روسيا تجد صعوبة في جعل البحر الأسود منصة لهجوم برمائي

سفينة حربية روسية تشارك في تدريبات بالبحر الأسود قبالة شبه جزيرة القرم (أرشيفية - إ.ب.أ)
سفينة حربية روسية تشارك في تدريبات بالبحر الأسود قبالة شبه جزيرة القرم (أرشيفية - إ.ب.أ)
TT

روسيا تجد صعوبة في جعل البحر الأسود منصة لهجوم برمائي

سفينة حربية روسية تشارك في تدريبات بالبحر الأسود قبالة شبه جزيرة القرم (أرشيفية - إ.ب.أ)
سفينة حربية روسية تشارك في تدريبات بالبحر الأسود قبالة شبه جزيرة القرم (أرشيفية - إ.ب.أ)

قد تسيطر روسيا على البحر الأسود، لكن أي هجوم برمائي على الساحل الأوكراني يبدو محفوفاً بالأخطار فيما تهدد صواريخ كييف بتدمير السفن الروسية إذا اقتربت أكثر من اللازم، كما يقول خبراء لوكالة الصحافة الفرنسية.
وبحسب مصادر استخباراتية بريطانية، تنشر روسيا نحو 20 سفينة حربية في البحر الأسود حيث ميزان القوى في حالة جمود حالياً؛ إذ تمنع تركيا أي وصول لسفن تابعة لطرف يخوض نزاعاً.
وقال الناطق باسم البحرية الفرنسية الكابتن إريك لافو إن البحر الأسود بالنسبة للروس «ماري نوستروم»، وهي عبارة لاتينية تعني «بحرنا» كانت تستخدمها الإمبراطورية الرومانية لوصف البحر الأبيض المتوسط.
ولم تجعل حقيقة أن كل دول البحر الأسود الأخرى المشاطئة للبحر الأسود إما تنتمي إلى «حلف شمال الأطلسي (ناتو)» أو تأمل في الانضمام إليه، روسيا تتراجع عن ادعاءاتها بالسيادة.
على الورق، من شأن السيطرة الروسية على مدينة ماريوبول الأوكرانية الساحلية أخيراً وعلى ساحل بحر آزوف بكامله، أن تؤكد الهيمنة الروسية وتسمح لقوات موسكو بتأمين صلة لوجستية مباشرة بين مقاتليها في منطقة دونباس وميناء نوفوروسييسك الشرقي، وفق لافو.

السفينة الحربية الروسية «موسكفا» التي أغرقتها صواريخ أوكرانية (أ.ف.ب)
لكن منذ الغرق غير المتوقع للسفينة الحربية الروسية «موسكفا» الشهر الماضي، لم يعد ممكناً توقع الآتي. فقد أدى ذلك الحادث إلى حالة من عدم اليقين لدى المهاجمين على طول الخط الساحلي بين أوديسا ورومانيا الذي ما زالت تسيطر عليه أوكرانيا.
ولا يعود الفضل في ذلك إلى البحرية الأوكرانية التي دُمرت؛ بل إلى الصواريخ الأرضية، مثل «نبتون»، التي يعتقد أنها وجهت الضربة القاتلة إلى «موسكفا»، وقريباً صواريخ «هاربون» التي ستسلمها بريطانيا لأوكرانيا.
وقد يمنع ذلك موسكو من شن عملية برمائية في منطقة أوديسا بهدف محاصرة أوكرانيا وربط القوات الروسية بالانفصاليين في منطقة ترانسنيستريا المولدوفية.
وقال خبير الدفاع، إيغور ديلانوي، من «المرصد الفرنسي - الروسي»، وهو هيئة تحليل سياسي مقرها في موسكو: «تمثل تلك المنطقة تهديداً من واجب الروس أن يأخذوه في الحسبان». واقر بأن هذه الفرضية في المستقبل القريب «صعبة المنال» بالنسبة إلى الروس، محذراً من أن التقدم الروسي في منطقة دونباس قد يفسح المجال لخيارات جديدة، «لكن سيتعين عليهم تحييد الدفاعات الساحلية».
من جانبه، قال مايكل بيترسن، مدير «المعهد الروسي للدراسات البحرية» والأستاذ المساعد في «الكلية الحربية البحرية الأميركية»، إن القوات الروسية واجهت مشكلة كبيرة في تحديد مواقع صواريخ «أرض - جو» الأوكرانية وتدميرها بسبب القدرة على تغيير مواقع إطلاقها. وأضاف: «أشك في أن تكون هذه هي الحال أيضاً بالنسبة إلى أي منظومة دفاع صاروخية متحركة قد تملكها أوكرانيا»، مضيفاً أن العدد الدقيق لصواريخ «نبتون» التي يبلغ مداها نحو 300 كيلومتر، المتوافر لدى القوات الأوكرانية غير معروف.

