مصانع الصلب الأوكرانية حصون تتيح «فرصة للبقاء على قيد الحياة»

مصنع زابوريجيا ثالث أكبر مصنع للحديد والصلب في أوكرانيا الذي يضمّ 16 قبواً وتتضمن القاعة الطويلة والمُضاءة صفوفاً من المقاعد الخشبية وتصل سعتها إلى 600 شخص وتتكدّس كميات من المياه ومؤن الطعام وتنتشر مراحيض ومواقد على الحطب (أ.ف.ب)
مصنع زابوريجيا ثالث أكبر مصنع للحديد والصلب في أوكرانيا الذي يضمّ 16 قبواً وتتضمن القاعة الطويلة والمُضاءة صفوفاً من المقاعد الخشبية وتصل سعتها إلى 600 شخص وتتكدّس كميات من المياه ومؤن الطعام وتنتشر مراحيض ومواقد على الحطب (أ.ف.ب)
TT

مصانع الصلب الأوكرانية حصون تتيح «فرصة للبقاء على قيد الحياة»

مصنع زابوريجيا ثالث أكبر مصنع للحديد والصلب في أوكرانيا الذي يضمّ 16 قبواً وتتضمن القاعة الطويلة والمُضاءة صفوفاً من المقاعد الخشبية وتصل سعتها إلى 600 شخص وتتكدّس كميات من المياه ومؤن الطعام وتنتشر مراحيض ومواقد على الحطب (أ.ف.ب)
مصنع زابوريجيا ثالث أكبر مصنع للحديد والصلب في أوكرانيا الذي يضمّ 16 قبواً وتتضمن القاعة الطويلة والمُضاءة صفوفاً من المقاعد الخشبية وتصل سعتها إلى 600 شخص وتتكدّس كميات من المياه ومؤن الطعام وتنتشر مراحيض ومواقد على الحطب (أ.ف.ب)

