استحواذ ماسك على «تويتر» يُثير تكهنات حول مستقبل منصات التواصل

خبراء اعتبروا خطته المستقبلية «غامضة»

رائف الغوري
رائف الغوري
TT

استحواذ ماسك على «تويتر» يُثير تكهنات حول مستقبل منصات التواصل

رائف الغوري
رائف الغوري

ما زالت الأنباء الخاصة بصفقة استحواذ الملياردير الأميركي إيلون ماسك، على منصة التغريدات الشهيرة «تويتر» تحظى باهتمام الخبراء، ومتابعي سوق الإعلام الرقمي، ومنصات التواصل الاجتماعي، لما يتضمنه إتمام الصفقة من تأثير على مستقبل هذه المنصات، وطريقة حوكمتها وتنظيم عملها. ومع أن ماسك لم يعلن عن خطته بشأن «تويتر» بشكل كامل، فما جرى تسريبه ونشره حتى الآن من ملامح هذه الخطة، يثير التكهنات والتساؤلات حول التغيير الذي يعتزم ماسك إحداثه في سوق منصات التواصل الاجتماعي.
لغط حول الصفقة
أكثر من هذا، وبينما ينتظر العالم إتمام الصفقة، شارك ماسك على «تويتر» الجمعة الماضي، تقريراً يتحدث عن «الحسابات المزيفة» على المنصة، مصحوباً بتعليق أكد فيه أن «الصفقة معلقة مؤقتاً لحين التأكد من أن نسبة الحسابات المزيفة لا تتجاوز 5 في المائة»، الأمر الذي تسبب في تراجع أسهم «تويتر» بنسبة 10 في المائة.
وبعد بضع ساعات غرد ماسك مرة ثانية، مؤكداً «التزامه بإتمام الصفقة». ورد عليه بريت تايلور، رئيس مجلس إدارة «تويتر»، على حسابه الشخصي بقوله: «ونحن أيضاً ملتزمون بإتمام الاتفاق». كما قال باراغ أغراوال، الرئيس التنفيذي لـ«تويتر»، في سلسلة تغريدات، مساء الجمعة رداً على التساؤلات التي صاحبت مغادرة اثنين من كبار مسؤولي «تويتر» التنفيذيين، وتعليق جميع التعيينات «غير الضرورية»، إنه «بينما أتوقع إتمام الصفقة، يجب أن نكون مستعدين لجميع السيناريوهات ونفعل ما هو مناسب لـ(تويتر)».

في هذا السياق، يرى مراقبون أن «حديث ماسك عن تعليق الصفقة مؤقتاً لا معنى له، خاصة أن الصفقة من المقرر أن تتم في 24 أكتوبر (تشرين الأول) المقبل، وفق (اتفاق الاستحواذ)، كما أن الاتفاق يفرض على ماسك دفع مليار دولار حال تعذر إتمام الصفقة». ووفق المراقبين فإن «ما يحدث ربما يكون محاولة لتقليل قيمة الصفقة، خاصة بعد تراجع قيمة سهم (تويتر) عن قيمته وقت تقديم عرض الاستحواذ».

