عودة التوتر إلى طرابلس... واشتباكات مسلحة في بني وليد وصبراتة

«النواب» الليبي يسعى للإطاحة بويليامز لـ«عدم احترامها قرارات السلطة التشريعية»

صورة وزعتها ويليامز لاجتماعها في تونس مع المسؤولة بالخارجية الأميركية يائيل لمبرت
صورة وزعتها ويليامز لاجتماعها في تونس مع المسؤولة بالخارجية الأميركية يائيل لمبرت
TT

عودة التوتر إلى طرابلس... واشتباكات مسلحة في بني وليد وصبراتة

صورة وزعتها ويليامز لاجتماعها في تونس مع المسؤولة بالخارجية الأميركية يائيل لمبرت
صورة وزعتها ويليامز لاجتماعها في تونس مع المسؤولة بالخارجية الأميركية يائيل لمبرت

تصاعد التوتر الأمني في العاصمة الليبية طرابلس، بعد تعرض مساعد بارز لعبد الغني الككلي (إغنيوة)، رئيس جهاز دعم الاستقرار التابع لحكومة «الوحدة»، برئاسة عبد الحميد الدبيبة، لعملية استهداف فاشلة بأحد شوارع المدينة. وقال شهود عيان إن عبد الحميد المضغوطة، أحد مساعدي إغنيوة، أصيب إثر تعرضه لإطلاق نار في شارع الصريم بطرابلس، على يد شقيق لقيادي في «كتيبة النواصي»، بينما توعد المضغوطة أمس في بيان مقتضب «اللواء 444 قتال» التابع لحكومة «الوحدة» بما وصفه برد قاسٍ على محاولة قتله.
كما اندلعت مساء أول من أمس اشتباكات مسلحة جنوب مدينة بني وليد (180 كيلومتراً جنوب شرقي طرابلس)، عقب اعتقال مسلحين مجهولين لعدد من المواطنين. وقال ناشطون وسكان محليون، إنهم سمعوا قصفاً لما بدا أنه طيران حربي لم تحدد هويته، بينما أشارت وسائل إعلام محلية إلى تصاعد مخاوف المواطنين من ارتفاع وتيرة الاشتباكات بين التشكيلات المسلحة؛ خصوصاً مع إخفاق كل الترتيبات الأمنية والمصالحات الاجتماعية في الحد منها. كما وقعت اشتباكات عنيفة بالأسلحة الخفيفة والمتوسطة بين ميليشيات متنافسة في منطقة دحمان، شرق مدينة صبراتة الساحلية (70 كيلومتراً غرب طرابلس)؛ حيث أكد سكان محليون ووسائل إعلام محلية سماع دوي قذائف «آر بي جي»، ما تسبب في حالة من الذعر والخوف بين المدنيين.
وسعت حكومة «الاستقرار»، برئاسة فتحي باشاغا، لاحتواء القتال في مدينة الزاوية، بعدما اجتمع وزير داخليتها عصام أبو زريبة مع مشايخ وأعيان وأحد أعضاء المجلس البلدي للمدينة، بحضور عدد من قادة الميليشيات المسلحة، وحسن أبو زريبة نائب رئيس جهاز دعم الاستقرار الذي دافع عن عمله في المدينة. وقال إن عناصره «لم تتجاوز اختصاصاتها، ولم تقم بتصرفات خاطئة يعاقب عليها القانون». بينما قالت وسائل إعلام محلية إنه «تم الاتفاق على وضع ميثاق شرف بين جميع مكونات الزاوية، وتحديد مهلة لا تتجاوز عشرة أيام لإعداده».
في غضون ذلك، ووسط آمال أميركية وأممية وترقب داخلي في ليبيا للجولة الثانية من اجتماعات اللجنة المشتركة لمجلسي النواب والدولة المعنية بالمسار الدستوري في القاهرة اليوم، صعّد مجلس النواب من حدة خلافه مع المستشارة الأممية ستيفاني ويليامز، بتلويحه المفاجئ أمس بالرغبة في تغييرها.
ونقل عبد الله بليحق، الناطق الرسمي باسم مجلس النواب، في بيان له أمس عن عيسى العريبي، أحد أعضائه، أن مجموعة من أعضاء المجلس بصدد إرسال مذكرة إلى رئاسته لمطالبتها بمخاطبة أنطونيو غوتيريش، الأمين العام للأمم المتحدة، لتغيير ويليامز بسبب ما اعتبره «عدم احترامها لقرارات السلطة التشريعية المتمثلة في مجلس النواب، بالإضافة إلى مماطلتها، وفتحها لمسارات حوار لا علاقة لها بالأطراف الفاعلة في ليبيا».
كما أكد العريبي أن ويليامز «ليس لها توجه ثابت؛ بل تماطل لعدم إيجاد أرضية توافقية». واعتبر أن «فشل التوافق الحاصل مع مجلس الدولة سيكون نتيجة لتوجهاتها؛ لأنها لم تتعامل بإيجابية مع الاتفاق الليبي- الليبي الذي أنتج السلطة التنفيذية الجديدة برئاسة فتحي باشاغا، والتعديل الدستوري الثاني عشر».
في غضون ذلك، استبقت يائيل لمبرت، القائمة بأعمال مساعد وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأدنى، محادثات مجلسي النواب والدولة التي تستضيفها مصر بتيسير من الأمم المتحدة، بالإشارة إلى أهميتها. واعتبرت في بيان وزعته السفارة الأميركية، عقب اجتماعها أمس في تونس مع ويليامز، أن «هذه المحادثات تمثل فرصة حاسمة لتحديد خريطة طريق انتخابية جديدة موثوقة، بينما تنتقل خريطة الطريق هذه إلى مرحلة جديدة».
ومن جهتها، قالت ويليامز إنها اتفقت مع لمبرت على «ضرورة تحقيق اللجنة المشتركة لمجلسي النواب والدولة المعنية بالمسار الدستوري نتائج ملموسة في جولتها الثانية من محادثات القاهرة». واعتبرت أنه «يتعين احترام حق الشعب الليبي في انتخاب من يحكمه بشكل ديمقراطي، من خلال صندوق الاقتراع، وبناءً على إطار دستوري ثابت»، مشيرة إلى «أهمية الحفاظ على الهدوء في البلاد».
وكانت ويليامز قد أطلعت مساء أول من أمس وزير الخارجية التونسي، عثمان الجرندي، في تونس العاصمة على اجتماعاتها الأخيرة مع مسؤولين ليبيين؛ فضلاً عن مشاوراتها مع عدد من ممثلي المجتمع الدولي؛ مشيرة إلى أنهما ناقشا مباحثات مجلسي النواب والدولة في القاهرة. وأكدت «ضرورة أن تخرج اللجنة المشتركة بنتائج ملموسة، تتفق وتطلعات 2.8 مليون ليبي تسجلوا للتصويت»، مشددة «على أهمية الحفاظ على الهدوء والحاجة لموقف موحد من المجتمع الدولي»؛ بينما جددت تونس على لسان الجرندي «حرصها على أهمية استكمال المسار السياسي في ليبيا، والنأي به عن كل التدخلات الأجنبية، ودعمها لجهود منظمة الأمم المتحدة في ليبيا، بهدف تقريب وجهات النظر بين مختلف الأطراف السياسية».


