من أراد معرفة أسرار الآخرين.. لا يلومهم إن كتبوا حقائق أو أكاذيب

مثقفون أميركيون يناقشون السيرة الذاتية ويسخرون

من أراد معرفة أسرار الآخرين.. لا يلومهم إن كتبوا حقائق أو أكاذيب
TT

من أراد معرفة أسرار الآخرين.. لا يلومهم إن كتبوا حقائق أو أكاذيب

من أراد معرفة أسرار الآخرين.. لا يلومهم إن كتبوا حقائق أو أكاذيب

في الشهر الماضي، أثير نقاش وسط مثقفين أميركيين حول كتب السير الذاتية، ومدي صدقها. وشبهها أحد المثقفين بـ«سيلفي» حيث يقوم شخص بالتقاط صورة لنفسه بكاميراه. وقال آخر: «صار كل ممثل سينما وتلفزيون من الدرجة الثالثة، يكتب قصة حياته، وقد ننتظر من يكتب (سيرتي الذاتية وأنا أنظف استوديوهات هوليوود)».
النقاش الذي جرى، الشهر الماضي، أثير بعد أن نشرت مجلة «نيويورك تايمز» انطباعات عن جولة في كندا والولايات المتحدة، أعدها الكاتب النرويجي كارل كناوزغارد، الذي اشتهر بكتابة سيرته الذاتية في أربعة كتب - حتى الآن. إنها سلسلة كتب لم يترك فيها مؤلفها أي حدث صغير في حياته لم يدونه.
لكن، بعد جولته في أميركا، صار واضحا أن صاحب كتب سيرته الذاتية الأربعة، لا يقدر على أن يكتب عن أي شيء غير نفسه. حتى إذا تجول في كندا والولايات المتحدة، وحتى إذا كان ذلك على نفقة مجلة «نيويورك تايمز».

* السيرة الأطول
وقالت كاتي ويلدمان، التي تتولى الشؤون الثقافية في مجلة «سليت» عن كناوزغارد، إنه «يجيد تطبيق الحكمة النرويجية القائلة: كل شيء قادر على التوقف يستطيع التوقف. وهذا يعني أن قطار كناوزغارد لا يقف فقط في المحطات الرئيسية متجاهلا المحطات الصغيرة التي بينها، بل يقف قطاره عندها جميعا، وهو إن مر بخيمة، يعسكر فيها طلاب الكشافة، توقف عندها».
وأشارت ويلدمان إلى أن النرويجي كتب عن أشياء مثل: «تذكرت أنني لم أعد أملك رخصة قيادة سيارة، ضاعت مني قبل سنة. اتصلت بالسفارة النرويجية في واشنطن. وانتظرت الرد ثلاثة أيام. ثم ردوا علي..»، وهكذا تبدأ تفاصيل دقيقة جدا عن رحلته في كندا والولايات المتحدة.
ولم ينس أن يكتب: «دخلت حماما في نيوفاوندلاند (في كندا)، وعندما خرجت منه، كان الماء خرج من المرحاض، وملأ المكان، وذلك لأنني لم أقدر على تنظيف المرحاض».
وعن أسلوب كناوزغارد في وصف الرحلات وفي كتابة الروايات، قالت ويلدمان: «يظل يرى نفسه مركز الحياة. يكتب عن الآخرين، ولا يعطيهم فرصة أن يقولوا آراءهم عن أي شيء في الحياة، ناهيك عنه هو نفسه. هذا رجل يرى أنه مركز الكون كله».

