هل سيسيطر «فيسبوك» على إعلام العالم؟

مع عيد ميلاد زوكربيرغ رقم 31.. ثروته تبلغ أكثر من 38 مليار دولار

مارك زوكربيرغ مؤسس وصاحب شركة «فيسبوك» (أكثر من ملياري زائر كل شهر) يحتفل بعيد ميلاده الحادي والثلاثين («الشرق الأوسط»)
مارك زوكربيرغ مؤسس وصاحب شركة «فيسبوك» (أكثر من ملياري زائر كل شهر) يحتفل بعيد ميلاده الحادي والثلاثين («الشرق الأوسط»)
TT

هل سيسيطر «فيسبوك» على إعلام العالم؟

مارك زوكربيرغ مؤسس وصاحب شركة «فيسبوك» (أكثر من ملياري زائر كل شهر) يحتفل بعيد ميلاده الحادي والثلاثين («الشرق الأوسط»)
مارك زوكربيرغ مؤسس وصاحب شركة «فيسبوك» (أكثر من ملياري زائر كل شهر) يحتفل بعيد ميلاده الحادي والثلاثين («الشرق الأوسط»)

في الأسبوع الماضي، احتفل مارك زوكربيرغ، مؤسس وصاحب شركة «فيسبوك» (أكثر من ملياري زائر كل شهر) بعيد ميلاده الحادي والثلاثين. وقال بيان أصدره قسم العلاقات العامة في الشركة إن زوكربيرغ احتفل بـ«هديتين»: أولا: هدية له: من «وول ستريت» (شارع المال في نيويورك): زيادة قيمة الشركة بأكثر من مليار دولار خلال الربع الأول من هذا العام.
ثانيا: هدية منه إلى شركات صحف، وإذاعات، وتلفزيونات: «ننشر مواقعكم في الإنترنت دون مقابل، ونتقاسم معكم أرباح الإعلانات». وأوضحت «الهديتان» أن شركة «فيسبوك» تزيد قوة، وقيمة (وخطورة) كل يوم، خاصة لأن «الهدية» الثانية للشركات الإعلامية تبدو أكثر من هدية، لأنها يمكن إن تمكن شركة «فيسبوك» من السيطرة على جزء كبير من النشاطات الإعلامية، ليس فقط داخل الولايات المتحدة، ولكن، أيضا، في بقية دول العالم. وسارعت مجلة «كولومبيا جورناليزم ريفيو» (تصدرها كلية الصحافة في جامعة كولومبيا، في نيويورك)، وسألت: «هل سيسيطر (فيسبوك) على إعلام العالم؟».
من بين الشركات الإعلامية التي وقعت على عقود مع «فيسبوك» لنشر مواقعها مجلة «ناشيونال جيوغرافيك»، صحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية، صحيفة «غارديان» البريطانية، إذاعة «بي بي سي» البريطانية. حسب هذه العقود، في الحال، ستظهر أخبار وتقارير هذه المطبوعات في موقع «فيسبوك»، بدلا من أن ينتظر الشخص حتى تصدر مواقع هذه الشركات الأخبار الجديدة. وبدلا من الانتقال من رابط إلى رابط. أما «الهدية» الثانية، فكانت مليارا وربع مليار دولار زيادة في قيمة أسهم شركة «فيسبوك»، خلال الربع الأول من هذا العام.. ارتفعت قيمة السهم الواحد بنسبة 3.7 في المائة، أي 2.93 دولار، لتصل إلى 81.37 دولار للسهم الواحد. يعني هذا ربحًا بقيمة 1.2 مليار دولار لزوكربيرغ الذي يملك 426.3 مليون سهم في الشركة. في العام الماضي، ارتفعت قيمة سهم «فيسبوك» بنسبة 37.4 في المائة. وبالتالي، ارتفعت قيمة الأسهم التي يملكها زوكربيرغ بمقدار 9.4 مليار دولار.
