شريف مجدلاني: الحياة اليومية العبثية في لبنان هي ما يحرّضني على الكتابة

الأديب الفرنكوفوني يرى الكتابة دفاعاً عن النفس

أشرف مجدلاني
أشرف مجدلاني
TT

شريف مجدلاني: الحياة اليومية العبثية في لبنان هي ما يحرّضني على الكتابة

أشرف مجدلاني
أشرف مجدلاني

حين عاد الأديب اللبناني الفرنكوفوني شريف مجدلاني إلى وطنه من فرنسا عام 1993، غمره إحساس بأنّ البلد مقبل على كارثة. استغرب السلوكيات العبثية لشعب يخرج من الحرب فتستمر حياته كما لو أن الحرب لم تندلع، وكأن النكران أصبح أسلوب عيشه. شعب خاض معارك الاقتتال الطائفي و«نجا» منها من دون عبرة، فأكمل طريقه، يرتاد المقاهي ويشتري السيارات، وكل ما حوله ينهار فوق رأسه.
في بال صاحب «بيروت 2020، يوميات انهيار»، أنّ شيئاً ما ليس في محله وتنبغي الكتابة عنه. شكّلت الأزمة ما يشبه «خضّة» جعلته يرصد سوريالية اللبناني الراقص حول الموت أو «البلد الراقص تحت البركان، يسمع هدير حممه ولا يبالي»، وفق عبارة له. وهو يعترف في هذا الحوار معه الذي جرى معه في مكانه المفضل، (بدارو)، بأن (الحياة اليومية العبثية) هي ما يحرّضه على الكتابة».
نسأله: كيف ورّطه المشهد اللبناني المتوغّل في العدم بتوثيق «كثافة الموت»، وصولاً إلى اللحظة المأساوية القصوى حين حلّ الانفجار البيروتي فـ«سرّع الرغبة في معاينة التوحّش؟»، يجيب: «الكاتب شاهد على عصره والتراجيديا الكونية. أعيد من خلال كتبي قراءة تاريخ لبنان بعيداً عن الأسطورة الوطنية المدوّنة في الكتب، وأفترضُ أنّ على جميع الكتّاب القيام بهذه المهمّة. كتبتُ في عام 2019 كتاباً عنوانه (Dernière oasis) (الواحة الأخيرة)، أنهيته قبل (بيروت 2020)، يتحدث عن علاقة الإنسان بمسار التاريخ عبر قصة متخيلة في الموصل العراقية قبل أشهر من دخول (داعش). أنهيتُ الكتابة، فتوالت الأزمات اللبنانية. عندها شعرت بعبثية نشر كتاب مسرحه العراق فيما الويلات تنهمر حولي بلا استراحة. أطلعتُ الناشر الفرنسي بعدم استعدادي للدفاع عنه أمام الصحافة الفرنسية والمجتمع الفرنكوفوني. إحساسي بالفداحة اللبنانية جعلني أرجئ إصداره».
ألحّت عليه رغبة في الكتابة، فراح «يوثّق» الأزمة بسرد تجارب الناس ومعاناتهم اليومية. همُ شريف مجدلاني هو الإجابة على سؤال: كيف وصلنا إلى هنا؟ فيعود بالتاريخ مائة عام إلى الوراء، إلى بداية تأسيس دولة لبنان. هذا ما يفسّر بناءه الروائي على أرضية تاريخية، «فالماضي صورة عن الحاضر، من دون قراءته يتعذّر فهم الراهن وإصلاحه».
روايات كاتب «فيلا النساء» الحائزة على جائزة «جان جينو الكبرى» في عام 2015، بمثابة مرايا تعكس قرناً ونصف قرن من التاريخ اللبناني، لكنه لا يكتب هذا التاريخ، بل التحولات الاجتماعية والاقتصادية والبيئية انطلاقاً من التهشّم الفردي والتفكك الجماعي.
وأكثر ما يغذّيه ككاتب هو «الخليط الثقافي والاجتماعي، والتلاقي بين الأديان والثقافات والسلوكيات»، وهي يرى لبنان «نموذجاً للتركيبات المختلطة. يقول: «أنا ابن الخليط كوني مسيحياً وزوجتي مسلمة؛ وأولادي نتاجه»، كما أنه يتذكر ما قاله البابا جان بول الثاني عن «لبنان الرسالة»، فيتألم لخرابه كنموذج ومشهد جمالي ومجتمع متنوّع.
يتابع: «لبنان مختبر للتحولات في تاريخ العالم. قرن واحد من تاريخه يختزل جميع أنواع التحولات، منذ الإمبراطورية العثمانية، فالانتداب الفرنسي والاستقلال، حتى الحرب الأهلية وما بعدها. تحولات العالم على فترات متباعدة، يختزلها لبنان بقرن».
إنه يُسأل دائماً: «لماذا تكتب عن لبنان؟» كما فعلنا نحن، فيردّ أنه يكتب عن التحولات والتغيرات التاريخية وعن طرق تعامل الإنسان معها (التكيّف، النكران، الرفض) من خلال المثال اللبناني وتاريخه، الذي يجد فيه «نموذجه الإنساني»: «لحُسن حظي أنني أعيش في بلد يحتضن كل ما يهمني وجوده في العالم، فأكتب عن تحولاته، مجتمعاته، مدينته، بروز البورجوازية فيه، وتغير أنماط العيش». تصيبه المقتلة اللبنانية بجرح بليغ، لكن الكتابة تخفف بعض آلامه. يستعيد قولاً لزوجته، وهي معالجة نفسية، في تحليلها لـ«برودته»: «أنت تكتب فتُبعد المشكلة عنك لتستطيع تحمّلها». وهو يسمّيها «ميكانيكية الدفاع عن النفس».
يعود القلق الإنساني برأيه إلى حقيقة «اتجاه المرء الحتمي نحو الفناء، فيمضي العمر محاولاً ترك أثر». وكل ما يفعله هو أنه «يحارب الوقت في انتظار الزوال، فيبني ما يمنحه معنى لحياته حين يحلّ أجله». يقول: «منطقتنا الجغرافية تُجاور الموت. نراه يحوم طوال الوقت ولا نملك قصّ جناحيه. الغرب الأوروبي أراح إنسانه من ثقل ظلاله. لولا العمليات الإرهابية الأخيرة، لما توجّست الشعوب الأوروبية به وانشغلت بفجاجته».
نستعير من الكاتبة نجوى بركات وصفها له: «يصلح الأعطال ويعاين العطوب»، لنسأل عمن يصلح أعطاله ويعاين عطوبه؟ فيرد: «الكتابة. يزاولني قلق حاد من دونها. لكنها وحدها غير كافية. العائلة والأولاد شركاء في تضميد العطب». «أمام فظاعة واقع مثل هذا، هل يعود الأديب بحاجة إلى الخيال؟»، يقول بسرعة: «لا، فبعض الكتابات ترغم الكاتب على الاتجاه مباشرة نحو وصف الواقع، لكن يستحيل العيش بلا خيال. هو جوهر الرواية، ولا يمكن فهم الواقع من دون فهم تشعّباته عن طريق التخيّل. في أدبي، أكتب الواقع من خلال المخيلة لأعطيه معنى».


