أوكرانيا «الضيف» تثير خلافاتها مع ألمانيا في اجتماع «السبع»

وزراء خارجية «المجموعة» يناقشون الدعم المستمر لكييف عسكرياً ومالياً وإنسانياً

وزير خارجية أوكرانيا (الثالث من اليسار) ضغط لتسريع انضمام بلاده إلى الاتحاد الأوروبي (أ.ف.ب)
وزير خارجية أوكرانيا (الثالث من اليسار) ضغط لتسريع انضمام بلاده إلى الاتحاد الأوروبي (أ.ف.ب)
TT

أوكرانيا «الضيف» تثير خلافاتها مع ألمانيا في اجتماع «السبع»

وزير خارجية أوكرانيا (الثالث من اليسار) ضغط لتسريع انضمام بلاده إلى الاتحاد الأوروبي (أ.ف.ب)
وزير خارجية أوكرانيا (الثالث من اليسار) ضغط لتسريع انضمام بلاده إلى الاتحاد الأوروبي (أ.ف.ب)

فيما كانت الوفود المشاركة في اجتماع وزراء خارجية مجموعة دول السبع قد بدأت تصل إلى بلدة فانغلز في شمالي ألمانيا لمناقشة الحرب في أوكرانيا، كان وزير الخارجية الأوكراني ديمترو كوليبا منشغلاً في برلين بالضغط على المسؤولين الألمان للموافقة على تسريع عضوية بلاده في الاتحاد الأوروبي. وفي لقاءاته في العاصمة الألمانية، كرر كوليبا أن الانضمام للاتحاد الأوروبي هو من أولويات الأوكرانيين، وقال إن «الاتحاد الأوروبي بحاجة إلى أوكرانيا بقدر حاجة أوكرانيا إليه». ورغم انتزاع كوليبا لتأكيد من زعيم الحزب الاشتراكي الحاكم لارس كلينغبيل بدعم حزبه لتسريع ضم أوكرانيا للاتحاد الأوروبي، فإن المستشار الألماني أولاف شولتز، الاشتراكي أيضاً، يرفض تسريع عملية ضم أوكرانيا، ويشدد على ضرورة عدم تحييد دول غرب البلقان الذين يتفاوضون على الانضمام للاتحاد الأوروبي منذ سنوات. وبدا كوليبا في بداية اللقاءات التي عقدها مع المسؤولين الألمان في برلين كأنه يؤكد أن صفحة التوترات بين كييف وبرلين قد طويت، وحتى إنه وصف ألمانيا بأنها باتت «رائدة» في مواقفها الداعمة لبلاده. إلا أنه عاد لينتقد برلين في مقابلة أدلى بها لصحيفة «دي فيلت» واتهمها بالتردد في تزويد بلاده بأسلحة تحتاجها. ووصل كوليبا إلى برلين صباح أمس قادماً من كييف تلبية لدعوة وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك التي زارت أوكرانيا قبل أيام لتصبح أول مسؤولة ألمانية في الحكومة تزور كييف منذ بداية الحرب. ويخيم التوتر على العلاقات بين كييف وبرلين منذ أسابيع بعد رفض أوكرانيا استقبال الرئيس الألماني فرانك فالتر شتايمناير المنتمي للحزب الاشتراكي الحاكم، لعلاقاته المقربة من موسكو، ودوره في سياسة التقارب بين ألمانيا وروسيا عندما كان وزيراً للخارجية في حكومة المستشار السابق غيرهارد شرورد. إلا أن كوليبا حاول طي صفحة التوتر تلك ووصف «تاريخ» الحزب الاشتراكي في ألمانيا وسياسته المقربة من روسيا التي رسمها طوال عقود بأنها «أصبحت من الماضي». وقال خلال لقائه بالزعيم المشترك للحزب في برلين لارس كلينغبايل إن «تاريخ العلاقات الألمانية الروسية قبل الحرب ودور الحزب الاشتراكي فيها أصبح الآن شيئاً من التاريخ». وأشار كوليبا إلى أن المستشار أولاف شولتز الذي ينتمي إلى الحزب الاشتراكي عكس سياسة ألمانيا بالتسليح وسياستها المتعلقة بالطاقة. وقال: «أعلم أنه ليس من السهل اتخاذ قرارات كهذه»، مشيرا إلى أن شولتز أظهر «أنه يتمتع بقوة كافية ليعترف بأن السياسات السابقة فشلت وأن هناك حاجة لسياسات جديدة». وقبل الحرب الأوكرانية، كانت ألمانيا ترفض إرسال أسلحة لمناطق نزاعات ولكنها تراجعت عن سياستها تلك بعد الحرب في أوكرانيا موافقة في البداية على إرسال أسلحة خفيفة ثم ثقيلة.
