بقاء إيفرتون في «دوري الأضواء» يتوقف على حماس جماهيره في «غوديسون بارك»

هبوط الفريق للمرة الأولى منذ أكثر من سبعة عقود ستكون له تداعيات والعودة ستكون صعبة

جماهير ايفرتون لعبت دوراً مهماً في فوز فريقهم على تشيلسي في المرحلة الماضية (إ.ب.أ)
جماهير ايفرتون لعبت دوراً مهماً في فوز فريقهم على تشيلسي في المرحلة الماضية (إ.ب.أ)
TT

بقاء إيفرتون في «دوري الأضواء» يتوقف على حماس جماهيره في «غوديسون بارك»

جماهير ايفرتون لعبت دوراً مهماً في فوز فريقهم على تشيلسي في المرحلة الماضية (إ.ب.أ)
جماهير ايفرتون لعبت دوراً مهماً في فوز فريقهم على تشيلسي في المرحلة الماضية (إ.ب.أ)

يبدو أن متوسط طول البالغين الإنجليز في فترة التسعينيات من القرن التاسع عشر كان أقصر بحوالي أربع بوصات مما هو عليه اليوم، وربما لا يوجد مكان يعكس هذا الأمر بوضوح أكثر من محاولة التنقل في ملعب «غوديسون بارك»، فالأسقف منخفضة للغاية، والمداخل والممرات ضيقة، والمقاعد غير مريحة تماما. لكن عندما يكون الملعب مملوءا بالجماهير عن آخره، وتكون الضوضاء صاخبة ولا تتوقف، فإن ذلك يضع ضغوطا هائلة على الفريق المنافس، الذي ربما يشعر لاعبوه في بعض الأحيان بأن خطوط التماس تقترب منهم!
من المؤكد بالطبع، وبأكثر من طريقة، أن إيفرتون كان يتعين عليه البحث عن ملعب جديد غير غوديسون بارك منذ بضع سنوات. وعلى بعد ميلين في براملي مور، أقيم ملعب جديد يتسع لـ52.000 متفرج، وأصبح مستعدا وجاهزا أخيرا لاستقبال مباريات نادي إيفرتون. ومنذ وقت ليس ببعيد، بدا هذا الأمر وكأنه الخطوة المنطقية التالية. لكن قبل خمس جولات من نهاية الموسم، يحتل إيفرتون المركز الثامن عشر في جدول ترتيب الدوري الإنجليزي الممتاز، ويواجه احتمالاً حقيقياً للغاية في أنه ربما يبني أروع ملعب في بطولة دوري الدرجة الأولى، بعد اقتراب النادي كثيرا من الهبوط.
ومع تفاقم محنة إيفرتون تدريجياً، كان هناك الكثير من الجماهر والنقاد ووسائل الإعلام التي اختصرت الأمر فيما إذا كان هبوط النادي سيؤثر على حب الجماهير للمدير الفني الشاب فرانك لامبارد أم لا. لكن هبوط إيفرتون من الدوري الإنجليزي الممتاز لأول مرة منذ أكثر من سبعة عقود سيكون له تداعيات أوسع بكثير على إيفرتون وموظفيه وجمهوره ومدينته. في الحقيقة، لم يكن مشجع إيفرتون ومدافع ليفربول السابق جيمي كاراغر يبالغ عندما وصف تأثير الهبوط المحتمل بأنه سيكون أقرب إلى الفاجعة.
ويتمثل جزء من السبب في وجود مثل هذا الإحساس في أنه إذا هبط إيفرتون وسقط في الهاوية، فلا يمكن أن يكون هناك ضمانات لتجاوز هذه المحنة والعودة من جديد. لقد كلف الوباء إيفرتون حوالي 170 مليون جنيه إسترليني، وعلى مدار السنوات الثلاث الماضية تكبد النادي خسائر تصل لنحو 255 مليون جنيه إسترليني: وهي المبلغ الذي يتجاوز بكثير الحد المسموح به بموجب قواعد الاستدامة التي وضعها الدوري الإنجليزي الممتاز. وعلاوة على ذلك، تمثل الأجور ما يقرب من 90 في المائة من عائدات النادي، في حين ارتفعت تكلفة التمويل والمواد الخاصة بالملعب الجديد بسبب الضغوط التضخمية والحرب في أوكرانيا. ولم يعد الدعم المالي المقدم من عليشر عثمانوف، والذي بلغ حوالي 10 ملايين جنيه إسترليني سنوياً في شكل عقود الرعاية وحقوق التسمية الحصرية للاستاد الجديد، موجوداً نتيجة للعقوبات المفروضة عليه من قبل حكومة المملكة المتحدة.
