هشام أسعد تأثر بوصفات والدته فترجمها صوراً

هوايته تصوير أطباق الطعام وإبراز خصوصيتها

هشام أسعد
هشام أسعد
TT

هشام أسعد تأثر بوصفات والدته فترجمها صوراً

هشام أسعد
هشام أسعد

يأتي هشام أسعد من عائلة تملك خلفية غنية في تحضير الطعام ومكوناته. والده جزار يعرف بأنواع اللحوم وكيفية إعدادها. أما والدته فهي طباخة ماهرة بشهادة مراكز اجتماعية وجمعيات إنسانية، توصيها لتحضير أطباق الطعام التي تحتاجها.
منذ كان طفلاً وأجواء منزله تضج بالتحضيرات لموائد الغداء والعشاء. ولأن والدته كانت تعلّم ابنتها الصغيرة كيفية إعداد أطباق مختلفة، كان هشام يقف من بعيد يسترق السمع ويخزن الوصفات في ذهنه. وبعدما اكتشفw هواية الطبخ عنده، ومن ثم تصوير الأطباق التي يحضرها ونشرها على «إنستغرام»، قرر التفرغ لها بعيداً عن دراسته الجامعية في التصميم الغرافيكي. انطلق هشام وراء هوايته هذه منذ تخرجه في الجامعة، وتدريجياً تطور في تصوير الأطباق حتى صارت شغله الشاغل.
يقول في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «كلما تعمقت في المطبخ اللبناني، أنجذب أكثر صوب الأكلات التقليدية، وأبحث عن تاريخها وكيفية تحضيرها والمكونات المؤلفة منها. ومن ثم توسعت بالموضوع، صرت أعمل مع شركات خاصة ومطاعم ومحلات، أصور منتجاتها، كي تنشرها هذه المؤسسات للتسويق لنفسها».
اكتشف هشام أن الأجداد كانوا يحافظون على النظام الغذائي الصحي بصورة تلقائية في كل ما يتناولونه من أطعمة وخضار وفواكه، ترتبط بمواسمها الطبيعية. «كانوا يعيشون تلقائياً بنظام غذائي صحي، وهذا أمر ضروري لأن ما تدره علينا الطبيعة بفصولها هو الأكثر إفادة لسلامة صحتنا. لا مواد حافظة فيها ولا كيمائية أو صناعية مزروعة في الخيام البلاستيكية».

