السنيورة: فوز «حزب الله» بالأكثرية البرلمانية «يغيّر وجه لبنان»

قال لـ«الشرق الأوسط» إن الحريري لم يدعُ لمقاطعة الانتخابات

فؤاد السنيورة (إ.ب.أ)
فؤاد السنيورة (إ.ب.أ)
TT

السنيورة: فوز «حزب الله» بالأكثرية البرلمانية «يغيّر وجه لبنان»

فؤاد السنيورة (إ.ب.أ)
فؤاد السنيورة (إ.ب.أ)

يخوض رئيس الحكومة اللبنانية السابق فؤاد السنيورة سباقا مع الوقت في مسعاه لحث المسلمين السنة على عدم «الانكفاء» عن المشاركة في الانتخابات البرلمانية التي انطلقت أمس في دول الاغتراب، وتنتهي منتصف الشهر باقتراع اللبنانيين في الداخل، والتي يراها السنيورة «مفصلا أساسيا في مواجهة سعي حزب الله وحلفائه للسيطرة على لبنان».
ويلخص السنيورة في حديث مع «الشرق الأوسط» أسباب اتخاذه قرار دخول معترك الانتخابات، رغم قرار رئيس كتلة «المستقبل» سعد الحريري تعليق العمل السياسي، لقناعته أنه «لا يجوز ترك الساحة فارغة ليصار إلى ملئها من قبل طارئين وأصحاب مصالح شخصية» معتبرا أن هؤلاء «يخدمون بعض القوى التي تحاول أن تطبق على الدولة اللبنانية والمؤسسات الدستورية اللبنانية من خلال المجلس النيابي، والتأثير على عملية انتخاب رئيس جمهورية واستعمال الأكثرية إذا حصلوا عليها بالمجلس النيابي وما يمكن أن يحصلوا عليه من دعم آخرين في مجلس النواب بسبب التهويل والتهديد والتأثيرات لكي يساهموا في تعديل الدستور وتشريع سلاح (حزب الله)».
ويرى السنيورة أن المقاطعة عبثية، مستدلا إلى ذلك بتجربة المقاطعة المسيحية في العام 1992، والتي نجحت فيها إحدى المرشحات بـ47 صوتا فقط، كما يذكر بتجربة العراق بالنسبة للفريق السني الذي امتنع قسم منه عن المشاركة بالانتخابات، «فالانتخابات أجريت وحتى الآن ما زال هناك من يتأثر سلبا بتلك الانتخابات».
أما قراره عدم الترشح ولعب دور «صانع النواب»، فيبرره السنيورة بمنطق بسيط: «أنا حصلت على كل ما يمكن أن يحلم به أي ناشط بالعمل السياسي بلبنان، كنت وزيرا للمالية في 5 حكومات من تلك التي ألفها الرئيس الشهيد رفيق الحريري ثم بعد استشهاده أصبحت رئيسا للحكومة لأربع سنوات ونصف وبعد ذلك عملت أيضاً وترشحت للعمل النيابي وكنت رئيسا لكتلة «المستقبل» لمدة 8 سنوات. ويقول: «اتخذت قراراً أن لا أترشح وأردت أن أعطي نموذجا لإنسان يستطيع العمل بالشأن العام وليس بالضرورة أن يكون ساعيا لموقع أو منصب. أنا أشعر أني وضعت كل النجوم فلست ساعيا لزيادة عددها».
وهذه الوقائع تدفع السنيورة أيضاً للاستشهاد بها كسبب رئيسي لعدم «إدارة الظهر للناس». وقال: «بادرت للقيام بهذا العمل وتحملت عذاباته ومخاطره أيضاً، وعندما قمت بهذا العمل حصل ذلك بعد أن تشاورت مع عدد من أصحاب الرأي ورؤساء المؤسسات الاجتماعية في لبنان وجميعهم أشاروا إلى أنه لا يجوز أن تترك الساحة بهذا الشكل، هذا الأمر هو الذي دفعني لاتخاذ هذا الموقف ورأيت أصداء إيجابية من قبل المكون السني بلبنان ومن المكونات الوطنية أيضاً وتجاوبا عربيا، لأن العرب يريدون أن ينهض لبنان من كبوته وأن يقف إلى جانبهم إذا أراد اللبنانيون أن ينهضوا بوطنهم بالتالي هم حريصون على لبنان وعلى أن لا تتأزم الأمور أكثر مع ما يحمل من شرور على الوطن العربي».
