المخابرات الإسرائيلية تضع خطتين لمواجهة الوضع بعد غياب أبو مازن

تتوقع محاولات للسيطرة بالقوة على مقاليد الحكم في السلطة

الرئيس عباس يمنح وسام دولة فلسطين لمها جريس السقا تقديراً لحفاظها على تراث الشعب الفلسطيني (وفا)
الرئيس عباس يمنح وسام دولة فلسطين لمها جريس السقا تقديراً لحفاظها على تراث الشعب الفلسطيني (وفا)
TT

المخابرات الإسرائيلية تضع خطتين لمواجهة الوضع بعد غياب أبو مازن

الرئيس عباس يمنح وسام دولة فلسطين لمها جريس السقا تقديراً لحفاظها على تراث الشعب الفلسطيني (وفا)
الرئيس عباس يمنح وسام دولة فلسطين لمها جريس السقا تقديراً لحفاظها على تراث الشعب الفلسطيني (وفا)

كشفت صحيفة «يديعوت أحرونوت» العبرية، أمس الأربعاء، أن جهاز المخابرات العامة (الشاباك) في إسرائيل، وضع منذ عام 2018 خطتين عسكريتين للتعامل مع السيناريو الذي يكثر حوله اللغط في الشارع الإسرائيلي، وهو رحيل الرئيس الفلسطيني، محمود عباس (أبو مازن).
ويقول التقرير إن الخطتين إحداهما تدعى «كسوف الشمس»، والثانية «صراع العروش»، وترسمان بالتفصيل كيف ستتصرف إسرائيل أمنياً وسياسياً في حال غياب الرئيس الفلسطيني. ففي خطة «كسوف الشمس» تتعامل مع الساعات التي تلي «وفاة» الرئيس الفلسطيني، وتشمل نشر قوات الاحتلال في طرقات الضفة الغربية، والسيطرة على مفترقات طرق مركزية، وإدارة الشرطة الإسرائيلية لحركة السير. وتقول إنه «بسبب احتكاك متوقع بين القوات الإسرائيلية والمواطنين الفلسطينيين، فإن سيناريو المخابرات يقضي بنشر قوات كبيرة من الشرطة والجيش الإسرائيلي لمواجهة اندلاع صدامات متوقعة، يتم خلالها إطلاق مسلحين فلسطينيين النار والزجاجات الحارقة والحجارة باتجاه القوات الإسرائيلية، ودخول مستوطنين ساحات المعارك في طرقات الضفة الغربية. والخطة تتضمن أوامر عسكرية لإبعاد المستوطنين عن مناطق الأحداث». وتتطرق خطة «كسوف الشمس» إلى إمكانية مرافقة قوات شرطة وجيش الاحتلال لنعش الرئيس الفلسطيني. وفي هذا السياق، يتحدث أحد السيناريوهات عن نقل الرئيس إلى مستشفى في الأردن، ووفاته فيه. وفي هذه الحالة، بحسب خطة الاحتلال، سترافق الشرطة الإسرائيلية القافلة التي ستنقل النعش إلى رام الله، عبر جسر اللنبي، ومن هناك سترافقه قوات جيش الاحتلال حتى حاجز عسكري عند مدخل رام الله.
وتتناول خطة الاحتلال الثانية، «صراع العروش»، الفترة التي تلي دفن الرئيس الفلسطيني وحتى تولي المنصب قائد فلسطيني آخر. وبموجب الصحيفة، فإن تقديرات الشرطة الإسرائيلية والمخابرات تشير إلى أن منظمات وفصائل فلسطينية مسلحة ستحاول الاستيلاء على الحكم، وسينعكس ذلك مباشرة على الحركة في الطرقات: «وتتوقع الشرطة تبادل إطلاق نار، سينعكس على شعور بالأمن لدى المستوطنين. وتقدر الشرطة أن مستوطنتي بساغوت وبيت إيل ستشكلان مركز أحداث إطلاق نار وإلقاء حجارة من جانب الفلسطينيين».
وبحسب أحد السيناريوهات في خطة الاحتلال، سيتوجه آلاف الفلسطينيين إلى المشاركة في التشييع، وسيكون هناك تخوف من وجود مستوطنين في مناطق المواجهات. ولذلك، فإن الأمر العسكري يتناول تفاصيل تجميع القوات التي ستُنشر في مفترقات الطرق، من أجل الرد على أي أعمال شغب ومحاولات استهداف الإسرائيليين.
ونقلت الصحيفة عن ضابط كبير في الشرطة الإسرائيلية مُطَّلع على الخطتين، قوله إن قادة مراكز الشرطة في الضفة الغربية، وبينها مركز الشرطة في مستوطنة «معاليه أدوميم»، شرقي القدس، ومجمع مستوطنات «بنيامين»، في منطقة رام الله، ليسوا مطلعين أبداً على الأوامر العسكرية في الخطتين. وأضاف الضابط أن «أبو مازن ليس شاباً وليس بكامل صحته أيضاً. وحقيقة أنهم لا يعرفون الأوامر، وأنه لم يتم التدرب عليها منذ عام 2018، رغم أنه تبدل عدة ضباط في هذه المنطقة، هي شهادة فقر للشرطة. وواضح أنه عندما يحدث هذا الحدث، فسيكون الضباط ذوو العلاقة ليسوا مستعدين أبداً له».



الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
TT

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)

يتضاعف خطر انعدام الأمن الغذائي في اليمن بعد تفاقم الأزمة الاقتصادية، وانهيار سعر العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، بفعل الحرب الحوثية على الموارد الرئيسية للبلاد، وتوسيع دائرة الصراع إلى خارج الحدود، في حين تتزايد الدعوات إلى اللجوء للتنمية المستدامة، والبحث عن حلول من الداخل.

وبينما تتوالي التحذيرات من تعاظم احتياجات السكان إلى المساعدات الإنسانية خلال الأشهر المقبلة، تواجه الحكومة اليمنية تحديات صعبة في إدارة الأمن الغذائي، وتوفير الخدمات للسكان في مناطق سيطرتها، خصوصاً بعد تراجع المساعدات الإغاثية الدولية والأممية خلال الأشهر الماضية، ما زاد من التعقيدات التي تعاني منها بفعل توقف عدد من الموارد التي كانت تعتمد عليها في سد الكثير من الفجوات الغذائية والخدمية.

ورجحت شبكة الإنذار المبكر بالمجاعة حدوث ارتفاع في عدد المحتاجين إلى المساعدات الإنسانية في اليمن في ظل استمرار التدهور الاقتصادي في البلاد، حيث لا تزال العائلات تعاني من التأثيرات طويلة الأجل للصراع المطول، بما في ذلك الظروف الاقتصادية الكلية السيئة للغاية، بينما تستمر بيئة الأعمال في التآكل بسبب نقص العملة في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية، وانخفاض قيمة العملة والتضخم في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة.

وبحسب توقعات الأمن الغذائي خلال الستة أشهر المقبلة، فإنه وبفعل الظروف الاقتصادية السيئة، وانخفاض فرص كسب الدخل المحدودة، ستواجه ملايين العائلات، فجوات مستمرة في استهلاك الغذاء وحالة انعدام الأمن الغذائي الحاد واسعة النطاق على مستوى الأزمة (المرحلة الثالثة من التصنيف المرحلي) أو حالة الطوارئ (المرحلة الرابعة) في مناطق نفوذ الحكومة الشرعية.

انهيار العملة المحلية أسهم مع تراجع المساعدات الإغاثية في تراجع الأمن الغذائي باليمن (البنك الدولي)

يشدد الأكاديمي محمد قحطان، أستاذ الاقتصاد في جامعة تعز، على ضرورة وجود إرادة سياسية حازمة لمواجهة أسباب الانهيار الاقتصادي وتهاوي العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، منوهاً إلى أن عائدات صادرات النفط والغاز كانت تغطي 70 في المائة من الإنفاق العام في الموازنة العامة، وهو ما يؤكد أهميتها في تشغيل مؤسسات الدولة.

ويضيف قحطان في حديث خص به «الشرق الأوسط» أن وقف هذه الصادرات يضع الحكومة في حالة عجز عن الوفاء بالتزاماتها، بالتضافر مع أسباب أخرى منها الفساد والتسيب الوظيفي في أهم المؤسسات الحكومية، وعدم وصول إيرادات مؤسسات الدولة إلى البنك المركزي، والمضاربة بالعملات الأجنبية وتسريبها إلى الخارج، واستيراد مشتقات الوقود بدلاً من تكرير النفط داخلياً.

أدوات الإصلاح

طبقاً لخبراء اقتصاديين، تنذر الإخفاقات في إدارة الموارد السيادية ورفد خزينة الدولة بها، والفشل في إدارة أسعار صرف العملات الأجنبية، بآثار كارثية على سعر العملة المحلية، والتوجه إلى تمويل النفقات الحكومية من مصادر تضخمية مثل الإصدار النقدي.