* تفاصيل سخيفة
أما مارك اثيتاكيس المتخصص في عروض الكتب الجديدة بصحيفة «واشنطن بوست»، فكتب عن الأجزاء الأربعة لسيرة النرويجي: «كلما أصدر كناوزغارد كتابا من كتب سيرته الذاتية، تنقسم ردود فعل القراء إلى قسمين: الذين يلتهمون التفاصيل الدقيقة غير المهمة ويريدون المزيد، والذين لا يصدقون أن هناك من يلتهم التفاصيل ويريدون المزيد».
وقال اثيناكيس إن هذه الأجزاء من هذه السيرة التفصيلية، وجدت إقبالا كبيرا، ليس فقط في النرويج، أو في الدول الإسكندنافية المجاورة، ولكن، أيضا، في مناطق أخرى من العالم.
وأضاف اثيتاكيس، أن تفاصيل «سخيفة» وتفاصيل أخرى جنسية كتبها النرويجي، ساعدت على شهرة كتبه. منها تفاصيل عن زوجته السابقة تونجي أورسلاند، التي رفعت قضايا ضده، وضد دار النشر التي تنشر كتبه. وحتى عمه بدأ حملة ضده في التلفزيونات والصحف ومواقع التواصل الاجتماعي.
لقد ضحي كناوزغارد بعائلته لإنجاح سيرته الذاتية. ويبدو أن ملايين القراء فرحون بسبب هذه التضحية، على حد قول اثيناكس الذي أشار إلى أن النرويجي قدم كتابين آخرين، على الأقل، قبل أن ينهي سيرته الذاتية. وطبعا، ستكون «النهاية» عن الوقت الذي كتب فيه الكتاب الأخير. يعني هذا أنه قد يكتب إلى ما قبيل وفاته، إلا إذا أصابه مرض أعاق ذلك.

* سانت أوغسطين
وركز سكوت بيرغهيغر أستاذ علم النفس في جامعة كلارك (ولاية ماساتشوستس)، على مشكلتين رئيسيتين تواجهان من يكتب سيرته الذاتية، هما قوة الذاكرة، ومصداقية السرد. وقال: «لا يكفي أن يقول الشخص إن قصة حياته كلها صحيحة، لا أكاذيب فيها أو مبالغات، أو تخيلات. يجب أن تكون صحيحة أيضا، فيما يختص بالثقافات التي عاش فيها أو مر بها. لا بأس إذا انتقد الشخص نفسه، لكن، لا يكفي هذا لتقديم الصورة الصحيحة عن هذه الثقافات. تأخذ هذه النقطة أهميتها بسبب حقيقية أن تلك الثقافات هي التي كونت الشخص، ولم يكونها».
وأشار بيرغهيغر إلى أول سيرة ذاتية مفصلة: «كونفيشنز» (اعترافات) التي كتبها سانت أوغسطين (القرن الرابع الميلادي). وقال إن كبير الأساقفة الرومانيين المشهور بتأسيس نظرية «التثليث» في المسيحية، كتب سيرة ذاتية «صادقة» تضمنت اعترافات بأخطاء، ودعوات لله ليغفر له. أما في العصر الحديث، فقد أصبحت السيرة الذاتية أقل تدينا، بل أقل أخلاقية. غير أن كل من يكتب سيرة ذاتية يريد أن يكتب أنه أخلاقي، هنا تبدأ المشكلة: هل السيرة الذاتية صادقة؟ كيف نحكم على أخلاقياتها إذا لم تكن صادقة؟
وأشار بيرغهيغر إلى سير ذاتية كتبها يهود نجوا من الهولوكست (المحرقة النازية) وأوضح نقطتين حول كتاب اليهودي بنيامين ويلكوميرسكي، الذي تحدث فيه عن طفولته خلال المحرقة:
أولا، أثبت أكثر من مؤرخ أن الكتاب مزور، إذ لا وجود لشخص بهذا الاسم. إن الاسم الحقيقي لمؤلف الكتاب هو برونو دويسكيره، الذي وُلد بعد نهاية المحرقة.
ثانيا: إذا كتب شخص أن سيرته الذاتية تعتمد على ذاكرته، يكون وضع القارئ في وضع حرج، وكأنه يقول له: إما أن تصدق ذاكرتي، أو لا تصدقها. ويعني هذا أن السيرة الذاتية لا يجب أن تبرهن على أي شيء.