ومع ذلك، فإن كوليبا عاد وانتقد «تردد» برلين لجهة تزويد بلاده بالأسلحة، وقال في المقابلة التي أدلى بها لـ«دي فيلت»، وقال إن الدبابات المضادة للطيران التي وعدت ألمانيا بتزويدها بها، لم تطلب حتى بها أوكرانيا. وأضاف: «لم نطلب تزويدنا بدبابات (شيتا)، يبدو أن الحكومة الألمانية تعطيها أشياء هي ليست بحاجة إليها». وتابع كوليبا منتقداً بأن الدبابات لم تكن مزودة بذخائر، مضيفاً أن «تقديم أسلحة لم تطلبها ثم الانتباه بأنه لا يمكن تشغيلها يطرح بعض الأسئلة». وانتقد كذلك نوع الأسلحة التي أرسلتها ألمانيا إلى أوكرانيا حتى الآن والتي اقتصرت على أسلحة من بقايا الاتحاد السوفياتي.
وفي البداية، قالت برلين إن سبب إرسال تلك الأسلحة يعود إلى معرفة الجيش الأوكراني بكيفية تشغيلها من دون الحاجة لتدريب عناصره على استخدام أسلحة جديدة أوروبية الصنع. ولكن كوليبا دعا لوقف إرسال الأسلحة السوفياتية لبلاده قائلاً: «لننسى أنظمة الأسلحة السوفياتية، هذا الأمر انتهى. إذا استمرت الحرب فسينتهي آخر مخزون من الأسلحة السوفياتية من الدول المستعدة لتقديمها لنا». ودعا كوليبا لأسلحة أوروبية الصنع وحتى لمقاتلات ترفض الدول الغربية حتى الآن تسليمها لأوكرانيا خوفاً من أن تصبح طرفاً في القتال.
ولم يتوقف وزير الخارجية الأوكراني عند انتقاد ألمانيا لجهة تسليحها لبلاده، ولكنه تابع بالضغط على الشركات الألمانية ودعاها بعد لقائه بوزير الاقتصاد روبرت هابيك، إلى وقف التعامل مع روسيا «ودعم آلة الحرب الروسية».
ورداً على سؤال من صحيفة «دي فيلت» عن أموال روسيا المجمدة في الخارج، قال كوليبا إن بعض الدول أبدت استعدادها للمساعدة في وضع يد أوكرانيا عليها لمساعدتها في إعادة البناء، ولكنه قال إن ألمانيا ليست واحدة من هذه الدول، وأضاف: «من الناحية القانونية، إنها مسألة معقدة، ولكنها أيضاً مسألة سياسية. هناك بعض الدول التي وعدتنا بأنها ستمرر القوانين اللازمة لجعل الأمر ممكناً».
وفي بلدة فانغلز في ولاية شليزفيغ هولشتاين التي تبعد قرابة الساعات الـ4 بالسيارة عن برلين، تجمع وزراء خارجية مجموعة السبع وحلوا ضيوفاً عليهم إضافة إلى وزير الخارجية الأوكراني، ووزيري خارجية مولدوفا وإندونيسيا بحسب ما أعلنت وزيرة الخارجية الألمانية. وغاب وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن الذي بقي تمثيله غير معروف حتى اللحظات الأخيرة بعد أن أصيب بفيروس كورونا الأسبوع الماضي. وفي النهاية غاب عن الاجتماع ومثلته مساعدة وزير الخارجية للشؤون السياسية فيكتوريا نولاند.
وقالت وزارة الخارجية الأميركية أمس الخميس إن بلينكن سيتوجه إلى ألمانيا يوم السبت لحضور اجتماع لوزراء خارجية دول الناتو بخصوص ردهم على الحرب في أوكرانيا. ويأتي الاجتماع في الوقت الذي تتحرك فيه فنلندا، التي تشعر بقلق من الغزو الروسي لأوكرانيا، للانضمام إلى حلف الأطلسي. ويناقش وزراء خارجية دول السبع الدعم المستمر لأوكرانيا من النواحي العسكرية والمالية والإنسانية بحسب ما أعلنت بيربوك في بداية الاجتماعات. وستتطرق الاجتماعات كذلك إلى مسألة الأمن الغذائي وبدائل نقل الحبوب العالقة في المرافئ الأوكرانية التي قالت بيربوك إنه لا يمكن إخراجها منها بسبب الحصار الروسي. وشددت على أن دول المجموعة سيدرسون حلولاً لأزمة الغذاء وإيصال الحبوب للعالم، وقالت: «هناك حالياً 25 مليون طن من الحبوب عالقة في مرفأ أوديسا، ما يعني غذاء ناقصاً لملايين الأشخاص في أنحاء العالم خاصة في أفريقيا والشرق الأوسط». وتعهد الاتحاد الأوروبي أمس بإيجاد طرق بديلة عن المرافئ لنقل الحبوب من أوكرانيا عبر زيادة الرحلات البرية عبر بولندا وقدرة استيعاب الشاحنات كذلك.


