مسؤولة أميركية في تونس لدعم «إصلاح سياسي واقتصادي»

«النهضة» تدعو أنصارها للمشاركة في مظاهرات يوم الأحد

جانب من المظاهرات المؤيدة للرئيس سعيد نهاية الأسبوع الماضي وسط العاصمة (إ.ب.أ)
جانب من المظاهرات المؤيدة للرئيس سعيد نهاية الأسبوع الماضي وسط العاصمة (إ.ب.أ)
TT

مسؤولة أميركية في تونس لدعم «إصلاح سياسي واقتصادي»

جانب من المظاهرات المؤيدة للرئيس سعيد نهاية الأسبوع الماضي وسط العاصمة (إ.ب.أ)
جانب من المظاهرات المؤيدة للرئيس سعيد نهاية الأسبوع الماضي وسط العاصمة (إ.ب.أ)

بدأت يائيل لمبرت، مساعدة وزير الخارجية الأميركي بالإنابة المكلفة شؤون الشرق الأدنى، اليوم زيارة جديدة إلى تونس تستمر حتى بعد غد السبت، تلتقي خلالها كبار المسؤولين الحكوميين، وممثلي المجتمع المدني التونسي لتأكيد «التزام الولايات المتحدة بدعم الشعب التونسي، في ظل الحاجة إلى عملية إصلاح سياسي واقتصادي شفافة، تشمل الجميع وتمثل مختلف الأطياف التونسية»؛ بحسب تصريحات مسؤولين أميركيين.
وسبق أن زارت المسؤولة الأميركية تونس في شهر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، واجتمعت بمسؤولين في الحكومة التونسية، غير أن هذه الزيارة ستكون، وفق عدد من المراقبين، مختلفة عن غيرها من الزيارات، خصوصاً أنها تأتي بعد أيام قليلة من إعلان الرئيس التونسي قيس سعيّد عن أعضاء هيئة الانتخابات الجديدة، وسط انتقادات المعارضة، وتشكيك أطراف سياسية وشخصيات وطنية عدة في شفافية العملية الانتخابية المقبلة، مما قد يفاقم الأزمة السياسية المستفحلة في البلاد، كما تأتي بالتوازي مع إعلان فاروق بوعسكر، الرئيس الجديد لهيئة الانتخابات، عن أداء جميع أعضاء الهيئة اليمين الدستورية أمام رئيس الجمهورية في «قصر قرطاج» أمس، وكذا في ظل تخوفات عبرت عنها قيادات سياسية ونقابية حول الحوار الوطني، المزمع إجراؤه بين رئاسة الجمهورية و4 منظمات اجتماعية وحقوقية («اتحاد الشغل» و«اتحاد رجال الأعمال» و«نقابة المحامين» و«الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الانسان») من المشاركة في هذا الحوار، في حال كانت تلك المشاركة صورية من أجل تمرير المشروع السياسي للرئيس سعيد.
وكان نيد برايس، المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية الأميركية، قد عبر خلال نهاية الشهر الماضي عن «القلق العميق»، الذي يساور الولايات المتحدة حيال قرار الرئيس سعيد إعادة هيكلة أحادية الجانب للهيئة العليا المستقلّة للانتخابات. وقال إنّ وجود هيئة انتخابات مستقلة «أمر بالغ الأهمية نظراً إلى الدور المنوط بها دستورياً في تنظيم الاستفتاء والانتخابات البرلمانية المقبلة في تونس»، في إشارة إلى الاستفتاء المزمع تنظيمه في 25 يوليو (تموز) المقبل، والانتخابت البرلمانية المبرمجة في 17 ديسمبر (كانون الأول) من السنة الحالية.
على صعيد آخر، دعت «حركة النهضة» أنصارها إلى المشاركة في مظاهرات احتجاجية عارمة الأحد المقبل وسط العاصمة، وفي مقدمتهم «جبهة الخلاص الوطني» وحراك «مواطنون ضد الانقلاب»، اللذان يقودان برنامجاً سياسياً واقتصادياً معارضاً للخيارات التي أعلن عنها الرئيس منذ يوليو (تموز) الماضي. وفي هذا السياق؛ يرى مراقبون أن المعارضة التونسية، التي تتهم وزارة الداخلية بالكيل بمكيالين، تسعى من خلال هذه الاحتجاجات الى تأكيد عدم حياد أجهزة الدولة والمؤسسة الأمنية، وذلك بتسهيل التظاهر لأنصار الرئيس، مقابل التضييق على المعارضة.



