ممثل لندن الخاص بسوريا: نريد الحفاظ على مؤسسات الدولة.. ولا حل يبدأ من الصفر

السفير ويلكس قال لـ («الشرق الأوسط») إن حكومته يساورها القلق من عملية حمص {فالوضع غير واضح}

السفير جون ويلكس ممثل بريطانيا  الخاص بسوريا («الشرق الأوسط»)
السفير جون ويلكس ممثل بريطانيا الخاص بسوريا («الشرق الأوسط»)
TT

ممثل لندن الخاص بسوريا: نريد الحفاظ على مؤسسات الدولة.. ولا حل يبدأ من الصفر

السفير جون ويلكس ممثل بريطانيا  الخاص بسوريا («الشرق الأوسط»)
السفير جون ويلكس ممثل بريطانيا الخاص بسوريا («الشرق الأوسط»)

على الرغم من أن الولايات المتحدة وروسيا هما الدولتان «المبادرتان» لعقد مفاوضات «جنيف2» بين الحكومة السورية والمعارضة، فإن هناك دولا جوهرية في دفع هذه العملية، من بينها المملكة المتحدة الذي يعد سفيرها جون ويلكس المسؤول الأبرز في إدارة الملف السوري كونه ممثل المملكة المتحدة الخاص بسوريا.
والتقت «الشرق الأوسط» بويلكس في جنيف حيث يتابع المفاوضات السورية ويلتقي بباقي أعضاء «المجموعة الأساسية» من 11 دولة لأصدقاء سوريا الساعين لدعم عملية المفاوضات. وشدد ويلكس، الذي أشرف على عمليات مصالحة وطنية في دول عربية عدة منها اليمن حيث كان سفيرا عند العمل على المبادرة الخليجية لنقل السلطة، على أهمية التوصل إلى حل سياسي في سوريا يضمن الحفاظ على مؤسسات الدولة. وفيما يلي أبرز ما جاء في الحوار:
> ماذا يمكن أن نتوقعه من الجولة الثانية، بعد أن كان نجاح الجولة الأولى هو إقناع الطرفين بحضور المفاوضات والاستمرار فيها؟
- الجولة الأولى بشكل عام كانت جولة تحضيرية، وفي الجولة الثانية ندخل في المواضيع الجوهرية في المفاوضات، أولا تشكيل هيئة الحكم ونقل السلطة، وثانيا مكافحة الإرهاب واحتواء العنف في البلاد. أو ننطلق من العنف والإرهاب وبعدها تشكيل هيئة الحكم. المهم أن نعترف بأن هناك أنواعا مختلفة من العنف في البلاد، هناك العنف من النظام والقصف اليومي واستخدام البراميل المتفجرة والقذائف وصواريخ «سكود» وكل أنواع الأسلحة الثقيلة بشكل عشوائي على المدنيين. وطبعا هذا مرفوض تماما دوليا. وهناك أيضا الإرهاب والعنف من المجموعات المتطرفة مثل تنظيم القاعدة و«داعش» (الدولة الإسلامية في العراق والشام) وجبهة النصرة وغيرها. فلا بد من التعامل مع كل هذه القضايا. أكثر السوريين المدنيين الأبرياء يعانون من خلال هذه الأزمة وآمل في أن نجد حلولا لهذه القضايا.
وهناك النقاش حول هيئة الحكم ولا بد أن نتكلم عن المؤسسات السياسية والجدول الزمني للفترة الانتقالية وكيف نحافظ على المؤسسات الأمنية والعسكرية في البلاد خلال الفترة الانتقالية لتجنب الفوضى والتصدي للمتطرفين والإرهابيين في البلاد. لذلك هناك علاقة بين القضيتين، وكما تقول المعارضة، ليس هناك أي إمكانية حقيقية لإزالة العنف في سوريا من غير حل سياسي واتفاقية على تشكيل هيئة الحكم والتصدي لهذه الظواهر في البلاد.
