الوسيط الأوروبي في طهران... وترقب للتعرف على ما في جعبته من مقترحات

مصادر أوروبية في باريس: إيران تراهن على قدرتها على كسب الوقت وتطوير برنامجها النووي

إنريكي مورا منسق الاتحاد الأوروبي في المحادثات النووية (رويترز)
إنريكي مورا منسق الاتحاد الأوروبي في المحادثات النووية (رويترز)
TT

الوسيط الأوروبي في طهران... وترقب للتعرف على ما في جعبته من مقترحات

إنريكي مورا منسق الاتحاد الأوروبي في المحادثات النووية (رويترز)
إنريكي مورا منسق الاتحاد الأوروبي في المحادثات النووية (رويترز)

(تحليل إخباري)
يبدو من الصعب توقع النتيجة التي ستسفر عنها زيارة المنسق الأوروبي لمحادثات فيينا، أنريكي مورا، إلى العاصمة الإيرانية، التي من المتوقع أن يصلها اليوم، في محاولته لإخراج الملف النووي من عنق الزجاجة التي علق عندها منذ شهرين.
واستبق «وزير» الخارجية الأوروبي جوزيب بوريل زيارة مساعده مورا بتأكيد أن مهمته في طهران تمثل «الخرطوشة الأخيرة» في مساعي الوسيط الأوروبي لاجتياز المسافة المتبقية الفاصلة عن إتمام التفاهم الأميركي - الإيراني الذي يراد له أن يفضي إلى توقيع اتفاق معدل عن اتفاق العام 2015 ويوفر عودة إيران إلى التزاماتها النووية، بالتوازي مع عودة واشنطن إليه، التي خرجت منه في ربيع العام 2018 وعادت إلى فرض عقوبات مشددة على طهران.
وآخر زيارة لمورا إلى طهران كانت في 27 مارس (آذار) الماضي، وأعقبها مباشرة بزيارة إلى واشنطن. وبحسب الناطق باسم الخارجية الإيرانية، سعيد خطيب زاده، في مؤتمره الصحافي أمس، فإن التواصل مستمر بين إيران والولايات المتحدة عبر الوسيط الأوروبي. وسارع خطيب زاده إلى خفض منسوب التفاؤل المرتقب من لقاء مورا بالمفاوض الإيراني الرئيسي علي باقري بقوله إن وصوله «لا يعني أنه يحمل رسالة جديدة بعد توقف المفاوضات». جاء ذلك بعد أن كان قد أكد أن هذه الزيارة «تجعل المفاوضات تتقدم في الاتجاه الصحيح»، ما يدل على بلبلة قد تكون مقصودة.
وترى مصادر أوروبية في باريس أن الحرب الأوكرانية قد «حرفت الأنظار عن الملف النووي»، وبالتالي فإنها «أراحت إيران» لجهة أنها خففت الضغوط الغربية التي كانت تمارس عليها، والتي كانت تؤكد يوماً بعد يوم أنها «على عتبة التوصل إلى العتبة النووية» التي تمكنها من تصنيع السلاح النووي. وتضيف المصادر المشار إليها أن إيران، من جهة، تكسب الوقت وترى أن الزمن يعمل لصالحها، ومن جهة ثانية، تواصل دفع برنامجها النووي إلى الأمام. «الأمر الذي سيشكل لاحقاً وسيلة ضغط إضافية على المفاوض الغربي، سواء أكان أوروبياً أم أميركياً». وفي أي حال، ثمة قناعة إيرانية، وفق الغربيين، أن التلويح باللجوء إلى استخدام القوة العسكرية لإضعاف برنامجها النووي، أو وقفه، «أمر مستبعد، لأن تركيز واشنطن والعواصم الأوروبية، في الوقت الراهن، على الملف الأوكراني، ولا أحد يتوقع منها أن تفتح جبهة جديدة مع إيران».
وتفيد التحليلات الغربية أن حرب أوكرانيا مرجحة لأن تدوم طويلاً، لشهور حتى لسنوات، ولا شيء في الأفق يدل على رغبة روسية في وضع حد لها طالما لم تحقق موسكو أهدافها. وبالتوازي، تعد المصادر الأوروبية أن واشنطن التي «تدير الحرب فعلياً، وتمسك بالذراع الأوكرانية، ليست لها مصلحة استراتيجية وجيوسياسية في أن تضع أوزارها اليوم أو غداً».
وأخيراً، ثمة قناعة مفادها أن طهران أضحت في وضع يتيح لها تحمل تبعات العقوبات الأميركية لأشهر طويلة، لأنها نجحت في تصدير كميات أكبر من النفط الذي ارتفعت أسعاره باتجاه الصين. ويفيد تقرير صادر عن مؤسسة «رفينيتيف» التابعة للسوق المالية البريطانية، أن بيانات الجمارك الصينية أظهرت أن بكين اشترت في كل من شهري ديسمبر (كانون الأول) ويناير (كانون الثاني) الماضيين 1.9 مليون برميل، وأن نجاحها يعود لكونها تبيع نفطها تحت مسميات بلدان أخرى وبأسعار بخسة.