«لولا أميركا ما كانت»... ما دور الولايات المتحدة في قناة السويس؟

سفينة شحن تعبر قناة السويس (رويترز)
سفينة شحن تعبر قناة السويس (رويترز)
TT

«لولا أميركا ما كانت»... ما دور الولايات المتحدة في قناة السويس؟

سفينة شحن تعبر قناة السويس (رويترز)
سفينة شحن تعبر قناة السويس (رويترز)

أثار حديث الرئيس الأميركي دونالد ترمب بأنه «لولا أميركا لما كانت قناة السويس»، تساؤلات بشأن دور الولايات المتحدة في القناة، وما إذا كانت هناك علاقات تاريخيّة بينهما.

وكتب ترمب على منصته الاجتماعية «تروث سوشال»: «يجب السماح للسفن الأميركية، العسكرية والتجارية على السواء، بالمرور بحرّية عبر قناتَي بنما والسويس. هاتان القناتان ما كانتا لتوجَدا لولا الولايات المتحدة». وأضاف: «طلبتُ من وزير الخارجية ماركو روبيو تولي هذه القضية».

وقناة السويس هي ممر مائي صناعي بمستوى البحر يمتد في مصر من الشمال إلى الجنوب عبر برزخ السويس ليصل البحر المتوسط بالبحر الأحمر، وتعدّ أقصر الطرق البحرية بين أوروبا والبلدان الواقعة حول المحيط الهندي وغرب المحيط الهادي، بحسب موقع «هيئة قناة السويس».

ويرجع تاريخ قناة السويس إلى 30 نوفمبر ( تشرين الثاني) عام 1854 بصدور «فرمان الامتياز الأول»، الذي منح الدبلوماسي الفرنسي فرديناند ديليسبس حقّ إنشاء شركة لشقّ قناة السويس، تلاه «فرمان الامتياز الثاني» في 5 يناير (كانون الثاني) عام 1856، الذي أكّد «حياد القناة».

وفي 15 ديسمبر (كانون الأول) 1858، تأسست «الشركة العالمية لقناة السويس البحرية» برأس مال قدره 200 مليون فرنك فرنسي (8 ملايين جنيه مصري آنذاك)، مقسم على 400 ألف سهم، قيمة كل منها 500 فرنك، وكان نصيب مصر 92136 سهماً، ونصيب إنجلترا والولايات المتحدة والنمسا وروسيا 85506 أسهم، «غير أن هذه الدول رفضت الاشتراك في الاكتتاب، فاضطرت مصر إلى استدانة 28 مليون فرنك لشراء نصيبها، وبذلك أصبح مجموع ما تملكه مصر من الأسهم 177642 سهماً، قيمتها 89 مليون فرنك تقريباً، أي ما يقرب من نصف رأس مال الشركة»، وفقاً لموقع هيئة قناة السويس.

بدأ العمل في حفر قناة السويس في 25 أبريل (نيسان) 1859، واستغرق 10 سنوات، بتكلفة تجاوزت ضعف المبلغ المقرر، وبلغت 433 مليون فرنك.

