شيخ عشائر الأنبار يتهم قوى سنية بـ«فبركة» شكاوى ضده

TT

شيخ عشائر الأنبار يتهم قوى سنية بـ«فبركة» شكاوى ضده

اتهم الشيخ علي حاتم السليمان، شيخ عشائر الأنبار الذي عاد إلى العراق بعد أقل من شهر بعد غياب قسري دام لنحو 9 سنوات، قوى سنية منافسة بفبركة شكاوى ضده خارج محافظة الأنبار. وقال السليمان في تصريحات متلفزة مساء أول من أمس، إن قوى سنية منافسة له في المحافظة تدفع مبالغ نقدية من أجل تقديم شكاوى كيدية ضده حتى خارج الأنبار شملت محافظات مثل بابل والبصرة.
وبعد تصريحات السليمان بساعات أصدرت محكمة النجف مذكرة قبض بحقه. وطبقاً لمصدر قضائي فإن الشكوى المذكورة تقدمت بها عدد من عوائل الشهداء في المحافظة قبل أيام. ويأتي صدور هذه المذكرة بعد أقل من شهر على عودة علي حاتم السليمان الذي غادر العراق منذ تسع سنوات عقب اندلاع المظاهرات الجماهيرية في محافظة الأنبار أواخر عام 2012 واستمرت حتى عام 2013 والتي رفع خلالها المتظاهرون شعارات ضد السلطات في بغداد لا سيما الشعار المعروف (قادمون يا بغداد) الذي أخذ بُعداً طائفياً، الأمر الذي جعل رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي يرفض كل الوساطات التي تقدمت بها جهات سياسية مختلفة سواء لتلبية مطالب المتظاهرين، التي بدت مشروعة، أو إجراء مفاوضات مع المتظاهرين بشأن الكثير من القضايا السياسية التي أثيرت في وقتها ومن بينها التوازن السياسي.
وفي ظل عدم التوصل إلى اتفاق بين الطرفين فقد انتزع تنظيم «داعش» زمام المبادرة وسيطر على الجسم الرئيسي للمظاهرات تحت مسمى «ثوار العشائر» وكان الشيخ خميس الخنجر، زعيم تحالف السيادة الذي يضم رئيس البرلمان محمد الحلبوسي، أحد الشخصيات التي اتُّهمت بتمويل «ثوار العشائر». وعلى أثر قيام التنظيم باحتلال الموصل خلال شهر يونيو (حزيران) عام 2014 ومن ثم التمدد إلى باقي المحافظات الغربية ذات الغالبية السنية وأبرزها محافظة الأنبار فقد اضطر عدد من أبرز شيوخ المحافظة وسياسييها، ومن بينهم علي حاتم السليمان ورافع العيساوي (وزير المالية الأسبق) وخميس الخنجر، إلى مغادرة البلاد بعد أن طاردتهم تهم مختلفة، بينما لا يزال يقبع في السجن النائب السابق في البرلمان العراقي أحمد العلواني الذي اتُّهم بالقتل والذي حكم عليه بالإعدام.
وبينما عاد الخنجر قبل أكثر من سنتين بتسوية قيل إن أطرافاً شيعية تدخلت فيها بوساطة إيرانية - قطرية فإن عودة العيساوي قبل شهرين والسليمان قبل أقل من شهر أثير ولا يزال يثار حولها جدل بشأن ما إذا كانت التهم التي أُثيرت ضدهما تقع في باب التهم الكيدية، التي يجري فيها تحريك ملفات لإبعادهم ومن ثم إمكانية عودتهم حين تكون العملية السياسية بحاجة إلى عودة من كان مطلوباً بالأمس لخلق ضدٍّ نوعيٍّ ضد طرف.
وبدأ هذا الوضع يشكل خطراً على بعض القوى السياسية ومنها بعض الفصائل المسلحة التي تمكنت من التمدد في محافظات الأنبار وصلاح الدين بعد سيطرة «داعش» على هذه المحافظات ومن ثم تحريرها خلال السنوات بين 2014 و2017.
وعملية خلق الضد النوعي بدا أن المقصود بها هو رئيس البرلمان محمد الحلبوسي الذي يتهيأ لأن يكون الزعيم السني الأبرز لا سيما بعد عودته رئيساً للبرلمان لدورة ثانية ومن ثم تحالفه مع زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، وهو ما أدى طبقاً لما تعلنه قوى الإطار التنسيقي الشيعي إلى تمزيق البيت الشيعي.
وفي انتظار التداعيات الخاصة بمذكرة الاعتقال الجديدة بحق السليمان، فإنه وفي تصريحاته المتلفزة مساء أول من أمس اتهم القوى السنية في العملية السياسية وليس القوى الشيعية بالوقوف وراء تحريك الاتهامات والشكاوى ضده. توجه التهم ضده. وفيما برّأ السليمان إلى حد كبير محمد الحلبوسي من الوقوف ضده فضلاً عن إقامة دعاوى قضائية عليه، فإنه اتهم أحمد أبو ريشة، رئيس مؤتمر صحوة العراق وأحد أبرز حلفاء الحلبوسي، بالوقوف ضده.
وبشأن القضية الأساسية التي وُجهت إليه وخرج على أثرها من العراق، كشف السليمان أن وزير الدفاع الأسبق سعدون الدليمي، هو من قدم شكاوى عليه بصفته الوظيفية، مبيناً أنه ومعه 26 شخصاً من شيوخ العشائر وغيرهم وكّلوا محامين لإعادة النظر في الشكاوى المقدمة ضدهم من الدليمي. وبيّن أن وزير الدفاع الحالي جمعة عناد تنازل عن تلك الدعاوى كون وزارة الدفاع لم تتضرر جراءها، غير أن القضاء برّأ جميع من كانوا معه في الشكوى باستثنائه هو.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.