بيد أن العقبات ليست فقط إيرانية، بل هي أيضاً أميركية، وتعود للأجواء والاستحقاقات السياسية في واشنطن. فمن جهة، يقوى الرفض في مجلسي الشيوخ والنواب لرفع اسم «الحرس الثوري» الإيراني من لائحة التنظيمات الأجنبية الإرهابية. ومن جهة ثانية، ومع اقتراب استحقاق الانتخابات النصفية، تتخوف إدارة الرئيس بايدن من الإقدام على خطوة تلاقي هذا الحجم من الرفض من الحزبين الجمهوري والديمقراطي في الداخل، ومن ضغوط خارجية من حلفاء واشنطن. وما يزيد من حراجة الموقف الأميركي أن الجانب الإيراني «يرفض حتى اليوم تقديم مقابل» لقرار أميركي يستجيب لمطالب طهران. يضاف إلى ذلك أن طهران سبق لها أن رفضت طرحاً أميركياً - أوروبياً يقوم على رفع «الحرس الثوري» من لائحة التنظيمات الإرهابية، مع الإبقاء على اسم بعض التنظيمات المرتبطة به، وأولها ذراعه الخارجية «فيلق القدس». والحال أن العارفين بالملف الإيراني وبالتوازنات الداخلية يؤكدون أن القيادة الإيرانية لا يمكن أن تقبل ذلك، وهم يشيرون إلى واقعة كلام قاله وزير الخارجية أمير حسين عبد اللهيان قبل عدة أسابيع، واضطر لاحقاً للتراجع عنه. وقتها، أفاد الأخير أنه تلقى رسائل من قادة «الحرس الثوري» تؤكد «الاستعداد للتضحية» إذا كان الوصول إلى اتفاق مرتبط بإزالته عن لائحة الإرهاب. وبعدما ارتفعت أصوات في طهران تطالب باستقالته، تراجع عبد اللهيان عن تصريحاته.
ثمة مؤشر آخر يدل على تشدد إيران المبدئي، وما يدل عليه قول خطيب زاده أن مورا طلب لقاء مسؤولين آخرين دون أن يسميهم. والمرجح أن المقصود هما وزير الخارجية نفسه، أو علي شمخاني، أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني وممثل المرشد الإيراني علي خامنئي. وربط خطيب زاده الاستجابة لطلب مورا «بما سيحدث» في اجتماع الوسيط الأوروبي برئيس وفد التفاوض إلى فيينا علي باقري. وبكلام آخر، فإن طهران تنتظر «العرض» الذي يحمله مورا في جعبته، علماً أن الناطق باسم الخارجية نبّه أن ملف «الحرس الثوري» ليس الوحيد العائق، وأن هناك مسائل أخرى يتعين حلّها. وكالعادة، ربط الجانب الإيراني الخروج من المأزق بـ«احترام الخطوط (الحمر) التي حدّدتها السلطات العليا للجمهورية الإسلامية، ولذلك وصلنا إلى هذا الوضع اليوم». وقال خطيب زاده إنه «إذا قررت الولايات المتحدة اليوم احترام حقوق الشعب الإيراني، يمكننا الذهاب إلى فيينا بعد زيارة السيد مورا، وتوقيع الاتفاق». ولكن لا الخطوط الحمر ولا احترام حقوق الشعب الإيراني موضحتان ما يترك حبل التأويلات على الغارب.
ثمة اعتقاد أن ملف الضمانات التي تريدها طهران من واشنطن ما زال عالقاً. وللتذكير، فإن طهران تطالب بضمانات، بحيث لا تفرض عليها العقوبات مجدداً في حال عاود الطرف الأميركي نقض الاتفاق المطلوب والعودة إلى العقوبات. والحال أن الإدارة الأميركية مغلولة اليدين، ولا تستطيع طرح الاتفاق على شكل معاهدة ملزمة على مجلسي الشيوخ والنواب، فيما التعهد بإصدار بيان تتعهد فيه بالامتناع لاحقاً عن فرض العقوبات مجدداً على إيران لا يرضي طهران، لأن صلاحيته تنتهي بنهاية عهد بايدن، ثم هناك وسائل التحقق والمراقبة المطلوبة لنووي إيران، والحاجة لإقفال ملف الاشتباه بأنه كانت لها أنشطة نووية عسكرية، وأنها لم توفر ردوداً كافية للوكالة الدولية للطاقة النووية عن أسباب العثور على آثار أنشطة نووية في 3 مواقع لم تصرح طهران عنها. كل ذلك يراكم الخلافات ويؤخر التوصل إلى تفاهم نهائي.



غارات تركية على مواقع لـ«العمال» في كردستان العراق

تركيا أكدت استمرار «المخلب القفل» شمال العراق بالتنسيق مع بغداد وأربيل (الدفاع التركية)
تركيا أكدت استمرار «المخلب القفل» شمال العراق بالتنسيق مع بغداد وأربيل (الدفاع التركية)
TT

غارات تركية على مواقع لـ«العمال» في كردستان العراق

تركيا أكدت استمرار «المخلب القفل» شمال العراق بالتنسيق مع بغداد وأربيل (الدفاع التركية)
تركيا أكدت استمرار «المخلب القفل» شمال العراق بالتنسيق مع بغداد وأربيل (الدفاع التركية)

نفذت القوات التركية غارات جوية استهدفت مواقع لحزب «العمال» الكردستاني في مناطق شمال العراق، أسفرت عن تدمير 25 موقعاً، بينها نقاط تضم شخصيات قيادية.