توقف تصدير النفط يتسبب في عجز الحكومة اليمنية عن تلبية احتياجات السكان (البنك الدولي)

ويلفت الأكاديمي قحطان إلى أن استيراد مشتقات الوقود من الخارج لتغطية حاجة السوق اليمنية من دون مادة الأسفلت يكلف الدولة أكثر من 3.5 مليار دولار في السنة، بينما في حالة تكرير النفط المنتج محلياً سيتم توفير هذا المبلغ لدعم ميزان المدفوعات، وتوفير احتياجات البلاد من الأسفلت لتعبيد الطرقات عوض استيرادها، وأيضاً تحصيل إيرادات مقابل بيع الوقود داخلياً.

وسيتبع ذلك إمكانية إدارة البنك المركزي لتلك المبالغ لدعم العرض النقدي من العملات الأجنبية، ومواجهة الطلب بأريحية تامة دون ضغوط للطلب عليها، ولن يكون بحاجة إلى بيع دولارات لتغطية الرواتب، كما يحدث حالياً، وسيتمكن من سحب فائض السيولة النقدية، ما سيعيد للاقتصاد توازنه، وتتعافى العملة الوطنية مقابل العملات الأجنبية، وهو ما سيسهم في استعادة جزء من القدرة الشرائية المفقودة للسكان.

ودعا الحكومة إلى خفض نفقاتها الداخلية والخارجية ومواجهة الفساد في الأوعية الإيرادية لإحداث تحول سريع من حالة الركود التضخمي إلى حالة الانتعاش الاقتصادي، ومواجهة البيئة الطاردة للاستثمارات ورجال الأعمال اليمنيين، مع الأهمية القصوى لعودة كل منتسبي الدولة للاستقرار داخل البلاد، وأداء مهاهم من مواقعهم.

الحكومة اليمنية تطالب المجتمع الدولي بالضغط على الحوثيين لوقف حصار تصدير النفط (سبأ)

ويؤكد مصدر حكومي يمني لـ«الشرق الأوسط» أن الحكومة باتت تدرك الأخطاء التي تراكمت خلال السنوات الماضية، مثل تسرب الكثير من أموال المساعدات الدولية والودائع السعودية في البنك المركزي إلى قنوات لإنتاج حلول مؤقتة، بدلاً من استثمارها في مشاريع للتنمية المستدامة، إلا أن معالجة تلك الأخطاء لم تعد سهلة حالياً.

الحل بالتنمية المستدامة

وفقاً للمصدر الذي فضل التحفظ على بياناته، لعدم امتلاكه صلاحية الحديث لوسائل الإعلام، فإن النقاشات الحكومية الحالية تبحث في كيفية الحصول على مساعدات خارجية جديدة لتحقيق تنمية مستدامة، بالشراكة وتحت إشراف الجهات الممولة، لضمان نجاح تلك المشروعات.

إلا أنه اعترف بصعوبة حدوث ذلك، وهو ما يدفع الحكومة إلى المطالبة بإلحاح للضغط من أجل تمكينها من الموارد الرئيسية، ومنها تصدير النفط.

واعترف المصدر أيضاً بصعوبة موافقة المجتمع الدولي على الضغط على الجماعة الحوثية لوقف حصارها المفروض على تصدير النفط، نظراً لتعنتها وشروطها صعبة التنفيذ من جهة، وإمكانية تصعيدها العسكري لفرض تلك الشروط في وقت يتوقع فيه حدوث تقدم في مشاورات السلام، من جهة ثانية.

تحذيرات من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد (أ.ف.ب)

وقدمت الحكومة اليمنية، أواخر الشهر الماضي، رؤية شاملة إلى البنك الدولي لإعادة هيكلة المشروعات القائمة لتتوافق مع الاحتياجات الراهنة، مطالبةً في الوقت ذاته بزيادة المخصصات المالية المخصصة للبلاد في الدورة الجديدة.

وكان البنك الدولي توقع في تقرير له هذا الشهر، انكماش إجمالي الناتج المحلي بنسبة واحد في المائة هذا العام، بعد انخفاضه بنسبة 2 في المائة العام الماضي، بما يؤدي إلى المزيد من التدهور في نصيب الفرد من إجمالي الناتج الحقيقي.

ويعاني أكثر من 60 في المائة من السكان من ضعف قدرتهم على الحصول على الغذاء الكافي، وفقاً للبنك الدولي، بسبب استمرار الحصار الذي فرضته الجماعة الحوثية على صادرات النفط، ما أدى إلى انخفاض الإيرادات المالية للحكومة بنسبة 42 في المائة خلال النصف الأول من العام الحالي، وترتب على ذلك عجزها عن تقديم الخدمات الأساسية للسكان.

وأبدى البنك قلقه من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد، وتفاقم الأزمات الاجتماعية والإنسانية.