يُظهر مصنع زابوريجيا الذي يشبه مصنع آزوفستال آخر معقل للمقاومة الأوكرانية في مدينة ماريوبول الساحلية، كيف أن هذه المواقع التي يعود تاريخها إلى الحقبة الستالينية صُممت بهدف استباق تعرض الاتحاد السوفياتي للغزو. وشُيّدت الأقبية السفلية في مصنعَي آزوفستال وزابوريجستال في مطلع ثلاثينات القرن الماضي، وهي فترة كان العالم يتعافى خلالها من الحرب رغم أنه كان متّجهاً نحو حرب أخرى، والغاية منها إيواء آلاف العمّال. ولم تسيطر القوات الروسية على مصنع الصلب هذا الواقع في زابوريجيا في جنوب البلاد. لكن المصنع أُرغم على تعليق أنشطته بعدما اقترب منه خطّ الجبهة بشكل خطير. ويقول رئيس قسم التواصل في مصنع زابوريجستال ألكسندر لوتينكوف «لا قدر الله أن نجد أنفسنا في موقف مثل زملائنا في آزوفستال، عمّال تعدين مثلنا، انتهى بهم الأمر في البقاء لوقت طويل (في الملجأ)... لا أتمنى ذلك لأحد».
وتعود ملكية المصنعين إلى شركة ميتينفست هولدينغ، التي يملك غالبية أسهمها الرجل الأكثر ثراءً في أوكرانيا رينات أخميتوف. ويضمّ مصنع زابوريجستال 16 قبواً. يقع ذلك الذي زارته وكالة الصحافة الفرنسية على عمق عشرة أمتار تقريباً، وبابه مضاد للانفجارات يبلغ سمكه عشرة سنتمترات. تتضمن القاعة الطويلة والمُضاءة صفوفاً من المقاعد الخشبية وتصل سعتها إلى 600 شخص. في قبو تبلغ مساحته أمتاراً عدة تحت الأرض، تتكدّس كميات من المياه ومؤن الطعام وتنتشر مراحيض ومواقد على الحطب، في مشهد يدلّ على أن الحرب شكّلت عنصراً أساسياً في تفكير السوفيات عندما بنوا مصنع الصلب الأوكراني هذا.
يؤكد إيهور بوهلاييف (20 عاماً) وهو موظف في زابوريجستال، «يمكننا أن نبقى في الملاجئ لوقت طويل». ويضيف فيما بدت خلفه شرارات تتصاعد من عملية تذويب معادن: «أعتقد أن ذلك سيعطينا فرصة للبقاء على قيد الحياة». تسمح خزانات مياه بغسل المراحيض في حين تتكدّس في قاعة تخزين أغذية لحالات الطوارئ وعبوات مياه، وكذلك أكوام حطب للتدفئة بحجم برميل نفط، يصل ارتفاع كل منها حتى الصدر. أوت الأقبية تحت مصنع آزوفستال مئات المدنيين بينهم عدد كبير غادر الموقع خلال عملية إجلاء دولية، ولا تزال تشكل ملجأ للقوات التي تقاوم القوات الروسية الساعية لبسط سيطرتها الكاملة على مدينة ماريوبول الاستراتيجية. تبلغ مساحة مصنع زابوريجستال 5.5 كلم ما يوازي نصف مساحة آزوفستال. ورغم ذلك، لا يزال ضخماً والطريقة الوحيدة للتنقل بشكل فعّال بين وحداته هي باستخدام سيارة.
إضافة إلى حجم الموقع الهائل، فإن عدد الأماكن التي يمكن الاحتماء فيها بين المباني والأنفاق تحت المصنع، مذهلٌ، كما أن هناك نقاط مراقبة من أعلى المباني. لكن الحرب مرّت من هنا، حتى لو أن زابوريجستال لم يكن مصيره مثل مصير آزوفستال، إلا أن الأعمال فيه توقفت. وقد استؤنفت منذ مطلع أبريل (نيسان) في الوقت الذي انسحبت فيه القوات الروسية من محيط كييف، في مواجهة مقاومة أوكرانية شرسة.
صدر نبأ سار آخر هذا الأسبوع وهو إعلان واشنطن إلغاء الرسوم الجمركية على الصلب الأوكراني، لكن الوضع لا يزال صعباً. إذ إن أوكرانيا لا تمثل سوى 1 في المائة من واردات الصلب الأميركية، بحسب السلطات الأميركية، التي كانت تفرض رسوماً جمركية تصل نسبتها إلى 25 في المائة. وأصبحت الترتيبات اللوجيستية تحدياً كبيراً للمصدّرين الأوكرانيين، إذ إن مسارات النقل الاعتيادية دُمّرت جراء الحرب.
يقول المدير العام للمصنع ألكسندر ميرونينكو لوكالة الصحافة الفرنسية: «لا يمكننا منافسة المنتجين الآخرين، لأن نفقاتهم اللوجيستية أدنى. كي نتمكن من التصدير إلى الولايات المتحدة، سينبغي علينا الآن إرسال الإنتاج من زابوريجيا عبر بولندا». وتراجعت صادرات الصلب مقارنة لمستواها قبل الحرب وسيكون أساسياً بالنسبة للاقتصاد الأوكراني استعادة وتيرتها وسوقها للتعافي. ويضيف ميرونينكو: «كانت إحدى الصناعات التصديرية الرئيسية (...) نحو 50 في المائة من العائدات بالعملة الأجنبية ينتجها قطاعا الصلب والتعدين في أوكرانيا».


مقالات ذات صلة

روسيا تتهم أوكرانيا بقصف مطار عسكري بصواريخ أميركية... وتتوعد بالرد

أوروبا أظهرت الأقمار الاصطناعية أضراراً بمطار عسكري روسي في شبه جزيرة القرم جراء استهداف أوكراني يوم 16 مايو 2024 (أرشيفية - رويترز)

روسيا تتهم أوكرانيا بقصف مطار عسكري بصواريخ أميركية... وتتوعد بالرد

اتهمت روسيا أوكرانيا باستخدام صواريخ بعيدة المدى أميركية الصنع لقصف مطار عسكري، اليوم (الأربعاء)، متوعدة كييف بأنها ستردّ على ذلك عبر «إجراءات مناسبة».