مقالات ذات صلة

القاهرة لإطلاع حفتر وصالح على نتائج زيارة شكري لتركيا

العالم العربي القاهرة لإطلاع حفتر وصالح على نتائج زيارة شكري لتركيا

القاهرة لإطلاع حفتر وصالح على نتائج زيارة شكري لتركيا

كشفت مصادر ليبية ومصرية متطابقة لـ«الشرق الأوسط» عن سلسلة اتصالات، ستجريها القاهرة مع السلطات في شرق ليبيا، بما في ذلك مجلس النواب و«الجيش الوطني»، لإطلاع المعنيين فيهما على نتائج زيارة وزير الخارجية المصري سامح شكري إلى تركيا أخيراً. وأدرجت المصادر هذه الاتصالات «في إطار التنسيق والتشاور بين السلطات المصرية والسلطات في المنطقة الشرقية». ولم تحدد المصادر توقيت هذه الاتصالات، لكنها أوضحت أنها تشمل زيارة متوقعة إلى القاهرة، سيقوم بها عقيلة صالح رئيس مجلس النواب، والمشير خليفة حفتر القائد العام لـ«الجيش الوطني». وكان خالد المشري رئيس المجلس الأعلى الدولة الليبي، ناقش مساء السبت مع وزير الخارجية ا

