لمسات أوروبية أخيرة على سادس حزمة عقوبات ضد روسيا

«الغذاء العالمي» دعا للإفراج عن «حبوب مكدسة» في أوكرانيا لإنقاذ الملايين

TT

لمسات أوروبية أخيرة على سادس حزمة عقوبات ضد روسيا

عاد السفراء المندوبون الدائمون للبلدان الأعضاء في الاتحاد الأوروبي للاجتماع أمس الأحد لوضع اللمسات الأخيرة على الحزمة السادسة من العقوبات ضد روسيا وسط تفاؤل عبر عنه المسؤول الأوروبي عن السياسة الخارجية جوزيب بوريل بقوله «تمكنا من تذليل جميع العقبات السياسية ولم يتبق سوى بعض التفاصيل التقنية لإنجاز الاتفاق».
لكن حسابات الساعات الأخيرة التي أملاها تسارع التطورات على الجبهتين الروسية والغربية، والخشية من أن تؤدي هذه التطورات إلى تجاوز حزمة العقوبات الجديدة في حال إعلانها قبل معرفة المواقف التي ينتظر أن تصدر عن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بمناسبة «عيد النصر»، والقرارات التي ستتخذها قمة الدول الصناعية السبع والتي قد تتضمن المزيد من العقوبات على الكرملين.
وكانت التعليمات التي وجهتها الدول الأعضاء الوازنة في الاتحاد إلى المفوضية تقضي بتلبية جميع مطالب البلدان المعترضة على الصيغة الأولى المقترحة للعقوبات والحفاظ على وحدة الصف الأوروبي «مهما كلف الأمر» كما قال مسؤول أوروبي رفيع إلى «الشرق الأوسط». وساهمت هذه التعليمات في حلحلة العقد التي كانت تعترض المفاوضات حتى ساعة متأخرة من مساء السبت، وذلك بعد أن تجاوبت المفوضية مع جميع مطالب المجر وسلوفاكيا وجمهورية التشيك مقابل موافقة هذه الدول على الشق السياسي لحزمة العقوبات وترك التفاصيل التقنية وتحديد آجال التنفيذ للخبراء.
وينص الاتفاق على منح البلدان الثلاثة، التي قد تنضم إليها بلغاريا، فترة انتقالية تمتد حتى العام 2025 لوقف استيراد النفط الخام ومشتقاته من روسيا، كما يلحظ خطة تعويضات للبلدان التي تحتاج لإعادة هيكلة البنى التحتية النفطية والمصافي وشبكات الأنابيب، فضلاً عن إضافة مصرف «سبيربنك» إلى القائمة الأوروبية السوداء ومنع تصدير المواد المستخدمة لصناعة الأسلحة الكيميائية إلى موسكو.
لكن تطورا برز في الساعات الأخيرة دفع بالمفوضية والدوائر العليا في الاتحاد إلى التريث في الإعلان رسمياً عن الحزمة الجديدة من العقوبات قبل ساعات من الحديث الذي كان مرتقباً أمس للرئيس الروسي بمناسبة «عيد النصر» مع احتمال تأثير ذلك على مفاعيل العقوبات. وقد أدت هذه التساؤلات حول جدوى الإعلان عن الحزمة الجديدة قبل معرفة خطوات موسكو المقبلة، إلى ترجيح كفة الاحتفاظ مؤقتاً بهذه الورقة وعدم التفريط بفاعلية وقعها في «هذه الحرب التي تدور بالوسائل العسكرية التقليدية بقدر ما تدور بوسائل التواصل الحديثة» على حد قول أحد المسؤولين في المفوضية. مع ذلك تصر رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فو در لاين على أن العقوبات، إلى جانب تزويد أوكرانيا بالمساعدات العسكرية وغيرها، هي السبيل الوحيد أمام الاتحاد لمواجهة الاعتداء الروسي «لأن العقوبات تضرب كل يوم في عمق الاقتصاد الروسي» كما قالت.
في موازاة ذلك تستعد المفوضية للموافقة أواسط هذا الشهر على خطة مشتركة لتوفير الطاقة تحسباً لقرار مفاجئ من موسكو بقطع إمدادات الغاز عن البلدان الأوروبية بعد أن قطعتها عن بولندا وبلغاريا بعد أن رفض هذان البلدان سداد فاتورة المحروقات بالعملة الروسية.
