بدء تقارب جديد بين البلدين الجارين، على غرار ما حدث خلال ولاية باراك أوباما الثانية.
قبل أيام قليلة خلت، لم يلحظ الكوبيون اختلافاً بين سياسة بايدن والجمهوري دونالد ترمب، الذي عمد إلى تشديد العقوبات السارية على كوبا منذ عام 1962، وأنهى التطبيع الدبلوماسي الذي أطلقه سلفه أوباما. لكنهم فوجئوا عندما تم الإعلان عن الإجراءات المذكورة، مساء الاثنين، في نشرة أخبار التلفزيون الحكومي.
قالت ميريلا موناجا (80 عاماً): «آمل أن نرى النور شيئاً فشيئاً... نحن المسنون نشعر بالاختناق، ويتعين على الشباب المغادرة لأنهم لا يستطيعون تدبر أمورهم».
وأعربت عن أملها في أن يؤدي «الموقف الجديد» لبايدن إلى تحسين الحياة اليومية للسكان.
تشهد كوبا التي تواجه أسوأ أزمة اقتصادية منذ 30 عاماً بسبب الوباء والعقوبات الأميركية، موجة من الهجرة الجماعية.
يحاول العديد من الكوبيين اليائسين الذهاب إلى الولايات المتحدة، عبر المرور بأميركا الوسطى، أو المخاطرة بحياتهم سالكين طريق البحر.
وتقضي الإجراءات الجديدة بإلغاء الحدّ الأقصى المفروض على التحويلات المالية إلى كوبا والبالغ حالياً ألف دولار كلّ ثلاثة أشهر، وبالتالي تلقي عدد كبير من العائلات في الجزيرة مساعدات من أقاربهم الذين استقروا في الولايات المتحدة، والسماح بإرسال أموال خارج إطار العائلة لدعم «رجال الأعمال الكوبيين المستقلين».
ويرى نيلفر سولير (51 عاماً) الذي يدير مطعم Vis-a-vis، المقابل للسفارة الأميركية، أن هذا «سيعود بالنفع على المجتمع الاقتصادي وأصحاب المشروعات الخاصة».
كما يأمل في تنشيط السياحة بهذه الطريقة، مشيراً إلى أن الأميركيين والأميركيين الكوبيين كانوا من بين أول زوار الجزيرة في عهد أوباما.
واعتبر السفير الكوبي السابق كارلوس ألزوغاراي أن هذه الإجراءات تبشر بـ«كسر جليد» جديد بين هافانا وواشنطن، وإن كان لا يعتقد أن «بايدن سيمضي (في تدابيره) مثل أوباما».
ويبدو عالم الاجتماع رافائيل هيرنانديز أكثر حذراً، وقال إنه لا يعتقد أنها «بداية لكسر الجليد» بل هي «رد فعل طارئ وجدته الولايات المتحدة لوقف أزمة الهجرة الحالية». وأوضح أن «الهجرة غير المنضبطة مسألة تتعلق بالأمن القومي... والشيء الوحيد الذي يمكنهم فعله هو حث الحكومة الكوبية على التعاون».
ويشاطره الحذر الباحث أرتورو لوبيز - ليفي من جامعة هولي نيمز في كاليفورنيا، معتبراً أن هذه الإجراءات «لا تمثل عودة إلى تغيير النهج الذي تمثله إدارة ترمب».
وأشار إلى أن ما دفع بايدن للتحرك هو أنه بعد المظاهرات التاريخية في يوليو (تموز) 2021 «توقفت الاحتجاجات المناهضة للحكومة الكوبية»، ويبدو أن الجزيرة استعادت الهدوء. وإذ اعتبرت Cuba Study Group، وهي مؤسسة أبحاث مقرها واشنطن، هذه السياسة الجديدة تجاه كوبا «أكثر عقلانية»، فإنها حذرت من أن «الإجراءات الجديدة لا تلغي بأي حال من الأحوال المطالب المحقة بإطلاق سراح السجناء السياسيين ووضع حد لعداء الحكومة تجاه المجتمع المدني».
كوبا تتنفس الصعداء بعد تخفيف العقوبات الأميركية
كوبا تتنفس الصعداء بعد تخفيف العقوبات الأميركية
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة