الدراما المصرية... بدايات وأفكار قوية أضعفها «التطويل»

نيللي كريم في إحدى لقطات مسلسل «فاتن أمل حربي» (الشرق الأوسط)
نيللي كريم في إحدى لقطات مسلسل «فاتن أمل حربي» (الشرق الأوسط)
TT

الدراما المصرية... بدايات وأفكار قوية أضعفها «التطويل»

نيللي كريم في إحدى لقطات مسلسل «فاتن أمل حربي» (الشرق الأوسط)
نيللي كريم في إحدى لقطات مسلسل «فاتن أمل حربي» (الشرق الأوسط)

بعد انتهاء موسم «دراما رمضان» في مصر لعام 2022. يمكن للمتابع الخروج بعدد من الملاحظات العامة والسمات الأساسية لهذا الماراثون الدرامي الذي يعد الأهم، والتي كان من أبرزها تراجع مسلسلات الحركة والجريمة وما تتضمنه من تشويق وإثارة، في ظل اتجاه أبرز نجوم هذا اللون إلى الدراما الاجتماعية ذات الأبعاد النفسية والإنسانية هذا العام، كما حدث مع عمرو سعد في «توبة» ومحمد رمضان في «المشوار». أما النجم أمير كرارة الذي سبق وتألق في مشاهد الحركة عبر مسلسلي «الاختيار 1» و«نسل الأغراب»، فقد فضّل القيام بدور ضابط مخابرات مصري يستهدف الخلايا الإرهابية في «العائدون» عبر شخصية تميل إلى استخدام الذكاء أكثر من توظيف العضلات.
وباستخدام التعبير الشهير في عالم كرة القدم، يمكن القول إن «القادمين من الخلف إلى الأمام» صنعوا الفارق في هذا الموسم على غرار مسلسل «بطلوع الروح»، الذي عرض في النصف الثاني من الشهر عبر 15 حلقة فقط واستطاع تحقيق المعادلة الصعبة بين المشاهدة الجماهيرية المكثفة، والاحتفاء النقدي اللافت. كما استطاع الجزء السادس من مسلسل «الكبير أوي» تحقيق المفاجأة، إذ استقطب قطاعاً كبيراً من الجمهور المصري وخصوصاً الشباب، حيث تصدرت بعض حلقاته «الترند» أكثر من مرة على غرار حلقة حفل زفاف (الكبير أوي ومربوحة)، وحلقات مهرجان المزاريطة السينمائي الدولي الذي حقق تفاعلاً لافتاً في الوسط الفني المصري والإعلامي، لدرجة أنه تم المطالبة بتحويل هذه المشاهد الخيالية إلى وقع بعد انتهاء المسلسل، وتدشين مهرجان سينمائي واقعي يحمل الاسم نفسه من فرط الإعجاب بالمشاهد والفكرة.

