«الشرق الأوسط» في مهرجان «كان» السينمائي (7): «حكاية الحكايات» و«أعلى صوتًا من القنابل» ينقذان المهرجان من الركاكة

أفلام أخرى لم تستطع الارتقاء بعروض الدورة فنيًا

غبريال بيرن وإيزابل هوبير في «أعلى صوتًا من القنابل»
غبريال بيرن وإيزابل هوبير في «أعلى صوتًا من القنابل»
TT

«الشرق الأوسط» في مهرجان «كان» السينمائي (7): «حكاية الحكايات» و«أعلى صوتًا من القنابل» ينقذان المهرجان من الركاكة

غبريال بيرن وإيزابل هوبير في «أعلى صوتًا من القنابل»
غبريال بيرن وإيزابل هوبير في «أعلى صوتًا من القنابل»

إلى الآن وبعد مضي سبعة أيام على الدورة الحالية لمهرجان «كان» السينمائي، فيلمان أنقذا الدورة من ركاكة شاملة هما: «حكاية الحكايات» و«أعلى صوتًا من القنابل» Louder Than Bombs. الأول، كما أسلفنا عنه قليلاً، فانتازيا تأخذ مكانها في ربوع إيطالية غير معروفة في زمن بعيد وغير واقعي عن حكايات كتبها جيانباتيستا باسيلي، وهو روائي عاش في نابولي؛ المدينة التي ولد فيها مخرج الفيلم ماتيو غاروني، ولّـف بينها المخرج جيّـدًا وأنجز منها عملاً مبهرًا في أجزاء ومثيرًا على الدوام يخلص إلى لا مفاد.
الثاني: «أعلى من القنابل» للنرويجي واكيم ترايير الذي صوّر فيلمه الثالث، بعد «مكرر» و«أوسلو.. أوغست31» (كلاهما استقبل جيّـدًا في عروضهما قبل أعوام قليلة)، تم عرضه أمس (الاثنين) حاملاً حكاية شيّـقة وشائكة معًا حول مصوّرة صحافية وعائلتها التي تحاول لملمة كياناتها بعد موتها. هي «إيزابيل أوبير» مصوّرة صحافية انتقلت بين غزّة (نراها في مقدّمة الفيلم من خلال صور ملتقطة خلال الحرب الأخيرة) وأفريقيا وأفغانستان ومواقع أخرى مما يحفل به العالم اليوم من حروب. ذات ليلة، وبعد عودتها إلى ضاحية في ولاية نيويورك؛ حيث تعيش مع أسرتها (زوج وولدان) تقتل في حادثة سيارة. يقدّم المخرج روايتين للحادثة، ثم يتركهما بلا حل: نراها تصارع الإغفاء وراء المقود في تلك الرحلة الليلية على طريق ريفي، في مشهد، وفي آخر نراها يقظة، لكن الشاحنة المقبلة من الاتجاه الآخر هي التي صدمتها.
بصرف النظر عما حدث، يرث الزوج (غبريال بيرن) ومنذ مقتلها قبل ثلاث سنوات، علاقة غير مريحة مع ابنه الأصغر كونراد (ديفيد درويد) ملؤها التوتر وعدم رغبة كونراد التواصل مع أبيه. هي أفضل حالاً بين الأب وابنه الأكبر «جونا»، (جيسي آيزنبيرغ)، وهذا بدوره على تواصل أفضل مع شقيقه درويد.
الحكاية ليست متوالية زمنيًا، بل تدخل وتخرج، ثم تعود مرارًا بين أزمنة متعددة تتيح لشخصية المصوّرة أن تظهر في عدّة مشاهد. وهي تتمحور حول تلك العلاقة الأسرية المتشابكة، خصوصًا خارج أسوارها المنزلية.. فالأب يرتبط بعلاقة عاطفية مع معلّـمة ابنه كونراد (مما يزيد التوتر بين الأب وابنه)، و«جونا» يقيم علاقة مع صديقة سابقة لزواجه. بذلك تكتمل الحكاية على ثلاثة أسس (الأب وابناه) ليس بينهم من يستطيع الدفاع عن نفسه. أكثر من ذلك، سيكشف الفيلم لاحقًا عن أن الزوجة كانت على علاقة مع زميل لها اسمه ريتشارد (ديفيد ستراذرن) مما يكمل نوعًا من الدائرة كل من فيها مصاب وغير سليم.