خالد محمود (القاهرة)
العالم العربي خطة حكومية عاجلة لوقف هجرة الأطباء الجزائريين إلى أوروبا

خطة حكومية عاجلة لوقف هجرة الأطباء الجزائريين إلى أوروبا

أعلنت الحكومة الجزائرية عن «خطة عاجلة» لوقف نزيف الأطباء الذين يهاجرون بكثرة، كل عام، إلى أوروبا وبخاصة فرنسا، بحثاً عن أجور عالية وعن ظروف جيدة لممارسة المهنة. وتفيد إحصاءات «مجلس أخلاقيات الطب»، بأن 15 ألف طبيب يشتغلون في المصحات الفرنسية حالياً، وقد درسوا الطب في مختلف التخصصات في الجزائر. ونزل موضوع «نزيف الأطباء» إلى البرلمان، من خلال مساءلة لوزير الصحة وإصلاح المستشفيات عبد الحق سايحي، حول ما إذا كانت الحكومة تبحث عن حل لهذه المشكلة التي تتعاظم من سنة لأخرى.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
العالم العربي تونس تتهيأ لاستقبال وزير الخارجية السوري تتويجاً لإعادة العلاقات

تونس تتهيأ لاستقبال وزير الخارجية السوري تتويجاً لإعادة العلاقات

يبدأ وزير الخارجية السوري فيصل المقداد اليوم زيارة إلى تونس تستمر حتى الأربعاء بدعوة من نظيره التونسي نبيل عمار، لإعلان استكمال المراحل المؤدية إلى إعادة العلاقات الثنائية بين البلدين، والبحث في كثير من الملفات الشائكة والعالقة على رأسها ملف الإرهاب، واستقبال الساحة السورية لآلاف من الشباب التونسيين المنضوين في صفوف التنظيمات الإرهابية. وأوردت مختلف وسائل الإعلام التونسي أخباراً حول الزيارة، وبقراءات عدة، من بينها التأكيد على أنها «ترجمة للتوازنات الجيوسياسية الإقليمية التي تعرفها المنطقة العربية، ومن بينها السعي نحو عودة سوريا إلى جامعة الدول العربية». وكانت مؤسسة الرئاسة التونسية صورت عودة ا

المنجي السعيداني (تونس)
العالم العربي المغرب: دعوة لإسقاط مشروع قانون «اللجنة المؤقتة» لتسيير مجلس الصحافة

المغرب: دعوة لإسقاط مشروع قانون «اللجنة المؤقتة» لتسيير مجلس الصحافة

دعت «الفيدرالية المغربية لناشري الصحف بالمغرب» -أحد ممثلي ناشري الصحف في البلاد- أعضاء البرلمان بغرفتيه (مجلس النواب ومجلس المستشارين)، إلى إسقاط مشروع قانون صادقت عليه الحكومة، يقضي بإنشاء لجنة مؤقتة لتسيير «المجلس الوطني للصحافة» المنتهية ولايته، بدل إجراء انتخابات. وجاءت هذه الدعوة في وقت ينتظر فيه أن يشرع مجلس النواب في مناقشة المشروع قريباً. وذكر بيان لـ«الفيدرالية» مساء السبت، أنه تلقى «بارتياح، التصدي القوي والتلقائي لهذا المشروع من طرف الرأي العام المهني، والمجتمع المدني، وفاعلين جمعويين وسياسيين، وشخصيات مشهود لها بالنزاهة والكفاءة»، معتبراً: «إن هذا الموضوع لا يهم باستهداف منظمات مهن

«الشرق الأوسط» (الرباط)
العالم العربي باشاغا: ترشحي للرئاسة الليبية سيتحدد بعد صدور القوانين المنظمة للانتخابات

باشاغا: ترشحي للرئاسة الليبية سيتحدد بعد صدور القوانين المنظمة للانتخابات

قال فتحي باشاغا، رئيس حكومة «الاستقرار» الليبية، إنه باقٍ في منصبه «إلى أن تتفق الأطراف الليبية كافة على قوانين انتخابية يُرحب بها دولياً، والبدء في الإعلان عن مواعيد محددة للاستحقاق الانتخابي...