مقالات ذات صلة

رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

المشرق العربي رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

تُوفّي الموسيقار اللبناني إيلي شويري، عن 84 عاماً، الأربعاء، بعد تعرُّضه لأزمة صحية، نُقل على أثرها إلى المستشفى، حيث فارق الحياة. وأكدت ابنته كارول، لـ«الشرق الأوسط»، أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي، قبل أن تعلم به العائلة، وأنها كانت معه لحظة فارق الحياة.

المشرق العربي القضاء اللبناني يطرد «قاضية العهد»

القضاء اللبناني يطرد «قاضية العهد»

وجّه المجلس التأديبي للقضاة في لبنان ضربة قوية للمدعية العامة في جبل لبنان القاضية غادة عون، عبر القرار الذي أصدره وقضى بطردها من القضاء، بناء على «مخالفات ارتكبتها في إطار ممارستها لمهمتها القضائية والتمرّد على قرارات رؤسائها والمرجعيات القضائية، وعدم الامتثال للتنبيهات التي وجّهت إليها». القرار التأديبي صدر بإجماع أعضاء المجلس الذي يرأسه رئيس محكمة التمييز الجزائية القاضي جمال الحجار، وجاء نتيجة جلسات محاكمة خضعت إليها القاضية عون، بناء على توصية صدرت عن التفتيش القضائي، واستناداً إلى دعاوى قدمها متضررون من إجراءات اتخذتها بمعرض تحقيقها في ملفات عالقة أمامها، ومخالفتها لتعليمات صادرة عن مرجع