وافتتحت القناة في 17 نوفمبر عام 1869. وفي 15 فبراير (شباط) 1875، اشترى رئيس الوزراء البريطاني من الخديوي إسماعيل، حاكم مصر آنذاك، 176602 سهماً من شركة القناة، وتنازلت الحكومة المصرية في 17 أبريل 1880 للبنك العقاري الفرنسي عن حقّها في الحصول على 15 في المائة من ربح الشركة مقابل 22 مليون فرنك، وبذلك أصبحت الشركة تحت السيطرة المالية لفرنسا وإنجلترا، الأولى تمتلك 56 في المائة من الأسهم، والثانية 44 في المائة.

وعقب احتلال بريطانيا لمصر عام 1882، بدأ الحديث عن تنظيم حرية الملاحة في قناة السويس، وأبرمت في هذا الصدد اتفاقية القسطنطينية في 29 أكتوبر (تشرين الأول) 1888، بين كل من فرنسا والنمسا والمجر وإسبانيا وإنجلترا وإيطاليا وهولندا وروسيا وتركيا.

وفى 26 يوليو (تموز) 1956، أعلن الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر تأميم قناة السويس «شركة مساهمة مصرية»، لتنتقل ملكيتها بالكامل إلى مصر.

وفي أكتوبر من نفس العام، شنّت بريطانيا وفرنسا وإسرائيل عدواناً ثلاثياً على مصر، أدّى إلى توقف الملاحة في القناة، وعارضت العدوان دول عدة، بينها الاتحاد السوفياتي والولايات المتحدة. وضغط الرئيس الأميركي أيزنهاور من بريطانيا للتفاوض مع مصر، كما مارست واشنطن ضغوطاً داخل أروقة الأمم المتحدة ومجلس الأمن، أدّت إلى وقف العدوان على مصر، وانسحاب بريطانيا وفرنسا في 23 ديسمبر 1956.

وطوال تاريخها، شهدت قناة السويس عمليات توسعة وصيانة، أبرزها إنشاء قناة السويس الجديدة التي افتتحت في أغسطس (آب) 2015، وشارك في أعمال الحفر تحالف ضم شركات أميركية وإماراتية وهولندية وبلجيكية.

وربما لم يكن ترمب يعني بحديثه دور بلاده التاريخي في القناة بقدر ما يشير إلى دور واشنطن الحالي في حماية الملاحة بالبحر الأحمر عبر مواجهة جماعة الحوثي.

وبدأت الولايات المتحدة، منتصف الشهر الماضي، هجمات على جماعة «الحوثي» في اليمن، بدعوى «حماية الملاحة في البحر الأحمر»، التي تأثرت بسبب هجمات «الحوثي» على السفن رداً على استمرار الحرب في قطاع غزة.

مقاتلة تُقلع من فوق متن حاملة طائرات أميركية لضرب الحوثيين في اليمن (الجيش الأميركي)

وكشفت تسريبات لمحادثات بين مسؤولين أميركيين على تطبيق «سيغنال»، نشرتها مجلة «ذي أتلانتك»، الشهر الماضي، عن مخطط الهجوم على «الحوثي»، ومن بين المحادثات رسالة من مستشار الرئيس الأميركي ستيفن ميلر، قال فيها: «سرعان ما سنوضح لمصر وأوروبا ما نتوقعه في المقابل. وعلينا إيجاد طريقة لتطبيق هذا الشرط. فماذا سيحدث مثلاً إذا لم تقدم أوروبا مقابلاً؟ إذا نجحت أميركا في استعادة حرية الملاحة بتكلفة باهظة، فستكون هناك حاجة إلى مكاسب اقتصادية إضافية في المقابل».

ويرى عضو مجلس الشيوخ المصري (الغرفة الثانية في البرلمان) الدكتور عبد المنعم سعيد أن «الحضور الأميركي في البحر الأحمر وتنفيذ هجمات ضد (الحوثي) جعل ترمب يريد من مصر أن تلعب دوراً ما أو تدفع المقابل».

ويعتقد سعيد، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن حديث ترمب «رسالة موجهة إلى مصر رداً على رفضها مخطط تهجير الفلسطينيين، وكذلك عدم مشاركتها بأي دور في الهجمات الأميركية على (الحوثي) في اليمن».