السويد وفنلندا تخطوان بسرعة نحو الانضمام إلى «الناتو»

توقعات بتقديم البلدين طلباً مشتركاً منتصف الشهر الجاري

TT

السويد وفنلندا تخطوان بسرعة نحو الانضمام إلى «الناتو»

تتأهب السويد وفنلندا لتقديم طلب للانضمام قريباً لحلف شمال الأطلسي (الناتو) قريباً، بحيث يرتفع عدد أعضائه إلى 32 عضواً. وتكاثرت في الأيام الأخيرة المؤشرات التي تدفع إلى هذا الاعتقاد، وآخرها تصريحات وزيرة الخارجية السويدية آن ليندي أول من أمس، التي أكدت فيها أن الحكومة السويدية سوف تقدم طلب الانضمام «بكل تأكيد».
وأشارت ليندي إلى أن فنلندا تتحضر للذهاب في الاتجاه نفسه؛ إذ أكدت، في الحديث عينه إلى التلفزيون الحكومي السويدي، أن الفنلنديين «سوف يتقدمون أيضاً بطلب الانضمام» مضيفة أن أمراً كهذا «مؤكد». بيد أن الوزيرة السويدية حذرت من أن خطوة كهذه من شأنها «إحداث تغيير في التوازن «بين الحلف الأطلسي وروسيا» بالكامل؛ مضيفة أنه في حال انضمام أي من الدولتين: «فإننا نعلم أن التوتر (مع موسكو) سوف يزداد».
وقبل ذلك، أشار نظيرها الفنلندي، بيكا هافيستو، يوم الجمعة الماضي، إلى أنه يأمل أن تعمد الدولتان إلى اتخاذ خيارات مماثلة «في الوقت نفسه». وقال مصدر دبلوماسي سويدي في باريس لـ«الشرق الأوسط» إن ما يسعى إليه البلدان هو التقدم «سريعاً جداً» بطلب مشترك للانتساب، والمرجح جداً أن يحصل ذلك «منتصف الشهر الجاري»، وفي أي حال قبل القمة الأطلسية المرتقبة في مدريد، بحر شهر يونيو (حزيران) القادم. ولا يُنتظر أن يلاقي طلب الانضمام في العاصمتين المعنيتين معارضة تذكر، بسبب التحول الكبير الذي أصاب الرأي العام في كليهما، بسبب الحرب الروسية على أوكرانيا، وفق ما تظهره استطلاعات الرأي. وحتى اليوم، كان البلدان اللذان يتمتعان بوضعية «الحياد» مطمئنين إلى أنهما في منأى عن أي مغامرة عسكرية روسية، رغم تجاربهما المرة تاريخياً مع الجار الشرقي (روسيا).
وقالت مغدالينا أندرسون، رئيسة الحكومة السويدية، في مؤتمر صحافي الأحد الماضي، إن بلادها «كانت تتمتع بوضع الدولة المحايدة طيلة 200 عام، وكان ذلك مفيداً لنا... ولذا، علينا ألا نتخذ قرار الانضمام بخفة»، مضيفة أن قراراً كهذا «مسألة بالغة الصعوبة وتحتاج لتحليل عميق للوضع». وتنتمي أندرسون إلى الحزب «الديمقراطي الاشتراكي» الذي عارض بقوة، في الماضي الالتحاق بالنادي الأطلسي.
ومن جانبها، أعلنت رئيسة الوزراء الفنلندية سانا مارين الخميس الماضي من أثينا؛ حيث كانت في زيارة رسمية، أن بلادها ستتخذ قرارها «قريباً جداً»، ورأت أن «الهدف الأساسي (للانضمام) هو ضمان السلام لفنلندا في المستقبل». وحرصت سانا مارين على إيصال رسالة إلى الحلف مفادها أنه «إذا انضمت بلادنا إليه فسوف نساهم في أمنه برمته». بمعنى أنها لن تكون عالة عليه.
ويرى الدافعون إلى التخلي عن الحياد، أن الضمانة الوحيدة لاستوكهولم وهلسنكي، بعد «التجربة» الأوكرانية، لردع روسيا عن «استنساخ» تجربتها الأوكرانية في السويد وفنلندا هي الاحتماء بالمظلة الأطلسية. وتجدر الإشارة إلى أن الدولتين المعنيتين تنتميان للاتحاد الأوروبي. ومنذ بدء الحرب في أوكرانيا، استشعرتا الخوف من عدوى الحرب، وعمدتا إلى تقديم كتاب مشترك لرئاسة الاتحاد في بروكسل، لطلب تفعيل المادة 42، الفقرة السابعة، من اتفاقية لشبونة التي تنص على ضرورة مد يد المساعدة العسكرية لأي بلد عضو في الاتحاد يتعرض لاعتداء عسكري. والحال أن هذه الضمانة ليست كافية وليست إلزامية، كما أنه لم يتم العمل بها أبداً، وهي بالتالي لا تساوي أبداً المادة الخامسة من شرعة الحلف الأطلسي التي تفعل آلياً لدى أي اعتداء يصيب أحد أعضائه. وسبق للولايات المتحدة الأميركية أن لجأت إليها بعد هجمات سبتمبر (أيلول) 2001.