حب في الخمسينات
فيلم «حكاية الحكايات» ذو الجهد المبذول، إخراجًا وتوليفًا، ينتقل بين الأزمنة بسلاسة، ويُثير «حكاية الحكايات» الإعجاب بسلاسة انتقاله بين القصص الثلاثة من دون جهد. لكن «أعلى من القنابل» يفتقد، مثل سابقه، إلى شخصيات تتعرّف عليها لتؤازرها أو تتعاطف معها. لكن الحال ذاتها، في هذا الشأن، نراها في العديد من الأفلام الأخرى التي عرضت هنا داخل المسابقة، ومنها «ابن شاوول» المركّـب بوصفه حكاية واحدة تقع في ساعات متواصلة. في فيلم لازلو نيميس ذاك (الذي اشترته شركة سوني للتوزيع في الولايات المتحدة) جهد كبير آخر، إنما ليس على صعيد توليف الحكاية، بل على صعيد التصوير (كاميرا تلاحق بطل الفيلم طوال الوقت في موقع يستخدمه النازيون لحرق اليهود) ولو أنه جهد متكلّـف ومضج يحقق نتيجة أكبر حجمًا مما تستحق.
الفشل الأميركي الذريع الذي تمثّـل في فيلم «بحر من الشجر» لغس فان سانت، تكرر، نوعًا، في فيلم تود هاينز «كارول» الذي يحكي قصّـة حب بين امرأتين: كيت بلانشيت، المرأة السعيدة في حياتها الزوجية التي تقع في حب من أول مرّة مع الفتاة الشابة روني مارا. هذا في خمسينات القرن الماضي عندما كانت مثل تلك العلاقات نشازًا عن المألوف، من حسن الحظ. لكن الفيلم ينأى بنفسه عما كان المخرج التونسي عبد اللطيف كشيش ذهب إليه في فيلمه المشابه «الأزرق اللون الأكثر دفئًا» من حيث عدم تتويجه الحب القائم بين المرأتين بمشاهد فاضحة (باسم الفن أو حرية التعبير)؛ ذلك لأنه لا يعرض ما يمكن للخيال أن يذهب إليه، بل يطمح لأن يماثل أفلام هوليوود الخمسيناتية بدورها لناحية معالجة المواضيع الاجتماعية على قواعد اللغة الفنية المعمول بها في ذلك الحين. لكن في حين يسجل علامة متقدّمة على صعيد نقل رواية الكاتبة باتريشا هايسميث وعلى صعيد إدارة ممثليه، تبقى المبررات واهية والأهمية المطلقة للعمل موظّـفة لخدمة الترويج للمضمون من دون اعتبار للفئة المناوئة.
الأفلام الأخرى التي تتالت ولم تستطع الوقوف على قدمين ثابتتين وترتقي بعروض الدورة فنيًّا، هي «ملكي» (Mon Roi) الذي أخرجته ميوين (تكتفي بهذا الاسم) وهي ممثلة وكاتبة سابقة كحال إيمانويل بركو التي افتتح المهرجان دورته بفيلمها «رأس مرفوع» والتي تقوم ببطولة هذا الفيلم لجانب فنسنت كاسل الذي لعب أيضًا شخصية رئيسية في «حكاية الحكايات».
بعد نصف ساعة مثيرة للاهتمام، ساعة ونصف أخرى مثقلة بالعواطف التي تعني بطلي الفيلم أكثر مما تعنينا نحن المشاهدين. طبعًا يطرح الفيلم موضوع العلاقات العاطفية وما يبحث عنه الرجل والمرأة في تلك العلاقة التي تتوارى حسناتها بمرور الوقت، لكن الموضوع مطروح في عشرات الأفلام وغالبًا ضمن الافتراض بأن ما يتم سرده على الشاشة مثير للجمهور.



إشادة بانفتاح السعودية على تقديم الفن الراقي

نجوم حفل روائع الموجي في ضيافة المستشار تركي آل الشيخ «فيسبوك»
نجوم حفل روائع الموجي في ضيافة المستشار تركي آل الشيخ «فيسبوك»
TT

إشادة بانفتاح السعودية على تقديم الفن الراقي

نجوم حفل روائع الموجي في ضيافة المستشار تركي آل الشيخ «فيسبوك»
نجوم حفل روائع الموجي في ضيافة المستشار تركي آل الشيخ «فيسبوك»