وأبلغت المفوضية الدول الأعضاء أن التدابير التي تعدها لخطة الطوارئ في حال قطع إمدادات الغاز الروسي ستؤثر على جميع البلدان «لأن أولئك الذين لديهم مصادر تموين أخرى، عليهم أن تقاسم الكميات التي لديهم مع الذين يتضررون من وقف الإمدادات الروسية». ومن المتوقع أيضاً أن تفرض المفوضية إجراءات إلزامية لتقنين الغاز، بدءا بالقطاع الصناعي، بحيث إن البلدان غير المتضررة من قطع الغاز الروسي لا تستفيد على حساب تلك التي يعتمد قطاعها الصناعي بنسبة عالية عليه. وتجدر الإشارة أن بعض بلدان الاتحاد الأوروبي بدأت منذ فترة بتطبيق تدابير لخفض استهلاك الغاز، مثل تعزيز وسائل النقل العام وخفض درجة أجهزة تنظيم الحرارة في المباني والمنشآت العامة.
ومن المنتظر أن تلجأ المفوضية إلى إحياء الخطة التي وضعتها منذ سنوات لضمان أمن إمدادات الطاقة، وذلك لفرض تدابير تؤمن الإمدادات الكافية من الغاز للمنازل والخدمات الاجتماعية الأساسية في جميع بلدان الاتحاد، والتخفيف من التداعيات الاقتصادية والاجتماعية المتوقعة في حال قطع إمدادات الغاز الروسي.
ويعترف المسؤولون في المفوضية أنه في حال قررت موسكو قطع إمدادات الغاز عن جميع بلدان الاتحاد «سيكون من المستحيل عملياً في الأمد القصير، أي قبل نهاية العام الجاري، إيجاد بدائل لإمدادات الطاقة الروسية، وبخاصة منها الغاز». ويقدر الخبراء أنه من أصل 155 مليار متر مكعب تصل إلى أوروبا سنوياً من الغاز الروسي، يمكن التعويض عن ثلثيها من مصادر أخرى، بحيث تتبقى كمية تعادل الاستهلاك السنوي لرومانيا والمجر والنمسا والجمهورية التشيكية وسلوفاكيا واستونيا وليتونيا، علماً أن ألمانيا وحدها تحتاج إلى 90 مليار متر مكعب من الغاز سنوياً.
ويشار إلى أن معظم البلدان الأعضاء في الاتحاد الأوروبي شرعت منذ أسابيع بوضع تدابير وخطط لتوفير الطاقة في الاستخدامات الخاصة والعمومية، وتسريع خطط توليد الطاقات البديلة.
ويكرر المسؤولون الأوروبيون أن زيادة الاعتماد على إمدادات الطاقة الروسية خلال العقود المنصرمة كان تصرفاً غير مسؤول من الناحية الجيو-ستراتيجية أعطى روسيا ورقة قوية لن تتردد في استخدامها.
في غضون ذلك، دعا المدير التنفيذي لبرنامج الغذاء العالمي ديفيد بيزلي من روما أمس إلى «الإفراج عن الحبوب المكدسة حالياً في الصوامع الأوكرانية تحت القصف لإنقاذ 44 مليون شخص يقتربون من شفا المجاعة في العالم». وقال بيزلي بأن تكلفة عدم التجاوب مع هذا النداء ستكون عالية جداً على الصعيدين الإنساني والأمني، ودعا جميع الأطراف المعنية إلى السماح بإيصال هذه المواد الغذائية الأساسية إلى المناطق المحتاجة.
وكانت منظمة الأغذية والزراعة (فاو) أعلنت من جهتها «من الغرائب المشينة لهذا الوضع الذي نشهده اليوم في أوكرانيا أن ثمة 25 مليون طن من الحبوب الجاهزة للتصدير، يتعذر إخراجها من هذا البلد بسبب من عدم وجود البنى التحتية اللازمة والحصار المفروض على الموانئ». وحذرت المنظمة من أن عدم إفراغ صوامع الحبوب الأوكرانية سيتسبب في ضرر مضاعف، لأنه «إلى جانب عدم تزويد البلدان المحتاجة بالحبوب التي تشكل غذاءها الأساسي، لن يتمكن الفلاحون الأوكرانيون من جني المحصول المقبل لأنهم، برغم الحرب الدائرة، زرعوا الحقول للموسم المقبل».


