الحكومة الليبية: «الهجرة غير الشرعية» معضلة فوق طاقتنا

طالبت بدعم أوروبي.. ووعدت بوضعها على قائمة أولويات «وزارة الوحدة الوطنية»

الحكومة الليبية: «الهجرة غير الشرعية» معضلة فوق طاقتنا
TT

الحكومة الليبية: «الهجرة غير الشرعية» معضلة فوق طاقتنا

الحكومة الليبية: «الهجرة غير الشرعية» معضلة فوق طاقتنا

أعلنت الحكومة الليبية المؤقتة عن عدم مقدرتها على السيطرة والحد من الهجرة غير الشرعية، مقترحة أن يتعاون الاتحاد الأوروبي من أجل وضع خطة عمل للتعامل مع الهجرة الجماعية والأزمة الإنسانية.
وأكدت الحكومة، في بيان لها نشر على صفحتها الرسمية اليوم، حرصها التام على القيام بدور فعال في السيطرة على الهجرة الجماعية قبالة السواحل الليبية، والتي راح ضحيتها الآلاف من البشر.
وأشار البيان إلى أن الحكومة بعثت مبعوثها الشخصي نوري بيت المال، مستشار رئيس الوزراء للشؤون الخارجية، إلى أوروبا، للتحدث باسم الحكومة عن قضية الهجرة غير الشرعية، والسعي إلى إيجاد الحلول مع دول الاتحاد الأوروبي، لوقف هذه الظاهرة الخطيرة التي تعصف بالمنطقة.
وأكد البيان تطلع الحكومة إلى «الانخراط المبكر مع القادة الأوروبيين لخلق حوار إيجابي للقضاء على تسلل الآلاف من البشر عبر المياه الإقليمية الليبية إلى السواحل الجنوبية لأوروبا، والتي تؤثر على الجانبين»، مشيرة إلى أنها «تسعى بكل جدية للقضاء على الظاهرة ووقف تدفق المهاجرين، والحد من الكوارث الإنسانية التي لم تشهدها المنطقة منذ الحرب العالمية الثانية».
من جانبه، أكد وزير الخارجية الليبي محمد الدايري أن موضوع الهجرة غير الشرعية سيكون من أولويات «حكومة الوحدة الوطنية» بعد تشكيلها وبعد استقرارها في طرابلس خلال الفترة المقبلة: «إذا نجح الحوار الوطني».. لافتا إلى أن كافة الدول العربية تتمنى لليبيين التوافق وتشكيل حكومة وطنية.
وذكر المكتب الإعلامي لوزارة الخارجية الليبية نقلا عن الدايري «إنه يحمل، من وصفهم بممثلي الإسلام السياسي في طرابلس، مسؤولية الهجرة غير الشرعية والاتجار في البشر، لأن قوارب الهجرة تنطلق من المناطق التي يسيطرون عليها»، حسب قوله. وأضاف أن الدايري رحب بتصريحات وزير خارجية إيطاليا التي أكد خلالها التعاون مع السلطة الشرعية في ليبيا، فيما يخص الحد من الهجرة غير الشرعية.
وأوضح الدايري أن الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة اشترطا تشكيل حكومة توافق وطني حتى يرفع الحظر عن تسليح الجيش الليبي، واستدرك قائلا: «إن الاتحاد الأوروبي لم ينتظر تشكيل هذه الحكومة، للتخطيط لمجابهة الهجرة غير الشرعية انطلاقا من ليبيا».
وأكد الدايري أن «المبعوث الأممي برناردينو ليون متشائم من نتائج حوار الصخيرات، لأن المؤتمر الوطني المنتهية ولايته لم يرد بعد على مقترحات ليون».
وعلى صعيد ذي صلة، قال وزير الدفاع البريطاني مايكل فالون، صباح اليوم إن «الاتحاد الأوروبي بحاجة إلى الموافقة على عمل لتعقب العصابات الإجرامية من المهربين، الذين يستغلون آلاف المهاجرين اليائسين ويغامرون بهم في البحر المتوسط».
وفي تصريحات قبل توجهه إلى بروكسل للمشاركة في اجتماع لمناقشة هذه القضية، قال وزير الدفاع إن «البحرية الملكية تقوم بالفعل على إنقاذ الأرواح في المتوسط»، وأضاف: «نحن بحاجة لعرقلة شبكات التهريب».
ومن جانبه، قال قائد البحرية البريطانية السابق الأدميرال لورد وست صباح اليوم إن تدمير المراكب التي يستخدمها المهربون في تهريب المهاجرين عبر كل أنحاء البحر المتوسط سيساعد في إيقاف تدفق المهاجرين، إلا أن المهربين سيجدون خيارات أخرى خلال أسابيع.
وقال الأدميرال وست لإذاعة «بي بي سي» إن الاقتراح بإرسال قوة عسكرية من الاتحاد الأوروبي لتدمير هذه المراكب سيكون «صعبا»، ولكن يمكن تحقيقه.
ومن المقرر أن يلتقي وزير الخارجية البريطاني فيليب هاموند، ووزير الدفاع مايكل فالون، في بروكسل للموافقة على هذه الخطط، على أمل الحصول في نهاية الأمر على موافقة مجلس الأمن لاستخدام العمل العسكري في المياه الليبية.
وقال متحدث باسم الحكومة البريطانية «لا تزال تفاصيل الكيفية التي سيتم بها تدمير شبكات التهريب قيد المناقشة»، مؤكدا على عدم إرسال قوات بريطانية إلى ليبيا.
يأتي ذلك في الوقت الذي، كشفت فيه صحيفة «ذي تايمز» عن أن المملكة المتحدة مستعدة لتقديم طائرات من دون طيار ودعم استخباراتي للمساعدة في إنشاء مقر عسكري لشن عمليات مسلحة ضد مهربي المهاجرين في ليبيا. وقالت وزيرة الداخلية تيريزا ماي، الشهر الماضي، إنها لم تستبعد استخدام القوة العسكرية لوقف الاتجار غير المشروع في المهاجرين اليائسين.



الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)

كثّفت الجماعة الحوثية استهدافها مدرسي الجامعات والأكاديميين المقيمين في مناطق سيطرتها بحملات جديدة، وألزمتهم بحضور دورات تعبوية وزيارات أضرحة القتلى من قادتها، والمشاركة في وقفات تنظمها ضد الغرب وإسرائيل، بالتزامن مع الكشف عن انتهاكات خطيرة طالتهم خلال فترة الانقلاب والحرب، ومساعٍ حثيثة لكثير منهم إلى الهجرة.

وذكرت مصادر أكاديمية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن مدرسي الجامعات العامة والخاصة والموظفين في تلك الجامعات يخضعون خلال الأسابيع الماضية لممارسات متنوعة؛ يُجبرون خلالها على المشاركة في أنشطة خاصة بالجماعة على حساب مهامهم الأكاديمية والتدريس، وتحت مبرر مواجهة ما تسميه «العدوان الغربي والإسرائيلي»، ومناصرة فلسطينيي غزة.

وتُلوّح الجماعة بمعاقبة مَن يتهرّب أو يتخلّف من الأكاديميين في الجامعات العمومية، عن المشاركة في تلك الفعاليات بالفصل من وظائفهم، وإيقاف مستحقاتهم المالية، في حين يتم تهديد الجامعات الخاصة بإجراءات عقابية مختلفة، منها الغرامات والإغلاق، في حال عدم مشاركة مدرسيها وموظفيها في تلك الفعاليات.

أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

وتأتي هذه الإجراءات متزامنة مع إجراءات شبيهة يتعرّض لها الطلاب الذين يجبرون على حضور دورات تدريبية قتالية، والمشاركة في عروض عسكرية ضمن مساعي الجماعة لاستغلال الحرب الإسرائيلية على غزة لتجنيد مقاتلين تابعين لها.

انتهاكات مروّعة

وكان تقرير حقوقي قد كشف عن «انتهاكات خطيرة» طالت عشرات الأكاديميين والمعلمين اليمنيين خلال الأعوام العشرة الماضية.

وأوضح التقرير الذي أصدرته «بوابة التقاضي الاستراتيجي»، التابعة للمجلس العربي، بالتعاون مع الهيئة الوطنية للأسرى والمختطفين، قبل أسبوع تقريباً، وغطّي الفترة من مايو (أيار) 2015، وحتى أغسطس (آب) الماضي، أن 1304 وقائع انتهاك طالت الأكاديميين والمعلمين في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية التي اتهمها باختطافهم وتعقبهم، ضمن ما سمّاها بـ«سياسة تستهدف القضاء على الفئات المؤثرة في المجتمع اليمني وتعطيل العملية التعليمية».

أنشطة الجماعة الحوثية في الجامعات طغت على الأنشطة الأكاديمية والعلمية (إكس)

ووثّق التقرير حالتي وفاة تحت التعذيب في سجون الجماعة، وأكثر من 20 حالة إخفاء قسري، منوهاً بأن من بين المستهدفين وزراء ومستشارين حكوميين ونقابيين ورؤساء جامعات، ومرجعيات علمية وثقافية ذات تأثير كبير في المجتمع اليمني.

وتضمن التقرير تحليلاً قانونياً لمجموعة من الوثائق، بما في ذلك تفاصيل جلسات التحقيق ووقائع التعذيب.