جاكلين زاهر (القاهرة)

المعارضة الصومالية تجتمع في غوبالاند وسط توترات مع الحكومة

الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود خلال لقاء سابق مع قيادة «الملتقى الصومالي للإنقاذ» الذي يضم قوى سياسية معارضة (وكالة الأنباء الصومالية)
الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود خلال لقاء سابق مع قيادة «الملتقى الصومالي للإنقاذ» الذي يضم قوى سياسية معارضة (وكالة الأنباء الصومالية)
TT

المعارضة الصومالية تجتمع في غوبالاند وسط توترات مع الحكومة

الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود خلال لقاء سابق مع قيادة «الملتقى الصومالي للإنقاذ» الذي يضم قوى سياسية معارضة (وكالة الأنباء الصومالية)
الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود خلال لقاء سابق مع قيادة «الملتقى الصومالي للإنقاذ» الذي يضم قوى سياسية معارضة (وكالة الأنباء الصومالية)

تجتمع المعارضة الصومالية في ولاية غوبالاند التي تشهد خلافات حادة مع الحكومة الفيدرالية بمقديشو، وسط توترات سياسية متصاعدة حول الانتخابات المباشرة واستكمال الدستور.

هذا الاجتماع، الذي يستمر من 17 إلى 20 ديسمبر (كانون الأول)، يراه خبير في الشأن الأفريقي والصومال تحدث لـ«الشرق الأوسط» أقرب إلى «محطة سياسية ذات تأثير محدود، ما لم يتمكن من تجاوز الانقسامات الداخلية والتوترات مع الحكومة وتقديم خطاب وطني جامع يستجيب لتطلعات الشارع الصومالي في الاستقرار والأمن والديمقراطية».

وتحتضن مدينة كيسمايو، العاصمة المؤقتة لولاية غوبالاند، الوفود المشاركة في مؤتمر المعارضة؛ فيما استقبل الأمين العام لمنتدى الإنقاذ الصومالي المعارض، محمد آدم كوفي، وزير الداخلية في غوبالاند، محمد إبراهيم أوغلي، وعدداً من المسؤولين بإدارة الولاية، بحسب ما نقله الموقع الإخباري «الصومال الجديد».

وأوضح أوغلي في تصريحات إعلامية، الثلاثاء، أن المؤتمر سيركز على وضع اللمسات الأخيرة على هيكل مجلس مستقبل الصومال وتحليل الوضع السياسي الذي تمر به البلاد.

وقال كوفي في تصريحات وقتها إن مؤتمر كيسمايو سيناقش قضايا مهمة في ظل المرحلة السياسية الصعبة التي تمر بها البلاد.

وتستضيف الولاية هذا المؤتمر، الذي لم تعلق عليه مقديشو، بعد نحو 10 أيام من إعلان رئيس برلمان غوبالاند، عبدي محمد عبد الرحمن، أن غوبالاند انتقلت من ولاية إقليمية إلى دولة، في تصعيد للتوتر السياسي القائم بينها وبين الحكومة الفيدرالية التي تصف الإدارة الحاكمة حالياً في غوبالاند بأنها غير شرعية بعد إجرائها انتخابات أحادية الجانب في نوفمبر (تشرين الثاني) 2024 أعادت رئيسها أحمد مدوبي الذي يحكم غوبالاند منذ عام 2012 إلى السلطة.

توتر واحتقان

ويرى الخبير في الشؤون الأفريقية، علي محمود كلني، أن المؤتمر ينعقد في توقيت بالغ الحساسية، وسط احتقان سياسي متصاعد وخلافات مزمنة بين الحكومة الفيدرالية في مقديشو وبعض الإدارات الإقليمية.

وتأتي أعمال المؤتمر، بحسب كلني، في ظل قطيعة طويلة بين إدارة غوبالاند والحكومة الفيدرالية؛ وهي قطيعة هيمنت على المشهد السياسي طوال معظم فترة رئاسة حسن شيخ محمود، مشيراً إلى أن العلاقة بين الرئيس الفيدرالي ورئيس غوبالاند أحمد محمد إسلام (مدوبي) اتسمت بتوتر حاد وصل في بعض المراحل إلى مستوى المواجهة السياسية المفتوحة، ما أفقد أي مسعى للتنسيق أو الشراكة معناها العملي.

