تنافس لوائح «الحراك المدني» يضعف حظوظها في انتخابات لبنان

TT

تنافس لوائح «الحراك المدني» يضعف حظوظها في انتخابات لبنان

يضعف تنافس لوائح الحراك المدني حظوظها في أكثر من دائرة انتخابية، أبرزها دائرة «بيروت الثانية» التي تتنافس فيها ست لوائح لهذا الحراك، قبل انسحاب لائحة «بيروت مدينتي»، لصالح لوائح المجتمع المدني أو ما يُعرف بـ«لوائح الثورة»، وإن بقيت حظوظ اختراق قوى التغيير ضئيلة مع تعدد لوائحها وتشتّت أصواتها، مقابل تماسك لوائح السلطة وأحزابها.
الصعوبات التي تواجه لوائح «الثورة» لا تنحصر بقدرة السلطة على تطويقها ومحاصرتها، بقدر ما تواجه معضلة انقسامها على ذاتها، وتضخّم عدد مرشحيها، ما أفقد الناخبين الذين راهنوا على انتفاضة 17 أكتوبر (تشرين الأول) 2019 قوة التأثير الحقيقية، وتراجع فرص خرق لوائح السلطة، لكن انسحاب «بيروت مدينتي» شكّل متنفساً للوائح أخرى قد يخفف من صعوبة معركتها، لذلك رأى الخبير الانتخابي كمال فغالي أن هذا الانسحاب «قد يصب في صالح لوائح أخرى. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «الاستطلاعات تفيد بأن لائحة بارزة للحراك ينقصها بعض الأصوات لتربح معقداً أو مقعدين، خصوصاً أن عدد المغتربين في الخارج المسجلين في بيروت الثانية يتراوح بين 26 و27 ألف صوت، وهؤلاء تسجلوا بمبادرة ذاتية، وأغلبهم سينتخب لوائح الثورة». وشدد فغالي على أنه «إذا انتخب 70 في المائة من هؤلاء؛ فهم قادرون على إيصال نائبين»، معتبراً أن «التأثير الكبير لأصوات المغتربين سينسحب على دوائر كبرى، مثل دائرة الشمال الثالثة (تضم أقضية بشري، زغرتا، الكورة والبترون)، جبل لبنان الثانية (الشوف - عالية)».
وفي وقت عزا معنيون بالشأن الانتخابي هذا الانسحاب إلى عدم قدرة بعض اللوائح على إحداث خرق وتبرير خسارتها مسبقاً، أوضحت المرشحة على لائحة «بيروت مدينتي»، ناهدة خليل، أن اللائحة لم تنسحب، لأنها مسجلة قانوناً في وزارة الداخلية، وأكدت لـ«الشرق الأوسط» أن «ما حصل هو تجميد للحملة الانتخابية للائحة (بيروت مدينتي) في دائرة بيروت الثانية، لكن لوائحها ماضية بالمعركة في بيروت الأولى ومناطق أخرى».
وتتنافس في دائرة بيروت الثانية ست لوائح مصنّفة ضمن قوى التغيير، بعدما فشل مرشحوها بتوحيد أنفسهم والانضواء ضمن لائحة موحدة، وهي لوائح («لتبقى بيروت»، «قادرين»، «بيروت مدينتي»، «مستقلّون»، «بيروت التغيير»، و«هيدي بيروت»). في حين تشكّلت أربع لوائح أخرى تابعة لأحزاب وشخصيات خاضت غمار العمل السياسي في السنوات الماضية، وهي «بيروت تواجه»، التي يدعهما رئيس الحكومة الأسبق فؤاد السنيورة، و«وحدة بيروت» المشكلة من ثنائي «حزب الله» و«أمل» و«التيار الوطني الحر»، «بيروت بدها قلب» التي شكّلها النائب فؤاد مخزومي ولائحة «لبيروت» التابعة لجماعة «الأحباش» الحليفة لـ«حزب الله» والنظام السوري.
وبررت ناهدة خليل أسباب تجميد حملتها في «بيروت الثانية» إلى «ضغوط كبيرة مورست على أعضاء اللائحة، وتحميلها مسؤولية الانقسام الحاصل بين لوائح الثوار، وتشتيت الأصوات فيما بينها بما يؤدي إلى تقليل فرص فوزها». وقالت إن «كل ما يحكى عن منح أصوات لائحتنا لأي لائحة أخرى عارٍ من الصحة، فأصوات الناس ملكهم وعلى الناخب أن يحدد خياراته بالتصويت لمن يمثله». ودعت الناس إلى «المشاركة الواسعة، وأن يقترعوا ضد مرشحي السلطة الفاسدة، وينتخب المواطن من يملك برنامجاً تغييرياً، وأن يعطي الفرصة لمرشحين لم يكونوا يوماً جزءاً من السلطة أو استفادوا من مشاريعها وصفقاتها».
وأمام استمرار حالة الانهيار وفقدان الأمل بأي تغيير على يد من أوصل اللبنانيين إلى اليأس، طالبت خليل بـ«رحيل المنظومة التي تغتصب السلطة والمجلس النيابي». وأشارت إلى أن «لوائح (بيروت مدينتي) ستبقى في قلب المعركة والمواجهة بكل الدوائر، وتخوض المواجهة تحت عناوين إعادة بناء الدولة ومؤسساتها، وأن تحاسب كل من هم مع الفساد وضد إلغاء الطائفية السياسية وبناء الدولة المدنية».



تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
TT

تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

سلطت أحدث التقارير الحقوقية في اليمن الضوءَ على آلاف الانتهاكات التي ارتكبتها الجماعة الحوثية ضد المدنيين في 3 محافظات، هي العاصمة المختطفة صنعاء، والجوف، والحديدة، بما شملته تلك الانتهاكات من أعمال القمع والقتل والخطف والتجنيد والإخضاع القسري للتعبئة.

وفي هذا السياق، رصد مكتب حقوق الإنسان في صنعاء (حكومي) ارتكاب جماعة الحوثيين نحو 2500 انتهاك ضد المدنيين في صنعاء، خلال عامين.

بقايا منازل فجرها الحوثيون في اليمن انتقاماً من ملاكها (إكس)

وتنوّعت الانتهاكات التي طالت المدنيين في صنعاء بين القتل والاعتداء الجسدي والاختطافات والإخفاء القسري والتعذيب ونهب الممتلكات العامة والخاصة وتجنيد الأطفال والانتهاكات ضد المرأة والتهجير القسري وممارسات التطييف والتعسف الوظيفي والاعتداء على المؤسسات القضائية وانتهاك الحريات العامة والخاصة ونهب الرواتب والتضييق على الناس في سُبل العيش.

وناشد التقرير كل الهيئات والمنظمات الفاعلة المعنية بحقوق الإنسان باتخاذ مواقف حازمة، والضغط على الجماعة الحوثية لإيقاف انتهاكاتها ضد اليمنيين في صنعاء وكل المناطق تحت سيطرتها، والإفراج الفوري عن المخفيين قسراً.

11500 انتهاك

على صعيد الانتهاكات الحوثية المتكررة ضد السكان في محافظة الجوف اليمنية، وثق مكتب حقوق الإنسان في المحافظة (حكومي) ارتكاب الجماعة 11500 حالة انتهاك سُجلت خلال عام ضد سكان المحافظة، شمل بعضها 16 حالة قتل، و12 إصابة.

ورصد التقرير 7 حالات نهب حوثي لممتلكات خاصة وتجارية، و17 حالة اعتقال، و20 حالة اعتداء على أراضٍ ومنازل، و80 حالة تجنيد للقاصرين، أعمار بعضهم أقل من 15 عاماً.

عناصر حوثيون يستقلون سيارة عسكرية في صنعاء (أ.ف.ب)

وتطرق المكتب الحقوقي إلى وجود انتهاكات حوثية أخرى، تشمل حرمان الطلبة من التعليم، وتعطيل المراكز الصحية وحرمان الموظفين من حقوقهم وسرقة المساعدات الإغاثية والتلاعب بالاحتياجات الأساسية للمواطنين، وحالات تهجير ونزوح قسري، إلى جانب ارتكاب الجماعة اعتداءات متكررة ضد المناوئين لها، وأبناء القبائل بمناطق عدة في الجوف.

ودعا التقرير جميع الهيئات والمنظمات المحلية والدولية المعنية بحقوق الإنسان إلى إدانة هذه الممارسات بحق المدنيين.

وطالب المكتب الحقوقي في تقريره بضرورة تحمُّل تلك الجهات مسؤولياتها في مناصرة مثل هذه القضايا لدى المحافل الدولية، مثل مجلس حقوق الإنسان العالمي، وهيئات حقوق الإنسان المختلفة، وحشد الجهود الكفيلة باتخاذ موقف حاسم تجاه جماعة الحوثي التي تواصل انتهاكاتها بمختلف المناطق الخاضعة لسيطرتها.

انتهاكات في الحديدة

ولم يكن المدنيون في مديرية الدريهمي بمحافظة الحديدة الساحلية بمنأى عن الاستهداف الحوثي، فقد كشف مكتب حقوق الإنسان التابع للحكومة الشرعية عن تكثيف الجماعة ارتكاب مئات الانتهاكات ضد المدنيين، شمل بعضها التجنيد القسري وزراعة الألغام، والتعبئة الطائفية، والخطف، والتعذيب.

ووثق المكتب الحقوقي 609 حالات تجنيد لمراهقين دون سن 18 عاماً في الدريهمي خلال عام، مضافاً إليها عملية تجنيد آخرين من مختلف الأعمار، قبل أن تقوم الجماعة بإخضاعهم على دفعات لدورات عسكرية وتعبئة طائفية، بغية زرع أفكار تخدم أجنداتها، مستغلة بذلك ظروفهم المادية والمعيشية المتدهورة.

الجماعة الحوثية تتعمد إرهاب السكان لإخضاعهم بالقوة (إ.ب.أ)

وأشار المكتب الحكومي إلى قيام الجماعة بزراعة ألغام فردية وبحرية وعبوات خداعية على امتداد الشريط الساحلي بالمديرية، وفي مزارع المواطنين، ومراعي الأغنام، وحتى داخل البحر. لافتاً إلى تسبب الألغام العشوائية في إنهاء حياة كثير من المدنيين وممتلكاتهم، مع تداعيات طويلة الأمد ستظل تؤثر على اليمن لعقود.

وكشف التقرير عن خطف الجماعة الحوثية عدداً من السكان، وانتزاعها اعترافات منهم تحت التعذيب، بهدف نشر الخوف والرعب في أوساطهم.

ودعا مكتب حقوق الإنسان في مديرية الدريهمي المجتمع الدولي إلى التدخل العاجل لإيقاف الانتهاكات التي أنهكت المديرية وسكانها، مؤكداً استمراره في متابعة وتوثيق جميع الجرائم التي تواصل ارتكابها الجماعة.