جوزيف بوريل: ملتزمون بـ«الخطوط الحمر» مع «نظام الأسد» كي يغير سلوكه

قال لـ«الشرق الأوسط» إن الاتحاد الأوروبي لم يوجه دعوة لروسيا لمؤتمر بروكسل بسبب «عدوانها على أوكرانيا»

المفوض الأوروبي للشؤون الخارجية والأمنية جوزيف بوريل (أ.ف.ب)
المفوض الأوروبي للشؤون الخارجية والأمنية جوزيف بوريل (أ.ف.ب)
TT

جوزيف بوريل: ملتزمون بـ«الخطوط الحمر» مع «نظام الأسد» كي يغير سلوكه

المفوض الأوروبي للشؤون الخارجية والأمنية جوزيف بوريل (أ.ف.ب)
المفوض الأوروبي للشؤون الخارجية والأمنية جوزيف بوريل (أ.ف.ب)

(حوار سياسي)
قال الممثل الأعلى للشؤون الخارجية والأمن بالاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل في حديث إلى «الشرق الأوسط» إن الاتحاد الأوروبي ملتزم بـ«خطوطه الحمراء» الثلاثة، التي تتضمن عدم المساهمة بإعمار سوريا وعدم رفع العقوبات وعدم إقامة علاقات دبلوماسية كاملة مع دمشق «ما لم يتم إنجاز انتقال سياسي حقيقي وشامل بحزم وفقاً لقرار مجلس الأمن الدولي رقم 2254».
وقال بوريل: «لم تتغير المواقف السياسية للاتحاد الأوروبي لأن سلوك نظام الأسد لا يتغير»، مشيراً إلى استمرار الدعم الأوروبي للسوريين داخل البلاد وخارجها، قائلاً: «منذ بداية الصراع السوري في عام 2011. كان الاتحاد الأوروبي والدول الأعضاء فيه أكبر مانحين للمساعدات الإنسانية ومساعدات الصمود لسوريا والمنطقة بقيمة 27.4 مليار يورو».
وكان بوريل يتحدث عشية بدء مؤتمر المانحين في بروكسل يومي غد (الاثنين) وبعد غد. وقال: «هذا المؤتمر هو حدث التبرع الرئيسي لهذا العام للشعب السوري. الأمر المختلف هذا العام، أنه جاء على خلفية عدوان عسكري غير مسبوق في جوار الاتحاد الأوروبي. لذلك، نريد أن نظهر للشعب السوري أنه رغم العدوان الروسي على أوكرانيا، فإننا لا نزال ملتزمين بمواصلة دعم الشعب السوري والمجتمعات المضيفة في دول الجوار ولا ننساهم».
وأكد المسؤول الأوروبي عدم دعوة روسيا إلى المؤتمر على عكس ما جرى في الدورات الخمس الماضية، قائلاً: «ندعو الشركاء الذين لديهم مصلحة حقيقية للمساهمة في إحلال السلام في العالم ومساعدة ضحايا الصراع. لقد أثبتت روسيا من خلال عدوانها على أوكرانيا أنها لا تشارك هذه المصلحة».
وهنا نص الحديث الذي جرى أمس:
> ماذا تتوقع من مؤتمر المانحين في بروكسل يومي 9 و10 مايو (أيار)؟ كيف يختلف عن سابقيه؟
- هذا المؤتمر هو حدث التبرع الرئيسي لهذا العام للشعب السوري. لكن الأمر المختلف هذا العام هو أنه جاء على خلفية عدوان عسكري غير مسبوق في جوار الاتحاد الأوروبي. لكننا نريد أن نظهر للشعب السوري أنه رغم العدوان الروسي على أوكرانيا، فإننا لا نزال ملتزمين بمواصلة دعم الشعب السوري والمجتمعات المضيفة في دول الجوار ولا ننساهم.