حتى اليوم، كانت هلسنكي متقدمة على استوكهولم في الإجراءات الآيلة إلى التقدم بطلب رسمي إلى الحلف؛ لكن يبدو أن فنلندا قررت التريث بانتظار أن يحسم السويديون رأيهم من أجل التقدم بطلب مشترك. ونقلت صحيفة «داغنز نيهيتر» السويدية، عن مصدر في حكومة البلاد، أن «فنلندا تعمل الآن على إبطاء عمليتها». وثمة وجهة نظر تقول إن الطلب المزدوج سيساعد السويد وفنلندا على التعاطي مع ردة الفعل الروسية.
ولم تنتظر موسكو أن تصبح الأمور رسمية لتهديد العاصمتين المعنيتين بشكل مباشر؛ إذ أعلنت الخارجية الروسية أنه يتعين على استوكهولم وهلسنكي أن يتحملا «تبعات» خطوتهما، وما سينتج عنها من نسف للعلاقات الثنائية مع موسكو، أو بصدد «موضوع الأمن بشكل عام في أوروبا». كذلك فإن ديميتري مدفيديف، رئيس الجمهورية السابق ونائب رئيس المجلس القومي الروسي راهناً، حذر من أن بلاده ستكون «مضطرة» لنشر منظومات نووية في شمال غربي البلاد، أي قريباً من حدود الدولتين. وهدد مدفيديف بتعزيز إمكانيات بلاده العسكرية؛ خصوصاً النووية في بحر البلطيق وقرب بلدان شمال أوروبا. وتتخوف موسكو تحديداً من انضمام فنلندا التي تتشارك معها في 1300 كيلومتر من الحدود. وكانت الأخيرة خاضعة لحكم روسيا القيصرية، ولم تحصل على استقلالها إلا في عام 1917. وطيلة الحرب الباردة، كانت دولة محايدة، وأحد التزاماتها الامتناع عن أي قرار أو خطوة تعتبر معادية للاتحاد السوفياتي الذي انهار في عام 1991.
منذ أسابيع، يعبِّر الحلف الأطلسي الذي ينهج سياسة «الأبواب المفتوحة» عن استعداده لاستقبال فنلندا والسويد. وأكثر من مرة، رحبت واشنطن برغبة البلدين المعنيين، كذلك فعل ينس ستولتنبرغ، الأمين العام للحلف؛ حيث شدد على «الدعم القوي» لانضمام البلدين. وترى واشنطن، المعنية بالدرجة الأولى، أن توسيع الحلف في المرحلة الراهنة هو «ضمان للسلام»، وأنه لو كانت أوكرانيا عضواً فيه لما تعرضت لغزو روسي. وسبق للحلف أن فتح الباب منذ عام 2008 أمام كييف؛ إلا أن معارضة انضمامها القوية جاءت من باريس وبرلين؛ لكن أهم ما صدر مؤخراً عن سلطات الحلف هو تأكيد أمينه العام وجود إمكانية لاتخاذ «ترتيبات انتقالية» تضمن أمن البلدين خلال الفترة الفاصلة ما بين تقديم الطلب وإتمام عملية الانضمام. فقد أبدى ستولتنبرغ الخميس الماضي «ثقته» بإمكانية الوصول إلى «ترتيبات للمرحلة الانتقالية».
وما يتخوف منه الأطلسيون أن تعمد موسكو إلى القيام بأعمال استفزازية قبل اكتمال عملية الانتماء، أي في الفترة التي لا تكون المظلة الأطلسية قد نُشرت فوق فنلندا والسويد. وحتى اليوم، لم يسبق أن اتخذ الحلف إجراءات من هذا النوع، كما أن شيئاً كهذا لا تلحظه النصوص المعمول بها. وفي مكالمة هاتفية يوم 28 أبريل (نيسان)، تمت بين ستولتنبرغ والرئيس الفنلندي سولي نينيستو، قال الأخير إن أمين عام الحلف «جدد الدعم القوي لبلاده» ما يعكس قلق هلسنكي مما قد تقدم عليه موسكو في الأسابيع والأشهر القادمة. والمعروف أن مفاوضات يفترض أنم تجرى بين المرشحين للانضمام والحلف، ويفترض أن يتخذ القرار بالإجماع.
حقيقة الأمر أن موسكو لم تتأخر كثيراً للبدء في إيصال رسائلها إلى الطرفين المعنيين. فقد أعلن الجيش السويدي أن طائرة استطلاع روسية قامت بانتهاك أجواء بلاده يوم السبت الماضي، وقامت بالشيء نفسه في أجواء الدنمارك التي تنتمي للحلف. ورغم أن أحداثاً من هذا النوع ليست جديدة، فإن حصولها في هذه الفترة بالذات يطرح كثيراً من التساؤلات. وعمدت استوكهولم إلى استدعاء السفير الروسي لديها لتقديم احتجاج رسمي على انتهاك أجوائها. وكشف الجيش السويدي أن طائرتين مقاتلتين من طراز «إف 16» تدخلتا لحمل الطائرة الروسية على الخروج من الأجواء السويدية، مضيفة أن الانتهاك لم يدم إلا لفترة قصيرة.


