الكتل السياسية العراقية تستعد لـ«ماراثون» ما بعد مهلة الصدر

ترقب لمبادرة من مسعود بارزاني

أحد أتباع الصدر في بغداد يصلي أمام ملصق لزعيم التيار الصدري في مارس الماضي (أ.ف.ب)
أحد أتباع الصدر في بغداد يصلي أمام ملصق لزعيم التيار الصدري في مارس الماضي (أ.ف.ب)
TT

الكتل السياسية العراقية تستعد لـ«ماراثون» ما بعد مهلة الصدر

أحد أتباع الصدر في بغداد يصلي أمام ملصق لزعيم التيار الصدري في مارس الماضي (أ.ف.ب)
أحد أتباع الصدر في بغداد يصلي أمام ملصق لزعيم التيار الصدري في مارس الماضي (أ.ف.ب)

توشك مهلة زعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر، التي منحها لخصومه في الإطار التنسيقي الشيعي، على الانتهاء. فبعد عطلة العيد التي بدأت في العراق من أمس (الأحد) وتنتهي في الثامن من مايو (أيار) الحالي، تترقب الأوساط السياسية ما سوف يصدر عن الصدر من موقف حيال ملف تشكيل الحكومة الذي تأخر كثيراً، والذي تم بسببه خرق كل المدد الدستورية اللازمة.
وبينما يبقى موقف الصدر الذي ينتظره الجميع، وليس بوسع أحد توقعه حتى أقرب المقربين إليه، هو الفيصل إلى حد كبير، فإنه وطبقاً لما صدر عن قياديين في الحزب الديمقراطي الكردستاني، فإن زعيم الحزب مسعود بارزاني سوف يقوم بإطلاق مبادرة بعد العيد تستهدف المساهمة في فتح الانسداد السياسي. وبينما أصدر الإطار التنسيقي، وهو الخصم الشيعي الرئيس للصدر ولتحالفه الثلاثي الذي يضم الحزب الديمقراطي الكردستاني وتحالف السيادة السني، فإن الصدر لم يتعامل مع أي مبادرات أو أفكار صدرت عن الإطار التنسيقي طوال الشهر الماضي من منطلق أن مهلة الصدر كانت تهدف إلى منحهم فرصة لتشكيل الحكومة.
وطبقاً للأوزان الانتخابية، فإن تحالف الصدر الثلاثي «إنقاذ وطن» يملك الأغلبية التي تؤهله لتشكيل الحكومة كونه يملك النصف زائد واحد، لكنه لا يملك أغلبية الثلثين اللازمة لانتخاب رئيس الجمهورية طبقاً للتفسير الأخير للمحكمة الاتحادية العليا. وكان تحالف الصدر قد فشل عبر ثلاث جلسات للبرلمان، في جمع العدد اللازم من النواب لانتخاب الرئيس (220 نائباً)، حيث أقصى ما تمكن من جمعه في ثاني جلسة كان 202 نائب. وبينما أعد العدة في الجلسة الثالثة لزيادة العدد بما يحقق النصاب الكلي لتمرير مرشحه لرئاسة الجمهورية عن الحزب الديمقراطي الكردستاني ريبر أحمد، فإنه لم يتمكن ليس في الحفاظ على العدد الذي كان ضمنه في الجلسة الثانية، بل لم يتمكن في الجلسة الثالثة من جمع أكثر من 170 نائباً، الأمر الذي دعا الصدر إلى إعلان الاعتكاف ومنح الفرصة لخصومه لتشكيل الحكومة.
لكن خصومه في الإطار التنسيقي الذي يضم أبرز القوى الشيعية القريبة من إيران (دولة القانون بزعامة نوري المالكي، والفتح بزعامة هادي العامري، وعصائب أهل الحق بزعامة قيس الخزعلي، وتيار الحكمة بزعامة عمار الحكيم، وعدد من الفصائل المسلحة) لا يملك هو الآخر العدد الكلي لانتخاب رئيس الجمهورية، ومن ثم تشكيل الحكومة، لكنه يملك «الثلث المعطل» الذي تمكن بموجبه من تعطيل خطوات الصدر لتشكيل الحكومة.
ويتمحور أصل الخلاف الشيعي - الشيعي حول الكتلة الأكبر التي ترشح رئيساً للوزراء، فيما يدور الخلاف الكردي - الكردي حول أحقية أي من الحزبين الكرديين (الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني) في منصب رئيس الجمهورية. ويرى الاتحاد الوطني الكردستاني برئاسة بافل طالباني، أنه الأحق بمنصب رئيس الجمهورية كون شريكه في الإقليم الكردي، الحزب الديمقراطي الكردستاني، يحتكر كل مناصب الإقليم السيادية (رئاسة الإقليم والحكومة والبرلمان). وفي المقابل يرى الحزب الديمقراطي الكردستاني أنه حان الوقت لكسر احتكار منصب رئيس الجمهورية لدى حزب الاتحاد الوطني.
وطبقاً لطبيعة التحالفات الجديدة، لا سيما دعوة مقتدى الصدر إلى تشكيل حكومة أغلبية وطنية مقابل إصرار «الإطار التنسيقي» المدعوم من إيران على تشكيل حكومة توافقية، فإن منصب رئيس الجمهورية تحول إلى عقدة مرتين؛ مرة بسبب تفسير المحكمة الاتحادية التي حددت الفوز بأغلبية الثلثين، ومرة ثانية بسبب التحالفات التي أدت إلى اختلال التوازن بين الكتل السياسية.
وفي هذا السياق وفي الوقت الذي تتجه الأنظار إلى الحنانة بالنجف، وهي مقر زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر بعد نهاية مهلة شوال، فإن الأنظار تتجه أيضاً إلى أربيل في انتظار ما قد يصدر من زعيم الحزب الديمقراطي الكردستاني مسعود بارزاني من مبادرة. وفي حال تضمنت مبادرة بارزاني تنازلاً من الحزب الديمقراطي الكردستاني عن منصب رئيس الجمهورية، ومنحه للاتحاد الوطني الكردستاني ومرشحه الرئيس الحالي برهم صالح، فإن أهم عقدة سوف تزال أمام إمكانية تشكيل الحكومة، لأن رئيس الجمهورية سوف يتم تمريره بالتوافق. لكن إذا تضمنت المبادرة إصراراً على التمسك بالمنصب، فإن الأزمة سوف تبقى مستمرة، لأن الخلاف الشيعي - الشيعي حول الكتلة الأكبر سوف يبقى قائماً. وبينما يريدها الصدر عابرة للمكوناتية عبر تحالفه العابر الذي يضم أكراداً وسنة، فإن الإطار التنسيقي سيبقى ممسكاً بالثلث المعطل القادر على منع انتخاب رئيس الجمهورية، وذلك لعدم قدرة أي طرف من دون توافق على جمع أغلبية الثلثين.