مقالات ذات صلة

روسيا: وجّهنا ضربات مكثفة للقوات الأوكرانية في منطقة كورسك

أوروبا رجال إنقاذ في موقع مبنى سكني ضربته غارة جوية روسية على أوكرانيا بمنطقة سومي 4 يناير 2025 (رويترز)

روسيا: وجّهنا ضربات مكثفة للقوات الأوكرانية في منطقة كورسك

قالت وزارة الدفاع الروسية إن قواتها وجّهت ضربات مكثفة لوحدات أوكرانية في منطقة كورسك غرب روسيا، وأفاد الجيش الأوكراني بتصعيد القتال خلال اﻟ24 ساعة الماضية.

«الشرق الأوسط» (موسكو - كييف)
أوروبا دبابة روسية مدمرة في منطقة كورسك (أ.ب)

زيلينسكي: مقتل 15 ألف جندي روسي خلال القتال في كورسك

أكد مسؤول عسكري أوكراني، الاثنين، أن قواته تكبّد قوات موسكو «خسائر» في كورسك بجنوب روسيا، غداة إعلان الأخيرة أن أوكرانيا بدأت هجوماً مضاداً في هذه المنطقة.

«الشرق الأوسط» (كييف)
أوروبا الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون يلقي كلمته أمام السفراء الفرنسيين 6 يناير 2025 بقصر الإليزيه في باريس (رويترز)

ماكرون يدعو أوكرانيا لخوض «محادثات واقعية» لتسوية النزاع مع روسيا

قال الرئيس الفرنسي ماكرون إن على الأوكرانيين «خوض محادثات واقعية حول الأراضي» لأنهم «الوحيدون القادرون على القيام بذلك» بحثاً عن تسوية النزاع مع روسيا.

«الشرق الأوسط» (باريس)
أوروبا جندي روسي خلال تدريبات عسكرية في الخنادق (لقطة من فيديو لوزارة الدفاع الروسية)

روسيا تعلن السيطرة على «مركز لوجيستي مهم» في شرق أوكرانيا

سيطرت القوات الروسية على مدينة كوراخوف بشرق أوكرانيا، في تقدّم مهم بعد شهور من المكاسب التي جرى تحقيقها بالمنطقة.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
أوروبا صورة تظهر حفرة بمنطقة سكنية ظهرت بعد ضربة صاروخية روسية في تشيرنيهيف الأوكرانية (رويترز)

روسيا تعلن اعتراض 8 صواريخ أميركية الصنع أُطلقت من أوكرانيا

أعلن الجيش الروسي اليوم (السبت)، أنه اعترض 8 صواريخ أميركية الصنع أطلقتها أوكرانيا في اتجاه أراضيه.

«الشرق الأوسط» (موسكو)

2025... عام ملء الفراغات؟

الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)
الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)
TT

2025... عام ملء الفراغات؟

الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)
الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)

لا يوجد فراغ مسموح به في الطبيعة. فالطبيعة لا تغيّر طبيعتها، لأنها تكره الفراغ. في الفراغ لا حياة، لا صراع ولا تاريخ. فالتاريخ يتنقّل بين الفوضى والنظام. يُفرض النظام بالإكراه، فتوضع القوانين لتُفرض بالقوّة والإكراه أيضاً. هكذا كتب ألبير كامو، الفيلسوف الفرنسي في كتابه «الإنسان المتمرّد»، (The Rebel): «في النظام، كما في الفوضى، هناك شيء من العبوديّة». تستهدف الثورة النظام القائم، فتخلق الفوضى. لكنها مُلزمة بإعادة تكوين نظام جديد. وبين الفوضى والنظام، يدفع الإنسان العاديّ الأثمان.

