توافق مصري ـ أميركي على دفع التعاون في «مكافحة الإرهاب»

خلال مباحثات السيسي وسوليفان في القاهرة

لقاء الرئيس المصري ومستشار الأمن القومي الأميركي بالقاهرة أمس بحضور مسؤولين من البلدين (الرئاسة المصرية)
لقاء الرئيس المصري ومستشار الأمن القومي الأميركي بالقاهرة أمس بحضور مسؤولين من البلدين (الرئاسة المصرية)
TT

توافق مصري ـ أميركي على دفع التعاون في «مكافحة الإرهاب»

لقاء الرئيس المصري ومستشار الأمن القومي الأميركي بالقاهرة أمس بحضور مسؤولين من البلدين (الرئاسة المصرية)
لقاء الرئيس المصري ومستشار الأمن القومي الأميركي بالقاهرة أمس بحضور مسؤولين من البلدين (الرئاسة المصرية)

بحث الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، ومستشار الأمن القومي الأميركي جيك سوليفان، في القاهرة أمس، ملفات ثنائية وإقليمية عدة، وأفاد بيان رئاسي مصري بأن الجانبين توافقا على «دفع التعاون خلال الفترة المقبلة في مجال مكافحة الإرهاب والتطرف». ووفق المتحدث باسم الرئاسة المصرية، السفير بسام راضي، فإن مستشار الأمن القومي الأميركي نقل إلى الرئيس المصري تحيات الرئيس جو بايدن، وتأكيداته على «أهمية وقوة التحالف المصري - الأميركي، مع تطلع واشنطن لتطوير علاقات الشراكة مع القاهرة ونقلها إلى آفاق أرحب خلال الفترة المقبلة، وذلك في إطار علاقات التعاون الوثيقة والممتدة بين البلدين، خاصة في ضوء الدور المصري المهم في منطقة الشرق الأوسط باعتبارها دعامة رئيسية للأمن والاستقرار، لا سيما في هذه المرحلة الدقيقة التي تشهد أزمات دولية وإقليمية».
واستقبل السيسي سوليفان، بحضور سامح شكري وزير الخارجية، واللواء عباس كامل رئيس المخابرات العامة، فضلا عن نيكول شامبين القائم بأعمال السفير الأميركي بالقاهرة، وبريت ماكجورك منسق الشرق الأوسط بمجلس الأمن القومي الأميركي، وجوشوا هاريس رئيس إدارة شمال أفريقيا بالمجلس القومي الأميركي، وأريانا برينجوت كبير مستشاري رئيس مجلس الأمن القومي.
وأكد السيسي حرص بلاده على «تعزيز وتدعيم شراكتها الاستراتيجية الممتدة مع الولايات المتحدة، وكذا تكثيف التعاون والتنسيق بين البلدين على مختلف الأصعدة، وذلك في إطار المصالح المشتركة للبلدين، ولدعم جهود استعادة الأمن والاستقرار بالشرق الأوسط في ضوء ما يشهده من توتر واضطراب».
وأضاف المتحدث الرئاسي أن اللقاء تطرق إلى استعراض تطورات القضية الفلسطينية، حيث شدد السيسي على أن «حل القضية الفلسطينية وفق المرجعيات الدولية من شأنه أن يفرض واقعاً جديداً ويفتح آفاقاً واسعة لبناء السلام ومد جسور الثقة والتعاون والبناء والتنمية في سائر منطقة الشرق الأوسط».
كما نقل البيان المصري عن مستشار الأمن القومي الأميركي تعبيره عن «التقدير البالغ للإدارة الأميركية تجاه الجهود المصرية الممتدة لإرساء السلام في المنطقة، إلى جانب دورها الأساسي في التهدئة بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي ومبادرات إعادة إعمار غزة».
وفي ملف الإرهاب شدد السيسي على «الموقف المصري الثابت المستند إلى ضرورة تدعيم أركان الدول التي تمر بأزمات وتقوية مؤسساتها الوطنية، بما ينهي معاناة شعوبها ويحافظ على مقدراتها، وكذا يساعد على شغل الفراغ الذي أتاح للجماعات الإرهابية التمدد والانتشار».
وأوضح راضي أن اللقاء شهد «مناقشة سبل تعزيز التعاون بين البلدين في مجال مكافحة الإرهاب والفكر المتطرف، حيث أشاد سوليفان بجهود مصر الحثيثة على هذا الصعيد، وتم التوافق بشأن أهمية دفع التعاون بين الجانبين في هذا المجال خلال المرحلة المقبلة بالنظر إلى ما يمثله الإرهاب من خطر رئيسي على المستوى الدولي».