يوسف دياب (بيروت)
المشرق العربي جعجع: فرص انتخاب فرنجية للرئاسة باتت معدومة

جعجع: فرص انتخاب فرنجية للرئاسة باتت معدومة

رأى رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع أن فرص انتخاب مرشح قوى 8 آذار، رئيس تيار المردة سليمان فرنجية، «باتت معدومة»، مشيراً إلى أن الرهان على الوقت «لن ينفع، وسيفاقم الأزمة ويؤخر الإصلاح». ويأتي موقف جعجع في ظل فراغ رئاسي يمتد منذ 31 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، حيث فشل البرلمان بانتخاب رئيس، وحالت الخلافات السياسية دون الاتفاق على شخصية واحدة يتم تأمين النصاب القانوني في مجلس النواب لانتخابها، أي بحضور 86 نائباً في دورة الانتخاب الثانية، في حال فشل ثلثا أعضاء المجلس (86 نائباً من أصل 128) في انتخابه بالدورة الأولى. وتدعم قوى 8 آذار، وصول فرنجية إلى الرئاسة، فيما تعارض القوى المسيحية الأكثر

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي بخاري يواصل جولته على المسؤولين: الاستحقاق الرئاسي شأن داخلي لبناني

بخاري يواصل جولته على المسؤولين: الاستحقاق الرئاسي شأن داخلي لبناني

جدد سفير المملكة العربية السعودية لدى لبنان، وليد بخاري، تأكيد موقف المملكة من الاستحقاق الرئاسي اللبناني بوصفه «شأناً سياسياً داخلياً لبنانياً»، حسبما أعلن المتحدث باسم البطريركية المارونية في لبنان بعد لقاء بخاري بالبطريرك الماروني بشارة الراعي، بدأ فيه السفير السعودي اليوم الثاني من جولته على قيادات دينية وسياسية لبنانية. وفي حين غادر السفير بخاري بكركي من دون الإدلاء بأي تصريح، أكد المسؤول الإعلامي في الصرح البطريركي وليد غياض، أن بخاري نقل إلى الراعي تحيات المملكة وأثنى على دوره، مثمناً المبادرات التي قام ويقوم بها في موضوع الاستحقاق الرئاسي في سبيل التوصل إلى توافق ويضع حداً للفراغ الرئا

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي شيا تتحرك لتفادي الفراغ في حاكمية مصرف لبنان

شيا تتحرك لتفادي الفراغ في حاكمية مصرف لبنان

تأتي جولة سفيرة الولايات المتحدة الأميركية لدى لبنان دوروثي شيا على المرجعيات الروحية والسياسية اللبنانية في سياق سؤالها عن الخطوات المطلوبة لتفادي الشغور في حاكمية مصرف لبنان بانتهاء ولاية رياض سلامة في مطلع يوليو (تموز) المقبل في حال تعذّر على المجلس النيابي انتخاب رئيس للجمهورية قبل هذا التاريخ. وعلمت «الشرق الأوسط» من مصادر نيابية ووزارية أن تحرك السفيرة الأميركية، وإن كان يبقى تحت سقف حث النواب على انتخاب رئيس للجمهورية لما للشغور الرئاسي من ارتدادات سلبية تدفع باتجاه تدحرج لبنان من سيئ إلى أسوأ، فإن الوجه الآخر لتحركها يكمن في استباق تمدد هذا الشغور نحو حاكمية مصرف لبنان في حال استحال عل

محمد شقير (بيروت)

هوكستين: اتفاق وقف النار يقضي بمنع السلاح غير الشرعي في كل لبنان

صورة وزعها المكتب الإعلامي للجيش اللبناني تظهر قائد الجيش اللبناني العماد جوزف عون يلتقي المبعوث الأميركي آموس هوكستين في مكتبه في اليرزة
صورة وزعها المكتب الإعلامي للجيش اللبناني تظهر قائد الجيش اللبناني العماد جوزف عون يلتقي المبعوث الأميركي آموس هوكستين في مكتبه في اليرزة
TT

هوكستين: اتفاق وقف النار يقضي بمنع السلاح غير الشرعي في كل لبنان

صورة وزعها المكتب الإعلامي للجيش اللبناني تظهر قائد الجيش اللبناني العماد جوزف عون يلتقي المبعوث الأميركي آموس هوكستين في مكتبه في اليرزة
صورة وزعها المكتب الإعلامي للجيش اللبناني تظهر قائد الجيش اللبناني العماد جوزف عون يلتقي المبعوث الأميركي آموس هوكستين في مكتبه في اليرزة

يقف البرلمان اللبناني على مسافة ساعات من انتخاب رئيس للجمهورية، بينما لا يزال الغموض يكتنف ما ستؤول إليه الجلسة التي ستبقى قائمة في موعدها ولا مجال لتأجيلها، وما إذا كانت ستفتح الباب أمام انعقادها بدورات متتالية لإيصال رئيس بأكثرية نصف عدد النواب زائد واحد؛ أي 65 نائباً، إلا في حال أبدى رئيس المجلس النيابي نبيه بري بالإنابة عن حليفه «حزب الله»، انفتاحاً على تعديل الدستور بما يسمح بانتخاب قائد الجيش العماد جوزف عون رئيساً، كونه يتقدم على سائر منافسيه في السباق إلى الرئاسة.