مقالات ذات صلة

تقارير: روسيا تقيل قائداً عسكرياً في أوكرانيا بسبب تقارير مضللة

أوروبا القوات الروسية تتقدم بأسرع وتيرة بأوكرانيا منذ بدء الغزو في 2022 (تاس)

تقارير: روسيا تقيل قائداً عسكرياً في أوكرانيا بسبب تقارير مضللة

قال مدونون ووسائل إعلام روسية إن موسكو أقالت جنرالاً كبيراً في أوكرانيا لتقديمه تقارير مضللة عن تقدم في الحرب، بينما يحاول وزير الدفاع إقصاء القادة غير الأكفاء.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
العالم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين (أ.ب)

الكرملين: عقيدتنا النووية المحدَّثة إشارة إلى الغرب

قال الكرملين، الأحد، إن موسكو يجب أن ترد على التصعيد غير المسبوق الذي أثارته واشنطن، بسماحها لأوكرانيا باستخدام صواريخ بعيدة المدى يمكن أن تصل إلى قلب روسيا.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
العالم الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون يسير أمام عدد كبير من جنود بلاده (د.ب.أ)

واشنطن: القوات الكورية الشمالية ستدخل الحرب ضد أوكرانيا «قريباً»

أعلن وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن اليوم (السبت) أن بلاده تتوقع أن آلافاً من القوات الكورية الشمالية المحتشدة في روسيا ستشارك «قريباً» في القتال.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ ترمب يبحث القضايا الأمنية العالمية مع أمين عام «الناتو»

ترمب يبحث القضايا الأمنية العالمية مع أمين عام «الناتو»

التقى الأمين العام لحلف شمال الأطلسي مارك روته، الجمعة، الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب في بالم بيتش في ولاية فلوريدا، فيما يدرس تعيين مبعوث خاص لأوكرانيا.