من صور هشام أسعد  -  مائدة مليئة بأطباق جميلة التصميم

في عام 2020 اتصلت به دار نشر أسترالية كانت تتابع أعماله الفنية عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وطلبت منه مساعدتها في إصدار كتاب طبخ خاص بالأكلات اللبنانية. «أعجبتني الفكرة وأطلقنا على الكتاب اسم (بيروت). ونشرت فيه أنواع أطباق مختلفة وركزت على تلك البيروتية منها. فأطباق الـ(مفتقة) و(الكبة أرنبية) وما يشابهها لا يعرفها كثر. وهي إضافة إلى أطباق أخرى من يخاني فاصولياء وبطاطا وبامية وداود باشا، ألفت محتوى الكتاب. كما تضمن أيضاً نبذاً عن أساليب تحضير اللحوم المشوية (باربكيو)، كما نحضرها أيام الآحاد والمناسبات».لم يقتصر كتاب الطبخ «بيروت» على تقديم وصفات فقط، بل أرفقه بنصوص يحكي فيها عن التغيرات التي شهدتها حياة اللبناني في المطبخ. وزود قراءه بنبذة عن تاريخ المناطق في المتوسط، وكيف مرت بمشاكل وحروب عبر التاريخ منذ نشأتها حتى اليوم. ويعلق: «أوردت أيضاً في الكتاب الذي خرج إلى النور في عام 2021، التبدلات التي أصابت إيقاع حياة اللبناني في السنتين الأخيرتين، إثر اشتداد الأزمة الاقتصادية وانتشار الجائحة. فهي مراحل بدلت في عاداتنا وتقاليدنا، وطبعت يومياتنا بهموم وتحديات كثيرة».
ويرى هشام أن مهمة تصوير الأطباق تستلزم أفكاراً فنية وإبداعية تثير الشهية عند رؤيتها. لذلك يحاول قدر الإمكان إحاطة طبق الطعام بما يجذب النظر من ألوان خضار. «الهدف من تصوير الطبق هو الجهة التي ستستفيد منها مما يعلل عملية التصوير وتضع لها إطارها العام. فهناك أسلوب معين يتبع في تصوير الأطباق الخاصة بالمطاعم والمحلات أو لكتاب. فمرات يجب إبراز المكونات، ومرات أخرى علي أن أولد أجواء زاهية لطبق مجدرة بني اللون ينشر في كتاب».
ويشبه هشام تصوير الطبق بـ«مانيكان» تعرض زياً لمصمم. ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «عند تصوير العارضة، يجب التركيز عليها بدون تشويش. الأمر نفسه يصح على الطبق. علي أن أرسم صورة له في خيالي كي أبرز خصائصه ومعالمه وألوان مكوناته وأنقلها بكاميرتي. يجب أن أجد الطريقة المناسبة لأظهر كل ذلك بتأن. وأحيانا ألجأ إلى خضار ملونة كالجزر والفلفل الحلو والليمون الحامض أو المخللات، كي أزيد الطبق أناقة وشهية معاً».
ومن أكثر الأعمال التصويرية التي علمت في ذاكرته، تلك التي تعاون فيها مع محل لبيع المونة اللبنانية. «أعجبت بديكور المحل من الخشب والرخام وبطريقة توضيب المونة في أوعية زجاجية تلفت النظر. فكلما كان المنتج جميلاً حفزني أكثر على تصويره».
عمله في مجال الأكل دفعه إلى ممارسة الطهي كشيف في مطاعم تطلبه كي يحدث الفرق في أطباقها. «لست من النوع الذي يحب الالتزام بالمطبخ والطهي، لأني أمل بسرعة من التكرار. ولكني أفكر في العودة إلى هذه المهنة في مناسبات خاصة، فأخرج طاقتي الإيجابية، من خلال لائحة طعام معينة تكون مستوحاة من الموسم الذي نمر به. أقف على آراء الناس مباشرة وأتفاعل مع ملاحظاتهم الخاصة بالأطباق التي أحضرها، لأني أحب هذا النوع من التواصل في مهنتي».
وعن أكثر المطابخ التي يجدها جذابة للتصوير الفوتوغرافي يقول: «مطبخ المتوسط، هو غني ومنوع يمتد من الساحل وصولا إلى الريف. فأطباق بلادنا جميلة الشكل كما أن طعمها لذيذ جداً».


مقالات ذات صلة

«أبو حصيرة» من غزة إلى القاهرة

مذاقات توابل فلسطينية تعزز مذاق الأسماك (الشرق الأوسط)

«أبو حصيرة» من غزة إلى القاهرة

من غزة إلى القاهرة انتقل مطعم «أبو حصيرة» الفلسطيني حاملاً معه لمساته في الطهي المعتمد على التتبيلة الخاصة

نادية عبد الحليم (القاهرة)
مذاقات إم غريل متخصص بالمشاوي (الشرق الاوسط)

دليلك إلى أفضل المطاعم الحلال في كاليفورنيا

تتمتع كاليفورنيا بمشهد ثقافي غني ومتنوع، ويتميز مطبخها بكونه خليطاً فريداً من تقاليد عالمية ومكونات محلية طازجة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
مذاقات صندوق من الكعك والكعك المحلى من إنتاج شركة «غريغز سويت تريتس» في نيوكاسل أبون تاين - بريطانيا (رويترز)

حلويات خطيرة لا يطلبها طهاة المعجنات أبداً في المطاعم

في بعض المطاعم والمقاهي، توجد بعض الخيارات الاحتياطية التي تجعل طهاة المعجنات حذرين من إنفاق أموالهم عليها؛ لأنها على الأرجح خيار مخيب للآمال.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
مذاقات «الأقاشي» السودانية تغازل سفرة المصريين

«الأقاشي» السودانية تغازل سفرة المصريين

لقمة خبز قد تأسر القلب، ترفع الحدود وتقرب الشعوب، هكذا يمكن وصف التفاعل الدافئ من المصريين تجاه المطبخ السوداني، الذي بدأ يغازلهم ووجد له مكاناً على سفرتهم.