* مشكلة المشاهير
وقال إدوارد كار أستاذ اللغة الإنجليزية في جامعة لاسيل (ولاية بنسلفانيا)، إن ثمة مسألة أخرى تواجه السير الذاتية، وخصوصا سير المشاهير، من ممثلي السينما والتلفزيون وممثلاتهما، إذ إن ملايين الناس لا يهتمون بالعوامل السابقة الذكر، من صدق وقوة ذاكرة، والمغزى الأخلاقي، والخلفية الثقافية، وغيرها.
وأشار إلى كتاب «مليون قطعة صغيرة» الذي كتبه جيمس فراي، قبل سنوات، وأثبت مؤرخون أنه تضمن أخطاء (وأكاذيب) كثيرة. لكن ذلك لم يمنع ملايين الناس من شرائه. لماذا؟ لأن أوبرا وينفري، وهي ربما، أشهر مقدمة برنامج تلفزيوني سوداء، أثنت على الكتاب، ودعت المشاهدين إلى شرائه. وعندما جرى التأكد من وجود أخطاء وأكاذيب في الكتاب، اضطر المؤلف إلى إعادة نشره، وبدلا من «سيرة ذاتية»، كتب «رواية ذاتية».
وقال كار، إن هذه المشكلة توضح أن «أغلبية الأميركيين يتشوقون لقراءة اعترافات الآخرين»، وأضاف: «لا يقدر الذين يؤمنون بحرية السوق أن يلوموا الذين يكسبون فيها، حقا أو باطلا. ولا يقدر الذين يريدون معرفة أسرار الآخرين أن يلوموهم إذا كتبوا حقائق أو أكاذيب، صارت حرية السوق هي إثارة السوق».
وأضاف: «ربما ليس الذنب ذنب أوبرا وينفري، أو ذنب جيمس فراي، ربما هو ذنب دور النشر الكبيرة التي تسارع وتصف الكتاب بأنه (ميموار)، أي ذكريات، وهي تعرف أن هذا وصف مطاطي، ويمكن أن يشمل أي شيء».
واتفق كار مع بيرغهيرغر على أن السيرة الذاتية تعكس، ليس فقط سيرة كاتبها، ولكن الثقافة التي عاش فيها. ولهذا، تعكس الأكاذيب في السيرة أكاذيب في الثقافة. وأضاف كار: «تشكل هذه مسؤولية كبيرة، تاريخية وأخلاقية».

* السيرة الذاتية الأفضل
وقالت ديانا سافيرين، محررة الشؤون الأدبية في مجلة «أتلانتيك»، إن أحسن سيرة ذاتية قرأتها هي «حج إلى نهر تنكار»، التي كتبتها آني ديلارد، ذلك لأنها «جمعت بين الله، والطبيعة، والإنسان، وهي تستكشف المنطقة حول منزلها في ريف ولاية فرجينيا»، وعلى الرغم من ضيق المنطقة الجغرافية، جمعت معلومات من أكثر من ألف مرجع، فيها أقوال وآراء وأرقام. ولهذا «نجحت السيرة الذاتية بفضل التفاصيل التي تصور الطبيعة، وماذا يعني أن تكون إنسانا، أي إنسان، وأنت تتلمس طريقك على أطراف الطبيعة التي بلا نهاية». قارنت سافيرن بين هذه السيرة الذاتية وسير المشاهير في الوقت الحاضر. وقسمت هذه إلى الأقسام الآتية:
أولا: قسم الذين يصرخون بأعلى أصواتهم: «أنا مشهور، أنا مشهور»، مثل كتاب «ياس بليز» (نعم فضلا)، الذي كتبته الممثلة ايمي بوهلار.
ثانيا: قسم الذين يصرخون بأعلى أصواتهم: «أريد أن أكون رئيسا للجمهورية. أريد أن أكون رئيسا للجمهورية»، مثل كتاب السيناتور ماركو روبيو: «أميركان دريم» (حلم أميركي). ومثل كتاب السيناتور تيد كروز: «تايم أوف تروث» (وقت الصدق). ومثل كتاب هيلاري كلينتون: «هارد جويزيز» (خيارات صعبة).
ثالثا: قسم الذين يصرخون بأعلى أصواتهم: «أنا حكيم. أنا حكيم»، مثل كتاب ايبن ألكسندر: «بروف أوف هيفين» (أدلة على وجود الجنة). ومثل كتاب بيل وايز: «23 دقيقة في الجحيم». وأخيرا، كما قال اثيتاكيس: «ليست مثل هذه السير الذاتية إلا مثل صور (سيلفي)، أي: صور ذاتية. تصرخ هذه الكتب: انظروا إليّ، انظروا إلي»، وأضاف: «باسم قول الحقيقة، يحاول كل واحد من هؤلاء أن يقنعنا بأنه ذكي (كتب الممثلين والممثلات). أو محبوب (كتب السياسيين). أو مقدس (كتب الجنة والنار)».