مقالات ذات صلة

دراسة: كبار السن أكثر قدرة على تحمل حرارة الطقس مقارنة بالشباب

صحتك رجل يسكب الماء على رأسه أثناء موجة حر في هيوستن بولاية تكساس بالولايات المتحدة 25 أغسطس 2023 (رويترز)

دراسة: كبار السن أكثر قدرة على تحمل حرارة الطقس مقارنة بالشباب

كشفت دراسة مكسيكية أنه على عكس الاعتقاد السائد، فإن كبار السن أكثر قدرة على تحمل موجات الحرارة مقارنة بالشباب.

«الشرق الأوسط» (سان فرانسيسكو)
خاص تم تحسين هذه النماذج لمحاكاة سيناريوهات المناخ مثل توقع مسارات الأعاصير مما يسهم في تعزيز الاستعداد للكوارث (شاترستوك)

خاص «آي بي إم» و«ناسا» تسخّران نماذج الذكاء الاصطناعي لمواجهة التحديات المناخية

«الشرق الأوسط» تزور مختبرات أبحاث «IBM» في زيوريخ وتطلع على أحدث نماذج الذكاء الاصطناعي لفهم ديناميكيات المناخ والتنبؤ به.

نسيم رمضان (زيوريخ)
بيئة أظهرت الدراسة التي أجراها معهد «كلايمت سنترال» الأميركي للأبحاث أنّ الأعاصير الـ11 التي حدثت هذا العام اشتدت بمعدل 14 إلى 45 كيلومتراً في الساعة (رويترز)

الاحترار القياسي للمحيطات زاد حدة الأعاصير الأطلسية في 2024

أكدت دراسة جديدة، نُشرت الأربعاء، أن ظاهرة الاحترار المناخي تفاقم القوة التدميرية للعواصف، مسببة زيادة السرعة القصوى لرياح مختلف الأعاصير الأطلسية.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
بيئة متوسط درجات الحرارة كان مرتفعاً للغاية منذ يناير حتى أكتوبر (أ.ب)

علماء: عام 2024 سيكون الأكثر حرارة على الإطلاق

كشفت خدمة «كوبرنيكوس» لتغير المناخ التابعة للاتحاد الأوروبي اليوم (الخميس) عن أن عام 2024 سيتخطى 2023 ليصبح العام الأعلى حرارة منذ بدء التسجيلات.