من جهته، أشار لافو إلى أن فشل روسيا في تحقيق تفوق جوي، وعدم قدرتها الواضحة على استهداف الصواريخ بدقة، لا يساعدان في جهودها لتدمير الدفاعات الساحلية الأوكرانية. وأضاف أن ذلك سمح للمدافعين بإنشاء «حزام دفاعي بحري» وتهديد خطوط الإمداد الروسية الجنوبية بين خيرسون ونيكولاييف.
بالإضافة إلى ذلك، زرعت أوكرانيا ألغاماً، ويتوقع أن تتسلم طائرات مسيّرة بحرية وعدت بها الولايات المتحدة رغم أنه ليس من المؤكد أنها ستكون مسلحة.
وقال بيترسن: «على الأرجح؛ إذا تم تزويد أوكرانيا أنظمة ذات استخدام غير بشري، فستستخدم لتوفير المراقبة والاستطلاع لأنظمة الأسلحة».
في غضون ذلك، ذهب وزير الدفاع البريطاني بن والاس إلى حد الاعتراض على التفوق الروسي المستمر منذ قرون في البحر الأسود، وقال لشبكة «سكاي نيوز»: «الروس لا يستطيعون السيطرة على البحر الأسود. لم يعد ملكهم».
ومهما كانت نتيجة الحرب في أوكرانيا، فإن روسيا لن تتخلى عن دورها في البحر الأسود بسهولة، وفق خبراء.
لكن مع نشر دول أخرى مشاطئة لهذا البحر، خصوصاً رومانيا وتركيا، أنظمة صواريخ خاصة بها، سيصبح حفاظ موسكو على مكانتها أكثر صعوبة.
وقال بيترسن: «من المؤكد أن روسيا ستشعر بأنها أقل أمناً في البحر الأسود مما كانت عليه قبل الحرب».


مقالات ذات صلة

الغرب يعاقب بيونغ يانغ لدعمها موسكو في حرب أوكرانيا

الولايات المتحدة​ الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون في بيونغ يانغ في 19 يونيو الماضي (أ.ب)

الغرب يعاقب بيونغ يانغ لدعمها موسكو في حرب أوكرانيا

استهدفت واشنطن وعواصم غربية النشاطات المالية لكل من كوريا الشمالية وروسيا بعقوبات جديدة هدفهما تعطيل تعاونهما العسكري ودعم بيونغ يانغ لحرب روسيا في أوكرانيا.

علي بردى (واشنطن)
الولايات المتحدة​ ازدياد القلق من أيّ دعم سياسي أو عسكري أو اقتصادي قد تقدّمه روسيا لبرنامج التسلّح غير القانوني لكوريا الشمالية (إ.ب.أ)

أميركا ودول أوروبية تندد بتوطيد العلاقات العسكرية بين موسكو وبيونغ يانغ

حذّرت الولايات المتحدة وحلفاؤها من أن الدعم «المباشر» الذي تقدّمه كوريا الشمالية لروسيا في أوكرانيا يشكّل «توسّعاً خطراً» للنزاع.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
أوروبا الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يتحدث خلال اجتماع موسع لمجلس وزارة الدفاع في موسكو الاثنين (أ.ب)

بوتين يحدد أولويات بلاده... مواصلة الحسم العسكري وتعزيز التحالفات في مواجهة أميركا

أوجز الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الاثنين، مجريات العام الحالي على خطوط المواجهة في أوكرانيا وعدّه «عاماً تاريخياً».