«الشرق الأوسط» (واشنطن )
أوروبا الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في كلمته المسائية عبر الفيديو (ا.ف.ب)

زيلينسكي يتهم بوتين بارتكاب جرائم حرب «جديدة»

اتهم الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، بارتكاب جرائم حرب جديدة بعد الهجوم الصاروخي على مدينة دنيبرو بصاروخ جديد متوسط المدى.

«الشرق الأوسط» (كييف)

موسكو تلعب على التصعيد النووي في انتظار عودة ترمب إلى البيت الأبيض

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال اجتماع في موسكو 21 نوفمبر 2024 (رويترز)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال اجتماع في موسكو 21 نوفمبر 2024 (رويترز)
TT

موسكو تلعب على التصعيد النووي في انتظار عودة ترمب إلى البيت الأبيض

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال اجتماع في موسكو 21 نوفمبر 2024 (رويترز)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال اجتماع في موسكو 21 نوفمبر 2024 (رويترز)

يشكّل تحديث العقيدة النووية لروسيا الذي أعلنه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مؤخراً، تحذيراً للغرب، وفتحاً ﻟ«نافذة استراتيجية» قبل دخول الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب البيت الأبيض، وفق تحليل لصحيفة «لوفيغارو» الفرنسية.

«إن تحديث العقيدة النووية الروسية يستبعد احتمال تعرّض الجيش الروسي للهزيمة في ساحة المعركة»، بيان صادر عن رئيس الاستخبارات الخارجية الروسية، سيرغي ناريتشكين، لا يمكن أن يكون بياناً عادياً، حسب «لوفيغارو». فمن الواضح، حسب هذا التصريح الموجه إلى الغربيين، أنه من غير المجدي محاولة هزيمة الجيش الروسي على الأرض، لأن الخيار النووي واقعي. هذه هي الرسالة الرئيسة التي بعث بها فلاديمير بوتين، الثلاثاء، عندما وقّع مرسوم تحديث العقيدة النووية الروسية المعتمد في عام 2020.

ويدرك الاستراتيجيون الجيوسياسيون الحقيقة الآتية جيداً: الردع هو مسألة غموض (فيما يتعلّق باندلاع حريق نووي) ومسألة تواصل. «وفي موسكو، يمكننا أن نرى بوضوح الذعر العالمي الذي يحدث في كل مرة يتم فيها نطق كلمة نووي. ولا يتردد فلاديمير بوتين في ذكر ذلك بانتظام، وفي كل مرة بالنتيجة المتوقعة»، حسب الصحيفة. ومرة أخرى يوم الثلاثاء، وبعد توقيع المرسوم الرئاسي، انتشرت موجة الصدمة من قمة مجموعة العشرين في كييف إلى بكين؛ حيث حثّت الحكومة الصينية التي كانت دائماً شديدة الحساسية تجاه مبادرات جيرانها في ما يتصل بالمسائل النووية، على «الهدوء» وضبط النفس. فالتأثير الخارق الذي تسعى روسيا إلى تحقيقه لا يرتبط بالجوهر، إذ إن العقيدة النووية الروسية الجديدة ليست ثورية مقارنة بالمبدأ السابق، بقدر ارتباطها بالتوقيت الذي اختارته موسكو لهذا الإعلان.

