إعادة افتتاح أكبر وأقدم متحف للفن التشكيلي العراقي وسط العاصمة بغداد

عمره تجاوز نصف قرن وعودته وصفت بـ«المغامرة الحقيقية»

إعادة افتتاح أكبر وأقدم متحف للفن التشكيلي العراقي وسط العاصمة بغداد
TT

إعادة افتتاح أكبر وأقدم متحف للفن التشكيلي العراقي وسط العاصمة بغداد

إعادة افتتاح أكبر وأقدم متحف للفن التشكيلي العراقي وسط العاصمة بغداد

منذ افتتاحه قبل نحو نصف قرن من الزمان عام 1962 على يد الثري الأرميني المعروف (كولبنكيان)، شكل المتحف الوطني للفن الحديث، وسط العاصمة العراقية بغداد علامة فارقة في المشهد التشكيلي العراقي والعربي معا، إذ احتضن آلافا من المعارض التشكيلية لفنانين عراقيين وفنانين عربا، إضافة لاستضافته للكثير من المهرجانات الفنية والمعارض العربية والعالمية، ويفخر القائمون عليه بأنه كان يضم أكثر من 8000 عمل فني لفنانين عراقيين وعرب وأجانب، قبل أن يتعرض أغلبها للسرقة عندما احتلت بغداد في أبريل (نيسان) عام 2003، ولم يبق منها إلا العدد القليل جدًا. هذا المعلم الفني والحضاري يحتفل بافتتاحه من جديد اليوم (الخميس) بعد أن أغلق أبوابه نحو 20 عامًا، وكان قد افتتح لمرة واحدة فقط ولفترة محدودة ضمن احتفالات بغداد عاصمة للثقافة العربية عام 2013 لكنه عاد ليغلق أبوابه من جديد لظروف كثيرة تقف على رأسها الاضطرابات الأمنية في البلاد وحاجته إلى تأمين وجوده وحمايته جيدًا.
عن افتتاحه من جديد، يقول الفنان علي الدليمي مدير قاعة (كولبنكيان) أو قاعة الحرية، اسمها الحالي، في حديثه لـ«الشرق الأوسط»: «يعد المتحف الوطني للفن الحديث صرحا فنيا شامخا منذ افتتاحه عام 1962، بجهود الفنان الراحل نوري الراوي، وقد بناها الثري الأرميني المعروف (كولبنكيان)، مع ملعب الشعب الدولي، وجمعية التشكيليين العراقيين، مقابل حصوله على نسبة مئوية من حصة النفط حينذاك.. وظلت معروفة باسمه منذ افتتاحها، ولحد الآن، رغم أنه تم تغيير اسمها عدة مرات، من المتحف الوطني للفن الحديث، إلى قاعة النصر، إلى قاعة الحرية.. والآن أعيد اسمها إلى المتحف الوطني للفن الحديث، وهو اسم يليق بها، وبتاريخها، وبرمزيتها، فكل بلدان العالم لديها متاحف فنية، تحتفظ بتجارب فناني البلد، وتعريفها للأجيال، فضلاً عن كون المتاحف وجها حضاريا صحيحا لجميع البلدان المتحضرة».
وأضاف: «المتحف معترف به عالميًا، حيث شهد هذا المعلم آلاف المعارض التشكيلية العراقية، ذات التجارب المتميزة التي أصبحت سمة بارزة في مشهد الفن العراقي المعاصر، ومنها المعارض التكريمية للفنانين الرواد، أمثال فائق حسن وعطا صبري وخالد الجادر وغيرهم الكثير، ومهرجانات الواسطي، ومعارض البوستر السياسي المتنوعة، فضلاً عن المعارض العربية والعالمية الكثيرة، إضافة إلى ذلك كان لهذه القاعة ميزة وهي إقامة أسابيع لكل فنان عراقي حيث تزين القاعة بأعمال فنان عراقي واحد ويبقى المعرض مفتوحا أمام الزائرين ومتذوقي الفن العراقي لعدة أيام».