> أنتم تربطون بين وقف العنف والهيئة الانتقالية في سوريا، ولكن هناك من يقول إن هناك حاجة لوقف العنف وخصوصا من الجماعات المسلحة. هل بإمكان المعارضة المجتمعة في جنيف أن تتخذ إجراء بهذا الشأن بينما هي ربما لا تسيطر على الجماعات المسؤولة عن هذا العنف؟ أما بالنسبة للنظام فهو غير مستعد للاعتراف بمسؤوليته عن العنف.
- صحيح أن النظام لديه القدرات على وقف العنف بشكل كبير. أما بالنسبة للمعارضة، صحيح أن هناك فرقا بين بعض المجموعات على الأرض وبين الجبهة الخارجية السياسية للمعارضة. مع ذلك هناك ممثلون عن بعض المجموعات المسلحة هنا في جنيف. وفد المعارضة في جنيف بنى شبكة من المجموعات في البلاد للتواصل معهم بشكل فوري حول القضايا الأساسية هنا في جنيف، ونحن نشجع المعارضة بهذا الصدد. إنهم يبنون هذه الشبكات داخل البلاد للتواصل معهم حول القضايا الأساسية في المفاوضات خطوة بعد الأخرى استعدادا لتطبيق أي اتفاقية. صحيح سنرحب بأي اتفاقية جزئية لوقف إطلاق النار في أي منطقة أو أي مدينة وخصوصا لدخول المساعدات الإنسانية إذا كان ذلك ممكنا، ولكن المهم أننا نركز على القضايا الأساسية لأنه من غير حل وسط سياسي، كلنا نعرف أن العنف سيستمر من أطراف مختلفة.
> بيان جنيف يتحدث عن «هيئة حكم انتقالي»، ولكن النظام السوري يصر على استخدام عبارة «الحكومة الانتقالية»، ورغم وجود اختلافات كبيرة بين الطرفين، هذا اختلاف جوهري إذ ترفض الحكومة السورية فكرة هيئة الحكم الانتقالي. كيف يمكن بحث حل سياسي بوجود الاختلاف على هذه القضية الجوهرية؟
- أولا نحتاج إلى الاستماع إلى الأفكار من الطرفين. صحيح أن هناك فرقا كبيرا بينهما، المعارضة قدمت أفكارا وعندهم أفكار مثمرة ونحن بحاجة إلى نفس الشيء من النظام. حتى إذا كانت لديهم أفكار مختلفة، دعنا نستمع إلى الطرفين ثم ندخل في هذا التفصيل، وهذا هو جوهر الاختلاف بين هذه الجولة والجولة الأولى. وأعتقد أنه من المهم جدا التركيز على مصالح الشعب السوري والمدنيين وأكثرية السوريين الذين يعانون الآن وهم بحاجة إلى قرارات شجاعة من الأطراف والتعامل بجدية مع الوضع المأساوي في البلاد.