مع مؤتمر بروكسل هذا العام، نريد أن نضمن لهم الاهتمام والدعم الدوليين المستمرين.
> والهدف السياسي؟
- لقد استضفنا مؤتمر بروكسل منذ عام 2017. وتتمثل الأهداف في إعادة تأكيد التزام المجتمع الدولي تجاه السوريين للوصول إلى حل سياسي تفاوضي للنزاع بما يتماشى مع قرار مجلس الأمن رقم 2254. ومواصلة حشد الدعم المالي الذي تشتد الحاجة إليه لتلبية احتياجات اللاجئين السوريين والمجتمعات المضيفة لهم في الدول المجاورة، وتوفير منصة للحوار مع المجتمع المدني.
> هذه السنة، لم توجهوا الدعوة للحكومة الروسية كي تحضر مؤتمر بروكسل. لماذا؟
- بصفتنا مضيفين (منظمين) للمؤتمر، فإننا ندعو الشركاء الذين لديهم مصلحة حقيقية للمساهمة في إحلال السلام في العالم ومساعدة ضحايا الصراع. لقد أثبتت روسيا من خلال عدوانها على أوكرانيا أنها لا تشارك هذه المصلحة.
> يأتي المؤتمر هذه السنة، بعدما جدد الاتحاد الأوروبي العقوبات الاقتصادية على دمشق. هل لها تأثير على مؤتمر بروكسل؟
- هذان شيئان مختلفان، غير مترابطين ولا يتناقضان مع بعضهما بعضاً. يهدف المؤتمر إلى جمع التبرعات للشعب السوري - خاصة اللاجئين والنازحين داخلياً. أما العقوبات، فستهدف النظام لاستمراره في قمعه العنيف للسكان المدنيين.
تأتي عقوباتنا كإشارة واضحة إلى أن السياسات القمعية لنظام الأسد ضد السكان المدنيين في سوريا، بما في ذلك مصادرة الأراضي لأغراض سياسية، وكذلك استخدام الأسلحة الكيماوية، غير مقبولة من قبل الاتحاد الأوروبي. كما توجه «العقوبات الأوروبية» رسالة إلى أنصار النظام السوري، مفادها أن دعمهم للنظام سيكون له ثمن.
> هناك في دمشق، من يقول إنها تؤثر على الناس؟
- لا تستهدف عقوبات الاتحاد الأوروبي الشعب السوري، ولا تحظر تصدير المواد الغذائية أو الأدوية أو المعدات الطبية، وهناك عدد من الاستثناءات المتوقعة لأغراض إنسانية. وهذا يدل على أننا نهتم بالشعب السوري وأن مؤتمر بروكسل يعزز فقط هذا الالتزام لمساعدتهم بأي طريقة ممكنة.
> الاتحاد الأوروبي أعلن بعد الاجتماع الأخير في بروكسل أنه ملتزم باللاءات الثلاث: لا للمساهمة في إعادة الإعمار، لا لرفع العقوبات، ولا للتطبيع مع دمشق دون نجاح العملية السياسية في سوريا. هل هذه الشروط لا تزال سارية؟
- لم تتغير المواقف السياسية للاتحاد الأوروبي لأن سلوك نظام الأسد لا يتغير. لن يعيد الاتحاد الأوروبي إقامة علاقات دبلوماسية كاملة مع سوريا، ولن نبدأ العمل على إعادة الإعمار حتى يتم إنجاز انتقال سياسي حقيقي وشامل بحزم وفقاً لقرار مجلس الأمن الدولي رقم 2254.