لكن النقطة المهمة حقا هي أن إيفرتون كان يتأرجح بالفعل على حافة الهاوية حتى قبل أن يتعرض وضعه في الدوري الإنجليزي الممتاز للتهديد. لا يعرف أحد على وجه التحديد ما هي التداعيات الحقيقية للهبوط المحتمل، لكن أفضل سيناريو هو أن ينتفض إيفرتون بسرعة ويعود من جديد إلى الدوري الإنجليزي الممتاز وينتقل بسلاسة إلى ملعبه الجديد وسط إحساس بالبعث من جديد! لكن السيناريو الأسوأ هو ألا يتمكن النادي من العودة، بل ويعاني من الهبوط المتتالي على غرار سندرلاند. وسيلاحظ مشجعو الفرق المنافسة بالتأكيد المفارقة التي تتمثل في أن النادي الذي كان له دور أساسي في انفصال الدوري الإنجليزي الممتاز عام 1992 والذي اشتكى مالكه، فيليب كارتر، ذات مرة من أنه «مطلوب منه تقديم الدعم لأندية الدوريات الأدنى» ربما يعتمد الآن على المبالغ المالية التي تحصل عليها الأندية التي تهبط من الدوري الإنجليزي الممتاز حتى تتمكن من إعادة بناء نفسها والعودة من جديد.
في غضون ذلك، أنفق المالك الحالي فرهاد مشيري ما يزيد عن 600 مليون جنيه إسترليني على النادي منذ وصوله قبل ست سنوات، ورغم كل أخطائه وخطاياه، فإنه لا يزال الشخص الوحيد القادر على إنقاذ النادي من هذه المحنة.
فماذا لو قرر مشيري التوقف عن تمويل النادي وضخ المزيد من الأموال؟ يصر النادي على أن تمويل الملعب آمن، رغم أن سداد الديون سيواصل التهام موارد النادي المالية لعقود. وفي حالة الهبوط، من الصعب تخيل لاعب واحد لا يقدم له إيفرتون عرضاً لائقاً، على أمل تقليص فاتورة الأجور التي لا تزال تحتل المرتبة السابعة بين أعلى قوائم الأجور في البلاد.
من المؤكد أن بعض اللاعبين من أمثال دومينيك كالفيرت لوين، وأنتوني غوردون، وجوردان بيكفورد، وريتشارليسون، وياري مينا، وديلي آلي، وعبد الله دوكوري، وآلان، وفابيان ديلف، ستكون فرصتهم أكبر في الانتقال إلى أندية أخرى، كما أن بعض جماهير إيفرتون ستعاني من حزن أكبر من غيرها. لكن، من المؤكد أن عدداً كبيرا من لاعبي الفريق قد يرحلون حتى لو نجا الفريق من الهبوط، وبالتالي فمن المتوقع أن يشهد هذا الفريق إعادة هيكلة كبيرة جدا. وماذا عن فرانك لامبارد؟ سيكون من المغري الإبقاء على خدماته حتى في دوري الدرجة الأولى نظراً لتجربته السابقة مع ديربي كاونتي، الذي حقق معه نتائج جيدة بعد التعاقد مع ماسون ماونت وفيكايو توموري على سبيل الإعارة. لكن رغم كل المشاكل التي ورثها لامبارد - فريق مهلهل وضعيف نسي بطريقة ما كيفية تمرير الكرة - كان إيفرتون لا يزال في المركز السادس عشر عندما تولى المسؤولية.
ولم يحصل إيفرتون إلا على 10 نقاط من آخر 12 مباراة – قبل الفوز الهام على تشيلسي في المباراة الأخيرة بهدف دون رد – بالإضافة إلى أن الفريق الوحيد من بين آخر 13 خصماً لإيفرتون الذي لم يستحوذ على الكرة أكثر من إيفرتون كان نادي بوريهام وود في كأس الاتحاد الإنجليزي! بعبارة أخرى، يدرك الجميع هنا - لامبارد واللاعبون ومشيري ورئيس مجلس الإدارة بيل كينرايت - أن الفريق ربما يكون في طريقه بالفعل للهبوط. لكن الأمل الوحيد الذي يتشبث به إيفرتون هو أن مباراتين من آخر خمس مباريات في الموسم ستقام على ملعب غوديسون بارك.
من المؤكد أن بعض مشجعي إيفرتون الأكبر سناً ما زالوا يتذكرون باعتزاز اليوم الأخير من موسم 1993 - 1994، عندما كان الفريق يواجه شبح الهبوط، لكن الحماس الاستثنائي للجماهير في المدرجات قد ساعد الفريق على قلب تأخره بهدفين دون رد أمام ويمبلدون إلى الفوز والبقاء في المسابقة. وخلال الموسم الجاري، ظهر إيفرتون بشكل بائس في جميع المباريات التي لعبها خارج ملعبه. وبالتالي، فإن الأمل الوحيد للفريق الآن هو تحقيق نتائج جيدة في المباريات التي ستقام على ملعبه. وسيكون الأمر مثيراً للسخرية ومناسباً تماماً إذا انتهى بأن يتمكن أكبر رمز لماضي إيفرتون – ملعب غوديسون بارك – من تأمين مستقبله ومساعدته على تجنب الهبوط.