رائد جبر (موسكو)
أوروبا جندي أوكراني على خط المواجهة مع القوات الروسية في منطقة دونيتسك (رويترز)

روسيا تسيطر على بلدات استراتيجية في شرق أوكرانيا

أعلنت روسيا، الأحد، أن قواتها سيطرت على بلدات في منطقتين رئيسيتين تقعان على خط الجبهة في شرق أوكرانيا، فيما يتقدم جيشها باتجاه مدينتين استراتيجيتين.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
أوروبا أرشيفية لأحد مباني مدينة بيلغورود الروسية عقب استهدافها بمسيرة أوكرانية (إ.ب.أ)

 روسيا تعلن تدمير 15 طائرة مسيرة أوكرانية خلال الليل

قالت وزارة الدفاع الروسية، اليوم (الأحد)، إن أنظمة الدفاع الجوي الروسية دمرت 15 طائرة مسيرة أوكرانية خلال الليل.

«الشرق الأوسط» (موسكو)

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

TT

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)

وجّه الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) مارك روته، الخميس، تحذيراً قوياً بشأن ضرورة «زيادة» الإنفاق الدفاعي، قائلاً إن الدول الأوروبية في حاجة إلى بذل مزيد من الجهود «لمنع الحرب الكبرى التالية» مع تنامي التهديد الروسي، وقال إن الحلف يحتاج إلى التحول إلى «عقلية الحرب» في مواجهة العدوان المتزايد من روسيا والتهديدات الجديدة من الصين.

وقال روته في كلمة ألقاها في بروكسل: «نحن لسنا مستعدين لما ينتظرنا خلال أربع أو خمس سنوات»، مضيفاً: «الخطر يتجه نحونا بسرعة كبيرة»، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وتحدّث روته في فعالية نظمها مركز بحثي في بروكسل تهدف إلى إطلاق نقاش حول الاستثمار العسكري.

جنود أميركيون من حلف «الناتو» في منطقة قريبة من أورزيسز في بولندا 13 أبريل 2017 (رويترز)

ويتعين على حلفاء «الناتو» استثمار ما لا يقل عن 2 في المائة من إجمالي ناتجهم المحلي في مجال الدفاع، لكن الأعضاء الأوروبيين وكندا لم يصلوا غالباً في الماضي إلى هذه النسبة.

وقد انتقدت الولايات المتحدة مراراً الحلفاء الذين لم يستثمروا بما يكفي، وهي قضية تم طرحها بشكل خاص خلال الإدارة الأولى للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.

وأضاف روته أن الاقتصاد الروسي في «حالة حرب»، مشيراً إلى أنه في عام 2025، سيبلغ إجمالي الإنفاق العسكري 7 - 8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد - وهو أعلى مستوى له منذ الحرب الباردة.

وبينما أشار روته إلى أن الإنفاق الدفاعي ارتفع عما كان عليه قبل 10 سنوات، عندما تحرك «الناتو» لأول مرة لزيادة الاستثمار بعد ضم روسيا شبه جزيرة القرم من طرف واحد، غير أنه قال إن الحلفاء ما زالوا ينفقون أقل مما كانوا ينفقونه خلال الحرب الباردة، رغم أن المخاطر التي يواجهها حلف شمال الأطلسي هي «بالقدر نفسه من الضخامة إن لم تكن أكبر» (من مرحلة الحرب الباردة). واعتبر أن النسبة الحالية من الإنفاق الدفاعي من الناتج المحلي الإجمالي والتي تبلغ 2 في المائة ليست كافية على الإطلاق.

خلال تحليق لمقاتلات تابعة للـ«ناتو» فوق رومانيا 11 يونيو 2024 (رويترز)

وذكر روته أنه خلال الحرب الباردة مع الاتحاد السوفياتي، أنفق الأوروبيون أكثر من 3 في المائة من ناتجهم المحلي الإجمالي على الدفاع، غير أنه رفض اقتراح هذا الرقم هدفاً جديداً.

وسلَّط روته الضوء على الإنفاق الحكومي الأوروبي الحالي على معاشات التقاعد وأنظمة الرعاية الصحية وخدمات الرعاية الاجتماعية مصدراً محتملاً للتمويل.

واستطرد: «نحن في حاجة إلى جزء صغير من هذه الأموال لجعل دفاعاتنا أقوى بكثير، وللحفاظ على أسلوب حياتنا».