وعن التحديات التي تواجه مخرجات المؤتمر، لفت كلني إلى التباين الواضح في مواقف القوى المشاركة في المؤتمر، سواء بشأن شكل نظام الحكم، أو آليات إدارة الدولة، أو مستقبل العملية الديمقراطية في البلاد، مشيراً إلى أن هذا التباين يقلّص فرص الخروج برؤية سياسية موحدة، ويجعل من الصعب تحويل المؤتمر إلى منصة ضغط فعالة في مواجهة الحكومة الفيدرالية.

وتأتي تلك التحركات المعارضة، بينما يشتد منذ عام الجدل بشأن الانتخابات الرئاسية المباشرة المرتقبة عام 2026، بعد 57 عاماً من آخر اقتراع أُجري عام 1968، بديلاً عن نظيرتها غير المباشرة في عام 2000، التي اعتمدت بشكل رئيسي على المحاصصة القبلية في ولايات البلاد الخمس، وجرى العمل بها بعد «انقلابات وحروب أهلية»، وفي ظل سيطرة أربع عشائر كبرى هي: هوية، ودارود، ورحنوين، ودِر.

وعلى مدى عام تقريباً، تصاعدت الأزمة السياسية على نحو لافت، وكانت العودة لاستكمال الدستور المؤقت الذي يعود إلى 2012 هي الشرارة الأبرز لتفاقم الخلافات بين الحكومة الفيدرالية وولايتي بونتلاند وغوبالاند من جانب، و«منتدى الإنقاذ الصومالي» من جانب آخر.

هل من مخرجات ملموسة؟

كانت الخلافات بين الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود والمعارضة قد اشتدت بعد تأسيسه حزب «العدالة والتضامن» في 13 مايو الماضي، وتسميته مرشحاً للحزب في الانتخابات المباشرة المقبلة، وسط تحركات للمعارضة وتشكيل تحالفات.

وفي ضوء هذه المعطيات والخلافات المتصاعدة، يرى خبير الشؤون الأفريقية كلني أن تأثير مؤتمر كيسمايو سيظل محدوداً على مشروع الانتخابات المباشرة الذي تعمل حكومة حسن شيخ محمود على الإعداد له.

وتبقى القيمة السياسية للمؤتمر مرهونة بما قد يصدر عنه من مخرجات ملموسة، وبمدى قدرة المشاركين على توحيد مواقفهم حيال القضايا الوطنية الكبرى، وفي مقدمتها استكمال جهود تحرير البلاد من الجماعات المسلحة، ومسار الانتخابات العامة وإعادة تصميمها على أسس توافقية، وإدارة الخلافات السياسية القائمة والسعي إلى مواءمتها ضمن إطار وطني جامع.

وفي النهاية، يؤكد كلني أن التحدي الحقيقي لا يكمن في عقد المؤتمرات بحد ذاتها، بل في القدرة على تحويلها إلى أدوات فاعلة لإنتاج حلول سياسية قابلة للحياة.


مصر تدعم «سلام الكونغو» وتبدي استعدادها لمساندة مسار التسوية

لقاء بين الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ورئيس جمهورية الكونغو الديمقراطية فيليكس تشيسكيدي في أكتوبر الماضي (الرئاسة المصرية)
لقاء بين الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ورئيس جمهورية الكونغو الديمقراطية فيليكس تشيسكيدي في أكتوبر الماضي (الرئاسة المصرية)
TT

مصر تدعم «سلام الكونغو» وتبدي استعدادها لمساندة مسار التسوية

لقاء بين الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ورئيس جمهورية الكونغو الديمقراطية فيليكس تشيسكيدي في أكتوبر الماضي (الرئاسة المصرية)
لقاء بين الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ورئيس جمهورية الكونغو الديمقراطية فيليكس تشيسكيدي في أكتوبر الماضي (الرئاسة المصرية)

أكد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي دعم بلاده لاستقرار جمهورية الكونغو الديمقراطية بعد التوقيع على اتفاقيات سلام تهدف إلى إنهاء التوتر القائم في منطقة «شرق الكونغو»، معرباً عن استعداد بلاده لبذل «كل جهد ممكن لمساندة مسار التسوية».

وتلقى السيسي اتصالاً هاتفياً، الأربعاء، من نظيره الكونغولي فيليكس تشيسكيدي، تناول مجمل العلاقات الثنائية بين البلدين وتطرق إلى مستجدات الأوضاع في شرق الكونغو الديمقراطية، وفق بيان صادر عن المتحدث باسم الرئاسة المصرية.