مقالات ذات صلة

ولفرهامبتون المهدد بالهبوط يقيل مدربه أونيل

رياضة عالمية غاري أونيل (رويترز)

ولفرهامبتون المهدد بالهبوط يقيل مدربه أونيل

ذكرت وسائل إعلام بريطانية أن ولفرهامبتون واندرارز أقال مدربه، غاري أونيل، اليوم (الأحد)، بعد سلسلة نتائج بلا انتصارات مما جعل الفريق يقبع في منطقة الهبوط.

رياضة عالمية أوناي إيمري (إ.ب.أ)

إيمري: فورست منافس حقيقي في السباق على المراكز الأولى

قليلون هم الذين كانوا يتوقعون منافسة نوتنغهام فورست على المراكز الأربعة الأولى، في بداية موسم الدوري الإنجليزي الممتاز لكرة القدم.

«الشرق الأوسط» (لندن)
رياضة عالمية غاري أونيل (رويترز)

مدرب ولفرهامبتون: فرص خسارة وظيفتي تزيد مع كل «نتيجة سيئة»

قال غاري أونيل مدرب ولفرهامبتون واندرارز إنه غير مكترث بالتكهنات بشأن مستقبله بعد هزيمة فريقه الرابعة على التوالي في الدوري الإنجليزي الممتاز لكرة القدم.

«الشرق الأوسط» (لندن)
رياضة عالمية خرج سيتي بالفعل من كأس الاتحاد الإنجليزي ويحتل المركز 22 في جدول دوري أبطال أوروبا (أ.ف.ب)

غوارديولا: لن أرحل في هذه الظروف... لست نادماً على تمديد عقدي

قال بيب غوارديولا مدرب مانشستر سيتي حامل لقب الدوري الإنجليزي الممتاز لكرة القدم إنه لا يشعر بأي ندم بعد تمديد عقده لمدة عامين رغم معاناة الفريق الحالية.

«الشرق الأوسط» (مانشستر)
رياضة عالمية إيساك لاعب نيوكاسل يحتفل بهدفه في ليستر سيتي (رويترز)

هدف جوتا ينقذ ليفربول من فخ فولهام... ونيوكاسل يضرب برباعية

أحرز ديوغو جوتا لاعب ليفربول هدف التعادل في اللحظات الأخيرة لينقذ فريقه، الذي أنهى المباراة بعشرة لاعبين، بالتعادل 2-2 في الدوري الإنجليزي الممتاز لكرة القدم

«الشرق الأوسط» (لندن)

مصر: قرارات «ضبط أداء الإعلام الرياضي» تثير تبايناً «سوشيالياً»

أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)
أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)
TT

مصر: قرارات «ضبط أداء الإعلام الرياضي» تثير تبايناً «سوشيالياً»

أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)
أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)

أثارت قرارات المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام في مصر لـ«ضبط أداء الإعلام الرياضي» تبايناً على «السوشيال ميديا»، الجمعة.

واعتمد «الأعلى لتنظيم الإعلام»، برئاسة خالد عبد العزيز، الخميس، توصيات «لجنة ضبط أداء الإعلام الرياضي»، التي تضمّنت «تحديد مدة البرنامج الرياضي الحواري بما لا يزيد على 90 دقيقة، وقصر مدة الاستوديو التحليلي للمباريات، محلية أو دولية، بما لا يزيد على ساعة، تتوزع قبل وبعد المباراة».

