تمرير الحزمة السادسة من العقوبات الأوروبية ضد روسيا يصل إلى طريق مسدود

المجر تخرج عن الإجماع... وكييف «مذهولة»

فيكتور أوربان خلال حفل تنصيبه لولاية رابعة متتالية رئيساً للحكومة يتهم رئيسة المفوضية الأوروبية بأنها «تلعب على الحبلين» وأن «الغرب يسير إلى الانتحار الجماعي» (إ.ب.أ)
فيكتور أوربان خلال حفل تنصيبه لولاية رابعة متتالية رئيساً للحكومة يتهم رئيسة المفوضية الأوروبية بأنها «تلعب على الحبلين» وأن «الغرب يسير إلى الانتحار الجماعي» (إ.ب.أ)
TT

تمرير الحزمة السادسة من العقوبات الأوروبية ضد روسيا يصل إلى طريق مسدود

فيكتور أوربان خلال حفل تنصيبه لولاية رابعة متتالية رئيساً للحكومة يتهم رئيسة المفوضية الأوروبية بأنها «تلعب على الحبلين» وأن «الغرب يسير إلى الانتحار الجماعي» (إ.ب.أ)
فيكتور أوربان خلال حفل تنصيبه لولاية رابعة متتالية رئيساً للحكومة يتهم رئيسة المفوضية الأوروبية بأنها «تلعب على الحبلين» وأن «الغرب يسير إلى الانتحار الجماعي» (إ.ب.أ)

