وزير العدل المغربي ينفي إبلاغ السلطات الفرنسية الرباط بمتابعة التحقيق القضائي في قضية مدير المخابرات المغربية

الرميد لـ«الشرق الأوسط»: سنتخذ القرار الملائم في حال التوصل به

وزير العدل المغربي ينفي إبلاغ السلطات الفرنسية الرباط بمتابعة التحقيق القضائي في قضية مدير المخابرات المغربية
TT

وزير العدل المغربي ينفي إبلاغ السلطات الفرنسية الرباط بمتابعة التحقيق القضائي في قضية مدير المخابرات المغربية

وزير العدل المغربي ينفي إبلاغ السلطات الفرنسية الرباط بمتابعة التحقيق القضائي في قضية مدير المخابرات المغربية

نفى مصطفى الرميد، وزير العدل والحريات المغربي، تلقي السلطات المغربية أي إبلاغ رسمي من قبل القضاء الفرنسي لمتابعة التحقيق بشأن قضية اتهام عبد اللطيف الحموشي، مدير المخابرات المغربية والمدير العام للأمن العام، بالتعذيب من طرف ملاكم مغربي سابق.
وقال الرميد لـ«الشرق الأوسط»: «لم نتلق أي مراسلة أو إحالة من أي جهة بخصوص هذه القضية»، وأضاف أنه «في حال التوصل بها سنتخذ القرار الملائم».
وكانت وكالة الصحافة الفرنسية قد ذكرت أن نيابة باريس أبلغت رسميا القضاء المغربي بوقائع قضية اتهام مدير المخابرات الداخلية المغربية بالتعذيب، بحسب ما علمت لدى مصدر قضائي، وأشارت إلى أنه في ختام التحقيق التمهيدي في قضية مومني وجهت نيابة باريس إلى السلطات القضائية المغربية «إبلاغا رسميا بهدف الملاحقة» عن الوقائع الواردة في القضية.
وكان المومني قد رفع دعوى قضائية ضد الحموشي في 21 فبراير (شباط) من العام الماضي، وكان أدين في المغرب في قضية احتيال قبل العفو عنه في فبراير 2012، لكنه زعم أنه أدلى باعترافاته تحت التعذيب.
وتأتي إثارة قضية الحموشي من جديد، بعد أيام قليلة من تعيينه من قبل الملك محمد السادس مديرا عاما للأمن الوطني، مع احتفاظه بمنصبه على رأس المديرية العام لمراقبة التراب الوطني (الاستخبارات الداخلية)، كما تأتي قبيل أيام قليلة من انعقاد اللجنة العليا المشتركة المغربية - الفرنسية المقررة نهاية الشهر الحالي، والتي سبقتها زيارات مكثفة لمسؤولين فرنسيين كبار للمغرب، بعد أن طوت الرباط وباريس صفحة التوتر بينهما في 31 يناير (كانون الثاني) الماضي، والتي دامت نحو عام، حيث استأنف البلدان تبادل الزيارات في 13 فبراير الماضي، إذ زار الرباط برنار كازونوف، وزير الداخلية الفرنسي، وأجرى مباحثات مع نظيره المغربي محمد حصاد، تناولت سبل تعزيز التعاون في المجال الأمني ومكافحة الإرهاب، تلتها زيارة رولان فابيوس، وزير الخارجية الفرنسي، في 9 مارس (آذار) الماضي، ثم زار المغرب بعد ذلك مانويل فالس، رئيس الوزراء الفرنسي.
وتعليقا على الموضوع، قال تاج الدين الحسيني، أستاذ العلاقات الدولية لـ«الشرق الأوسط»، إنه «بحكم الاتفاقية القضائية الموقعة بين البلدين فإنه من حق القضاء الفرنسي أن يوجه للسلطات القضائية المغربية بلاغا رسميا لمتابعة التحقيق في بعض القضايا لأن ذلك يدخل في إطار اختصاص السلطات القضائية المغربية، التي يحق لها متابعة التحقيق في القضايا التي تهم مواطنيها، لا سيما إذا كان القضاء الفرنسي لم يكن قد أغلق التحقيق في هذه القضية».