يقول السياسيّ الراحل هنري كيسنجر ما معناه: إن الفراغ يجلب الحرب والهجوم. فهل سيكون عام 2025 عام ملء الفراغات، أو خلق بعضها؟

دخان يتصاعد من شمال قطاع غزة خلال قصف الجيش الإسرائيلي (أرشيفية - أ.ف.ب)

بعد عملية 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، تغيّرت موازين القوى في المنطقة. سقطت «حماس». سقط «حزب الله». سقط النظام في سوريا... وبذلك انهارت وحدة الساحات، أو ما يُسمّى محور المقاومة. وبسبب ذلك، سقطت منظومات كانت قائمة. وتظهّرت الفراغات القاتلة. ها هي إسرائيل تدمّر قطاع غزّة، لتخلق فراغاً لا توجد فيه حركة «حماس»، ولتؤسّس لحالة معيّنة قد يُطلَق عليها «الاحتلال التغييريّ»، (Transformative). بكلام آخر، فُرض الاحتلال أمراً واقعاً خارج القانون الدوليّ، لكنه طويل، ومُكلف للمُحتلّ، الأمر الذي قد يخلق ثقافة جديدة، ومختلفة عما كانت قبلها، حتى ولو تطلّب الأمر جيلاً من الزمن.

دخلت إسرائيل لبنان خلال الحرب الأخيرة، فخلقت منطقة عازلة. وها هي اليوم تُحصّنها استباقاً للسيناريو السيّئ. خلقت إسرائيل هذا الفراغ على الحدود اللبنانيّة، كما في داخل قطاع غزّة بالقوّة العسكريّة المُفرطة. لكن البقاء في لبنان واحتلال المنطقة العازلة، هو أمر مختلف تماماً عن احتلال قطاع غزّة.

بعد سقوط النظام في سوريا، سارعت إسرائيل إلى احتلال مزيد من الأراضي السوريّة وتوسيع المنطقة العازلة. لكنه احتلال من دون استعمال للقوّة، حتى ولو دمّر الطيران الإسرائيليّ قدرات الجيش السوريّ المستقبليّ. إنه احتلال مؤقّت-طويل. لكن المفارقة هي إعلان إسرائيل أن الجولان لن يعود إلى سوريا، وهو احتلال كأمر واقع (De Facto). ولتحرير الجولان، لا بد من حرب أو تفاوض، وهذان أمران متعذّرَان حالياً لأسباب كثيرة. وعليه قد يمكن حالياً إعلان وفاة مقولة كسينجر: «لا حرب في الشرق الأوسط من دون مصر، ولا سلام من دون سوريا».

صورة نشرها الجيش الإسرائيلي وقال إنها لجولة رئيس الأركان هرتسي هاليفي الميدانية في جنوب لبنان (أرشيفية)

حال العالم

في أوكرانيا يستعين الرئيس بوتين في حربه بالتكنولوجيا الغربيّة لتصميم صواريخه، آخرها الصاروخ الفرط صوتيّ «أوريشنيك». كما يستعين بالمُسيّرات الإيرانيّة، والعسكر الكوري الشمالي لتحرير الأرض الروسية في كورسك. يريد بوتين الاحتلال التغييري للشرق الأوكرانيّ.

في منطقة نفوذ الصين، يسعى التنين إلى استرداد جزيرة تايوان على أنها جزء تاريخيّ من الصين الكبرى. فهي تحضّر البحريّة الصينيّة، كون الحرب، وفي حال حصولها، سيكون أغلبها في البحر. ورداً على ذلك، بدأ تشكُّل كثير من التحالفات ردّاً على السلوك الصينيّ.