فتعديل الدستور يبقى عالقاً أمام امتناع الرئيس بري، بذريعة أنه لم يتوافر تأمين موافقة ثلثي أعضاء البرلمان أي 86 نائباً، وهذا ما انتهى إليه اجتماعه بالوسيط الأميركي آموس هوكستين، الذي نأى بنفسه عن التطرق إلى ما دار بينهما في اللقاء الصباحي، الذي جمعه بحضور سفيرة بلاده ليزا جونسون مع نواب يمثلون جميع المكونات التي يتشكل منها البرلمان، باستثناء النواب المنتمين إلى الثنائي الشيعي وتيار «المردة» والمرشحين للرئاسة، وذلك بدعوة من عضو كتلة «التجدد الديمقراطي» النائب فؤاد مخزومي الذي أقام فطوراً على شرفه.

وشارك في اللقاء، إضافة إلى مخزومي، كل من مروان حمادة (اللقاء الديمقراطي)، وغسان حاصباني وجورج عقيص (القوات)، وسليم الصايغ والياس حنكش (الكتائب)، وندى البستاني (التيار الوطني الحر)، وألان عون وسيمون أبي رميا (التكتل النيابي المستقل)، وإبراهيم منمينة وفراس حمدان (تكتل التغيير)، وغسان سكاف، وعبد الرحمن البزري وأديب عبد المسيح (مستقلون)، وفيصل كرامي (كتلة الوفاق)، وسجيع عطية (الاعتدال)، ووضاح الصادق (تحالف قوى التغيير).

اجتماع نواب من المعارضة مع هوكستين في إدارة النائب فؤاد مخزومي (إكس)

وعلمت «الشرق الأوسط» من مصادر نيابية، تأكيد هوكستين على المواصفات التي حددتها اللجنة «الخماسية»، والتي يجب أن يتحلى بها الرئيس المنتخب، للانتقال بلبنان إلى مرحلة التعافي بإدراج اسمه على لائحة الاهتمام الدولي، إضافة إلى التزامه بالاتفاق لتثبيت وقف النار تمهيداً لتطبيق القرار 1701. ونقلت عنه قوله: «إننا نحترم إرادة النواب بوصفهم سياديين بانتخاب من يحظى بتأييد الأكثرية النيابية، لكن من حقنا أن نتخذ الموقف الذي نراه مناسباً، وما إذا كان يتمتع بالمواصفات التي يُجمع عليها المجتمع الدولي، أم لا».

واضطر هوكستين للتطرق إلى اسم العماد عون في رده على أسئلة النواب، وما إذا كان يتمتع بهذه المواصفات، مع أنه فضل في بداية اللقاء تجنّب الدخول في أسماء المرشحين.

ونقلت المصادر النيابية عنه قوله إن هذه المواصفات تنطبق على العماد عون، «ونحن في الولايات المتحدة اختبرناه عن كثب في تعاوننا معه لتعزيز قدرات الجيش اللبناني، وهو موضع ثقة وتقدير دولي لدوره على رأس المؤسسة العسكرية في حفظ الأمن والاستقرار برغم الأزمات المتراكمة التي يتخبط بها لبنان، لكن يمكن أن تنطبق على سواه من المرشحين، ونفضل، بالتوافق مع الدول العربية؛ وعلى رأسها المملكة العربية السعودية، التعاون مع الرئيس الذي يتحلى بهذه المواصفات، وبالتالي نفضل التريث وعدم إصدار الأحكام المسبقة في تحديد موقفنا، آخذين بعين الاعتبار أن كلمة الفصل تعود للنواب، فهم من يختارون الرئيس، ونحن من جانبنا سننظر في مدى الدعم ونوعه الذي نستطيع تقديمه لشخص الرئيس».

وبكلام آخر لمح هوكستين إلى أن «الخماسية» لن تلتزم مسبقاً بمساعدة لبنان قبل معرفة اسم الرئيس المنتخب، و«هذا من حقنا، مع أننا لن نوفر جهداً لوقف الحرب في الجنوب، وهذا ما توصلنا إليه».