إيمان مبروك (القاهرة)
مذاقات الشيف الأميركي براين بيكير (الشرق الأوسط)

فعاليات «موسم الرياض» بقيادة ولفغانغ باك تقدم تجارب أكل استثنائية

تقدم فعاليات «موسم الرياض» التي يقودها الشيف العالمي ولفغانغ باك، لمحبي الطعام تجارب استثنائية وفريدة لتذوق الطعام.

فتح الرحمن يوسف (الرياض) فتح الرحمن يوسف (الرياض)

«قصر الطواجن»... أكلات العالم على مائدته المصرية

المطعم المصري (قصر الطواجن)
المطعم المصري (قصر الطواجن)
TT

«قصر الطواجن»... أكلات العالم على مائدته المصرية

المطعم المصري (قصر الطواجن)
المطعم المصري (قصر الطواجن)

هل تناولت من قبل طاجناً من «النجراسكو» و«اللازانيا»، أو أقدمت على تجربة «الدجاج الهندي المخلي»، أو حتى «طاجن لحم النعام بالحمام»، يمكنك تذوق ذلك وأكثر، عبر مجموعة من الوصفات التي تخللتها لمسات مصرية على أكلات غربية.

في منطقة حيوية صاخبة في مدينة «6 أكتوبر» المصرية (غرب القاهرة الكبرى) يحتل مطعم «قصر الطواجن» المتخصص بشكل أساسي في تقديم طبق «الطاجن» مساحة كبيرة، وساحة أمامية لافتة، يزينها منطقة للأطفال، بينما تتميز قاعاته الداخلية بفخامة تليق بمفهوم «القصور» المرتبط باسمه.

لا شك أن التدقيق في اختيار اسم المطعم يلعب دوراً في شهرته، إلا أنه تبقى دوماً التجربة خير دليل، بحسب تعبير أحمد مختار، مدير المطعم.

ريش بورق العنب (صفحة المطعم على فيسبوك)

ألوان مختلفة من الطواجن يقدمها المطعم، فإذا لم تكن راغباً في صنف بعينه، فحتماً سيثير «المنيو» حيرتك، وإذا كنت من عشاق الطواجن بشكل عام، فعليك أن تختار ما بين طاجن «البط البلدي» بخلطة «قصر الطواجن» أو «الكوارع» أو «ريش البتلو بورق العنب»، أو «ريش الضاني»، أو «الأرز المعمر بالقشطة واللحم»، أو «طاجن لحم النعام بالحمام»، وهناك أيضاً طاجن «بصلية» و«الفريك بالحمام»، و«لسان العصفور باللحم» و«رول الضاني».

وإذا كنت من محبي الطعام الكلاسيكي، فينتظرك هناك طاجن «بهاريز زمان»، المكون من 5 مكونات بعضها عتيق في المطبخ المصري، ومنها الكوارع، النخاع، قلوب البتلو، والكلاوي، ولا مانع أن تجرب طواجن ذات أسماء من ابتكار المطعم مثل «طاجن السعادة» المكون من المخاصي والحلويات واللحم، أو طاجن «فولتارين» الذي يداوي أي ضغوط نفسية، وفق مدير المطعم.

وأحياناً يسألك طاقم الضيافة هل تريد أن تجرب أكلات عالمية في طواجن مصرية، لتزداد حيرتك أمام طاجن «الدجاج الهندي المخلي» أو«المكسيكي الحار»، أو «إسباجيتي بلونيز»، أو «النجراسكو واللازانيا»، أما في حالة إصرارك على اختيار طبق من مصر، فتتصدر الأطباق الشعبية «منيو» الطواجن، فلا يفوتك مذاق طاجن «العكاوي» بالبصل والثوم والزنجبيل والكمون والفلفل الحلو والكركم.