                                               أمير كرارة في لقطة من برومو مسلسل {العائدون} (الشرق الأوسط)
وحقق مسلسل «الاختيار3... القرار» تفاعلاً لافتاً على مدار حلقاته، لا سيما أنه يتصدى لحقبة مهمة من تاريخ مصر، وهي وصول تنظيم الإخوان إلى سدة الحكم في مصر، قبل اندلاع ثورة 30 يونيو (حزيران) 2013. ضد حكمهم، كما حققت بعض التسريبات المسجلة التي تضمنتها حلقات المسلسل ردوداً سياسية وفنية واسعة، ونال الفنان ياسر جلال، إشادات عدة لإتقانه شخصية وزير الدفاع عبد الفتاح السيسي خلال تلك الفترة.
فيما اختلط الجدل الفني بالجدل الاجتماعي والقانوني، عبر مسلسل «فاتن أمل حربي»، الذي حظي بمتابعة كبرى وتعليقات متنوعة على وسائل التواصل بسبب تناوله الجريء لقضية قانون الأحوال الشخصية وعدم إنصافه للمرأة في العديد من القضايا مثل الطلاق وحضانة الأم لأبنائها.
ويرى الناقد الفني المصري، محمود عبد الشكور، أنه بشكل عام، يعد هذا الموسم أفضل من الموسم الماضي من حيث تنوع الأفكار، وجرأة التناول، ووجود مسلسلات مهمة، وارتفاع مستوى العناصر الفنية، وخصوصاً التمثيل، مما يشير إلى وجود طفرة حقيقية في الصناعة، ولكن تكمن المشكلة في ضعف السيناريو وفي التطويل غير المبرر نتيجة وجود ثلاثين حلقة، على نحو أضر بالمستوى الفني كثيراً، منوهاً بتجارب الـ15 حلقة كما في مسلسلي «مين قال»، و«بطلوع الروح». ويوضح عبد الشكور في تصريح خاص إلى «الشرق الأوسط»، قائلاً: «يعد مسلسل (المشوار) من أكثر الأعمال المخيبة للآمال، فقد بدأ قوياً ثم تراجع بسبب وجود مشكلات واضحة في الكتابة، كما يبدو أن العمل تأثر سلباً أيضاً بمشكلات ضغط الوقت وكتابة الحلقات في اللحظات الأخيرة، أثناء شهر رمضان، فضلاً عن تعدد وحدات التصوير التي كانت تعمل تقريباً في وقت واحد. ويعتبر عبد الشكور «جزيرة غمام» العمل الأكثر نضجاً واكتمالاً، إذ قدم فيه المؤلف عبد الرحيم كمال، رؤية مستنيرة وروحانية للدين، وعلاقته بالمجتمع، كما وضع فيه المخرج حسين المنباوي نفسه في خانة الكبار بهذا العمل، وكذلك مدير التصوير الشاب إسلام عبد السميع، الذي قدم لوحات رائعة تمثل صراع الخير والشر والنور والظلام، بالإضافة إلى عناصر الديكور والموسيقى والملابس، بجانب إجادة كل الممثلين خصوصاً أحمد أمين، الذي قدم دور عمره «الشيخ عرفات» بزهده وعفويته، وكذلك طارق لطفي في دور «خلدون» ومي عز الدين في دور «العايقة» ورياض الخولي في دور «عجمي». على حد تعبيره. وعن مسلسل «أحلام سعيدة» يقول عبد الشكور إنه «دراما اجتماعية جيدة كتبتها هالة خليل، وأتاحت ليسرا وغادة عادل تقديم نماذج نسائية حقيقية كما قدم آخرون أدواراً مميزة مثل نبيل نور الدين، وشيماء سيف وعماد رشاد، لكن تظل المشكلة في التطويل وهبوط إيقاع الحلقات وطول بعض المشاهد، وهو ما ينطبق كذلك على مسلسل (فاتن أمل حربي) كعمل مهم وجريء في تناوله للقوانين المجحفة بحق الأسرة المصرية، مع دور ممتاز لنيللي كريم وأدوار لافتة لهالة صدقي وخالد سرحان ومحمد ثروت وعناصر جيدة كالموسيقى وأغنية التتر لكن تظل المشكلة في الوقوع في فخ التطويل كالعادة.

                                                                       لقطة من مسلسل {الكبير أوي 6}
ومن أبرز الظواهر اللافتة في هذا الموسم فكرة «الثنائيات» التي ظهرت بقوة في عدد من الأعمال أبرزها إلهام شاهين ومنة شلبي في مسلسل «بطلوع الروح»، حيث قائدة لواء الخنساء في «داعش» تواجه فتاة حالمة رقيقة تُجبر على الانضمام إلى التنظيم المتطرف، ورغم أن الاثنتين تحملان الجنسية المصرية، فإن التناقض بينهما صارخ رغم أنه يبدو ظاهرياً، وهناك أمير كرارة وأمينة خليل في «العائدون»، علماً بأن الاثنين سبق وشكلا ثنائياً ناجحاً في مسلسل آخر «طرف ثالث»، ومن الثنائيات اللافتة أيضاً طارق لطفي ومي عز الدين في «جزيرة غمام»، اللذان ظهرا في دورين جديدين عليهما تماماً، حيث عالم الغجر في صعيد مصر... شخصيتان تستعينان بالمكر والدهاء لتحقيق أكبر قدر من المكاسب في محيط اجتماعي ونفسي غير مرحب بهما. وهناك أيضا آسر ياسين وأحمد داود في «سوتس بالعربي»، حيث تبدو المفارقة واضحة بين المحامي صاحب الخبرة والنجاحات الكبرى، وبين نظيره الأكثر حداثة سناً وتجربة لكنه يطمح إلى تجاوز أستاذه والتفوق عليه.

                                                   روبي ومي عمر في «رانيا وسكينة» (الشرق الأوسط)
فيما تعد مي عمر وروبي أحدث ثنائي كوميدي نسائي في مسلسل «رانيا وسكينة»، الذي اعتمد على التناقض في المستوى الثقافي والاجتماعي بين سيدتين هاربتين من الشرطة والعصابات المجرمة تواجهان العديد من المآزق المتوالية.