وأبدى الحسيني استغرابه لكون السلطات الفرنسية ورغم التوصل إلى توافق لطي صفحة القطيعة بين البلدين فإنها تعود إلى فتح ملف بهذا الحجم، وقال بهذا الشأن إن «متابعة التحقيق في هذه القضية فيه نوع من الإساءة لروح التفاهم بين البلدين الذي جرى خلال هذه السنة»، موضحا أن استقلالية السلطة القضائية في فرنسا عن السلطة التنفيذية هو ما يفسر هذا التفاوت بين أجهزة اتخاذ القرار في باريس.
وكانت علاقة الرباط وباريس قد عرفت توترا غير مسبوق، وذلك على خلفية مزاعم بممارسة التعذيب وجهها القضاء الفرنسي للحموشي، بسبب دعوى رفعت ضده في فرنسا من قبل منظمة غير حكومية، وتوجهت على إثرها الشرطة الفرنسية إلى مقر سفارة المغرب بباريس لتسليم استدعاء مثوله أمام القضاء، ثم توالت بعد ذلك أحداث مسيئة استهدفت النيل من مسؤولين مغاربة كبار أثناء وجودهم بباريس. وسعيا إلى رد الاعتبار لمدير المخابرات الداخلية المغربية، قررت فرنسا منح وسام رفيع إليه، وهو وسام جوقة الشرف بدرجة ضابط، تقديرا لجهود الحموشي في مجال محاربة الإرهاب، وهو ما أعلن عنه وزير الداخلية الفرنسي برنار كازونوف خلال زيارته إلى الرباط.
واستأنف البلدان أيضا تعاونهما القضائي والأمني، وقررا تعديل الاتفاقية المبرمة في هذا المجال، بعد زيارة مصطفى الرميد إلى باريس ولقائه نظيرته الفرنسية كريستيان توبيرا. وبعد ذلك التقى العاهل المغربي الملك محمد السادس الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند خلال زيارته الخاصة إلى باريس، واتفق قائدا البلدين على «عزم فرنسا والمغرب على مكافحة الإرهاب سويا، وعلى التعاون التام في مجال الأمن». وأعلنا أن برنامجا مكثفا من الزيارات الوزارية سيمكن من التحضير للاجتماع رفيع المستوى المقبل بين الحكومتين.
وكانت الحكومة المغربية قد رفعت بدورها دعوى قضائية في فرنسا ضد المومني، بتهمة التشهير والمس بسمعة السلطات المغربية، وكان من المقرر أن يمثل أمام القضاء في 20 مارس الماضي، وذلك إثر تصريحات أدلى بها لقنوات تلفزيونية فرنسية خلال مسيرة 11 يناير الماضي المنددة بالإرهاب بعد أحداث مجلة «شارلي إيبدو»، والتي تمس بشكل خطير بسمعة السلطات المغربية.
وكان المومني، الذي يحمل الجنسية الفرنسية، قد استغل المسيرة ليثير قضيته من جديد أمام وسائل الإعلام الأجنبية، حيث اتهم مسؤولين مغاربة بتهديده، وتعذيبه عام 2010، وهما محمد منير الماجدي السكرتير الخاص للملك، وعبد اللطيف الحموشي، مدير المخابرات الداخلية. وقد حكم على المومني بسنتين سجنا نافذا عام 2010 بتهمة النصب والاحتيال على شخصين لتهجيرهما إلى فرنسا مقابل مبالغ مالية. بيد أنه يدعي أن التهمة ملفقة. كما يتابع المومني أيضا في شكوى مرفوعة ضده أمام المحكمة الابتدائية بالرباط من أجل «الاتهام الكاذب، وإهانة السلطات والتشهير العام».
وكان الملاكم المغربي السابق قد حصل على ميدالية عالمية في أحد أصناف الملاكمة عام 1999. وطالب بعدها المسؤولين المغاربة بمنحه وظيفة في وزارة الشباب والرياضة، بدعوى وجود مرسوم (قانون) يخول له ذلك، لكن قضيته اتخذت مسارا آخر عندما لم يحصل على المنصب، ومنذ ذلك الحين لم يتوقف عن كيل الاتهامات للمسؤولين المغاربة.