                                                                                         خالد البرماوي
في أي حال، بينما يتشكك بعض الخبراء في إمكانية تنفيذ بعض جوانب خطة ماسك، فإنهم يربطون نجاحها بالأفكار الجديدة، التي يمكن أن يدخلها مالك شركة «تسلا» للسيارات وشركة الفضاء «سبيس إكس»، في منصة التغريدات «تويتر»، مع الإشارة إلى أن رغبة ماسك في الاستحواذ على «تويتر» نابعة «من سعيه للحصول على مزيد من التأثير عبر منصة للنخبة وصناع القرار». هذا، وكان مجلس إدارة «تويتر» قد وافق خلال الشهر الماضي على عرض ماسك لشراء المنصة مقابل 44 مليار دولار، والمقرر إنجاز الصفقة بحلول نهاية العام الحالي. ولكن مراقبين يرون أنه «مع استمرار تراجع أسهم (تويتر) في البورصة، من المحتمل ألا تكون الصفقة بالمبلغ المعلن عنه، وثمة إمكانية لإعادة تسعير السهم».
التأثير في النخبة
رائف الغوري، المتخصص في مجال تقنية المعلومات والمدرب الإعلامي السوري العامل في دولة الإمارات، قال في لقاء مع «الشرق الأوسط»، إنه «من الطبيعي لو كنت من الناجحين أصحاب الثروة أن تطمح لامتلاك سلطة التأثير عبر الإعلام، ومنصات التواصل الاجتماعي، التي درج العالم على وصفها بالسلطة الرابعة... وهو ما يفسر رغبة ماسك في الاستحواذ على «تويتر»، بعد نجاحه في تقديم حلول في وسائل النقل عبر سيارات تسلا، وفي مجال الأقمار الاصطناعية عبر سبيس إكس، والإنترنت الفضائي ستار لينك، إلى جانب اهتمامه بالعملات الرقمية وسعيه لنشرها في كل أنحاء العالم خصوصاً عملة دوج كوين».
ويتابع أن «منصة (تويتر) تمتاز بكونها منبراً إخبارياً لمعظم قادة الفكر وأصحاب القرار في العالم، وهذه الميزة التي يتمتع بها (تويتر) هي أحد الأسباب التي جعلت ماسك يختار النخبة بدلاً من الجماهيرية، على الأقل في المرحلة الأولى».
من جانب آخر، يطرح خالد البرماوي، الصحافي المصري المتخصص في شؤون مواقع التواصل الاجتماعي والإعلام الرقمي، نظرة أوسع على سوق منصات التواصل الاجتماعي. وهو يرى أن «الفترة المقبلة ستشهد مزيداً من التطورات في هذا القطاع، استكمالاً للتطورات المتسارعة التي حدثت على مدار الثلاثة أعوام الماضية»، ويوضح في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» أن «سوق منصات التواصل الاجتماعي شهد أخيراً محاولات للتنظيم والحوكمة، وتطوير النموذج الاقتصادي، ودخول منصات من دول مختلفة مثل الصين وروسيا على خط المنافسة، وهي أمور طبيعية لقطاع ما زال في طور المراهقة، وسيشهد في الفترة المقبلة مزيداً من المحاولات لتقنينه، وتنظيم استخدامه، وبالطبع سيكون لاستحواذ ماسك على (تويتر) دور في هذه التحولات».