ورحب السيسي خلال الاتصال بالتوقيع على اتفاق «الدوحة للسلام» الشامل بين حكومة الكونغو الديمقراطية وتحالف نهر الكونغو (حركة 23 مارس)، كما أعرب عن دعم مصر الكامل لاتفاق السلام الموقع في واشنطن ديسمبر (كانون الأول) الحالي، مؤكداً أنه يمثل خطوة بالغة الأهمية نحو إنهاء حالة التوتر وتعزيز الأمن والاستقرار في منطقة البحيرات العظمى.

وأكد الرئيس المصري «استعداد بلاده لبذل كل جهد ممكن، بما في ذلك توفير المحافل اللازمة للأطراف المعنية، دعماً لمسار تسوية النزاع»، وفقاً لبيان الرئاسة المصرية.

الرئيس الأميركي دونالد ترمب في مراسم توقيع «اتفاق السلام» مع رئيسي رواندا بول كاغامي والكونغو الديمقراطية فيليكس تشيسكيدي (أ.ف.ب)

من جانبه، نقل البيان المصري عن الرئيس الكونغولي «تقديره لمساندة مصر لجهود السلام والاستقرار في بلاده وفي المنطقة، واتفق الرئيسان على ضرورة تكثيف الجهود لتذليل أي عقبات قد تواجه تنفيذ اتفاقيات السلام».

ووقع الرئيس الأميركي دونالد ترمب، ورئيسا رواندا بول كاغامي، والكونغو الديمقراطية فيليكس تشيسكيدي، في واشنطن مطلع الشهر الحالي، اتفاقاً يعزز فرص السلام والتعاون الاقتصادي بتلك المنطقة الأفريقية التي تخوض نزاعاً منذ عقود.

ويشهد شرق الكونغو، الغني بالموارد الطبيعية والمجاور لرواندا، نزاعات مسلحة متواصلة منذ نحو ثلاثة عقود. وتصاعدت حدة العنف بين يناير (كانون الثاني) وفبراير (شباط) الماضيين، بعدما سيطرت حركة «23 مارس»، بدعم من كيغالي، على مدينتَي غوما وبوكافو الرئيسيتين.

ويعد الاتفاق بين رواندا والكونغو الديمقراطية في واشنطن هو الأحدث ضمن سلسلة تفاهمات بإطار أُبرمت في يونيو (حزيران) الماضي بواشنطن، إضافة إلى إطار عمل الدوحة لاتفاقية سلام شاملة، الذي وقعته كينشاسا وحركة «23 مارس» في 15 نوفمبر (تشرين الثاني) في قطر، استكمالاً لاتفاق في 19 يوليو (تموز) الماضي.

وأشار المتحدث باسم الرئاسة المصرية إلى أن الرئيسين اتفقا خلال اتصال، الأربعاء، على أهمية تعزيز التشاور والتعاون الثنائي في القضايا ذات الاهتمام المشترك، بما يسهم في تحقيق الاستقرار والسلام والتنمية في جمهورية الكونغو الديمقراطية.

وأكد السيسي تطلعه لاستضافه نظيره الكونغولي لمواصلة تعزيز التعاون بين البلدين، فيما ثمَّن تشيسكيدي الزخم الذي تشهده العلاقات مع مصر، مُعبراً عن تقديره للدعم الذي تقدمه لبلاده في مختلف القطاعات.

وفي مطلع هذا الأسبوع، قالت الخارجية المصرية إنها «تتابع بقلق بالغ التطورات المتسارعة في شرق جمهورية الكونغو الديمقراطية، وما تشهده بعض المناطق من تدهور في الأوضاع الإنسانية الذي يفرض تحديات عاجلة على المدنيين»، مؤكدة دعمها المستمر لوحدة وسلامة وسيادة الأراضي الكونغولية.

وشددت مصر، وفق بيان للخارجية، السبت، على أهمية التهدئة ووقف أي تصعيد ميداني بما يسهم في خلق بيئة مواتية للحوار واستعادة الاستقرار؛ مؤكدة الالتزام باتفاق واشنطن للسلام بوصفه إطاراً أساسياً لبناء الثقة وتخفيف التوتر.

كما أكدت مصر ضرورة وقف الأعمال العدائية وتسهيل وصول المساعدات الإنسانية، مشددة على الحاجة إلى دعم الجهود الإقليمية والدولية الرامية إلى تحسين الوضع الإنساني ومنع مزيد من التدهور.