شهدت الرياض وجدة فعاليات مسرحية وغنائية عقب انتهاء شهر رمضان، انطلقت مع عيد الفطر واستقطبت مشاركات مصرية لافتة، منها مسرحية «حتى لا يطير الدكان»، من بطولة الفنانَيْن أكرم حسني ودرة، في موسمها الثاني على مسرح «سيتي ووك جدة»؛ إلى عرض ستاند أب كوميدي «ذا إيليت» المقام على «مسرح محمد العلي» بالرياض، بينما شاركت الفنانة المصرية أنغام بحفلات «عيد القصيم»، والفنان عمرو دياب بحفلات «عيد جدة».
وتشهد العاصمة السعودية حفل «روائع الموجي»، الذي تحييه نخبة من نجوم الغناء، بينهم من مصر، أنغام وشيرين عبد الوهاب ومي فاروق، بالإضافة إلى نجوم الخليج ماجد المهندس وعبادي الجوهر وزينة عماد، مع صابر الرباعي ووائل جسار، بقيادة المايسترو وليد فايد وإشراف فني يحيى الموجي، ومشاركة الموسيقار رمزي يسى.
عن هذا الحفل، يعلّق الناقد الفني المصري طارق الشناوي لـ«الشرق الأوسط»: «نشجّع تكريس الكلمة الرائعة والنغم الأصيل، فحضور نجوم مصر في فعاليات المملكة العربية السعودية، يشكل حالة تكامل من الإبداع»، معرباً عن غبطته بمشهدية الزخم الفني، التي يواكبها في الرياض وجدة.
ووفق «جمعية المؤلفين والملحنين الرسمية» في مصر، ورصيد محمد الموجي، صاحب مقولة «أنا لا أعمل كالآلة تضع فيها شيئاً فتخرج لحناً؛ إنها مشاعر وأحاسيس تحتاج إلى وقت ليخرج اللحن إلى النور»، قد وصل إلى 1800 لحن، ليعلّق رئيسها مدحت العدل لـ«الشرق الأوسط» بالتأكيد على أنّ «الاحتفاء بالرموز الفنية من (الهيئة العامة للترفيه)، كاحتفالية الموجي، أمر غاية في الرقي ويدعو للفخر»، موجهاً التقدير للجميع في المملكة على النهضة الفنية الكبيرة.
واستكمالاً لسلسلة الفعاليات الفنية، فإنّ مدينة جدة على موعد مع حفلين للفنان تامر عاشور يومي 5 و6 مايو (أيار) الحالي، بجانب حفل الفنانَيْن محمد فؤاد وأحمد سعد نهاية الشهر عينه. وعن المشاركات المصرية في الفعاليات السعودية، يشير الناقد الموسيقي المصري محمد شميس، إلى أنّ «القائمين على مواسم المملكة المختلفة يحرصون طوال العام على تقديم وجبات فنية ممتعة ومتنوعة تلائم جميع الأذواق»، مؤكداً أنّ «ما يحدث عموماً في السعودية يفتح المجال بغزارة لحضور الفنانين والعازفين والفرق الموسيقية التي ترافق النجوم من مصر والعالم العربي». ويلفت شميس لـ«الشرق الأوسط» إلى أنّ «هذا التنوع من شأنه أيضاً إتاحة مجال أوسع للمبدعين العرب في مختلف الجوانب، التي تخصّ هذه الحفلات، وفرصة لاستقطاب الجمهور للاستمتاع بها بشكل مباشر أو عبر إذاعتها في القنوات الفضائية أو المنصات الإلكترونية»، معبّراً عن سعادته بـ«الحراك الفني الدائم، الذي تشهده المملكة، بخاصة في الفن والثقافة وتكريم الرموز الفنية والاحتفاء بهم».
وشهد «مسرح أبو بكر سالم» في الرياض قبيل رمضان، الحفل الغنائي «ليلة صوت مصر»، من تنظيم «الهيئة العامة للترفيه»، احتفالاً بأنغام، إلى تكريم الموسيقار المصري هاني شنودة في حفل بعنوان «ذكريات»، شارك في إحيائه عمرو دياب وأنغام، بحضور نخبة من نجوم مصر، كما أعلن منذ أيام عن إقامة حفل للفنانة شيرين عبد الوهاب بعنوان «صوت إحساس مصر».
مسرحياً، يستعد الفنان المصري أحمد عز لعرض مسرحيته «هادي فالنتين» في موسمها الثاني، ضمن فعاليات «تقويم جدة» على مسرح «سيتي ووك‬» بين 3 و6 مايو (أيار) الحالي. وعنه كان قد قال في حوار سابق مع «الشرق الأوسط»، إنّ «الحراك الثقافي الذي تشهده المملكة يفتح آفاقاً وفرصاً متنوعة للجميع لتقديم المزيد من الفن الراقي».