اليهود والعرب يؤيدون مساحات مشتركة باستثناء «المقابر والأحياء»

عكا البلدة المختلطة بين العرب واليهود شمال غرب إسرائيل شهدت أعمال شغب في شوارعها بعد أيام من حرب غزة مايو 2021 (غيتي)
عكا البلدة المختلطة بين العرب واليهود شمال غرب إسرائيل شهدت أعمال شغب في شوارعها بعد أيام من حرب غزة مايو 2021 (غيتي)
TT

اليهود والعرب يؤيدون مساحات مشتركة باستثناء «المقابر والأحياء»

عكا البلدة المختلطة بين العرب واليهود شمال غرب إسرائيل شهدت أعمال شغب في شوارعها بعد أيام من حرب غزة مايو 2021 (غيتي)
عكا البلدة المختلطة بين العرب واليهود شمال غرب إسرائيل شهدت أعمال شغب في شوارعها بعد أيام من حرب غزة مايو 2021 (غيتي)

أظهر استطلاع جديد أجراه «معهد سياسات الشعب اليهودي»، حجم الشروخ بين الشرائح المختلفة في المجتمع الإسرائيلي في السنوات الأخيرة التي شهدت كثيراً من التحولات. وأصدر المعهد البحثي مؤشر التعددية السنوي، عشية احتفال إسرائيل بيوم تأسيسها، ووجد في الغالب انقسامات عميقة ومتعمقة بين مختلف شرائح المجتمع الإسرائيلي، العلمانية والوطنية والدينية والمتدينة الأرثوذكسية والعربية. وبشكل عام، يدعم معظم الإسرائيليين –اليهود وغير اليهود– وجود مساحات عامة مشتركة بالكامل، مع استثناءين ملحوظين: «المقابر والأحياء السكنية». وركز الاستطلاع الذي نشره موقع «تايمز أوف إسرائيل»، على ازدياد تشاؤم اليهود الإسرائيليين اليمينيين بشكل ملحوظ، بشأن إمكانات المستقبل المشترك مع مواطني إسرائيل العرب، بينما أصبح نظراؤهم الليبراليون أكثر تفاؤلاً.
واعتمدت معظم الأسئلة على أسس حزبية ودينية، وأجاب الإسرائيليون اليهود اليمينيون والملتزمون دينياً، بطريقة أكثر سلبية تجاه العرب ولبقائهم منفصلين عنهم، مقارنة بردود نظرائهم اليساريين والعلمانيين. وكتب واضعو الاستطلاع أنه «يمكن طرح عدة فرضيات فيما يتعلق بأسباب هذا التغيير، بما في ذلك الخطاب اللاذع في 4 حملات انتخابية، ورد الجمهور اليهودي على أعمال الشغب في مايو (أيار) 2021، وحقيقة أن جزءاً كبيراً من الجمهور العربي لا يدعم مشاركة حزب يمثلهم في الائتلاف الحاكم».
وبالإضافة إلى المعركة التي استمرت 11 يوماً بين الجيش الإسرائيلي وحركة «حماس»، شهد شهر مايو العام الماضي، أيضاً، مواجهات واسعة النطاق وعنفاً داخلياً بين اليهود والعرب، ما أسفر عن سقوط عدد من القتلى. ومع ذلك، يدعم غالبية العرب في إسرائيل، العيش في أحياء مختلطة مع اليهود، وأن تكون لديهم أماكن عامة مشتركة، باستثناء المقابر التي يرغب معظم الإسرائيليين –اليهود وغير اليهود– في الفصل بينها بحسب الدين. بخصوص المواطنة المشتركة، وجد الاستطلاع أن 58 في المائة من الإسرائيليين، بمن فيهم اليهود وغير اليهود، قالوا إنهم إما «موافقون بشدة» أو «موافقون تماماً» على أن اليهود والعرب لهم «مستقبل مشترك» في إسرائيل. كان هذا الرقم نفسه العام الماضي.
ومع ذلك، فإن نظرة أعمق على الأرقام بين اليهود الإسرائيليين، تظهر تحولاً ملحوظاً من خلال الانتماء السياسي. ففي عام 2021، قال نصف اليمينيين إنهم يؤمنون بآفاق «مستقبل مشترك» بين اليهود والعرب، بينما وافق هذا العام 28 في المائة فقط على هذا الرأي؛ لكن هذا الانخفاض الكبير، قابله ارتفاع بين الإسرائيليين اليساريين، إذ قال 88 في المائة إنهم يؤمنون بإمكانية مستقبل مشترك، مقارنة بـ70 في المائة ممن قالوا ذلك العام الماضي.
ووجد الاستطلاع أيضاً، أنه كلما زاد تدين الإسرائيليين اليهود، زادت احتمالية دعمهم لمشاركة الأحزاب الأرثوذكسية المتشددة، أو الحريدية، في الائتلاف، مع موافقة 32 في المائة من العلمانيين، و57 في المائة من المحافظين، و78 في المائة من القوميين المتدينين، و94 في المائة من اليهود الحريديم. كما وجد الاستطلاع أن العكس هو الصحيح فيما يتعلق بدعم فكرة أن تكون الأحزاب السياسية العربية جزءاً من الحكومة؛ حيث أيد الفكرة 73 في المائة من العلمانيين، و45 في المائة من المحافظين، و19 في المائة من القوميين المتدينين، و27 في المائة من الحريديم.
كما سأل المستطلعون المشاركين في الاستطلاع عن قضية العنف في المجتمع العربي الإسرائيلي، ومن المسؤول عنها، وكشفوا عن انقسامات صارخة بين الإسرائيليين العرب واليهود في هذا الشأن. وألقى معظم العرب باللائمة على المجتمع الإسرائيلي والشرطة، بينما تلقي الأغلبية النسبية من اليهود باللائمة على «الثقافة» العربية. ومن بين الإسرائيليين غير اليهود الذين شملهم الاستطلاع، وافق 40 في المائة على أن العنف في المجتمع العربي، هو «نتيجة سنوات عديدة من الإهمال والتمييز ضد الوسط العربي». وقال 37 في المائة إن السبب هو أن «الشرطة لا تقوم بعملها بشكل صحيح». كما ألقى 9 في المائة باللوم على المجتمع العربي لعدم سماحه للشرطة بالعمل ضد العنف في الوسط العربي، وألقى 14 في المائة باللوم على «مسألة الثقافة». أما بين اليهود الذين شملهم الاستطلاع، فقال 37 في المائة إن العنف هو نتيجة «مسألة ثقافية»، وقال 35 في المائة إنه «نتيجة سنوات عديدة من الإهمال والتمييز ضد الوسط العربي»؛ بينما انقسم الباقون بين إلقاء اللوم على الشرطة وإلقاء اللوم على المجتمع العربي لعدم سماحه للشرطة باتخاذ إجراءات فعالة ضد العنف. ومع ذلك، كانت الردود اليهودية منقسمة بعمق وفقاً للانتماء السياسي؛ حيث عرّف جميع من شملهم استطلاع الرأي، تقريباً، والذين ألقوا باللوم على الثقافة العربية، عن أنفسهم، بأنهم إما يمينيون أو وسطيون.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.