وطالما لم يتم إحراز تقدم في تنفيذ قرارات الأمم المتحدة ذات الصلة بشأن سوريا، فسيبقي الاتحاد الأوروبي على نظام العقوبات كوسيلة إضافية للضغط على النظام السوري لتغيير سلوكه.
> كيف يتم تمييز ذلك عن الدعم الإنساني؟
- في الوقت نفسه، سنواصل عملنا الإنساني على نطاق واسع في سوريا والمنطقة، لدعم الشعب السوري، أينما كان وكذلك المجتمعات المضيفة لهم في البلدان المجاورة. منذ بداية الصراع السوري في عام 2011، كان الاتحاد الأوروبي والدول الأعضاء فيه أكبر مانحين للمساعدات الإنسانية ومساعدات الصمود لسوريا والمنطقة بقيمة 27.4 مليار يورو.
> موسكو ودمشق تطالبان بتمويل مشاريع «التعافي المبكر» بموجب تفويض قرار مجلس الأمن 2585 الخاص بالمساعدات الإنسانية. ما هو موقف الاتحاد الأوروبي من ذلك؟
- نحن لا نعمل مع النظام داخل سوريا، ذلك تماشياً مع موقفنا من عدم وجود علاقات مع النظام السوري وعدم إعادة الإعمار حتى يتم إجراء انتقال سياسي حقيقي وشامل بحزم وفقاً لقرار مجلس الأمن الدولي رقم 2254.
ومع ذلك، فإن الاتحاد الأوروبي يدعم الشعب السوري الذي يعاني بشكل مباشر من الصراع لبناء مستقبله. نحن نعمل بنشاط على تعزيز المبادرات المحلية في سوريا، حيث يتم احترام معايير الاتحاد الأوروبي والخطوط الحمراء. نحن ندعم ونعمل على تمكين المدنيين في جميع أنحاء البلاد، ونعمل على تعزيز التعليم والصحة وسبل العيش وبناء التماسك الاجتماعي وإزالة الألغام. تهدف هذه الأنشطة التي تُنفذ على مستوى القاعدة الشعبية إلى تلبية الاحتياجات الحالية للسكان مع تمهيد الطريق لمستقبل سوريا لجميع السوريين.
> هناك أولوية أوروبية لدعم المجتمع المدني؟
- ندعم إعادة الحوار والتماسك الاجتماعي بين السوريين داخل سوريا والمنطقة. بعد 11 عاماً من الصراع، يعتبر دعم تطوير مجتمع مدني قوي مع التركيز بشكل خاص على النساء والشباب السوريين أمراً ضرورياً في هذا الصدد. وهذا أيضاً هو سبب تركيز مؤتمرات بروكسل بقوة على الحوار مع المجتمع المدني.
بالعمل سويا مع أفراد الشعب السوري، باتوا هم ممثلو التغيير لمستقبل سوريا.
> ماذا عن جهود المبعوث الأممي إلى سوريا بيدرسون وتسهيله لاجتماعات اللجنة الدستورية واقتراحه «خطوة بخطوة»؟
- يدعم الاتحاد الأوروبي بشكل كامل جهود المبعوث الخاص للأمم المتحدة السيد بيدرسون لإحراز تقدم بشأن جميع عناصر قرار مجلس الأمن رقم 2254، بما في ذلك عمل اللجنة الدستورية في جنيف ونهج «خطوة بخطوة» للمبعوث الخاص.
ناقشنا هذه القضية وغيرها من القضايا ذات الصلة على المستوى الوزاري في اجتماع وزير خارجية الاتحاد الأوروبي في يناير (كانون الثاني) الماضي، والذي حضره أيضاً السيد بيدرسون.