> هناك مخاوف من أن الجولة الثانية لن تخرج بنتائج ملموسة حول هذه القضية، فكيف نضمن الوصول إلى جولة ثالثة؟
- لا بد أن نعترف أن أمامنا تحديات كبيرة وعقبات كبيرة لإحراز تقدم كبير فيما يخص القضايا الأساسية في المفاوضات. مع ذلك، عملنا الكثير خلال الأسابيع الماضية لإطلاق هذه العملية ووصلنا للمرة الأولى إلى مرحلة دخول الأطراف في تفاصيل هذه المواضيع الساخنة. كلنا يعلم حساسية هذه القضية. جنيف هي عملية ليست فقط جولة واحدة أو اثنتين ولا بد من أن نحاول إحراز تقدم خطوة فخطوة. فيما يخص الجدول الزمني، الممثل المشترك للأمم المتحدة والجامعة العربية الأخضر الإبراهيمي قال ليس هناك أي قرار حول الجولات أو المهل بين الجولات، كل شيء يعتمد على الأجواء والظروف ومستوى التقدم المحرز بين الأطراف. ولكن نتوقع أن هذه الجولة ستستغرق أياما حتى نهاية الأسبوع. هناك اجتماع ثلاثي بين الروس والأميركيين والإبراهيمي يوم الجمعة وهناك فكرة أننا سنرى نتائج لهذا الاجتماع ونتائج المحادثات خلال الأيام المقبلة وقد تكون هناك جلسة أخرى عصر الجمعة أو يوم السبت بعد الاجتماع الثلاثي. على النظام الدخول في التفاصيل وتوضيح رؤيته بشأن الفترة الانتقالية، وعلى المعارضة التواصل مع المجموعات المختلفة داخل البلاد وخارجها والمجموعات المسلحة والمدنية داخل الائتلاف وخارجه من أجل بناء التفاهمات بينهم. خلال الأسبوع الماضي، الذي فصل بين الجولة الأولى والثانية، الائتلاف فعل هذا ولا بد أن تستمر هذه العملية لأن الكثير من المطالب من المجموعات المعارضة متماثلة ونحن بحاجة إلى موافق مشتركة على هذا الأساس. وهذا جزء من بناء المصداقية والوزن للمعارضة، وعلاقتهم مع الشعب.
> بالنسبة إلى اجتماع يوم الجمعة ولقاء الإبراهيمي مع الأميركيين والروس، هل يمكن أن يتسع ليشمل الوفدين السوريين؟
- حتى الآن، أعتقد أن الفكرة هي اجتماع ثلاثي وهذه الاجتماعات مهمة جدا من أجل طرح إطار بناء للأطراف وهناك أيضا مشاركة من دول أخرى مثل الدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن وكل الدول التي كانت موجودة في مونترو يوم 22 يناير (كانون الثاني) الماضي لأننا نعرف أننا بحاجة إلى الدخول في تفاصيل من الأطراف السورية ولكن الإطار السياسي الدولي يحتاج إلى تفاهمات واتفاقية على الخطوط العريضة أو ملامح للحل. ونعرف أن بيان «جنيف1» مقبول من كل الدول، باستثناء إيران، وآمل أن تغير إيران هذا الموقف آجلا أم عاجلا.
المهم الآن فيما يخص الأجواء العامة، الأطراف جاهزة للبقاء في جنيف لجولات في المستقبل ودخلت في المواضيع الأكثر سخونة وهناك أفكار طرحتها المعارضة وسنشجع النظام على تقديم أفكاره أيضا. لذلك للمرة الأولى دخلنا في لب المشكلة ولكن بكل وضوح أود أن أقول إن هذا الموضوع صعب، دعينا ننتظر نتائج المناقشات الأولى والاجتماع الثلاثي في نهاية الأسبوع.