«الوحدة» الليبية تعد بتعديل وزاري قريب

صورة وزعتها البعثة الأممية لاختتام افتتاح الحوار المهيكل
صورة وزعتها البعثة الأممية لاختتام افتتاح الحوار المهيكل
TT

«الوحدة» الليبية تعد بتعديل وزاري قريب

صورة وزعتها البعثة الأممية لاختتام افتتاح الحوار المهيكل
صورة وزعتها البعثة الأممية لاختتام افتتاح الحوار المهيكل

استبقت حكومة الوحدة الليبية المؤقتة نتائج الحوار الأممي المهيكل بالتأكيد على «أولوية الاستفتاء على الدستور»، معلنة إجراء تعديلات وزارية قريبة، تزامناً مع تأكيد عقيلة صالح، رئيس مجلس النواب، دعم فرنسا للانتخابات.

وقالت حكومة الوحدة المؤقتة، التي رحبت بانطلاق الحوار المهيكل، إنها ستُعلن خلال الأيام القريبة المقبلة عن تعديلات حكومية إصلاحية، تشمل سدّ الشواغر الوزارية، وتهدف إلى رفع مستوى الكفاءة، وتعزيز الأداء المؤسسي، وتوسيع دائرة التوافق بما يدعم متطلبات المرحلة المقبلة.

وأكدت «الوحدة» في بيان لها، مساء الثلاثاء، أن جوهر المرحلة لا يرتبط بتعدد المسارات أو تسمياتها، بقدر ما ينصرف إلى تحقيق الهدف الوطني، المتمثل في إجراء الانتخابات، بوصفها الاستحقاق الذي ينتظره الليبيون لتجديد الشرعية، ووضع حد لحالة عدم اليقين السياسي، مشدّدةً على أن توجهها الأساسي يتمثل في الاستفتاء على مشروع الدستور أولاً، ومؤكدة أنها تتعاطى بإيجابية مع الاختراق، الذي طرأ على حالة الجمود السابقة، وعبّر عن ذلك شخصيات فاعلة، الأمر الذي يفضي إلى الذهاب المباشر نحو الانتخابات التي أصبحت اليوم محل إقرار من مختلف الأطراف، بعد أن ظلت لفترة موضع نقاش، بما يعكس تحولاً واضحاً في مقاربة الحل السياسي.

وعدّت «الوحدة» أن استمرار الخلاف حول القوانين الانتخابية، إن لم يُحسم، فإنه يكرّس الحاجة إلى الاحتكام إلى أسس دستورية واضحة، تُبنى عليها العملية الانتخابية، وتضمن قابليتها للتطبيق، وهو ما أكدت عليه المفوضية العليا للانتخابات بإعلان جاهزيتها متى توفرت هذه الأطر القانونية السليمة.

كما جدّدت الحكومة التزامها بدعم كل ما من شأنه الدفع نحو الانتخابات ضمن مسار وطني مسؤول، يحفظ وحدة الدولة، ويعكس الإرادة الشعبية، ويجنب البلاد الدخول في مراحل انتقالية إضافية.

في سياق ذلك، أوضح وزير الدولة للاتصال بحكومة الوحدة، وليد اللافي، أن التعديلات الوزارية المرتقبة ستركز على اختيار وزراء أكفاء، وتراعي المناطق الجغرافية دون استثناء، مشيراً إلى أنها ستشمل وزارات سيادية وخدمية، وتمثيلاً أكبر للشباب.

في غضون ذلك، أظهر تقرير أممي تفضيلاً واسعاً بين الليبيين لإجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المؤجلة. وطبقاً للتقرير، الذي نشرته بعثة الأمم المتحدة في ساعة متأخرة من مساء الثلاثاء، حول نتائج المشاورات العامة للحوار المهيكل، فقد أكد 86 في المائة ممن شاركوا في استطلاع عبر الإنترنت جاهزيتهم للتصويت فوراً، فيما أكد أكثر من 70في المائة أن مشاركتهم تؤثر فعلياً.

ووصف التقرير الأزمة الجوهرية في ليبيا، بأنها أزمة سياسية ناجمة، عما وصفه بانقسام مؤسسي وجهوي عميق، وسلطات متنافسة، وغياب سلطة تنفيذية واحدة ذات شرعية وطنية، ما ينعكس سلباً على الاقتصاد والأمن والحوكمة.