ولهذا يشعر السنيورة أن «هذا العمل على مقدار مصاعبه والمشكلات التي يطرحها هو أقل بكثير من المصائب أو المشكلات التي يمكن أن تحصل بلبنان إذا جرت المقاطعة»، ومن هذا المنطلق، يدعو الجميع إلى «موقف جدي وصارم في الرغبة بالاقتراع وأنا أدعوهم للاقتراع والمشاركة بالعملية الانتخابية التي هي حق وواجب على كل واحد كما أدعوهم أن يختاروا صح، بمعنى أن يختاروا من يقوم فعليا بدعم الدولة اللبنانية واستعادة دورها وسلطتها وهيبتها، ولمنع أن يصار إلى القبض على الدولة اللبنانية لخدمة مصالح آخرين».
ولا يشارك السنيورة بعض أنصار الحريري تفسيرهم قراره تعليق العمل السياسي وعدم الترشح للانتخابات، بأنه قرار بالمقاطعة.
ويقول: «النص الذي اعتمده الرئيس الحريري بهذه الدعوة يقتصر فقط على عدم ترشحه وعدم رغبته أن يترشح أحد من تيار المستقبل ودعوته من يريد أن يترشح بألا يترشح باسم تيار المستقبل أو أن يقدم استقالته.
أما أنه دعا المسلمين أو اللبنانيين أن يقاطعوا الانتخابات فهذا ليس صحيحا. هناك أناس إما مداهنون أو يريدون «تبييض وجوههم»، وهذا أمر لا أريد أن يصار إلى تحميل مسؤوليته للرئيس سعد الحريري». ويقول: «أنا أعتقد أن المصلحة الوطنية للبنان أن يصار إلى الإقبال بكثافة على الاقتراع، وليس بالاستماع إلى وجهات نظر من أشخاص لا يقدرون التأثيرات السلبية التي قد تنجم عن هذه المقاطعة إذا جرت، لذلك يجب ألا نحمل الأمور أكثر مما تحتمل لكن هناك من يحب أن يكون ملكياً أكثر من الملك وهذا غير صحيح وغير مجدٍ». ويتابع: «لا يستطيع أحد أن يستنكف ويتخذ موقفا سلبيا ويبتعد ويعتقد أنه بهذه الطريقة يكون يخدم نفسه أو أن هذه المقاطعة هي الطريقة الوحيدة من أجل التعبير عن عدم الرضا عن قانون كان من المفروض أساسا أن لا يصار إلى إقراره»، ويستدرك: «أنا شخصيا كنت رافضاً لهذا القانون، كما كنت رافضاً لعملية انتخاب الجنرال عون رئيسا للجمهورية». ويشرح موقفه بأن «هذا القانون مخالف للدستور وخاطئ ويحد من حرية الناخب بأن يغير أسماء أو يعترض على شيء، كما يجبره على الالتزام بلائحة ويختار منها شخصاً يعطيه «الصوت التفضيلي»، وهذا برأي السنيورة «يخلق مشكلات إضافية لدى المرشحين لأن الخلاف يحصل بين المرشحين في اللائحة نفسها على الصوت التفضيلي وبدلا من أن يكونوا متعاونين يصار إلى تسليم كل منهم خنجرا يقتص به من زميله باللائحة». ويرى أنه بدلا من المقاطعة «كان من المفروض الاحتجاج على هذا القانون عند عرضه على مجلس النواب، الآن نبكي على الأطلال، بينما من الأفضل ألا نقوم بخطيئة أخرى وبأن نبادر بالتعبير عن رفض هذا القانون بانتخاب الذين هم ضد هذا القانون حتى نصل إلى تغيير، أما الطريقة التي يتم فيها التعبير عن بعض المواقف ففيها الكثير من الاستعجال وقلة البصيرة من قبل البعض».
ويشيد السنيورة بالبطريرك الماروني بشارة الراعي ومفتي الجمهورية عبد اللطيف دريان «اللذين أخذا موقفا واضحا وصريحا بدعم المشاركة بالانتخابات للاقتراع الصحيح ومن أجل الوقوف ضد التدهور المستمر ومن أجل إنقاذ لبنان» فالإنقاذ لا يكون بالانكفاء ولا بالمواقف السلبية بل بالمواقف الإيجابية عبر انتخاب الناس الذين بإمكانهم أن يغيروا هذا القانون».