«الشرق الأوسط» (باريس)
بيئة تظهر صورة القمر الاصطناعي العاصفة الاستوائية «ميلتون» وهي تشتد وتتجه للتحول إلى إعصار قبل وصولها إلى فلوريدا في خليج المكسيك في 6 أكتوبر 2024 (رويترز)

لماذا يجعل الاحتباس الحراري الأعاصير أكثر قوة؟

يؤدي الاحتباس الحراري إلى ارتفاع درجات حرارة مياه المحيطات؛ مما يجعل الأعاصير أكثر قوة. ومع ذلك، هذا لا يعني بالضرورة أنه سيكون هناك المزيد من الأعاصير.

«الشرق الأوسط» (باريس)

«الجمعية العامة» تطالب بأغلبية ساحقة بوقف فوري لإطلاق النار في غزة

من عملية تصويت للجمعية العامة للأمم المتحدة (أرشيفية - إ.ب.أ)
من عملية تصويت للجمعية العامة للأمم المتحدة (أرشيفية - إ.ب.أ)
TT

«الجمعية العامة» تطالب بأغلبية ساحقة بوقف فوري لإطلاق النار في غزة

من عملية تصويت للجمعية العامة للأمم المتحدة (أرشيفية - إ.ب.أ)
من عملية تصويت للجمعية العامة للأمم المتحدة (أرشيفية - إ.ب.أ)

دعت الجمعية العامة للأمم المتحدة في قرار غير ملزم صدر بغالبية ساحقة وصوّتت ضدّه خصوصا الولايات المتحدة وإسرائيل إلى وقف فوري وغير مشروط لإطلاق النار في قطاع غزة.

والقرار الذي صدر بغالبية 158 دولة مؤيدة في مقابل 9 دول صوّتت ضدّه و13 دولة امتنعت عن التصويت، يدعو إلى "وقف لإطلاق النار فوري وغير مشروط ودائم" وكذلك أيضا إلى "الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع الرهائن"، وهي صيغة مشابهة لتلك التي وردت في مشروع قرار استخدمت ضدّه واشنطن في نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) الفيتو في مجلس الأمن الدولي.

واستخدمت الولايات المتحدة يومها حق النقض لحماية إسرائيل التي تشن منذ أكثر من سنة هجوما عسكريا في قطاع غزة ردا على هجوم غير مسبوق نفذته حركة حماس على جنوب الدولة العبرية. وعطّل الأميركيون في حينها صدور قرار في مجلس الأمن يطالب بوقف إطلاق نار "فوري وغير مشروط ودائم" في غزة، مشترطين من أجل إقرار أي هدنة إطلاق سراح الرهائن المحتجزين في القطاع منذ هجوم حماس.

وقبيل التصويت على النصّ، قال نائب السفيرة الأميركية في الأمم المتّحدة روبرت وود إنّه سيكون من "المخزي" تبنّي مشروع القرار لأنّه "قد يوجّه إلى حماس رسالة خطرة مفادها أنّ لا حاجة للتفاوض أو لإطلاق سراح الرهائن"، في وقت تحدّثت فيه وزارة الدفاع الإسرائيلية عن "فرصة" لإبرام اتفاق لاستعادة الرهائن.

بدوره قال السفير الإسرائيلي في الأمم المتحدة داني دانون إنّ "تصويت اليوم ليس تصويت رحمة، بل هو تصويت تواطؤ" و"خيانة" و"تخلّ" عن الرهائن المحتجزين في القطاع الفلسطيني.