وعن عودة المتحف يقول: «تم تأهيل جميع قاعات المتحف، من حيث التكييف والإضاءة والتأثيث، والجدران لغرض العرض عليها، فضلاً عن اختيار كادر متمكن من الفنانين الموظفين على ملاك دائرة الفنون التشكيلية، وتخصيص عناصر الجانب الأمني بالتعاون مع وزارة الداخلية، ومفاتحة أمانة بغداد بغرض إزالة بعض المظاهر غير الملائمة التي تحيطه من أكشاك للباعة الجوالين، لأجل استعادة الرونق والمكانة الحضارية له، كما سيكون هناك فعاليات ونشاطات فاعلة، تصب في بودقة ومسيرة الحركة التشكيلية القادمة.
وضمن حفل الافتتاح سيكون هناك معرض شخصي للنحات علي الجبوري، الذي قدم، عشرة أعمال نحتية مجسمة، استلهم فيها البيوتات البغدادية القديمة بشكل تفصيلي جميل، وأضاف لها الإضاءة الكهربائية، لكي يبرز فيها جمالية الألوان التي كانت تستخدم في الشبابيك والأبواب.
كذلك سيكون هناك قاعة خاصة لإقامة معرض مشترك لعدد كبير من الفنانين، يضم أكثر من ثمانين لوحة مختلفة القياسات والأساليب، خاصة مواضيعها أيضا للفلكلور والتراثيات البغدادية، كالبيوت والحرف الشعبية والتقاليد الاجتماعية ولعب الأطفال وغيرها.
الدكتور شفيق المهدي، مدير عام دائرة الفنون التشكيلية في وزارة الثقافة العراقية، أشرف على عمليات التأهيل والترتيبات الخاصة لأجل إعادة افتتاح المتحف من جديد، قال لـ«الشرق الأوسط»: «واجهتنا مصاعب كثيرة خلال عملنا ومحاولة افتتاح المتحف من جديد هي مغامرة حقيقية بعد سنوات طويلة من إغلاقه، نطمح من خلالها إلى إعادة الهيبة لطقوس زيارة المعارض الفنية كمتنفس حيوي للعائلة العراقية، كما أنه جزء من تحدي الفنون لأشكال الإرهاب الذي يحاول شل الحياة وإشاعة ثقافة الموت والنزاعات».
وأضاف: «قمنا بإعداد منهاج فني وثقافي حافل، سنعيد ترتيبه من جديد حول نشاطات المتحف القادمة، وهي موزعة ما بين المعارض الشخصية والمهرجانات التشكيلية العامة، رسم ونحت وخزف وغرافيك، والخط العربي والزخرفة الإسلامية، والدورات التعليمية بإشراف أساتذة أكفاء بالفنون كافة، وتنظيم الندوات الثقافية المتنوعة، وإقامة (سمبوزيوم) ندعو فيه جميع فنانينا المبدعين للمساهمة فيه بعد توفير لهم كل المستلزمات الفنية، ومحاولة اقتناء أعمال فنية جديدة ورصينة نضمها إلى مقتنيات المتحف لغرض تعويض ما فقدناه من أعمال، إضافة لفعاليات ونشاطات سنعلن عنها كل في وقتها». وبين أن الأولوية ستكون للمعارض المتخصصة، والندوات والورش التشكيلية، ومن ثم الفعاليات الثقافية والفنية الأخرى وذلك من أجل تفعيل الفن التشكيلي مع الفنون الإبداعية الأخرى.. ومحاولة إصدار مطبوع نصف شهري، لمتابعة النشاطات التشكيلية داخل وخارج العراق، وهذا المطبوع يكون بمثابة أرشيف كامل لحركتنا التشكيلية، منذ بدايتها.. وتسليط الضوء على المبدعين وتجاربهم، إضافة إلى ذلك ستكون القاعة مفتوحة أمام المحاضرات التشكيلية والندوات التي تتحدث عن الفن العراقي وستكون محطة ورافد من روافد الفن التشكيلي ينهل منه طلبة الفن التشكيلي والدارسون والمهتمون بالتشكيل العراقي وسيكون لهذه القاعة موقع على شبكة التواصل الاجتماعي لتكون فاعلة أمام حركة الفن العراقي والعالمي.