«الشرق الأوسط» (موسكو)
الولايات المتحدة​ رجال إنقاذ يعملون في موقع تعرض فيه مبنى لأضرار جسيمة بسبب ضربة صاروخية روسية أمس وسط هجوم روسيا على أوكرانيا في زابوريجيا11 ديسمبر 2024 (رويترز)

أميركا تحذّر روسيا من استخدام صاروخ جديد «مدمر» ضد أوكرانيا

قال مسؤول أميركي إن تقييماً استخباراتياً أميركياً، خلص إلى أن روسيا قد تستخدم صاروخها الباليستي الجديد المتوسط ​​المدى مدمر ضد أوكرانيا مرة أخرى قريباً.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الرئيس الأوكراني زيلينسكي خلال لقائه ترمب في نيويورك الأسبوع الماضي (أ.ب)

ماسك ونجل ترمب يتفاعلان مع صورة تقارن زيلينسكي ببطل فيلم «وحدي في المنزل»

تفاعل الملياردير الأميركي إيلون ماسك ودونالد ترمب جونيور، نجل الرئيس المنتخب دونالد ترمب، مع صورة متداولة على منصة «إكس»

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
أوروبا ألسنة لهب كثيفة تتصاعد من مبنى مدمر وسيارة محترقة في منطقة زابوريجيا الأوكرانية نتيجة قصف روسي (خدمة الطوارئ الأوكرانية- أ.ف.ب)

4 قتلى و19 جريحاً بضربة روسية على زابوريجيا الأوكرانية

قُتل 4 أشخاص على الأقل وأُصيب 19، الثلاثاء، في ضربة صاروخية روسية «دمَّرت» عيادة خاصة في مدينة زابوريجيا جنوب أوكرانيا، في حصيلة مرشحة للارتفاع.

أوروبا صورة مركبة تابعة للوكالة الدولية للطاقة الذرية تعرضت لأضرار بسبب غارة بطائرة مسيرة على طريق في منطقة زابوريجيا في أوكرانيا 10 ديسمبر 2024 (رويترز)

مسيّرة تستهدف مركبة لوكالة الطاقة الذرية قرب محطة زابوريجيا النووية في أوكرانيا

قال مدير الطاقة الذرية إن مركبة تابعة للوكالة تعرضت لأضرار جسيمة بسبب هجوم بمسيرة على الطريق المؤدي إلى محطة زابوريجيا للطاقة النووية في أوكرانيا، الثلاثاء.

«الشرق الأوسط» (كييف)

خبراء الأرصاد الجوية يتوقعون ضعف ظاهرة «النينا»

«النينا» هي ظاهرة طبيعية تحدث كل بضع سنوات (أرشيفية - رويترز)
«النينا» هي ظاهرة طبيعية تحدث كل بضع سنوات (أرشيفية - رويترز)
TT

خبراء الأرصاد الجوية يتوقعون ضعف ظاهرة «النينا»

«النينا» هي ظاهرة طبيعية تحدث كل بضع سنوات (أرشيفية - رويترز)
«النينا» هي ظاهرة طبيعية تحدث كل بضع سنوات (أرشيفية - رويترز)

قالت المنظمة العالمية للأرصاد الجوية إن هناك مؤشرات على أنه ربما تتشكل ظاهرة «النينا» المناخية، ولكن بشكل ضعيف للغاية.

وأضافت المنظمة العالمية للأرصاد الجوية في جنيف، اليوم (الأربعاء)، إن فرص تطورها خلال الشهرين ونصف الشهر المقبلة تبلغ 55 في المائة. ويكون لظاهرة «النينا عادة تأثير تبريد على المناخ العالمي».

و«النينا»، وتعني بالإسبانية «الفتاة»، هي ظاهرة طبيعية تحدث كل بضع سنوات. وهي عكس ظاهرة «النينو» التي تعني «الصبي» بالإسبانية، حيث ترتفع درجة حرارة المحيط الهادئ الاستوائي بشكل كبير.

وهذا يؤثر على الرياح والضغط الجوي وهطول الأمطار، وبالتالي الطقس في كثير من أجزاء العالم. وترفع ظاهرة «النينو» متوسط درجة الحرارة العالمية، في حين أن ظاهرة «النينا» تفعل العكس تماماً.

كانت ظاهرة «النينو» لا تزال قابلة للرصد في بداية هذا العام، لكن المنظمة العالمية للأرصاد الجوية تقول إن الظروف المحايدة تسود منذ شهر مايو (أيار) تقريباً، ولا يزال هذا الحال مستمراً. ومن المؤكد بالفعل أن عام 2024 سيكون الأكثر سخونة منذ بدء تسجيل درجات الحرارة.

وتقول المنظمة العالمية للأرصاد الجوية إن ظاهرة «النينا» لم تتطور بعد بسبب الرياح الغربية القوية غير المعتادة التي تهب بين شهري سبتمبر (أيلول) وأوائل نوفمبر (تشرين الثاني).