«موسم أمطار غزيرة» و«انهيارات صخرية» يهددان حياة اليمنيين وأمنهم الغذائي

الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
TT

«موسم أمطار غزيرة» و«انهيارات صخرية» يهددان حياة اليمنيين وأمنهم الغذائي

الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)

تشهد أجزاء واسعة من اليمن هطول أمطار غزيرة مع اقتراب فصل الشتاء وانخفاض درجة الحرارة، متسببة في انهيارات طينية وصخرية تهدد حياة السكان وتلحق الأضرار بالممتلكات والأراضي، في حين لم تتجاوز البلاد آثار فيضانات الصيف الماضي التي ترصد تقارير دولية آثارها الكارثية.

وتسببت الأمطار الأخيرة المستمرة لمدد طويلة، والمصحوبة بضباب كثيف وغيوم منخفضة، في انهيارات صخرية أغلقت عدداً من الطرق، في حين أوقع انهيار صخري، ناجم عن تأثيرات أمطار الصيف الماضي، ضحايا وتسبب في تدمير منازل بمنطقة ريفية شمال غربي البلاد.

وعطلت الانهيارات الصخرية في مديرية المقاطرة التابعة لمحافظة لحج (جنوبي غرب) استمرار العمل في تحسين وصيانة طريق هيجة العبد التي تربط محافظة تعز المجاورة بباقي محافظات البلاد، بعد أن أغلقت الجماعة الحوثية بقية الطرق المؤدية إليها منذ نحو 10 أعوام، وتسببت تلك الأمطار والانهيارات في إيقاف حركة المرور على الطريق الفرعية.

أمطار غزيرة بمحافظة لحج تلحق أضراراً بالطريق الوحيدة التي تخفف الحصار عن مدينة تعز (إكس)

ويواجه السائقون والمسافرون مخاطر شديدة بسبب هذه الأمطار، تضاف إلى مخاطر أخرى، مما أدى إلى صعوبة التنقل.

ودعت السلطات المحلية في المحافظة السائقين والمسافرين إلى توخي الحذر الشديد في الطرق الجبلية والمنحدرات المعرضة للانهيارات الطينية والصخرية والانجرافات، وتجنب المجازفة بعبور الوديان ومسارات السيول المغمورة بالمياه.

وكان انهيار صخري في مديرية الطويلة، التابعة لمحافظة المحويت (شمالي غرب)، أدى إلى مقتل 8 أشخاص، وإصابة 3 آخرين، بعد سقوط كتلة صخرية هائلة كانت مائلة بشدة فوق منزل بُني أسفلها.

وتزداد الانهيارات الصخرية في المناطق التي تتكون من الصخور الرسوبية الطبقية عندما يصل وضع الكتل الصخرية المائلة إلى درجة حرجة، وفق الباحث اليمني في الجيمورفولوجيا الحضرية (علم شكل الأرض)، أنس مانع، الذي يشير إلى أن جفاف التربة في الطبقات الطينية الغروية أسفل الكتل المنحدرة يؤدي إلى اختلال توازن الكتل الصخرية، وزيادة ميلانها.

ويوضح مانع لـ«الشرق الأوسط» أن الأمطار الغزيرة بعد مواسم الجفاف تؤدي إلى تشبع التربة الجافة، حيث تتضخم حبيباتها وتبدأ في زحزحة الكتل الصخرية، أو يغير الجفاف من تموضع الصخور، وتأتي الأمطار لتكمل ذلك التغيير.

انهيار صخري بمحافظة المحويت بسبب أمطار الصيف الماضي يودي بحياة 8 يمنيين (إكس)

وينبه الباحث اليمني إلى خطر يحدق بغالبية القرى اليمنية، ويقول إنها عرضة لخطر الانهيارات الصخرية بسبب الأمطار أو الزلازل، خصوصاً منها تلك الواقعة على خط الصدع العام الممتد من حمام علي في محافظة ذمار (100 كيلومتر جنوب صنعاء)، وحتى ساحل البحر الأحمر غرباً.