وبحسب بيان لوزارة الدفاع التركية، فإن الغارات، التي نفذت ليل الجمعة – السبت، استهدفت إحباط هجمات «إرهابية» ولضمان أمن الحدود.

وأضافت الوزارة: «تم خلال تلك الغارات تدمير 25 هدفاً في كاره وقنديل وأسوس، بما في ذلك كهوف وملاجئ ومخازن ومنشآت يستخدمها (قادة إرهابيون)، وأسفرت عن مقتل عدد كبير من مسلحي (العمال) الكردستاني».

وتابعت الوزارة: «الحرب ضد الإرهاب ستستمر من أجل الحفاظ على أمن بلدنا وأمتنا بكل عزيمة وإصرار حتى يتم تحييد آخر إرهابي».

ولفت بيان الدفاع التركية إلى «اتخاذ جميع التدابير اللازمة خلال هذه العملية لضمان عدم تضرر الأبرياء، والعناصر الصديقة، والأصول التاريخية والثقافية، والبيئة».

تصعيد... ونقاط أمنية

وشهدت التحركات العسكرية التركية ضمن عملية «المخلب - القفل» المستمرة لأكثر من عامين في شمال العراق، تصعيداً منذ يونيو (حزيران) الماضي، ولا سيما في دهوك، إذ قامت القوات التركية المشاركة في العملية بنصب نقاط أمنية في مناطق عدة لملاحقة عناصر حزب «العمال»، إلى جانب قيامها بقصف بعض البلدات.

وبعد أن صرح الرئيس التركي رجب طيب إردوغان بأن القوات التركية ستكمل الحزام الأمني في شمال العراق، خلال الصيف، كما حدث في شمال سوريا، قال مسؤول بوزارة الدفاع، الأسبوع الماضي، إن «القفل يغلق»، في إشارة إلى قرب انتهاء عملية «المخلب - القفل» التي انطلقت في أبريل (نيسان) 2022.

وأضاف المسؤول العسكري، في إفادة صحافية، أن القوات التركية تواصل عملياتها الموجهة ضد حزب «العمال» الكردستاني في شمال العراق بنجاح، وأن هذه العمليات تجري بتنسيق مع الحكومة العراقية وإدارة إقليم كردستان العراق.

ولفت إلى أن «الأعمال الفنية الخاصة بإنشاء مركز للعمليات المشتركة مع العراق ضد (العمال) الكردستاني مستمرة دون أي مشكلات».

جنديان تركيان أثناء مسح كهوف تابعة للعمال الكردستاني شمال العراق (الدفاع التركية)

شكاوى من العراق

وتصاعدت الشكاوى، في الفترة الأخيرة، من جانب بغداد من عمليات توغل عسكري تركية واسعة. وكلف رئيس الحكومة، محمد شياع السوداني، مستشار الأمن القومي العراقي، قاسم الأعرجي، بالتنسيق مع سلطات إقليم كردستان لبحث تداعيات التوغل التركي المتكرر في شمال العراق.

وأكد وزير الخارجية، فؤاد حسين، أن بلاده لم تمنح تركيا ضوءاً أخضر للقيام بعمليات في إقليم كردستان، وأن الحكومة بحاجة إلى مزيد من النقاشات الأمنية مع الأتراك مع الإقرار بأن» العمال الكردستاني» مشكلة عراقية أيضاً.

وندد مجلس الأمن الوطني بالتوغل التركي لأكثر من 40 كيلومتراً داخل الأراضي العراقية.

لكن الرئيس، رجب طيب إردوغان، قال، لاحقاً، إن أنقرة ترحب بالخطوات التي تتخذها بغداد وأربيل لمكافحة «تنظيم حزب العمال الكردستاني الإرهابي»، وتعتبرها جيدة لكن «غير كافية».

وأضاف أن وزارتي الدفاع وأجهزة الاستخبارات في كل من تركيا والعراق تتمتع بـ«علاقات تعاون جيدة».

وبشأن عملية «المخلب - القفل»، قال إردوغان: «بعد زيارتنا للعراق في أبريل الماضي، رأينا للمرة الأولى اتخاذ خطوات ملموسة للغاية على أرض الواقع في القتال ضد حزب (العمال) الكردستاني من جانب الإدارة العراقية».

وأضاف أن مجلس الأمن الوطني العراقي أعلن حزب «العمال» الكردستاني منظمة محظورة، والآن نرى انعكاسات ذلك على أرض الواقع، وبعد الزيارة، كان تعاون قواتنا الأمنية وإدارة أربيل أمراً يبعث على الارتياح، كما أننا نتعاون مع كل من وزارة الدفاع وأجهزة الاستخبارات في العراق، ولدينا علاقة جيدة.