> عند الحديث عن ملامح الحل ومبادئ بيان «جنيف1»، هناك سؤال يطرح نفسه دائما حول مستقبل الرئيس السوري بشار الأسد والمقربين منه. كيف تتصورون هذا الحل؟
- التفسير البريطاني لمبادئ «جنيف1» معروف، نحتاج إلى اتفاق من الطرفين حول أسماء الأشخاص في الحكومة الانتقالية ولا نرى أي فرصة لبقاء الأسد والناس حوله في السلطة. لا نريد أن نتدخل أكثر في التفاصيل لأن هذه الأمور متروكة للأطراف السورية ونحتاج إلى مرونة من الطرفين. ولكن المهم أن نحافظ على مؤسسات الدولة، لذلك لا نريد حلا سياسيا مبنيا على أساس البدء من الصفر. البلاد تنقسم الآن، النظام موجود في بعض المناطق والمعارضة في مناطق أخرى، وأيضا «القاعدة» و«داعش» وجبهة النصرة في مناطق. نريد أن نحافظ على المؤسسات في كل أنحاء البلاد إذا كان ذلك ممكنا، وهناك روح استعجال في هذه المفاوضات لأنه مع مرور كل شهر، الدولة تنهار والأوضاع تتدهور. ولذلك نريد حلولا خلال الأسابيع والأشهر المقبلة، وهذا طلب مشروع من المعارضة. لا نريد عملية مفتوحة خصوصا بسبب التدهور في الأوضاع الإنسانية. حسب إحصاءات الأمم المتحدة فإن عدد السكان في سوريا من هم بحاجة إلى مساعدة إنسانية يزيد على تسعة ملايين شخص، وثلاثة ملايين منهم موجودون في مناطق صعب الوصول إليها لإدخال المساعدات الإنسانية. ولذلك هناك تحرك الآن في مجلس الأمن لإصدار قرار جديد كله من أجل تحسين الأداء للمنظمات الإنسانية على الأرض. لا نريد أزمة سياسية. كل الدول تعترف بأن الوضع الآن يتدهور وغير مقبول بما في ذلك روسيا والصين. لذلك نود أن نشجع تعاونا حول قرار يوضح الموقف الدولي وفي نهاية المطاف، مجلس الأمن مسؤول عن بلورة حلول للأزمة الإنسانية، ليس فقط للأزمات السياسية والعسكرية. سنعمل على بلورة القرار خلال الأيام المقبلة ولكن إذا كان ممكنا أن نحرز تقدما عن طريق «جنيف2» والاتصالات المباشرة على الأرض، طبعا سنرحب بأي تقدم.
> يعني إذا أحرزتم تقدما في جنيف، يمكن تأجيل طرح مشروع قرار مجلس الأمن للتصويت، خصوصا وأن روسيا أعربت أكثر من مرة عن رفضها للقرار وتلويحها باستخدام حق النقض (الفيتو)؟
- المهم أن نحقق تحسنا على الأرض. إذا أمكن إحراز تقدم أكثر عن طريق جنيف أو الاتصالات المباشرة على الأرض فأهلا وسهلا، من الممكن حينها أن نراجع مشروع القرار. ولكن من المستحيل إذا لم يحصل أي تقدم ومعاناة الشعب السوري تزداد، أن نقف مكتوفي الأيدي في ظل هذا الوضع الإنساني في البلاد.
> هل التحرك لاستصدار قرار من مجلس الأمن يأتي بسبب المشكلات التي حصلت في حمص؟
- بصراحة يساورنا القلق فيما يخص العملية في حمص. الوضع غير واضح تماما، لا بد أن نحقق ونبحث في التفاصيل ولكن هناك تقارير عن اختفاء بعض الرجال الذين خرجوا (من البلدة القديمة المحاصرة). صحيح نرحب بدخول بعض المساعدات الإنسانية ولكن هذا حق مشروع للمدنين في أي حرب، حسب القوانين الدولية. لا نؤيد فكرة وضع الشروط على دخول المساعدات الإنسانية. ولا نقبل بأي موقف يقول إنه بسبب التقدم الذي أحرز في حمص فإن ذلك يكفي، بل هذا لا يكفي.
> هناك حرص على الإبقاء على التوافق الدولي النسبي للدول دائمة العضوية في مجلس الأمن، ولكن هناك مخاوف من أن طرح قرار في مجلس الأمن حول سوريا قد يحدث شرخا بينها.
- لا نهدف إلى شرخ جديد، نريد تحسين الوضع على الأرض. إذا كأن ممكنا أن نحقق تحسنا عبر الآليات الحالية فأهلا وسهلا، ولكن الموقف البريطاني واضح بأنه لا يمكن الانتظار من دون توضيح الموقف الدولي والمسؤولية بيد مجلس الأمن. ولكن لا نهدف إلى أزمة سياسية وإن شاء الله خلال الأيام المقبلة سنحرز تقدما إما من خلال مجلس الأمن أو من خلال طرق أخرى على الأرض.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.