كما أوصت «اللجنة» بإلغاء فقرة تحليل الأداء التحكيمي بجميع أسمائها، سواء داخل البرامج الحوارية أو التحليلية أو أي برامج أخرى، التي تُعرض على جميع الوسائل الإعلامية المرئية والمسموعة والمواقع الإلكترونية والتطبيقات والمنصات الإلكترونية. فضلاً عن «عدم جواز البث المباشر للبرامج الرياضية بعد الساعة الثانية عشرة ليلًا (منتصف الليل) وحتى السادسة من صباح اليوم التالي، ولا يُبث بعد هذا التوقيت إلا البرامج المعادة». (ويستثنى من ذلك المباريات الخارجية مع مراعاة فروق التوقيت).

وهي القرارات التي تفاعل معها جمهور الكرة بشكل خاص، وروّاد «السوشيال ميديا» بشكل عام، وتبعاً لها تصدرت «هاشتاغات» عدة قائمة «التريند» خلال الساعات الماضية، الجمعة، أبرزها «#البرامج_الرياضية»، «#المجلس_الأعلى»، «#إلغاء_الفقرة_التحكيمية»، «#لتنظيم_الإعلام».

مدرجات استاد القاهرة الدولي (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)

وتنوعت التفاعلات على تلك «الهاشتاغات» ما بين مؤيد ومعارض للقرارات، وعكست عشرات التغريدات المتفاعلة هذا التباين. وبينما أيّد مغرّدون القرارات كونها «تضبط الخطاب الإعلامي الرياضي، وتضمن الالتزام بالمعايير المهنية»، قال البعض إن القرارات «كانت أُمنية لهم بسبب إثارة بعض البرامج للتعصب».

عبّر روّاد آخرون عن عدم ترحيبهم بما صدر عن «الأعلى لتنظيم الإعلام»، واصفين القرارات بـ«الخاطئة»، لافتين إلى أنها «حجر على الإعلام». كما انتقد البعض اهتمام القرارات بالمسألة الشكلية والزمنية للبرامج، ولم يتطرق إلى المحتوى الذي تقدمه.

وعن حالة التباين على مواقع التواصل الاجتماعي، قال الناقد الرياضي المصري محمد البرمي، لـ«الشرق الأوسط»، إنها «تعكس الاختلاف حول جدوى القرارات المتخذة في (ضبط المحتوى) للبرامج الرياضية، فالفريق المؤيد للقرارات يأتي موقفه رد فعل لما يلقونه من تجاوزات لبعض هذه البرامج، التي تكون أحياناً مفتعلة، بحثاً عن (التريند)، ولما يترتب عليها من إذكاء حالة التعصب الكروي بين الأندية».

وأضاف البرمي أن الفريق الآخر المعارض ينظر للقرارات نظرة إعلامية؛ حيث يرى أن تنظيم الإعلام الرياضي في مصر «يتطلب رؤية شاملة تتجاوز مجرد تحديد الشكل والقوالب»، ويرى أن «(الضبط) يكمن في التمييز بين المحتوى الجيد والسيئ».

مباراة مصر وبوتسوانا في تصفيات كأس الأمم الأفريقية 2025 (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)

وكان «الأعلى لتنظيم الإعلام» قد أشار، في بيانه أيضاً، إلى أن هذه القرارات جاءت عقب اجتماع «المجلس» لتنظيم الشأن الإعلامي في ضوء الظروف الحالية، وما يجب أن يكون عليه الخطاب الإعلامي، الذي يتعين أن يُظهر المبادئ والقيم الوطنية والأخلاقية، وترسيخ وحدة النسيج الوطني، وإعلاء شأن المواطنة مع ضمان حرية الرأي والتعبير، بما يتوافق مع المبادئ الوطنية والاجتماعية، والتذكير بحرص المجلس على متابعة الشأن الإعلامي، مع رصد ما قد يجري من تجاوزات بشكل يومي.

بعيداً عن الترحيب والرفض، لفت طرف ثالث من المغردين نظر المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام إلى بعض الأمور، منها أن «مواقع الإنترنت وقنوات (اليوتيوب) و(التيك توك) مؤثرة بشكل أكبر الآن».

وحسب رأي البرمي، فإن «الأداء الإعلامي لا ينضبط بمجرد تحديد مدة وموعد وشكل الظهور»، لافتاً إلى أن «ضبط المحتوى الإعلامي يكمن في اختيار الضيوف والمتحدثين بعناية، وضمان كفاءتهم وموضوعيتهم، ووضع كود مهني واضح يمكن من خلاله محاسبة الإعلاميين على ما يقدمونه، بما يمنع التعصب».