من عالم المدينة إلى سحر البراري؛ وتحولاً من وجهات معتادة للسفر عالمياً إلى أخرى لا تستهوي الآخرين، اختارت الفوتوغرافية المصرية نجوى دياب، أن تسجل بعدستها الحياة البرية، بعد أن انغمست في سحرها، بتوثيقها لحظات من عوالم الطيور والحيوانات.
طرقت نجوى دياب عالم تصوير الحياة البرية قبل سنوات قليلة، بعد عملها طويلاً في تسجيل الحياة اليومية للمصريين ناقلة المشاعر والتعبيرات الإنسانية لهم، إلا أنها وجدت مشاعر أخرى بين الحيوانات والطيور تستحق أن تسجل فنياً، وإبداعاً، وتجليات أخرى في الطبيعة البكر جديرة بأن تُرى، لذا حولت وجهة عدستها إلى دول أفريقيا وآسيا، باحثة عن مغامرة فنية بين الهند ولاوس وإندونيسيا، ومنها إلى شمال أفريقيا في المغرب العربي، منها إلى دبي، ثم العودة إلى كينيا، ثم إلى أسفل القارة السمراء، حيث جنوب أفريقيا، منها إلى روسيا ودول شرق ووسط أوروبا.
في معرضها الحالي «ألوان»، تسافر الفوتوغرافية المصرية بالمتلقي، عبر صورها المعروضة بمتحف أحمد شوقي بالقاهرة، إلى كينيا ودبي تحديداً، لتعرض ما اقتنصته عدستها فيهما.
تقول صاحبة المعرض، لـ«الشرق الأوسط»، «عبر 38 صورة أنقل خلال معرضي لقطات رصدتها خلال رحلتي إلى كينيا ودبي، وهما آخر جولتين قمت بهما، مُحاولة أن أظهر جمال الألوان في الطبيعة الخلابة، وما تحويه من كائنات، سواء طيوراً أو حيوانات أو حشرات، حيث قمت بتصوير الطيور في دبي، بينما تأتي صور الأفيال والأسود والزراف من كينيا، معتمدة أن أبين روعة وجمال هذه العوالم، والحياة البرية المثيرة من حولي».
وتؤكد نجوى دياب، أن تصوير الحياة البرية جاء نتيجة تحرك مشاعرها وتفاعلها مع مكونات الطبيعة: «نظرة الحيوان ولمعة عينيه، ومشاهد الطيور المرفرفة من فوقي، وحفيف الأشجار من حولي، جميعها مشاعر حركت بداخلي انجذاباً لهذه العوالم، إلى جانب تأثري بمشاعر أخرى بين الحيوانات، وبعضها حاولت اقتناصها وقت حدوثها، مثل صورة الزرافة التي تداعب صغيرها، جميعها عوامل أثرت فيَّ، وجعلتني أتعلق، وأتعمق فيه بشكل أكبر».
من بين أعمال المعرض يمكن التوقف لتأمل مجموعات الأفيال التي تقوم بعبور إحدى البحيرات وقت الغروب، أو الشمبانزي في لحظة شرود، أو مشاهد الغزلان ومن حولها الأشجار بألوانها في لوحة طبيعية خلابة، وكذلك الزراف الذي يمرح في الطبيعة الغنية بجنوب أفريقيا.
في رحلاتها؛ لا تخطط الفوتوغرافية المصرية لتصوير شيء محدد، مؤكدة أنها تترك عدستها لكي تلتقط ما تصادفه، معتبرة أن ذلك «مسألة أرزاق من الله، وكل واحد يأخذ رزقه»، مضيفة: «يمكن الخروج في جولة للتصوير، ولكن أظل طوال ساعات الجولة لا أرى مشهداً يجذبني، ففي إحدى المرات خرجت مع مجموعة في كينيا في السادسة صباحاً، لاحظنا وجود 4 نمور يحاولون صيد غزالة، ومكثنا ساعات طويلة نراقبها، في انتظار الانقضاض على فريستها، لالتقاط وقنص مثل هذه اللحظات النادرة، لكن لم يحدث ما ننتظره، لذا غادرنا المكان دون تصوير».
وعشقت دياب الحياة البرية بمكوناتها قبل 5 سنوات فقط، بعد رحلة جاءت لها لزيارة دولة جنوب أفريقيا، لتجد نفسها منغمسة في الغابات البرية ومشاهدة الحيوانات المفترسة والطيور النادرة، مما جعلها تهوى تصوير هذه الأجواء، لافتة إلى أنها في بداية الأمر كانت تخرج وسط أفراد للتعرف على الحياة الطبيعية من خلال رحلات السفاري، ثم مؤخراً بدأت في الخروج في مجموعات للتصوير في جولات معدة لذلك.
وتؤكد أن التصوير تحول لديها من مجرد هواية إلى مغامرة، فتقول: «التصوير في الحياة البرية بالفعل مغامرة، بما تحمله من تجربة مثيرة وغير عادية، تكون أحياناً جريئة وخطيرة، ولكن أصبح ذلك يمثل شغفاً كبيراً لي»، لافتة إلى أن قيامها بالتصوير في البراري ليس فقط بغرض نقل الجماليات، بل أيضاً يحمل زيادة الوعي بالحفاظ على البيئة، والحفاظ على بعض الحيوانات من الانقراض.
وبعد ردود الفعل الإيجابية التي لمستها، تشير نجوى دياب إلى أنها متحمسة لحمل كاميراتها والسفر مجدداً إلى أفريقيا واستكشاف وجهات جديدة فيها، تقوم عبر عدستها بتوثيق تفاصيلها.