انتهاكات حوثية تستهدف قطاع التعليم ومنتسبيه

إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)
إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)
TT

انتهاكات حوثية تستهدف قطاع التعليم ومنتسبيه

إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)
إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)

ارتكبت جماعة الحوثيين في اليمن موجةً من الانتهاكات بحق قطاع التعليم ومنتسبيه شملت إطلاق حملات تجنيد إجبارية وإرغام المدارس على تخصيص أوقات لإحياء فعاليات تعبوية، وتنفيذ زيارات لمقابر القتلى، إلى جانب الاستيلاء على أموال صندوق دعم المعلمين.

وبالتوازي مع احتفال الجماعة بما تسميه الذكرى السنوية لقتلاها، أقرَّت قيادات حوثية تتحكم في العملية التعليمية بدء تنفيذ برنامج لإخضاع مئات الطلبة والعاملين التربويين في مدارس صنعاء ومدن أخرى للتعبئة الفكرية والعسكرية، بحسب ما ذكرته مصادر يمنية تربوية لـ«الشرق الأوسط».

طلبة خلال طابور الصباح في مدرسة بصنعاء (إ.ب.أ)

ومن بين الانتهاكات، إلزام المدارس في صنعاء وريفها ومدن أخرى بإحياء ما لا يقل عن 3 فعاليات تعبوية خلال الأسبوعين المقبلين، ضمن احتفالاتها الحالية بما يسمى «أسبوع الشهيد»، وهي مناسبة عادةً ما يحوّلها الحوثيون كل عام موسماً جبائياً لابتزاز وقمع اليمنيين ونهب أموالهم.

وطالبت جماعة الحوثيين المدارس المستهدفة بإلغاء الإذاعة الصباحية والحصة الدراسية الأولى وإقامة أنشطة وفقرات تحتفي بالمناسبة ذاتها.

وللأسبوع الثاني على التوالي استمرت الجماعة في تحشيد الكوادر التعليمية وطلبة المدارس لزيارة مقابر قتلاها، وإرغام الموظفين وطلبة الجامعات والمعاهد وسكان الأحياء على تنفيذ زيارات مماثلة إلى قبر رئيس مجلس حكمها السابق صالح الصماد بميدان السبعين بصنعاء.

وأفادت المصادر التربوية لـ«الشرق الأوسط»، بوجود ضغوط حوثية مُورِست منذ أسابيع بحق مديري المدارس لإرغامهم على تنظيم زيارات جماعية إلى مقابر القتلى.

وليست هذه المرة الأولى التي تحشد فيها الجماعة بالقوة المعلمين وطلبة المدارس وبقية الفئات لتنفيذ زيارات إلى مقابر قتلاها، فقد سبق أن نفَّذت خلال الأعياد الدينية ومناسباتها الطائفية عمليات تحشيد كبيرة إلى مقابر القتلى من قادتها ومسلحيها.

حلول جذرية

دعا المركز الأميركي للعدالة، وهو منظمة حقوقية يمنية، إلى سرعة إيجاد حلول جذرية لمعاناة المعلمين بمناطق سيطرة جماعة الحوثي، وذلك بالتزامن مع دعوات للإضراب.

وأبدى المركز، في بيان حديث، قلقه إزاء التدهور المستمر في أوضاع المعلمين في هذه المناطق، نتيجة توقف صرف رواتبهم منذ سنوات. لافتاً إلى أن الجماعة أوقفت منذ عام 2016 رواتب موظفي الدولة، بمن في ذلك المعلمون.

طفل يمني يزور مقبرة لقتلى الحوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

واستحدث الحوثيون ما يسمى «صندوق دعم المعلم» بزعم تقديم حوافز للمعلمين، بينما تواصل الجماعة - بحسب البيان - جني مزيد من المليارات شهرياً من الرسوم المفروضة على الطلبة تصل إلى 4 آلاف ريال يمني (نحو 7 دولارات)، إلى جانب ما تحصده من عائدات الجمارك، دون أن ينعكس ذلك بشكل إيجابي على المعلم.

واتهم البيان الحقوقي الحوثيين بتجاهل مطالب المعلمين المشروعة، بينما يخصصون تباعاً مبالغ ضخمة للموالين وقادتهم البارزين، وفقاً لتقارير حقوقية وإعلامية.

وأكد المركز الحقوقي أن الإضراب الحالي للمعلمين ليس الأول من نوعه، حيث شهدت العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء إضرابات سابقة عدة قوبلت بحملات قمع واتهامات بالخيانة من قِبل الجماعة.

من جهته، أكد نادي المعلمين اليمنيين أن الأموال التي تجبيها جماعة الحوثي من المواطنين والمؤسسات الخدمية باسم صندوق دعم المعلم، لا يستفيد منها المعلمون المنقطعة رواتبهم منذ نحو 8 سنوات.

وطالب النادي خلال بيان له، الجهات المحلية بعدم دفع أي مبالغ تحت مسمى دعم صندوق المعلم؛ كون المستفيد الوحيد منها هم أتباع الجماعة الحوثية.