                                                                           د. مي عبد الغني
خطة مبهمة
على صعيد آخر، على مدار الشهر الماضي، نشر ماسك عدة تغريدات تحمل أحلامه لمنصة التغريدات، من بينها قوله بأنه «يأمل بأن تبقى حتى أسوأ الانتقادات على (تويتر) لأن هذا هو معنى حرية التعبير»، وأن «تويتر سيبقى مجانياً للمستخدمين العاديين، لكن قد تُفرض رسوم على الشركات التجارية والحكومات». أما صحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية، فنشرت الأسبوع الماضي، العرض التقديمي الذي قدمه ماسك للاستحواذ على منصة «تويتر»، وتضمن «زيادة الإيرادات السنوية إلى 26.4 مليار دولار بحلول عام 2028، مقارنة بـ5 مليارات دولار العام الماضي، وتقليل الاعتماد على الإعلانات إلى 45 في المائة عام 2028، مقارنة بـ90 في المائة العام الماضي، إذ ستدر الإعلانات 12 مليار دولار من العائدات، بينما تدر الاشتراكات نحو 10 مليارات دولار، وقد تأتي الإيرادات الأخرى من الأعمال التجارية مثل ترخيص البيانات، التي حققت 572 مليون دولار إيرادات العام الماضي».
حول هذا الشأن يقول الغوري إن «معظم منصات التواصل الاجتماعي تتطلع إلى تحقيق هدفين رئيسين هما: الربح المادي، وزيادة الانتشار بين المستخدمين، وتحويلهم، بذكاء عبر أساليب تسويقية مبتكرة وخوارزميات تتعلم وتتطور يومياً، إلى مستهلكين... وبذا يدعم الهدف الثاني الهدف الأول بتناغم وانسجام». ثم يضيف أن «ماسك وضع لخطته جدولاً زمنياً مقسماً على مرحلتين للعامين 2023 و2028 لتحقيق زيادة في الربحية، والمزيد من الجماهيرية. ومن الواضح أن خطته دُرست بعناية، ووضعت أهدافاً ليست سهلة المنال، وتطلب الكثير من العمل على تحديث وتطوير السياسات والإجراءات مثل تغيير سياسية الخصوصية، وسياسة الاستخدام، وإضافة زر تعديل المحتوى، وهذا يستدعي توظيف المزيد من المطورين والموظفين في أقسام وبلدان الشركة».
لكن الدكتورة مي عبد الغني، أستاذ الإعلام في جامعة بنغازي، والباحثة في الإعلام الرقمي، ترى أن خطة ماسك بشأن «تويتر» لا تزال «مبهمة»، وتوضح في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن «ماسك لم يعلن سوى عن القليل مما ينوي تنفيذه حال إتمام الصفقة... كما أن ليس كل ما أعلن عنه حتى الآن قابل للتنفيذ على أرض الواقع».
ثم تشرح مي عبد الغني قائلة إنه بالنظر لخطة ماسك في تقليل الاعتماد على الإعلانات، فإن منصة «تويتر» تعاني في الأساس من قلة الإعلانات مقارنة بالمنصات الأخرى، مثل «يوتيوب» و«فيسبوك» و«إنستغرام»، إضافة إلى أن الاعتماد على تغريدات مدفوعة سيجعل المنصة نخبوية إلى حد ما. وتتابع مي عبد الغني أنه «لا يجوز أن نتجاهل أن ثقافة الدفع مقابل المحتوى الرقمي ليست منتشرة في كثير من دول العالم، ومن بينها المنطقة العربية. وهي حتى إن وجدت، فإن الدراسات الدولية تشير إلى ازدياد الدفع مقابل المحتوى الرقمي ذي الطبيعة الترفيهية كالأفلام والمسلسلات والموسيقى، وهو ما لا يتناسب مع طبيعة منصة (تويتر)... إن تجارب الاعتماد على الدفع مقابل المحتوى فقط كمصدر تمويل لم تكن ناجحة في بعض المشاريع الإعلامية».
بدوره يربط البرماوي بين «إمكانية تنفيذ خطة ماسك لتطوير (تويتر)، خصوصاً في مجال تقليل الاعتماد على الإعلانات، وزيادة عدد المتابعين والأرباح، بنوع المحتوى الذي ستقدمه المنصة». إذ يقول إن «هناك الكثير من الأفكار لتطوير المحتوى ليصبح أكثر جذباً للجمهور، لكننا لا نعرف حتى الآن ما الذي سيعتمد عليه ماسك في ذلك، وهذا، إضافة إلى مدى قدرة ماسك على تمرير هذه التحديثات، في ظل محاولات الدول تنظيم وحوكمة منصات التواصل الاجتماعي، وخصوصاً الإجراءات التي اتخذها الاتحاد الأوروبي في هذا المجال».
وفي هذا الصدد، كان قرار ماسك الاستحواذ على «تويتر»، قد أثار حقاً مخاوف في الاتحاد الأوروبي حول مدى امتثال المنصة للتشريعات التي وضعها الاتحاد بشأن المحتوى الزائف. إلا أن ماسك أكد خلال الأسبوع الماضي، استعداده للامتثال لقواعد الاتحاد الأوروبي. وقال في مقطع فيديو مع المفوض الأوروبي لشؤون السوق الداخلية تييري بريتون نشر عبر «تويتر»، مطمئناً: «أتفق مع كل ما قلته، وأعتقد أن تفكيرنا متشابه بشكل كبير للغاية». وكان بريتون قد قال أيضاً في وقت سابق إنه لا يرى أي مشاكل تتعلق بفرض القواعد «حتى لو صار (تويتر) ملكاً للملياردير ماسك بمفرده، حيث سيتعين على أي شركة في الاتحاد الأوروبي الوفاء بالالتزامات التي نفرضها».
تحفظ وترقب
حسب المعطيات التي نشرتها «نيويورك تايمز»، ماسك يتوقع أن يتمكن من رفع متوسط إيرادات «تويتر» لكل مستخدم إلى 30.22 دولار في عام 2028، بدلاً من 24.83 دولار في العام الماضي، وأن يزيد العدد الإجمالي لمستخدمي منصة التغريدات من 217 مليوناً في نهاية العام الماضي، إلى ما يقرب من 600 مليون في عام 2025، و931 مليوناً عام 2028، وزيادة عدد مستخدمي خدمة «تويتر الأزرق»، إلى 159 مليون مستخدم في عام 2028.
أيضاً تتضمن الخطة الجديدة طرح منتج يُشار إليه بالاسم الرمزي «إكس»، وجعل هذه الخدمة تحظى باشتراك 104 ملايين شخص بحلول عام 2028. ولتحقيق هذه الخطوات، يرغب ماسك في تخفيض عدد الموظفين نحو ألف موظف، أي من 9225 حالياً إلى 8332 في عام 2023. وفي مرحلة لاحقة زيادة عدد المطورين والموظفين إلى 11072 موظفاً بحلول عام 2025، وفقاً لـ«نيويورك تايمز».
أخيراً، وسط حالة الترقب يبدو أن توقعات الخبراء والمراقبين كانت في محلها، ففي خطوة شبه متوقعة، أعلن ماسك عزمه إلغاء الحظر الذي فرضته منصة «تويتر» على حساب الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب، وقال ماسك، الذي كان يتحدث في «قمة مستقبل السيارات» التي استضافتها صحيفة «فاينانشيال تايمز» الأسبوع الماضي، إن «الحظر المفروض على ترمب كان قراراً سياسياً خاطئاً»، وأكد «أن الحظر الدائم لحسابات (تويتر) يجب أن يكون نادراً ومخصصاً للحسابات الخادعة أو الروبوتات الآلية فقط».