اعترفت المفوضية الأوروبية بأن المفاوضات الجارية منذ أسبوعين مع المجر لسحب اعتراضها على الحزمة السادسة من العقوبات ضد روسيا، قد وصلت إلى طريق مسدود، بعد أن رفضت بودابست مواصلة البحث في آخر عرض قدّمه الاتحاد الأوروبي مساء الاثنين الماضي، في اجتماع مجلس وزراء الخارجية، للتعويض على قبول بودابست بوقف استيراد النفط الروسي ومشتقاته. وأعلن المسؤول الأوروبي عن السياسة الخارجية جوزيب بورّيل أن المجر أبلغت المجلس عدم استعدادها لمناقشة الاقتراح الأوروبي بصيغته الراهنة على مستوى السفراء المندوبين الدائمين، ولا حتى على مستوى وزراء الخارجية، وطلبت إحالة ملفّ حظر النفط الروسي إلى القمة الاستثنائية المقبلة في نهاية الشهر الجاري.
وبينما أعربت الحكومة الأوكرانية عن «ذهولها» إزاء الموقف المجري من حزمة العقوبات التي يحاول الاتحاد الأوروبي إقرارها منذ مطلع هذا الشهر، والتي كانت رئيسة المفوضية أورسولا فون دير لاين أعلنتها أمام البرلمان الأوروبي منذ عشرة أيام، لا يخفي المسؤولون في الاتحاد شكوكهم من أن ثمّة أسباباً «غير معلنة» وراء هذا التصلّب في الموقف المجري الذي أكده فيكتور أوربان أول من أمس، خلال حفل تنصيبه لولاية رابعة متتالية رئيساً للحكومة، بعد فوزه الساحق في الانتخابات التشريعية الأخيرة.
وكان أوربان قد أوضح في خطابه أمام البرلمان المجري، أنه عازم على إجراء المفاوضات حول الحزمة الجديدة من العقوبات مع زملائه في إطار القمة المقبلة أواخر هذا الشهر، وأنه يرفض مواصلة الحوار مع رئيسة المفوضية التي كانت توجهت الأسبوع الماضي إلى بودابست، في محاولة أخيرة لإقناع الحكومة المجرية بتعديل موقفها، وأبدت ارتياحاً لنتيجة المحادثات التي أجرتها تمهيداً لإقرار الحزمة السادسة من العقوبات. وكان العرض الذي تقدمت به فون دير لاين يتضمّن خطة لتحديث المنشآت النفطية، وبناء شبكة جديدة من الأنابيب في المجر بقيمة ملياري يورو، وفترة انتقالية لحظر النفط الروسي ومشتقاته تمتد حتى عام 2025.
لكن رئيس الوزراء المجري عاد وحمل على رئيسة المفوضية التي قال إنها «تلعب على الحبلين»، وإن «الغرب يسير إلى الانتحار الجماعي»، مؤكداً أن الإصلاحات اللازمة لقطاع الطاقة المجري في حال التخلّي كلياً عن النفط الروسي، لا تقلّ تكلفتها عن 15 مليار يورو، وأن مبلغ المليارين الذي وعدت به المفوضية هي أموال مستحقّة للمجر منذ أشهر، ومجمّدة بسبب من «المخالفات المزعومة لسيادة القانون».
وأمام هذا التصلّب المفاجئ في الموقف المجري، أعلن المسؤول الأوروبي عن السياسة الخارجية جوزيب بورّيل، أن المفاوضات حول الحزمة السادسة من العقوبات وصلت إلى طريق مسدود، وأن تجاوز الوضع الراهن لم يعد ممكناً إلا على مستوى رؤساء الدول والحكومات. ومن جهته أعرب وزير الخارجية الأوكراني الذي كان حاضراً في اجتماع المجلس الأوروبي، عن خيبته لهذا التأجيل الجديد الذي يواجه الموافقة على حزمة العقوبات السادسة، مستبعداً أن يتم إقرارها من غير حظر النفط الروسي. وقال ديميترو كوليبا: «يصعب عليَّ تصديق ما أرى؛ لكن الاتحاد الأوروبي هو الذي يتفاوض مع السلطات المجرية، وهذه مسألة عائلية»، مضيفاً أن كل يوم يمرّ من غير عقوبات على النفط الروسي، يعطي موسكو فرصة للحصول على المزيد من الموارد لتمويل الحرب على بلاده.
وبينما كان وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي يحيطون علماً بفشل محاولة أخرى لإقناع بودابست بسحب اعتراضها على الحزمة السادسة للعقوبات، كان أوربان يحدد إطار المفاوضات المقبلة بقوله: «لن تضع المجر (الفيتو) على العقوبات، شريطة ألا تتجاوز الخطوط الحمر، أي أنها لا تهدد أمن الطاقة في البلاد»، ثم أضاف: «إن الاتحاد الأوروبي لا يملك اليوم الوسائل لمواجهة هذا النزاع في أوكرانيا. والعقوبات يمكن أن تُركِّع روسيا؛ لكني أعود وأكرر أني لا أرى كتلة أوروبية فاعلة».
وإذ تجهد دول البلطيق الأعضاء في الاتحاد للتوصل إلى اتفاق يفرض حظراً فورياً للنفط الروسي، قال وزير الخارجية الليتواني غابريليوس لاندسبيرغيس: «إن الاتحاد الأوروبي رهينة دولة واحدة تقف حائلاً دون التوصل إلى اتفاق حول حزمة العقوبات الجديدة». ومن جهته قال وزير الخارجية الإيطالي لويجي دي مايو، إن العجز عن اتخاذ مثل هذا القرار المهم سببه قاعدة الإجماع التي بات من الضروري تجاوزها في أقرب فرصة. لكن أوساط المسؤولين في المفوضية بدأت تتحدث عن «ابتزاز» واضح في موقف بودابست، ولا تستبعد أن يطرح أوربان مطالب أخرى إضافية، في حال تجاوب الشركاء الأوروبيون مع شروطه الأخيرة. وتخشى هذه الأوساط أن يكون وراء هذا التصعيد المتواصل في المطالب المجرية تنسيق مع موسكو التي يعتبر كثيرون أن أوربان هو وديعتها لدى الاتحاد الأوروبي. في موازاة ذلك حاولت المفوضية الأوروبية أمس تبديد الشكوك التي تحيط بسداد فاتورة الغاز الروسي بالروبل كما تطالب موسكو، موضحة أن ذلك يبقى محظوراً؛ لكن إذا قررت السلطات الروسية تحويل المبالغ المسددة باليورو أو بالدولار إلى الروبل، فإن ذلك لا يشكّل انتهاكاً للعقوبات. وشدّدت المفوضية على أن تقوم الشركات الأوروبية المستوردة للغاز الروسي بإصدار إفادات تؤكد أن التحويلات باليورو أو الدولار تنهي عملية السداد، وأن تحويلها إلى الروبل يتمّ على يد الطرف الروسي. لكن ليس من الواضح بعد إذا كانت موسكو ستكتفي بذلك، كي لا تنفّذ تهديدها بقطع الغاز عن بلدان الاتحاد نهاية الشهر الجاري.