3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
TT

3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)

قدمت الحكومة اليمنية عبر سفارتها في واشنطن 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية في مواجهة الجماعة الحوثية المدعومة من إيران، في حين تحدثت الجماعة، الأحد، عن غارة ضربت موقعاً لها في جنوب محافظة الحديدة.

ووصف الإعلام الحوثي الغارة بـ«الأميركية - البريطانية»، وقال إنها استهدفت موقعاً في مديرية التحيتا الخاضعة للجماعة في جنوب محافظة الحديدة الساحلية على البحر الأحمر، دون إيراد تفاصيل عن آثار الضربة.

مقاتلات أميركية من طراز «إف 35» شاركت في ضرب الحوثيين باليمن (أ.ب)

وفي حين لم يتبنَّ الجيش الأميركي على الفور هذه الغارة، تراجعت خلال الشهر الأخير الضربات على مواقع الحوثيين، إذ لم تسجل سوى 3 غارات منذ 12 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

وكانت واشنطن أنشأت تحالفاً بقيادتها سمّته «حارس الازدهار» وبدأت - ومعها بريطانيا في عدد من المرات - في شن ضربات على مواقع الجماعة الحوثية ابتداء من 12 يناير (كانون الثاني) 2024، في مسعى لإضعاف قدرة الجماعة على مهاجمة السفن.

وإذ بلغت الغارات أكثر من 800 غارة غربية استأثرت محافظة الحديدة الساحلية بأغلبها، كانت الجماعة تبنت مهاجمة نحو 215 سفينة منذ نوفمبر 2023، وأدت الهجمات إلى غرق سفينتين وإصابة أكثر من 35 سفينة ومقتل 3 بحارة.

وتزعم الجماعة الموالية لإيران أنها تشن هجماتها ضد السفن إلى جانب عشرات الهجمات باتجاه إسرائيل مساندة منها للفلسطينيين في غزة، في حين تقول الحكومة اليمنية إن الجماعة تنفذ أجندة طهران واستغلت الأحداث للهروب من استحقاقات السلام.

تصنيف ودعم وتفكيك

في وقت يعول فيه اليمنيون على تبدل السياسة الأميركية في عهد الرئيس المنتخب دونالد ترمب، لتصبح أكثر صرامة في مواجهة الحوثيين الذين باتوا الذراع الإيرانية الأقوى في المنطقة بعد انهيار «حزب الله» وسقوط نظام بشار الأسد، قدم السفير اليمني لدى واشنطن محمد الحضرمي 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ لدعم بلاده.

وتتضمن المقترحات الثلاثة إعادة تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية، ودعم الحكومة اليمنية لتحرير الحديدة وموانئها، واستهداف قيادات الجماعة لتفكيك هيكلهم القيادي.

محمد الحضرمي سفير اليمن لدى الولايات المتحدة ووزير الخارجية الأسبق (سبأ)

وقال السفير الحضرمي إن تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية على غرار تصنيف «حزب الله» و«الحرس الثوري» الإيراني، من شأنه أن يبعث برسالة قوية مفادها أن أفعال الحوثيين (ترويع المدنيين، واستهداف الأمن البحري، وزعزعة استقرار المنطقة) غير مقبولة.

وبخصوص دعم الحكومة اليمنية لتحرير ميناء الحديدة، أوضح الحضرمي في مداخلته أمام مجلس الشيوخ الأميركي أن تأمين هذا الميناء الحيوي على البحر الأحمر، من شأنه أن يمكن الحكومة من حماية البحر الأحمر وإجبار الحوثيين على الانخراط في السلام، وكذلك منع وصول الدعم الإيراني إليهم.

وأكد الحضرمي أن تحرير الحديدة لن يكلف الحكومة اليمنية الكثير، وقال: «كنا على مسافة قليلة جداً من تحرير الحديدة في 2018، وتم إيقافنا من قبل المجتمع الدولي. وأعتقد أنه حان الأوان لتحرير هذا الميناء».