وعدّ انتشار السلاح عقبة أساسية أمام الانتخابات والسلام الدائم، وحدّد الأولويات الأساسية في القطاع الأمني بنزع سلاح التشكيلات المسلحة، وإعادة إدماجها، وإنشاء جيش ومؤسسات أمنية موحدة، مع تأكيد السيطرة المدنية، وتحقيق أمن مرتكز على الحقوق وفي خدمة المواطن.

كما تحدث التقرير عن «سلطة سياسية شرعية واحدة، تسيطر فعلياً على الجيش والأمن»، بالإضافة إلى «أطر قانونية ومعايير مهنية واضحة تُطبق بعدالة، وحوافز مالية وضوابط مشفوعة بعقوبات لتشجيع الاندماج والالتزام».

وكانت البعثة الأممية قد أصدرت وثيقة «الإطار المرجعي» الرسمي للحوار، الذي يحدد منصة شاملة تضم 120 إلى 124 مشاركاً ليبياً، يمثلون تنوعاً جغرافياً واجتماعياً، مع نسبة لا تقل عن 35 في المائة للنساء، بالإضافة إلى مشاركة الشباب وذوي الإعاقة.

ويركز الحوار على أربعة مسارات رئيسية هي: الحوكمة، والاقتصاد، والأمن، والمصالحة الوطنية وحقوق الإنسان، مع دمج حقوق المرأة بوصفه موضوعاً مشتركاً.

ويعتمد على مبادئ الملكية الليبية، والشمول، والشفافية، وبناء التوافق، ويستمر لمدة 4 إلى 6 أشهر، بهدف إصدار توصيات توافقية ملموسة لمعالجة جذور النزاع، وتهيئة الانتخابات.

اجتماع صالح ورئيسة الجمعية الوطنية الفرنسية (مجلس النواب)

وتعهد أعضاء الحوار المهيكل، وفقاً لمدونة قواعد السلوك، التي أصدرتها البعثة الأممية أيضاً بوضع المصلحة الوطنية أولاً، والنزاهة، ورفض الضغوط أو المزايا المادية، واحترام الآراء، وتجنب التمييز أو المضايقة، والحفاظ على سرية المداولات.

في المقابل، أكد رئيس مجلس النواب، عقيلة صالح، الذي بدأ زيارة مفاجئة إلى العاصمة الفرنسية باريس، لم يسبق الإعلان عنها، في لقائه، مساء الثلاثاء، مع رئيس الجمعية الوطنية الفرنسية يائيل بيفيه، أن حل الأزمة الليبية يتطلب تضافر الجهود الدولية لمساعدة الشعب الليبي في التعبير عن إرادته الحرة في انتخابات رئاسية وبرلمانية نزيهة، وحذّر من أن قيام البعثة الأممية بفتح مسارات إضافية «سيعقد هذا المسار، ولن يكون لها أثر فعلي إيجابي على ملف التسوية السياسية».

ونقل صالح عن يائيل التزام فرنسا بدعم ومساندة الشعب الليبي في تحقيق رغبته في بناء دولة ديمقراطية مستقرة.

وكان صالح نقل عن رئيس مجلس الشيوخ الفرنسي، جيرارد لاروشيه، في اجتماعهما تأييده لمقترحاته بشأن حل الأزمة الليبية من خلال الوقوف مع الشعب الليبي، وحقه في اختيار رئيسه وبرلمانه عن طريق الانتخابات المباشرة، لافتاً إلى قيام مجلس النواب بواجباته كاملة في إصدار قانوني انتخاب الرئيس ومجلس الأمة، وتقديم لجنة (6 + 6) المشتركة مع مجلس الدولة، نتائج أعمالها، التي قال وفقاً لعبد الله بليحق، الناطق باسم صالح، إنها نالت رضا مختلف الأطراف، ودعم مجلس الأمن الدولي.

كما أكد صالح، خلال لقائه مع بول سولير، المبعوث الخاص للرئيس الفرنسي، دعم فرنسا لمجلس النواب الليبي ومساعيه لتنظيم الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المتزامنة، مشيداً بمخرجات لجنة (6 + 6) بوصفها خطوة توافقية مهمة بشأن القوانين الانتخابية، مشيراً إلى ضرورة استمرار اللجنة في مهامها.