مقالات ذات صلة

الكرملين: التصريح الأخير لترمب بشأن أوكرانيا «يتماشى تماماً» مع الموقف الروسي

أوروبا المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف (د.ب.أ)

الكرملين: التصريح الأخير لترمب بشأن أوكرانيا «يتماشى تماماً» مع الموقف الروسي

نوّه الكرملين الجمعة بالتصريح الأخير لدونالد ترمب الذي اعترض فيه على استخدام أوكرانيا صواريخ أميركية لاستهداف مناطق روسية.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
أوروبا القوات الأوكرانية تقصف مواقع روسية على خط المواجهة في منطقة خاركيف (أ.ب)

مسؤول كبير: أوكرانيا ليست مستعدة لإجراء محادثات مع روسيا

كشف أندريه يرماك رئيس مكتب الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في مقابلة أذيعت في وقت متأخر من مساء أمس (الخميس) إن كييف ليست مستعدة بعد لبدء محادثات مع روسيا.

«الشرق الأوسط» (كييف)
أوروبا عسكري أوكراني يحتمي أمام مبنى محترق تعرَّض لغارة جوية روسية في أفدييفكا (أ.ب)

قتال عنيف... القوات الروسية تقترب من مدينة رئيسية شرق أوكرانيا

أعلنت القيادة العسكرية في أوكرانيا أن هناك قتالاً «عنيفاً للغاية» يجري في محيط مدينة باكروفسك شرق أوكرانيا، التي تُعدّ نقطة استراتيجية.

«الشرق الأوسط» (كييف)
الولايات المتحدة​ تشمل المعدات المعلن عنها خصوصاً ذخيرة لأنظمة قاذفات صواريخ هيمارس وقذائف مدفعية (رويترز)

مساعدات عسكرية أميركية إضافية لأوكرانيا بقيمة 500 مليون دولار

أعلنت الولايات المتحدة أنها ستقدم معدات عسكرية تقدر قيمتها بنحو 500 مليون دولار لدعم أوكرانيا، قبل نحو شهر من تنصيب الرئيس المنتخب دونالد ترمب.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
أوروبا من جنازة جندي أوكراني توفي خلال الحرب مع روسيا (أ.ف.ب)

«الناتو»: مليون قتيل وجريح في أوكرانيا منذ بدء الحرب

أعرب حلف شمال الأطلسي (الناتو) عن اعتقاده بأن أكثر من مليون شخص سقطوا بين قتيل وجريح في أوكرانيا منذ شنّت روسيا غزوها الشامل في فبراير (شباط) 2022.

«الشرق الأوسط» (كييف)

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
TT

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)

تخضع «هيئة تحرير الشام»، التي قادت قوات المعارضة للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، لعقوبات من الأمم المتحدة منذ فترة طويلة، وهو ما وصفه المبعوث الخاص للمنظمة الدولية إلى سوريا غير بيدرسون، بأنه «عامل تعقيد لنا جميعاً».

كانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف في السابق باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت العلاقات بالتنظيم في عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما فُرض عليها تجميد عالمي للأصول وحظر أسلحة.

ويخضع عدد من أعضاء «هيئة تحرير الشام» أيضاً لعقوبات الأمم المتحدة مثل حظر السفر، وتجميد الأصول، وحظر الأسلحة، ومنهم زعيمها وقائد إدارة العمليات العسكرية أحمد الشرع، المكنى «أبو محمد الجولاني»، المدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.