إشادة بانفتاح السعودية على تقديم الفن الراقي

نجوم حفل روائع الموجي في ضيافة المستشار تركي آل الشيخ «فيسبوك»
نجوم حفل روائع الموجي في ضيافة المستشار تركي آل الشيخ «فيسبوك»
TT

إشادة بانفتاح السعودية على تقديم الفن الراقي

نجوم حفل روائع الموجي في ضيافة المستشار تركي آل الشيخ «فيسبوك»
نجوم حفل روائع الموجي في ضيافة المستشار تركي آل الشيخ «فيسبوك»

شهدت الرياض وجدة فعاليات مسرحية وغنائية عقب انتهاء شهر رمضان، انطلقت مع عيد الفطر واستقطبت مشاركات مصرية لافتة، منها مسرحية «حتى لا يطير الدكان»، من بطولة الفنانَيْن أكرم حسني ودرة، في موسمها الثاني على مسرح «سيتي ووك جدة»؛ إلى عرض ستاند أب كوميدي «ذا إيليت» المقام على «مسرح محمد العلي» بالرياض، بينما شاركت الفنانة المصرية أنغام بحفلات «عيد القصيم»، والفنان عمرو دياب بحفلات «عيد جدة».
وتشهد العاصمة السعودية حفل «روائع الموجي»، الذي تحييه نخبة من نجوم الغناء، بينهم من مصر، أنغام وشيرين عبد الوهاب ومي فاروق، بالإضافة إلى نجوم الخليج ماجد المهندس وعبادي الجوهر وزينة عماد، مع صابر الرباعي ووائل جسار، بقيادة المايسترو وليد فايد وإشراف فني يحيى الموجي، ومشاركة الموسيقار رمزي يسى.
عن هذا الحفل، يعلّق الناقد الفني المصري طارق الشناوي لـ«الشرق الأوسط»: «نشجّع تكريس الكلمة الرائعة والنغم الأصيل، فحضور نجوم مصر في فعاليات المملكة العربية السعودية، يشكل حالة تكامل من الإبداع»، معرباً عن غبطته بمشهدية الزخم الفني، التي يواكبها في الرياض وجدة.
ووفق «جمعية المؤلفين والملحنين الرسمية» في مصر، ورصيد محمد الموجي، صاحب مقولة «أنا لا أعمل كالآلة تضع فيها شيئاً فتخرج لحناً؛ إنها مشاعر وأحاسيس تحتاج إلى وقت ليخرج اللحن إلى النور»، قد وصل إلى 1800 لحن، ليعلّق رئيسها مدحت العدل لـ«الشرق الأوسط» بالتأكيد على أنّ «الاحتفاء بالرموز الفنية من (الهيئة العامة للترفيه)، كاحتفالية الموجي، أمر غاية في الرقي ويدعو للفخر»، موجهاً التقدير للجميع في المملكة على النهضة الفنية الكبيرة.
واستكمالاً لسلسلة الفعاليات الفنية، فإنّ مدينة جدة على موعد مع حفلين للفنان تامر عاشور يومي 5 و6 مايو (أيار) الحالي، بجانب حفل الفنانَيْن محمد فؤاد وأحمد سعد نهاية الشهر عينه. وعن المشاركات المصرية في الفعاليات السعودية، يشير الناقد الموسيقي المصري محمد شميس، إلى أنّ «القائمين على مواسم المملكة المختلفة يحرصون طوال العام على تقديم وجبات فنية ممتعة ومتنوعة تلائم جميع الأذواق»، مؤكداً أنّ «ما يحدث عموماً في السعودية يفتح المجال بغزارة لحضور الفنانين والعازفين والفرق الموسيقية التي ترافق النجوم من مصر والعالم العربي». ويلفت شميس لـ«الشرق الأوسط» إلى أنّ «هذا التنوع من شأنه أيضاً إتاحة مجال أوسع للمبدعين العرب في مختلف الجوانب، التي تخصّ هذه الحفلات، وفرصة لاستقطاب الجمهور للاستمتاع بها بشكل مباشر أو عبر إذاعتها في القنوات الفضائية أو المنصات الإلكترونية»، معبّراً عن سعادته بـ«الحراك الفني الدائم، الذي تشهده المملكة، بخاصة في الفن والثقافة وتكريم الرموز الفنية والاحتفاء بهم».
وشهد «مسرح أبو بكر سالم» في الرياض قبيل رمضان، الحفل الغنائي «ليلة صوت مصر»، من تنظيم «الهيئة العامة للترفيه»، احتفالاً بأنغام، إلى تكريم الموسيقار المصري هاني شنودة في حفل بعنوان «ذكريات»، شارك في إحيائه عمرو دياب وأنغام، بحضور نخبة من نجوم مصر، كما أعلن منذ أيام عن إقامة حفل للفنانة شيرين عبد الوهاب بعنوان «صوت إحساس مصر».
مسرحياً، يستعد الفنان المصري أحمد عز لعرض مسرحيته «هادي فالنتين» في موسمها الثاني، ضمن فعاليات «تقويم جدة» على مسرح «سيتي ووك‬» بين 3 و6 مايو (أيار) الحالي. وعنه كان قد قال في حوار سابق مع «الشرق الأوسط»، إنّ «الحراك الثقافي الذي تشهده المملكة يفتح آفاقاً وفرصاً متنوعة للجميع لتقديم المزيد من الفن الراقي».