استمرار تأثير الفيضانات

تواصل الأمطار هطولها على أجزاء واسعة من البلاد رغم انتهاء فصل الصيف الذي يعدّ موسم الأمطار الرئيسي، وشهد هذا العام أمطاراً غير مسبوقة تسببت في فيضانات شديدة أدت إلى دمار المنازل والبنية التحتية ونزوح السكان.

وطبقاً لـ«الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر»، فإن اليمن شهد خلال هذا العام موسمين رئيسيين للأمطار، الأول في أبريل (نيسان) ومايو (أيار)، والثاني بدأ في يوليو (تموز) إلى نهاية سبتمبر (أيلول)، و«كانا مدمرَين، بسبب أنماط الطقس غير العادية والأمطار الغزيرة المستمرة في جميع أنحاء البلاد».

ووفقاً للتقييمات الأولية التي أجرتها «جمعية الهلال الأحمر اليمني»؛ فقد تأثر 655 ألفاً و11 شخصاً، ينتمون إلى 93 ألفاً و573 عائلة بالأمطار الغزيرة والفيضانات التي ضربت البلاد أخيراً، ما أسفر عن مقتل 240 شخصاً، وإصابة 635 آخرين، في 20 محافظة من أصل 22.

فيضانات الصيف الماضي ألحقت دماراً هائلاً بالبنية التحتية في عدد من محافظات اليمن (أ.ب)

وألحقت الأمطار أضراراً جسيمة بمواقع السكان والنازحين داخلياً ومنازلهم وملاجئهم المؤقتة والبنية التحتية، مما أثر على آلاف الأسر، وكثير منهم كانوا نازحين لسنوات، حيث أبلغت «المجموعة الوطنية للمأوى والمواد غير الغذائية» في اليمن، عن تضرر 34 ألفاً و709 من المآوي، بينها 12 ألفاً و837 تضررت جزئياً، و21 ألفاً و872 تضررت بالكامل.

ونقل التقرير عن «المنظمة الدولية للهجرة» أن الفيضانات ألحقت أضراراً بالبنية التحتية الحيوية، بما في ذلك تدمير الأنظمة الكهربائية، مما أدى إلى انقطاع التيار الكهربائي وتعطيل تقديم الرعاية الصحية، وتسبب في تدمير الملاجئ، وتلوث مصادر المياه، وخلق حالة طوارئ صحية، وفاقم التحديات التي يواجهها النازحون.

تهديد الأمن الغذائي

وتعدّ الأراضي الزراعية في محافظة الحديدة الأعلى تضرراً بـ77 ألفاً و362 هكتاراً، ثم محافظة حجة بـ20 ألفاً و717 هكتاراً، وهو ما يعادل نحو 12 و9 في المائة على التوالي من إجمالي الأراضي الزراعية، بينما تأثر نحو 279 ألف رأس من الأغنام والماعز، وفقاً لتقييم «منظمة الأغذية والزراعة (فاو)».

شتاء قاسٍ ينتظر النازحين اليمنيين مع نقص الموارد والمعونات وتأثيرات المناخ القاسية (غيتي)

وكانت الحديدة وحجة والجوف الأعلى تضرراً، وهي من المحافظات الأكبر إنتاجاً للماشية، خصوصاً في الجوف، التي يعتمد نحو 20 في المائة من عائلاتها على الماشية بوصفها مصدر دخل أساسياً.

وتوقع «الاتحاد» أن العائلات الأعلى تضرراً من الفيضانات في كل من المناطق الرعوية والزراعية الرعوية غير قادرة على تلبية احتياجاتها الغذائية الدنيا في غياب المساعدة، مما يؤدي إلى ازدياد مخاطر انعدام الأمن الغذائي خلال الأشهر المقبلة.

وتشمل الاحتياجات الحرجة والعاجلة في المناطق المتضررة من الفيضانات؛ المأوى الطارئ، والغذاء، والمواد غير الغذائية، والمياه، والصرف الصحي، والملابس، والحماية، والمساعدات النقدية متعددة الأغراض، والإمدادات الطبية لضمان استمرارية وظائف مرافق الرعاية الصحية.

ودعت «مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين» إلى التحرك العالمي، والعمل على تخفيف آثار تغير المناخ بالتزامن مع انعقاد «مؤتمر المناخ»، مقدرة أعداد المتضررين من الفيضانات في اليمن خلال العام الحالي بنحو 700 ألف.

وسبق للحكومة اليمنية الإعلان عن أن الفيضانات والسيول، التي شهدتها البلاد هذا العام، أثرت على 30 في المائة من الأراضي الزراعية.