حسب مجلة «فوربس»، تبلغ ثروة زوكربيرغ أكثر من 38 مليار دولار. أما بالنسبة للعقود مع الشركات الإعلامية، قال موقع «فيسبوك» إن وقت قراءة موضوعات مطبوعات هذه الشركات سينخفض بمعدل 90 في المائة، مقارنة بالطريقة التقليدية في انتظار تحميل الرابط، وإن «تجربة القراءة ستكون أكثر فائدة، وأكثر متعة، وأكثر سرعة»، خاصة بسبب قدرة أغلبية الناس على الحصول على الأخبار والتعليقات الصافية عبر الكومبيوترات والهواتف الجوالة.
وأضاف الموقع أن أغلبية الناس سيقدرون على المشاركة، عبر هواتفهم، في مقالات وتعليقات هذه المطبوعات عن طريق «فيسبوك»، وليس فقط بالجلوس أمام كومبيوترات مكتبية.
سيحدث هذا بالإضافة إلى القدرة على تكبير وتدقيق الصور العالية الدقة على شاشات الهواتف الجوالة، والقدرة على مشاهدة فيديوهات بطريقة مبتكرة، والقدرة على استعمال خرائط تفاعلية.
وقال موقع «بي بي سي»، الذي انضم إلى خدمة «فيسبوك»، إن الخدمة الجديدة اسمها «انستانت توبيكز» (مقالات فورية). وإنها «تتيح فرصا للمؤسسات الإخبارية لتقديم محتويات تفاعلية أبسط وأسرع من حيث القراءة، في الهواتف الجوالة»، وأضاف الموقع: «تبدو الفكرة جذابة بالنسبة للمؤسسات الإخبارية التي لا تجد فرصا كافية لتقديم محتوياتها إلى الشباب»، لكن، حذر الموقع: «يجب التحلي بالحذر خشية منح مزيد من النفوذ لشبكات التواصل الاجتماعي».
غير أن ريس كوكس، مسؤول الإنتاج في «فيسبوك»، تحاشي الحديث عن احتكار الأخبار. وركز على عامل الوقت. وقال: «نعتقد أن الشيء الأكثر أهمية هنا هو السرعة. الدرس الواضح الذي نتعلمه كل يوم هو أن السرعة الفائقة هي الشيء الأكثر أهمية عندما يتعلق الأمر بالهواتف الجوالة».
ماذا عن عائدات الإعلانات؟
حسب موقع «فيسبوك»، ستحصل الشركة على نسبة 100 في المائة من عائدات أي إعلانات تنشرها هي. وستحصل على نسبة 30 في المائة من عائدات إعلانات شركات الصحف والإذاعات والتلفزيونات (لأنها ساعدت على وصول هذه الإعلانات إلى الناس).
لكن تحاشي موقع «فيسبوك» الحديث عن تعليقات على هذه التجربة فيه بعض الخوف. وركز الموقع على استطلاع أجراه مركز «بيو» في واشنطن العاصمة عن وسائل الإعلام الأميركية، أوضح أن نصف الأميركيين الذين يستخدمون الإنترنت حصلوا على أخبار عن الشؤون السياسية والشؤون الحكومية من شبكات التواصل الاجتماعي.
غير أن دورية «كولومبيا جورناليزم ريفيو»، طرحت تساؤلا في تقرير طويل تحت عنوان: «هل سيسيطر (فيسبوك) على إعلام العالم؟».