وفي مكان آخر من العالم، يُحضّر الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب مأسسة الصراع مع التنين الصينيّ. فهو يريد استعادة السيطرة على قناة بنما، نظراً إلى أهمية هذه القناة على الأمن القومي الأميركيّ. فهي الشريان الحيويّ الذي يربط الشرق الأميركي بالغرب. وهي التي أوصى بها المفكّر الاستراتيجيّ الأميركي البحريّ ألفريد ماهان. وهي التي أشرفت على بنائها الولايات المتحدة الأميركيّة، وذلك بعد انفصال بنما عن كولومبيا وبمساعدة البحريّة الأميركيّة آنذاك، خلال فترة حكم الرئيس الأميركي الراحل تيودور روزفلت. وبذلك، تكون القناة قد مرّت بثلاث مراحل هي: 1906 البناء مع الرئيس روزفلت، و1977 مع الرئيس جيمي كارتر الذي أعادها إلى بنما، واليوم مع الرئيس ترمب الذي يريد استردادها.

صور الرئيس الأسبق حافظ الأسد ممزقة للمرة الأولى في تاريخ سوريا (الشرق الأوسط)

يرى البعض أن تصريحات الرئيس ترمب مجرّد كلام عاديّ بسبب شخصيّته الفريدة. لكن الأكيد أن تصريحاته تنمّ عن عمق جيوسياسيّ بعيد المدى. فما معنى طرحه موضوع شراء جزيرة غرينلاند من الدنمارك؟ ما أهميّة هذه الجزيرة؟

إن ثقافة دبلوماسيّة الدولار (Dollar Diplomacy) في التاريخ الأميركي ليست جديدة. فهي قد اشترت لويزيانا من فرنسا عام 1803 بـ15 مليون دولار. كما اشترت من روسيا ولاية ألاسكا الحاليّة بـ7.2 مليون دولار.

شكّلت لويزيانا الربط بين الشرق والغرب الأميركيّ، كما سيطرت على أهمّ مرفأ أميركيّ يطلّ على خليج المكسيك. وبالحدّ الأدنى أخرجت دولة أوروبيّة من الأرض الأميركيّة. أما شراء ألاسكا، فقد أعطى أميركا إطلالة على مضيق بيرينغ الذي يطلّ بدوره على الأرض الروسيّة.

التحّولات الجيوسياسيّة الحاليّ

مع صعود الصين، تبدّلت موازين القوى العالميّة عمَّا كانت عليه خلال الحرب الباردة. فللصين قدرات كونيّة وفي كل الأبعاد، خصوصاً الاقتصاديّة والعسكريّة، وهذه أبعاد افتقر إليها الاتحاد السوفياتيّ. تسعى الصين إلى التموضع في القارة الأميركيّة. يُضاف إلى هذا التحوّل، الكارثة البيئيّة والاحتباس الحراري، الأمر الذي قد يفتح طرقاً بحريّة جديدة، حول الشمال الأميركيّ. خصوصاً أن ذوبان المحيط المتجّمد الشمالي سوف يُغيّر جغرافيّة الصراع الجيوسياسيّ بالكامل. ونتيجة لذلك، ستصبح الولايات المتحدة الأميركيّة تطلّ على ثلاثة محيطات بعد أن كانت تطلّ على محيطين.

وحدة مدفعية أوكرانية في منطقة زابوريجيا تطلق النار باتجاه القوات الروسية على خط المواجهة (أرشيفية - رويترز)

تتميّز غرينلاند بمساحتها الكبيرة، نحو مليوني كيلومتر مربع، مع عديد لا يتجاوز 56 ألف نسمة، وثروات مهمّة قد تجعل أميركا تستغني عن استيراد كثير من الثروات الطبيعيّة من الصين. خلال الحرب الباردة حاول الرئيس هاري ترومان شراء الجزيرة، وهي لا تزال تضمّ قاعدة عسكريّة جويّة أميركيّة.

في الختام، إذا استطاع الرئيس ترمب استعادة السيطرة على قناة بنما، وسيطر بشكل ما على غرينلاند، سيتكوّن مثلثّ جيوسياسيّ دفاعيّ حول الولايات المتحدة الأميركيّة يرتكز على: غرينلاند، وألاسكا، وقناة بنما. كل ذلك، بانتظار الرئيس ترمب في البيت الأبيض، وكيف سيتعامل مع العالم خصوصاً الصين. فهل سيكون انعزاليّاً أم انخراطيّاً أم مزيجاً من المقاربتين؟