وفيما يتعلق باستهداف قيادات الحوثيين لتفكيك هيكلهم القيادي، شدد السفير اليمني في واشنطن على أهمية هذه الخطوة، وقال إن «محاسبة قادة الميليشيات الحوثية على جرائمهم ستؤدي إلى إضعاف عملياتهم وتعطيل قدرتهم على الإفلات من العقاب».

وأضاف: «ستعمل هذه التدابير على تعزيز أمن البحر الأحمر، وحفظ دافعي الضرائب وهذا البلد (الولايات المتحدة) للكثير من المال، ومحاسبة الحوثيين على أفعالهم، وتوفير الضغط اللازم لإجبار الجماعة على الانخراط في المفاوضات، مما يمهد الطريق لسلام دائم في اليمن».

ورأى السفير اليمني أن الدبلوماسية وحدها لا تجدي نفعاً مع النظام الإيراني ووكلائه، وقال: «حاولنا ذلك معهم لسنوات عديدة. (السلام من خلال القوة) هو المجدي! وأنا واثق بأن الشعب اليمني والإيراني سيتمكنون يوماً ما من تحرير أنفسهم من طغيان النظام الإيراني ووكلائه».

اتهام إيران

أشار السفير الحضرمي في مداخلته إلى أن معاناة بلاده كانت النتيجة المتعمدة لدعم إيران للفوضى وعدم الاستقرار في المنطق، وقال: «منذ أكثر من 10 سنوات، قامت إيران بتمويل وتسليح جماعة الحوثي الإرهابية، وتزويدها بالأسلحة الفتاكة لزعزعة استقرار اليمن وتهديد خطوط الملاحة الدولية في البحر الأحمر».

وأوضح أنه من المأساوي أن الدعم الإيراني مكّن الحوثيين من أن يصبحوا خطراً ليس فقط على اليمن، بل على المنطقة والعالم، إذ يعدّ البحر الأحمر ممراً مهماً للشحن التجاري، حيث يمر منه أكثر من 10 في المائة من التجارة العالمية و30 في المائة من شحن البضائع السنوي، لافتاً إلى أن الولايات المتحدة وحدها تنفق مليارات الدولارات للتصدي لهجمات لا تكلف إيران إلا القليل.

صاروخ وهمي من صنع الحوثيين خلال تجمع في صنعاء دعا له زعيم الجماعة (إ.ب.أ)

وخاطب الحضرمي أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي بالقول: «يجب إيقاف الحوثيين، ويمكن لليمنيين إيقافهم! فنحن نمتلك العزيمة والقوة البشرية لمواجهة الحوثيين والتهديد الإيراني في اليمن والبحر الأحمر. ولكننا لا نستطيع أن نفعل ذلك بمفردنا؛ نحن بحاجة لدعمكم».

وأشار السفير اليمني إلى أن الحوثيين يحصلون على النفط والغاز مجاناً من إيران، وباستخدام الأسلحة الإيرانية يمنعون اليمن من تصدير موارده الطبيعية، مما أعاق قدرة الحكومة على دفع الرواتب، أو تقديم الخدمات، أو شن هجوم مضاد فعال ضد الجماعة. وقال: «يمكن أن يتغير ذلك بدعم الولايات المتحدة».

وأكد الحضرمي أن اليمنيين لديهم العزيمة والقدرة على هزيمة الحوثيين واستعادة مؤسسات الدولة وإحلال السلام، واستدرك بالقول إن «وجود استراتيجية أميركية جديدة حول اليمن يعدّ أمراً بالغ الأهمية لمساعدتنا في تحقيق هذا الهدف».

ومع تشديد السفير اليمني على وجود «حاجة ماسة إلى نهج جديد لمعالجة التهديد الحوثي»، أكد أن الحوثيين «ليسوا أقوياء بطبيعتهم، وأن قوتهم تأتي فقط من إيران وحرسها الثوري، وأنه بوجود الاستراتيجية الصحيحة، يمكن تحييد هذا الدعم».