تساؤلات بشأن دور التلفزيون في «استعادة الثقة» بالأخبار

شعار «غوغل» (رويترز)
شعار «غوغل» (رويترز)
TT

تساؤلات بشأن دور التلفزيون في «استعادة الثقة» بالأخبار

شعار «غوغل» (رويترز)
شعار «غوغل» (رويترز)

أثارت نتائج دراسة حديثة تساؤلات عدة بشأن دور التلفزيون في استعادة الثقة بالأخبار، وبينما أكد خبراء وجود تراجع للثقة في الإعلام بشكل عام، فإنهم اختلفوا حول الأسباب.

الدراسة، التي نشرها معهد «نيمان لاب» المتخصص في دراسات الإعلام مطلع الشهر الحالي، أشارت إلى أن «الثقة في الأخبار انخفضت بشكل أكبر في البلدان التي انخفضت فيها متابعة الأخبار التلفزيونية، وكذلك في البلدان التي يتجه فيها مزيد من الناس إلى وسائل التواصل الاجتماعي للحصول على الأخبار».

لم تتمكَّن الدراسة، التي حلَّلت بيانات في 46 دولة، من تحديد السبب الرئيس في «تراجع الثقة»... وهل كان العزوف عن التلفزيون تحديداً أم الاتجاه إلى منصات التواصل الاجتماعي؟ إلا أنها ذكرت أن «الرابط بين استخدام وسائل الإعلام والثقة واضح، لكن من الصعب استخدام البيانات لتحديد التغييرات التي تحدث أولاً، وهل يؤدي انخفاض الثقة إلى دفع الناس إلى تغيير طريقة استخدامهم لوسائل الإعلام، أم أن تغيير عادات استخدام ومتابعة وسائل الإعلام يؤدي إلى انخفاض الثقة».

ومن ثم، رجّحت الدراسة أن يكون سبب تراجع الثقة «مزيجاً من الاثنين معاً: العزوف عن التلفزيون، والاعتماد على منصات التواصل الاجتماعي».

مهران كيالي، الخبير في إدارة وتحليل بيانات «السوشيال ميديا» في دولة الإمارات العربية المتحدة، يتفق جزئياً مع نتائج الدراسة، إذ أوضح لـ«الشرق الأوسط» أن «التلفزيون أصبح في ذيل مصادر الأخبار؛ بسبب طول عملية إنتاج الأخبار وتدقيقها، مقارنة بسرعة مواقع التواصل الاجتماعي وقدرتها على الوصول إلى شرائح متعددة من المتابعين».

وأضاف أن «عدد المحطات التلفزيونية، مهما ازداد، لا يستطيع منافسة الأعداد الهائلة التي تقوم بصناعة ونشر الأخبار في الفضاء الرقمي، وعلى مواقع التواصل الاجتماعي». إلا أنه شدَّد في الوقت نفسه على أن «الصدقية هي العامل الأساسي الذي يبقي القنوات التلفزيونية على قيد الحياة».

كيالي أعرب عن اعتقاده بأن السبب الرئيس في تراجع الثقة يرجع إلى «زيادة الاعتماد على السوشيال ميديا بشكل أكبر من تراجع متابعة التلفزيون». وقال إن ذلك يرجع لأسباب عدة من بينها «غياب الموثوقية والصدقية عن غالبية الناشرين على السوشيال ميديا الذين يسعون إلى زيادة المتابعين والتفاعل من دون التركيز على التدقيق». وأردف: «كثير من المحطات التلفزيونية أصبحت تأتي بأخبارها عن طريق مواقع التواصل الاجتماعي، فتقع بدورها في فخ الصدقية والموثوقية، ناهيك عن صعوبة الوصول إلى التلفزيون وإيجاد الوقت لمشاهدته في الوقت الحالي مقارنة بمواقع التواصل التي باتت في متناول كل إنسان».

وحمَّل كيالي، الهيئات التنظيمية للإعلام مسؤولية استعادة الثقة، قائلاً إن «دور الهيئات هو متابعة ورصد كل الجهات الإعلامية وتنظيمها ضمن قوانين وأطر محددة... وثمة ضرورة لأن تُغيِّر وسائل الإعلام من طريقة عملها وخططها بما يتناسب مع الواقع الحالي».

بالتوازي، أشارت دراسات عدة إلى تراجع الثقة بالإعلام، وقال معهد «رويترز لدراسات الصحافة»، التابع لجامعة أكسفورد البريطانية في أحد تقاريره، إن «معدلات الثقة في الأخبار تراجعت خلال العقود الأخيرة في أجزاء متعددة من العالم». وعلّق خالد البرماوي، الصحافي المصري المتخصص في شؤون الإعلام الرقمي، من جهته بأن نتائج الدراسة «غير مفاجئة»، لكنه في الوقت نفسه أشار إلى السؤال «الشائك»، وهو: هل كان عزوف الجمهور عن التلفزيون، السبب في تراجع الصدقية، أم أن تراجع صدقية الإعلام التلفزيوني دفع الجمهور إلى منصات التواصل الاجتماعي؟

البرماوي رأى في لقاء مع «الشرق الأوسط» أن «تخلّي التلفزيون عن كثير من المعايير المهنية ومعاناته من أزمات اقتصادية، دفعا الجمهور للابتعاد عنه؛ بحثاً عن مصادر بديلة، ووجد الجمهور ضالته في منصات التواصل الاجتماعي». وتابع أن «تراجع الثقة في الإعلام أصبح إشكاليةً واضحةً منذ مدة، وإحدى الأزمات التي تواجه الإعلام... لا سيما مع انتشار الأخبار الزائفة والمضلّلة على منصات التواصل الاجتماعي».