«ليس غريباً أن يكون في القاهرة مطعم متخصص في الطواجن»، يقول مدير المطعم لـ«الشرق الأوسط»، ويتابع: «لقد تميزت مِصر بأنواع كثيرة من الطواجن الحادقة واللذيذة والشهية، ما بين الخضراوات واللحوم والأرز والطيور والمحاشي، واختصت أيضاً بعدة طواجن من الحلويات».

وأوضح: «وتتميز الطواجن على الطريقة المصرية بطرق ومكونات ووصفات كثيرة، وجميعها مميزة وشهية ويحبها المصريون والأجانب؛ لأنها تعتمد طريقة طهي اللحم ببطء على نار خفيفة غالباً لعدة ساعات، كما يساعد الشكل المخروطي للوعاء على «حبس» النكهة كاملة بالداخل؛ فتكون مركزة وغنية، كما يعمل الطاجن على تنعيم اللحوم والخضراوات المطبوخة».

وأضاف: «طاجن الملوخية بالطشة، البامية باللحم الضأن، التورلي باللحم، الكوسا المغموسة في الصلصلة الحمراء والبصل، هي بعض من طواجن الخضراوات التي يقدمها المطعم أيضاً لرواده، (تشتهر بها مصر كذلك)، ولذلك نحرص على تقديمها في المطعم، من خلال هذه الطريقة تظل الخضراوات محتفظة بقيمتها الغذائية، وتكتسب مذاقاً شهياً ولذيذاً وخفيفاً يحرض الجميع على التهامها، حتى بالنسبة لهؤلاء الذين لا يفضلون تناول الخضراوات، وبالإضافة إلى ذلك فإن الطعام يظل محتفظاً بسخونته لوقت طويل».

يبتكر الشيفات في المطعم في تقديم طواجن بلمسات عصرية: «نحرص على التجديد لتجربة طعام مبتكرة، إن امتزاج الأصالة بالحداثة أمر رائع في عالم الطهي؛ إذا أردت أن تخوض هذه التجربة فأنصحك أن تطلب طاجن الحمام المحشي باللحم، الذي تعلوه جبن الموتزريلا، أو الرقاق بطبقات القشطة، وغير ذلك».

أما «الطاسات» والصواني فهي طرق جديدة لمواجهة الضغوط الاقتصادية؛ فهي تسمح لرواد المطعم بإحضار الأسرة أو عمل ولائم وتقديم أنواع أنيقة ومختلفة من الطعام للمدعوين، بسعر أقل، وفي الوقت نفسه تسمح بالاستمتاع برفاهية المذاق على حد قول مختار.

لا تضم قائمة الطعام الطواجن وحدها؛ إنما هي تمثل الأطباق التي فيها توليفة من النكهات التي تحتفي بثراء التقاليد الطهوية الشرقية، فبجانب الطواجن، يقدم المطعم لرواده قائمة طويلة من المشويات، وأنواعاً مختلفة من الحساء والأرز، والمحاشي والسلطات، إلى جانب أكلات محلية من محافظات مصرية مثل البط الدمياطي والحواوشي والسجق الإسكندراني.

يعد المطعم أن المحافظة على التراث الطهوي المصري من ضمن أهدافه، يقول مختار: «نحافظ على أصالة المطبخ المصري من خلال الحصول على أطيب المكونات، وأفضل خامات الأواني الفخارية الآمنة من الناحية الصحية؛ مما يضمن أن تكون كل وجبة بمثابة مغامرة تذوق طعام مفيد وخالٍ من أي أضرار محتملة».

دوماً ترتفع تجربة تناول الطعام الخاصة بنا إلى مستوى أعلى من المتعة والرقي، حين يكون العاملون في المطعم على دراية جيدة وواعية بفن الضيافة، وهذا ما يتحقق في «قصر الطواجن»؛ فهم يبدون بصفتهم جزءاً من النسيج الثقافي والاجتماعي الغني في مصر؛ عبر ابتسامتهم الدائمة، ومهارتهم، وسرعة تلبية احتياجات الزبائن.