وعن لائحة «بيروت تواجه» التي يدعمها في بيروت، يقول السنيورة: «بها ميزتان أساسيتان، الأولى أنها «ليست لائحة رمادية، بل واضحة في مواقفها من الدعوة لاستعادة الدولة اللبنانية وإعادة الاعتبار للدستور، واتفاق الطائف واستكمال تطبيقه والدعوة للالتزام بقرارات الشرعيتين العربية والدولية واحترام استقلالية القضاء والحرص على الممارسة الحقيقية للنظام الديمقراطي البرلماني الذي جرى تخريبه من خلال هذه الممارسة المبنية على بدعة اسمها الديمقراطية التوافقية التي خربت آليات النظام الديمقراطي، والأمر الثاني على الشعب أن يعي أن هؤلاء الناس ذاهبون إلى مجلس النواب وليس بنزهة، بالتالي عليك أن ترسل أناسا مؤهلين للقيام بهذا الدور وليس فقط أن لهم شعبية قوية».
أما مرحلة ما بعد الانتخابات، فيجب أن يتم التركيز على «ضم الصفوف لمن يؤمنون باستعادة الدولة اللبنانية لدورها وقدرتها على أن تؤكد على المبادئ الأساسية التي قامت عليها هذه الانتخابات، أي أن تكون فعليا معبرة عن صوت الناس». ويشدد السنيورة على «الدعوة إلى تكوين ائتلاف بمجلس النواب من قبل المؤمنين بهذه المبادئ».
ويقول: «نحن نريد أن نسترجع إرادة لبنان الحرة وقرار الدولة اللبنانية الحر من يحاولون اختطافها، وأعني بذلك حزب الله ومجموعات أخرى، وأيضاً يكون موقف هذه المجموعة الحرص على لبنان واستقلاله ومنع التعدي عليه من قبل إسرائيل التي هي العدو الذي نواجهه وأيضاً من الخصوم الآخرين الذين يحاولون القبض على لبنان ومنعه من أن يمارس قراره الحر».
وينطلق السنيورة من هذا الاستحقاق للدعوة لوقف ما سماه «بدعة حكومات الوحدة الوطنية» مشيرا إلى أن مثل هذه الحكومات «تكون في ظروف معينة مثل الحروب أو المشكلات الخطرة، ليعودوا بعدها إلى الظروف العادية حيث هناك أكثرية تحكم وأقلية تعارض».
ويعارض السنيورة الدخول في «دهاليز الديمقراطية التوافقية»، فهذه البدعة لديها هدف واحد برأي السنيورة وهو «تمكين حزب الله من أن يكون من خلال أقلية لديه أن يتحكم بالأكثرية». ويقول: «نحن انتقلنا إلى أن تكون أقلية صغيرة تمارس سلطتها على الأكثرية وأصبحنا بوضع لا يستطيع فيه مجلس الوزراء أن يكون مكاناً للقرار بل مكانا للمساجلات، وشهدنا عمليات التعطيل على مدى سنوات»، ويخلص إلى «أننا منذ عام 2008 إلى اليوم أضعنا 60 في المائة من هذه السنوات دون الوصول إلى أي اتفاق وإذا وصلنا يكون ناتجا عن مقايضة»، وبالنتيجة، يخلص السنيورة إلى «أنهم خربوا النظام الديمقراطي البرلماني».
أما ما بعد الحكومة، فهناك هناك عدة قرارات يجب اتخاذها منها انتخاب رئيس جمهورية وجملة من المشاريع الإصلاحية التي يجب على لبنان أن يتخذها من أجل إنقاذه من الانهيار وهذا لا يحصل إلا من خلال مجموعة قادرة بمجلس النواب.
وعما يعنيه فوز تحالف «حزب الله» بالانتخابات؟ يسارع السنيورة إلى القول بأن هذا الفوز إن حصل «يغير وجه لبنان الديمقراطي الاقتصادي الحر الثقافي والانفتاح واحترام دور الدولة وقرارها الحر والدستور واستقلالية القضاء»، مشيرا إلى «كل مظاهر التخريب للنظام الديمقراطي التي نراها بأعيننا ومظاهر تخريب استقلالية القضاء ومظاهر تخريب التوازنات الداخلية والتوازنات بسياسة لبنان الخارجية وعلاقته مع الأشقاء العرب والعالم والدول الصديقة، كل معالم ما يسمى احترام القرارات الشرعية العربية والدولية كلها تنهار، ولن يعود بالإمكان إنقاذ لبنان إذا استمررنا بهذا الأسلوب».
ويحاول السنيورة أن يكون «واقعيا»، فهذه الانتخابات «تؤشر إلى بداية النضال الحقيقي وبالتالي يجب أن يكون نضالا سلميا ديمقراطيا واضحا، وبالتالي يتحمل الناس مسؤولية التغيير»، معتبرا أن شعار «كلن يعني كلن» ليس صحيحا بل طريقة من أجل تجريد الفعل وتجهيل الفاعل وهذا لا يحل مشكلة».