ديمي مور «في حالة صدمة» بعد فوزها بأول جائزة تمثيل خلال مسيرتها

مور مع جائزة «غولدن غلوب» (أ.ف.ب)
مور مع جائزة «غولدن غلوب» (أ.ف.ب)
TT

ديمي مور «في حالة صدمة» بعد فوزها بأول جائزة تمثيل خلال مسيرتها

مور مع جائزة «غولدن غلوب» (أ.ف.ب)
مور مع جائزة «غولدن غلوب» (أ.ف.ب)

حصلت الممثلة ديمي مور على جائزة «غولدن غلوب» أفضل ممثلة في فئة الأفلام الغنائية والكوميدية عن دورها في فيلم «ذا سابستانس» الذي يدور حول ممثلة يخفت نجمها تسعى إلى تجديد شبابها.

وقالت مور وهي تحمل الجائزة على المسرح: «أنا في حالة صدمة الآن. لقد كنت أفعل هذا (ممارسة التمثيل) لفترة طويلة، أكثر من 45 عاماً. هذه هي المرة الأولى التي أفوز فيها بأي شيء بصفتي ممثلة»، وفقاً لما ذكرته وكالة «رويترز» للأنباء.

الممثلة ديمي مور في مشهد من فيلم «ذا سابستانس» (أ.ب)

تغلبت الممثلة البالغة من العمر 62 عاماً على إيمي آدمز، وسينثيا إيريفو، ومايكي ماديسون، وكارلا صوفيا جاسكون وزندايا لتفوز بجائزة أفضل ممثلة في فيلم موسيقي أو كوميدي، وهي الفئة التي كانت تعدّ تنافسية للغاية.

وقالت مور في خطاب قبولها للجائزة: «أنا في حالة صدمة الآن. لقد كنت أفعل هذا لفترة طويلة، أكثر من 45 عاماً. هذه هي المرة الأولى التي أفوز فيها بأي شيء بصفتي ممثلة وأنا متواضعة للغاية وممتنة للغاية».

اشتهرت مور، التي بدأت مسيرتها المهنية في التمثيل في أوائل الثمانينات، بأفلام مثل «نار القديس إلمو»، و«الشبح»، و«عرض غير لائق» و«التعري».

وبدت مور مندهشة بشكل واضح من فوزها، وقالت إن أحد المنتجين أخبرها ذات مرة قبل 30 عاماً أنها «ممثلة فشار» أي «تسلية».

ديمي مور تحضر حفل توزيع جوائز «غولدن غلوب» الـ82 في بيفرلي هيلز - كاليفورنيا (رويترز)

وأضافت مور: «في ذلك الوقت، كنت أقصد بذلك أن هذا ليس شيئاً مسموحاً لي به، وأنني أستطيع تقديم أفلام ناجحة، وتحقق الكثير من المال، لكن لا يمكن الاعتراف بي».

«لقد صدقت ذلك؛ وقد أدى ذلك إلى تآكلي بمرور الوقت إلى الحد الذي جعلني أعتقد قبل بضع سنوات أن هذا ربما كان هو الحال، أو ربما كنت مكتملة، أو ربما فعلت ما كان من المفترض أن أفعله».

وقالت مور، التي رُشّحت مرتين لجائزة «غولدن غلوب» في التسعينات، إنها تلقت سيناريو فيلم «المادة» عندما كانت في «نقطة منخفضة».

وأضافت: «لقد أخبرني الكون أنك لم تنته بعد»، موجهة شكرها إلى الكاتبة والمخرجة كورالي فارغيت والممثلة المشاركة مارغريت كوالي. وفي الفيلم، تلعب مور دور مدربة لياقة بدنية متقدمة في السن على شاشة التلفزيون تلتحق بنظام طبي غامض يعدها بخلق نسخة مثالية من نفسها.