المبعوث الأميركي آموس هوكستين يتحدث في مؤتمر صحافي بعد اجتماعه مع رئيس الوزراء اللبناني المؤقت نجيب ميقاتي (أ.ف.ب)

وهنا سئل هوكستين من قبل عدد من النواب عن موقفه من تحذير المتحدث الرسمي باسم الجيش الإسرائيلي أفيخاي أدرعي، الجنوبيين من الانتقال جنوباً على خط القرى ومحيطها، مع أن الجيش اللبناني يستعد للدخول إلى الناقورة بمؤازرة قوات الطوارئ الدولية (يونيفيل)، وكان جوابه بأن لا مشكلة، وأن الانتشار سيحصل، وإسرائيل ستنسحب إلى الخط الأزرق فور انتهاء فترة الهدنة في 27 الشهر الحالي.

وامتنع عن تحميل الجيش اللبناني مسؤولية حيال التباطؤ في الانتشار لتسريع انسحاب إسرائيل من البلدات الجنوبية. وقال، بحسب المصادر النيابية، إنه يعود إلى أمرين: الأول يعود إلى حاجة اللجنة «الخماسية» المشرفة على تثبيت وقف النار لمزيد من الوقت للانتهاء من تحضيراتها اللوجيستية لوضع آلية لتثبيته. والثاني يتعلق بسقوط الرئيس بشار الأسد الذي فاجأ الجميع، بدءاً بقيادة الجيش التي اضطرت إلى سحب بعض الوحدات العسكرية المخصصة للانتشار في الجنوب، لإرسالها للتموضع على طول الحدود اللبنانية - السورية بغية ضبطها والسيطرة عليها لمنع تسلل المجموعات الإرهابية إلى الداخل اللبناني. وكشفت أنه شدد على التزام لبنان بتطبيق القرار 1701 بكل مندرجاته من دون أي تعديل. ونقلت عنه قوله إن واشنطن ضغطت على إسرائيل لالتزامها بحرفية الاتفاق، ومنعها من مواصلة الحرب على لبنان.

وأكدت المصادر أن تطبيق الاتفاق يعني حكماً شموله حصرية السلاح بيد الدولة، وأن لا وجود لأي سلاح للأحزاب والميليشيات. وقالت نقلاً عنه، إنه يشمل جميع الأراضي اللبنانية بلا استثناء، وإن الالتباس في تفسير البنود الواردة في الاتفاق بحصره بجنوب الليطاني دون شماله ليس في محله ويخالف ما نص عليه، وهذا يتطلب من المعنيين بتطبيقه التمعن في قراءته بحرفيته والتقيد به لتفادي ما يترتب على سوء تفسيره من تداعيات تحملهم مسؤولية تهديد الاستقرار في الجنوب، خصوصاً أنه يحظى بتأييد دولي وعربي لا مجال للعب فيه.

وتطرق إلى مصير السلاح والمنشآت العسكرية والأنفاق الخاصة لـ«حزب الله». وقال إنه يجب أن توضع بتصرف الجيش اللبناني، وإن من الأفضل التخلص منها بتدميرها، مع أن إسرائيل صادرت كميات كبيرة من مخزونه الصاروخي وعتاده العسكري، ودمرت كثيراً من مستودعاته الموجودة في جنوب الليطاني أو شماله، امتداداً إلى الضاحية الجنوبية والبقاع.

وفي هذا السياق، تحدث أمام النواب بذهول عن الإنشاءات العسكرية التي أقامها «حزب الله» فوق الأرض أو تحتها، تحديداً في جنوب الليطاني، كاشفاً أن إسرائيل دمرت عدداً من الأنفاق الواقعة على مسافة 50 متراً من حدودها الشمالية.

وسأل، بحسب المصادر، كيف يمكن أن يكون عليه الوضع في لبنان لو أن مليارات الدولارات التي أنفقها الحزب، ما بين تزويد مخزونه بهذا الكم من الأسلحة الثقيلة والصاروخية وإقامته المنشآت العسكرية تحت الأرض ومنها الأنفاق، لتمويل مشروعات إنمائية في المناطق الخاضعة لنفوذه؟ لكان أسهم في تحسين الظروف المعيشية لبيئته الحاضنة وحال دون تدمير القرى والبلدات وسقوط الآلاف من القتلى والجرحى، وقال: «لم يعد أمام الحزب سوى التكيف مع التحولات التي شهدتها المنطقة، والتسليم بأن لبنان يستعد للدخول في مرحلة سياسية جديدة تستدعي منه الالتزام بتطبيق الـ1701 الذي سيكون على رأس جدول أعمال الرئيس العتيد باعتبار أن القرار يحظى بتأييد غالبية اللبنانيين وبإجماع عربي ودولي لا يمكنه القفز فوقه».