سكان العراق أكثر من 45 مليون نسمة... نصفهم من النساء وثلثهم تحت 15 عاماً

عراقيات في معرض الكتاب ببغداد (أ.ب)
عراقيات في معرض الكتاب ببغداد (أ.ب)
TT

سكان العراق أكثر من 45 مليون نسمة... نصفهم من النساء وثلثهم تحت 15 عاماً

عراقيات في معرض الكتاب ببغداد (أ.ب)
عراقيات في معرض الكتاب ببغداد (أ.ب)

يزيد عدد سكان العراق على 45 مليون نسمة، نحو نصفهم من النساء، وثلثهم تقل أعمارهم عن 15 عاماً، وفق ما أعلن رئيس الحكومة، محمد شياع السوداني، اليوم (الاثنين)، حسب الأرقام غير النهائية لتعداد شامل هو الأول منذ عقود.

وأجرى العراق الأسبوع الماضي تعداداً شاملاً للسكان والمساكن على كامل أراضيه لأول مرة منذ 1987، بعدما حالت دون ذلك حروب وخلافات سياسية شهدها البلد متعدد العرقيات والطوائف.

وقال السوداني، في مؤتمر صحافي: «بلغ عدد سكان العراق 45 مليوناً و407 آلاف و895 نسمة؛ من ضمنهم الأجانب واللاجئون».

ونوّه بأن «الأسر التي ترأسها النساء تشكّل 11.33 في المائة» بالبلد المحافظ، حيث بلغ «عدد الإناث 22 مليوناً و623 ألفاً و833 بنسبة 49.8 في المائة» وفق النتائج الأولية للتعداد.

ووفق تعداد عام 1987، كان عدد سكان العراق يناهز 18 مليون نسمة.

وشمل تعداد السنة الحالية المحافظات العراقية الـ18، بعدما استثنى تعداد أُجري في 1997، المحافظات الثلاث التي تشكل إقليم كردستان المتمتع بحكم ذاتي منذ 1991.

وأعلن الإقليم من جهته الاثنين أن عدد سكانه تخطى 6.3 مليون نسمة؛ من بينهم الأجانب، طبقاً للنتائج الأولية، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وأرجئ التعداد السكاني مرات عدة بسبب خلافات سياسية في العراق الذي شهد نزاعات وحروباً؛ بينها حرب ما بعد الغزو الأميركي في 2003، وسيطرة تنظيم «داعش» في 2014 على أجزاء واسعة منه.

ولفت السوداني إلى أن نسبة السكان «في سنّ العمل» الذين تتراوح أعمارهم بين «15 و64 سنة بلغت 60.2 في المائة»، مؤكداً «دخول العراق مرحلة الهبّة الديموغرافية».

وأشار إلى أن نسبة الأطفال الذين تقل أعمارهم عن 15 عاماً تبلغ 36.1 في المائة، فيما يبلغ «متوسط حجم الأسرة في العراق 5.3 فرد».

وأكّد السوداني أن «هذه النتائج أولية، وسوف تكون هناك نتائج نهائية بعد إكمال باقي عمليات» التعداد والإحصاء النوعي لخصائص السكان.

وأظهرت نتائج التعداد أن معدّل النمو السنوي السكاني يبلغ حالياً 2.3 في المائة؛ وذلك «نتيجة لتغيّر أنماط الخصوبة في العراق»، وفق ما قال مستشار صندوق الأمم المتحدة للسكان في العراق، مهدي العلاق، خلال المؤتمر الصحافي.