وقال دبلوماسيون إنه لا يوجد حالياً أي مناقشات عن رفع العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة على الجماعة. ولا تمنع العقوبات التواصل مع «هيئة تحرير الشام».

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟ (رويترز)

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

فرضت الأمم المتحدة عقوبات على «جبهة النصرة»، لأن الجماعة مرتبطة بتنظيم «القاعدة»، ولأنها كانت «تشارك في تمويل أو تخطيط أو تسهيل أو إعداد أو ارتكاب أعمال أو أنشطة» مع «القاعدة» أو دعماً لها وتستقطب أفراداً وتدعم أنشطة «القاعدة».

وجاء في قائمة العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة: «في يناير (كانون الثاني) 2017، أنشأت جبهة النصرة (هيئة تحرير الشام)، وسيلة لتعزيز موقعها في التمرد السوري وتعزيز أهدافها باعتبارها فرعاً لتنظيم (القاعدة) في سوريا»... ورغم وصف ظهور «هيئة تحرير الشام» بطرق مختلفة (على سبيل المثال كاندماج أو تغيير في الاسم)، فإن جبهة «النصرة» استمرت في الهيمنة والعمل من خلال «هيئة تحرير الشام» في السعي لتحقيق أهدافها.

وفُرضت عقوبات على الجولاني بسبب ارتباطه بتنظيم «القاعدة» وعمله معه.

كيف يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة؟

تستطيع أي دولة عضو في الأمم المتحدة في أي وقت تقديم طلب لرفع العقوبات عن كيان أو شخص إلى لجنة عقوبات تنظيمي «داعش» و«القاعدة» التابعة لمجلس الأمن الدولي المؤلف من 15 دولة.

وإذا جاء الطلب من دولة لم تقترح في البداية فرض عقوبات الأمم المتحدة، فإن اللجنة تتخذ القرار بالإجماع.

وإذا تقدمت الدولة التي اقترحت في البداية فرض العقوبات بطلب الشطب من القائمة، فسيمحى الاسم من القائمة بعد 60 يوماً، ما لم توافق اللجنة بالإجماع على بقاء التدابير.

لكن إذا لم يتم التوصل إلى إجماع، يستطيع أحد الأعضاء أن يطلب إحالة الطلب إلى مجلس الأمن للتصويت عليه في غضون 60 يوماً.

ولم تتضح بعد الدول التي اقترحت فرض عقوبات على جبهة «النصرة» والجولاني.

ويستطيع أيضاً الشخص أو الكيان الخاضع للعقوبات أن يطلب إزالة التدابير عن طريق الاتصال بأمين عام المظالم، وهو منصب أنشأه المجلس في عام 2009، ليقوم بمراجعة الطلب.

وإذا أوصى أمين عام المظالم بإبقاء اسم ما على القائمة، فسيظل مدرجاً على القائمة. وإذا أوصى أمين عام المظالم بإزالة اسم ما، فسترفع العقوبات بعد عملية قد تستغرق ما يصل إلى 9 أشهر، ما لم توافق اللجنة في وقت أسبق بالإجماع على اتخاذ إجراء أو الإحالة إلى المجلس لتصويت محتمل.

هل هناك استثناءات من العقوبات؟

يستطيع الأشخاص الخاضعون لعقوبات الأمم المتحدة التقدم بطلب للحصول على إعفاءات فيما يتعلق بالسفر، وهو ما تقرره اللجنة بالإجماع.

ويقول المجلس إن عقوباته «لا تستهدف إحداث عواقب إنسانية تضر بالسكان المدنيين».

وهناك استثناء إنساني للأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة يسمح «بتوفير أو معالجة أو دفع الأموال أو الأصول المالية الأخرى أو الموارد الاقتصادية، أو توفير السلع والخدمات اللازمة لضمان تقديم المساعدات الإنسانية في الوقت المناسب، أو لمساندة الأنشطة الأخرى التي تدعم الاحتياجات الإنسانية الأساسية».