صورة نشرتها وزارة الدفاع الروسية في الأول من مارس 2024 اختبار إطلاق صاروخ باليستي عابر للقارات تابع لقوات الردع النووي في البلاد (أ.ف.ب)

العقيدة النووية الروسية

في سبتمبر (أيلول) الماضي، وفي حين شنّت قوات كييف في أغسطس (آب) توغلاً غير مسبوق في منطقة كورسك في الأراضي الروسية، رد فلاديمير بوتين بتحديد أنه يمكن استخدام الأسلحة النووية ضد دولة غير نووية تتلقى دعماً من دولة نووية، في إشارة واضحة إلى أوكرانيا والولايات المتحدة. لكن في نسخة 2020 من الميثاق النووي الروسي، احتفظت موسكو بإمكانية استخدام الأسلحة الذرية أولاً، لا سيما في حالة «العدوان الذي تم تنفيذه ضد روسيا بأسلحة تقليدية ذات طبيعة تهدّد وجود الدولة ذاته».

وجاء التعديل الثاني في العقيدة النووية الروسية، الثلاثاء الماضي، عندما سمحت واشنطن لكييف باستخدام الصواريخ بعيدة المدى: رئيس الكرملين يضع ختمه على العقيدة النووية الجديدة التي تنص على أن روسيا ستكون الآن قادرة على استخدام الأسلحة النووية «إذا تلقت معلومات موثوقة عن بدء هجوم جوي واسع النطاق عبر الحدود، عن طريق الطيران الاستراتيجي والتكتيكي وصواريخ كروز والطائرات من دون طيار والأسلحة التي تفوق سرعتها سرعة الصوت». وحسب المتخصصة في قضايا الردع في المعهد الفرنسي للعلاقات الدولية (إيفري)، هيلواز فايت، فإن هذا يعني توسيع شروط استخدام السلاح النووي الروسي.

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يصافح الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب خلال اجتماع على هامش قمة مجموعة العشرين في أوساكا باليابان 28 يونيو 2019 (رويترز)

انتظار عودة ترمب

لفترة طويلة، لاحظ صقور الاستراتيجية الجيوستراتيجية الروسية أن الردع الروسي تلاشى. وبالنسبة إليهم، فقد حان الوقت لموسكو لإعادة تأكيد خطوطها الحمراء من خلال «إعادة ترسيخ الخوف» من الأسلحة النووية، على حد تعبير سيرغي كاراجانوف، الخبير الذي يحظى باهتمام فلاديمير بوتين. ةمن هذا المنظار أيضاً، يرى هؤلاء المختصون اندلاع الحرب في أوكرانيا، في 24 فبراير (شباط) 2022، متحدثين عن «عدوان» من الغرب لم تكن الترسانة النووية الروسية قادرة على ردعه. بالنسبة إلى هؤلاء المتعصبين النوويين، ينبغي عدم حظر التصعيد، بل على العكس تماماً. ومن الناحية الرسمية، فإن العقيدة الروسية ليست واضحة في هذا الصدد. لا تزال نسخة 2020 من العقيدة النووية الروسية تستحضر «تصعيداً لخفض التصعيد» غامضاً، بما في ذلك استخدام الوسائل غير النووية.

وحسب قناة «رايبار» المقربة من الجيش الروسي على «تلغرام»، فإنه كان من الضروري إجراء تحديث لهذه العقيدة؛ لأن «التحذيرات الروسية الأخيرة لم تُؤخذ على محمل الجد».

ومن خلال محاولته إعادة ترسيخ الغموض في الردع، فإن فلاديمير بوتين سيسعى بالتالي إلى تثبيط الجهود الغربية لدعم أوكرانيا. وفي ظل حملة عسكرية مكلفة للغاية على الأرض، يرغب رئيس «الكرملين» في الاستفادة من الفترة الاستراتيجية الفاصلة بين نهاية إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن ووصول الرئيس المنتخب دونالد ترمب إلى البيت الأبيض، الذي يتوقع منه بوتين مبادرات سلام محتملة لإنهاء الحرب.

يسعى بوتين، وفق الباحثة في مؤسسة «كارنيغي»، تاتيانا ستانوفايا، لوضع الغرب أمام خيارين جذريين: «إذا كنت تريد حرباً نووية، فستحصل عليها»، أو «دعونا ننهي هذه الحرب بشروط روسيا».