ووفق تصنيف التقرير للانتهاكات، فإن الجماعة الحوثية نفّذت 1046 حالة اختطاف بحق مؤثرين، وعرضت 124 منهم للتعذيب، وأخضعت اثنين من الأكاديميين و26 من المعلمين لمحاكمات سياسية.

وتشمل الانتهاكات التي رصدها التقرير، الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب الجسدي والنفسي والمحاكمات الصورية وأحكام الإعدام.

عشرات الأكاديميين لجأوا إلى طلب الهجرة بسبب سياسات الإقصاء الحوثية وقطع الرواتب (إكس)

وسبق أن كشف تقرير تحليلي لأوضاع الأكاديميين اليمنيين عن زيادة في طلبات العلماء والباحثين الجامعيين للهجرة خارج البلاد، بعد تدهور الظروف المعيشية، واستمرار توقف رواتبهم، والانتهاكات التي تطال الحرية الأكاديمية.

وطبقاً للتقرير الصادر عن معهد التعليم الدولي، ارتفعت أعداد الطلبات المقدمة من باحثين وأكاديميين يمنيين لصندوق إنقاذ العلماء، في حين تجري محاولات لاستكشاف الطرق التي يمكن لقطاع التعليم الدولي من خلالها مساعدة وتغيير حياة من تبقى منهم في البلاد إلى الأفضل.

إقبال على الهجرة

يؤكد المعهد الدولي أن اليمن كان مصدر غالبية الطلبات التي تلقّاها صندوق إنقاذ العلماء في السنوات الخمس الماضية، وتم دعم أكثر من ثلثي العلماء اليمنيين داخل المنطقة العربية وفي الدول المجاورة، بمنحة قدرها 25 ألف دولار لتسهيل وظائف مؤقتة.

قادة حوثيون يتجولون في جامعة صنعاء (إعلام حوثي)

لكن تحديات التنقل المتعلقة بالتأشيرات وتكلفة المعيشة والاختلافات اللغوية الأكاديمية والثقافية تحد من منح الفرص للأكاديميين اليمنيين في أميركا الشمالية وأوروبا، مقابل توفر هذه الفرص في مصر والأردن وشمال العراق، وهو ما يفضله كثير منهم؛ لأن ذلك يسمح لهم بالبقاء قريباً من عائلاتهم وأقاربهم.

وخلص التقرير إلى أن العمل الأكاديمي والبحثي داخل البلاد «يواجه عراقيل سياسية وتقييداً للحريات ونقصاً في الوصول إلى الإنترنت، ما يجعلهم يعيشون فيما يُشبه العزلة».

وأبدى أكاديمي في جامعة صنعاء رغبته في البحث عن منافذ أخرى قائمة ومستمرة، خصوصاً مع انقطاع الرواتب وضآلة ما يتلقاه الأستاذ الجامعي من مبالغ، منها أجور ساعات تدريس محاضرات لا تفي بالاحتياجات الأساسية، فضلاً عن ارتفاع الإيجارات.

إجبار الأكاديميين اليمنيين على المشاركة في الأنشطة الحوثية تسبب في تراجع العملية التعليمية (إكس)

وقال الأكاديمي الذي طلب من «الشرق الأوسط» التحفظ على بياناته خوفاً على سلامته، إن الهجرة ليست غاية بقدر ما هي بحث عن وظيفة أكاديمية بديلة للوضع المأساوي المعاش.

ويقدر الأكاديمي أن تأثير هذه الأوضاع أدّى إلى تدهور العملية التعليمية في الجامعات اليمنية بنسبة تتجاوز نصف الأداء في بعض الأقسام العلمية، وثلثه في أقسام أخرى، ما أتاح المجال لإحلال كوادر غير مؤهلة تأهيلاً عالياً، وتتبع الجماعة الحوثية التي لم تتوقف مساعيها الحثيثة للهيمنة على الجامعات ومصادرة قرارها، وصياغة محتوى مناهجها وفقاً لرؤية أحادية، خصوصاً في العلوم الاجتماعية والإنسانية.

وفي حين فقدت جامعة صنعاء -على سبيل المثال- دورها التنويري في المجتمع، ومكانتها بصفتها مؤسسة تعليمية، تُشجع على النقد والتفكير العقلاني، تحسّر الأكاديمي اليمني لغياب مساعي المنظمات الدولية في تبني حلول لأعضاء هيئة التدريس، سواء في استيعابهم في مجالات أو مشروعات علمية، متمنياً ألا يكون تخصيص المساعدات لمواجهة المتطلبات الحياتية للأكاديميين غير مشروط أو مجاني، وبما لا يمس كرامتهم.