وحول إمكانية زيارته من قبل الجمهور، قال: «أبواب المتحف ستكون مفتوحة طيلة أيام السنة، وسنستقبل المعارض الشخصية والجماعية والمهرجانات الرسمية، والخاصة، وليس هناك أي حاجز أو مانع، إلا ما يرتبط بالذوق العام والحفاظ عليه.. وستكون قلوبنا مفتوحة للفنانين جميعًا، قبل القاعات». تقول المصادر الفنية إن «المتحف العراقي للآثار وقبل ثورة 14 يوليو (تموز) 1958، لعب دورًا مهمًا في تشجيع الحركة الفنية في العراق، فقد اعتاد هذا المتحف، بعد أن استقر فيه الفنان أكرم شكري، كمدير للمختبر إثر عودته من البعثة العلمية من لندن، أن يبدئ رأيه في المعارض الفنية الدولية.
وبعد ثورة 1958، برزت الحاجة القصوى لاستيعاب نهوض ونمو الحركة الفنية في البلاد وانتهت الأفكار والأماني إلى مشاريع أملتها ظروف تلك الفترة.
وهكذا كان ظهور المتحف الوطني للفن الحديث، إلى الوجود بمثابة حجر الزاوية في تشجيع ورعاية الفن العراقي، وبصدد تأسيس هذا المتحف ويسمى باسم (كولبنكيان) نسبة إلى المواطن الأرميني الأميركي، الذي تبرع بمبلغ لتشييد المتحف متعاونا مع الدولة.
وفي أوائل عام 1959، بدأت أمانة العاصمة في بغداد بإنشاء مبنى يتوسط قلب المدينة وتحديدًا في الباب الشرقي، وحين انتهى البناء في أواخر عام 1961، أصبح فيما بعد (مركزًا للفنون) كما كان مرسومًا له أن يكون.
إذ كانت المداولات تجري ما بين (مديرية الآثار العامة) و(وزارة الإرشاد) آنذاك، لتسلم الآثار التشكيلية التي كان يضمها متحف الفن الحديث الملغى من قبل الوزارة والقيام بمهام عرضها في متحف جديد. وهكذا تمت إجراءات التسليم خلال مدة قصيرة، ودشنت بناية المتحف (رسميًا) في عام 1962، بافتتاح معرض الفن العراقي الذي أقيم بمناسبة الذكرى الرابعة لثورة الرابع عشر من .
ويذكر أن عام 1960 شهد تأسيس النواة الأولى للمتحف الوطني للفن الحديث من قبل مديرية المعارض الفنية في وزارة الإرشاد بمبادرة من الفنان الراحل نوري الراوي حيث أقنع الوزير بشراء أول مجموعة لوحات من الفنانين الرواد من بينهم جواد سليم وسعاد سليم ونزيهة سليم وعطا صبري وفائق حسن وعيسى حنا وشاكر حسن آل سعيد وإسماعيل الشيخلي.. وآخرون. واستمر الراوي يبذل كل جهوده الشخصية للحصول على منحة عالمية وبعد مراسلته حصل على منحة من مؤسسة كولبنكيان العالمية ومقرها لشبونة / البرتغال لبناء المتحف الوطني للفن الحديث / كولبنكيان ليفتتح بعد ذلك ويكون هو أول مدير للمتحف.
ويضم المتحف أربع قاعات خصصت كبراها لمتحف الفن العراقي الدائم، الذي يضم النماذج المختارة من أعمال الفنانين العراقيين في حقول الفنون التشكيلية.
ولم يقتصر المتحف على إقامة المعارض التشكيلية، بل تعدى ذلك إلى صيانة الأعمال الفنية، وإعداد أمسيات أسبوعية، وندوات ثقافية استمرت طيلة العقد السبعيني. وفي عام 1971، اقترح الراوي بتأسيس (الأرشيف التشكيلي) الذي يوثق كل ما ينشر من متابعات صحافية ومقالات نقدية وغيرها في الفن التشكيلي.. وهكذا أدخلت بعدها أجهزة الإنارة، وتخصيص مخزن للأعمال الفنية التي تقتنيها الدولة من الفنانين، وبدأت المعارض الدولية تتبادل ما بين العراق والخارج من خلال إدارة المتحف مباشرة، بدعم من وزارة الثقافة والفنون، فضلاً عن تنظيم أسابيع وأيام لرواد الفن العراقي، ودعوة فنانين من العرب والأجانب لإقامة معارضهم الشخصية.
وواصل المتحف نشاطه الفني، حتى العقد التسعيني، حيث الظروف السياسية والحصار، وانحسر نشاطه كثيرا في ذلك الوقت ليتوقف نهائيًا منذ الاحتلال الأميركي للعراق عام 2003.