السعودية تؤكد ضرورة تكاتف الإعلام العربي لدعم فلسطين

الدوسري مترئساً اجتماع المكتب التنفيذي لمجلس وزراء الإعلام العرب (واس)
الدوسري مترئساً اجتماع المكتب التنفيذي لمجلس وزراء الإعلام العرب (واس)
TT

السعودية تؤكد ضرورة تكاتف الإعلام العربي لدعم فلسطين

الدوسري مترئساً اجتماع المكتب التنفيذي لمجلس وزراء الإعلام العرب (واس)
الدوسري مترئساً اجتماع المكتب التنفيذي لمجلس وزراء الإعلام العرب (واس)

أكّد سلمان الدوسري وزير الإعلام السعودي، الاثنين، أهمية توظيف العمل الإعلامي العربي لدعم قضية فلسطين، والتكاتف لإبراز مخرجات «القمة العربية والإسلامية غير العادية» التي استضافتها الرياض مؤخراً.

وشددت القمة في 11 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، على مركزية القضية الفلسطينية، والدعم الراسخ للشعب لنيل حقوقه المشروعة، وإيجاد حل عادل وشامل مبني على قرارات الشرعية الدولية.

وقال الدوسري لدى ترؤسه الدورة العادية الـ20 للمكتب التنفيذي لمجلس وزراء الإعلام العرب في أبوظبي، أن الاجتماع يناقش 12 بنداً ضمن الجهود الرامية لتطوير العمل المشترك، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية، بمشاركة رؤساء الوفود والمؤسسات والاتحادات الممارسة لمهام إعلامية ذات صفة مراقب.

الدوسري أكد أهمية توظيف العمل الإعلامي لدعم القضية الفلسطينية (واس)

وأضاف أن الاجتماعات ناقشت سبل الارتقاء بالمحتوى الإعلامي، وأهم القضايا المتعلقة بدور الإعلام في التصدي لظاهرة الإرهاب، وجهود الجامعة العربية في متابعة خطة التحرك الإعلامي بالخارج، فضلاً عن الخريطة الإعلامية العربية للتنمية المستدامة 2030.

وتطرق الدوسري إلى استضافة السعودية مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة للتصحر «كوب 16»، وقمة المياه الواحدة، وضرورة إبراز مخرجاتهما في الإعلام العربي، مؤكداً أهمية الخطة الموحدة للتفاعل الإعلامي مع قضايا البيئة.

وأشار إلى أهمية توظيف تقنيات الذكاء الاصطناعي في الإعلام العربي، واستثمار دورها في تعزيز المحتوى وتحليل سلوك الجمهور، داعياً للاستفادة من خبرات «القمة العالمية للذكاء الاصطناعي» في الرياض؛ لتطوير الأداء.