«يوم 13» يطارد «هارلي» في سباق إيرادات «الفطر السينمائي» بمصر

أحمد داود في لقطة من الفيلم
أحمد داود في لقطة من الفيلم
TT

«يوم 13» يطارد «هارلي» في سباق إيرادات «الفطر السينمائي» بمصر

أحمد داود في لقطة من الفيلم
أحمد داود في لقطة من الفيلم

حقق فيلم الرعب والإثارة «يوم 13» مفاجأة خلال الأيام الماضية في شباك التذاكر بمصر، حيث حصد أعلى إيراد يومي متفوقاً على فيلم «هارلي» لمحمد رمضان، الذي لا يزال محتفظاً بالمركز الأول في مجمل إيرادات أفلام موسم عيد الفطر محققاً ما يزيد على 30 مليون جنيه مصري حتى الآن (نحو مليون دولار أميركي)، بينما يطارده في سباق الإيرادات «يوم 13» الذي حقق إجمالي إيرادات تجاوزت 20 مليون جنيه حتى الآن.
ويعد «يوم 13» أول فيلم عربي بتقنية ثلاثية الأبعاد، وتدور أحداثه في إطار من الرعب والإثارة من خلال عز الدين (يؤدي دوره الفنان أحمد داود) الذي يعود من كندا بعد سنوات طويلة باحثاً عن أهله، ويفاجأ بعد عودته بالسمعة السيئة لقصر العائلة المهجور الذي تسكنه الأشباح، ومع إقامته في القصر يكتشف مغامرة غير متوقعة. الفيلم من تأليف وإخراج وائل عبد الله، وإنتاج وتوزيع شركته وشقيقه لؤي عبد الله «أوسكار»، ويؤدي بطولته إلى جانب أحمد داود كل من دينا الشربيني، وشريف منير، وأروى جودة، كما يضم عدداً من نجوم الشرف من بينهم محمود عبد المغني، وفرح، وأحمد زاهر، ومحمود حافظ، وجومانا مراد، ووضع موسيقاه هشام خرما.
وقال مخرج الفيلم وائل عبد الله في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إنه ليس متفاجئاً بالإيرادات التي حققها الفيلم، ولكنه كان متخوفاً من الموسم نفسه ألا يكون جيداً، قائلاً إن «إقبال الجمهور حطم مقولة إن جمهور العيد لا يقبل إلا على الأفلام الكوميدية، وإنه يسعى للتنوع ولوجود أفلام أخرى غير كوميدية، وإن الفيصل في ذلك جودة الفيلم، مؤكداً أن الفيلم احتل المركز الأول في الإيرادات اليومية منذ انتهاء أسبوع العيد».
وكشف عبد الله أن الفيلم استغرق عامين، خلاف فترات التوقف بسبب جائحة كورونا، وأنه تضمن أعمال غرافيك كبيرة، ثم بعد ذلك بدأ العمل على التقنية ثلاثية الأبعاد التي استغرق العمل عليها عشرة أشهر كاملة، مؤكداً أنه درس طويلاً هذه التقنية وأدرك عيوبها ومميزاتها، وسعى لتلافي الأخطاء التي ظهرت في أفلام أجنبية والاستفادة من تجارب سابقة فيها.
وواصل المخرج أنه كان يراهن على تقديم الفيلم بهذه التقنية، لا سيما أن أحداً في السينما العربية لم يقدم عليها رغم ظهورها بالسينما العالمية قبل أكثر من عشرين عاماً، موضحاً أسباب ذلك، ومن بينها ارتفاع تكلفتها والوقت الذي تتطلبه، لذا رأى أنه لن يقدم على هذه الخطوة سوى أحد صناع السينما إنتاجياً وتوزيعياً، مشيراً إلى أن «ميزانية الفيلم وصلت إلى 50 مليون جنيه، وأنه حقق حتى الآن إيرادات وصلت إلى 20 مليون جنيه».
ورغم عدم جاهزية بعض السينمات في مصر لاستقبال الأفلام ثلاثية الأبعاد، فقد قام المخرج بعمل نسخ «2 دي» لبعض دور العرض غير المجهزة، مؤكداً أن استقبال الجمهور في القاهرة وبعض المحافظات للفيلم لم يختلف، منوهاً إلى أن ذلك سيشجع كثيراً على تقديم أفلام بتقنية ثلاثية الأبعاد في السينما العربية.