انقلابيو اليمن يبطشون بصغار الباعة في ذمار

اتهامات لجماعة الحوثي بتعمد البطش بالسكان في ذمار (إكس)
اتهامات لجماعة الحوثي بتعمد البطش بالسكان في ذمار (إكس)
TT

انقلابيو اليمن يبطشون بصغار الباعة في ذمار

اتهامات لجماعة الحوثي بتعمد البطش بالسكان في ذمار (إكس)
اتهامات لجماعة الحوثي بتعمد البطش بالسكان في ذمار (إكس)

تواصلاً لمسلسل انتهاكات الجماعة الحوثية الذي كانت بدأته قبل أسابيع في صنعاء وإب، وسّعت الجماعة من حجم بطشها بصغار التجار وبائعي الأرصفة في أسواق محافظة ذمار وشوارعها، وفرضت عليهم دفع إتاوات تحت مسميات غير قانونية. وفق ما ذكرته مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط».

وأكدت المصادر أن الحملات التي شارك فيها مسلحون حوثيون مدعومون بعربات عسكرية وجرافات وشاحنات، جرفت المتاجر الصغيرة وصادرت 40 عربة لبائعين متجولين بما فيها من بضائع في مدينة ذمار وعلى طول الشارع العام الرابط بين صنعاء ومحافظتي إب وتعز.

جانب من حملة حوثية استهدفت السكان وممتلكاتهم في ذمار (فيسبوك)

وجاءت الحملة التعسفية بناءً على مخرجات اجتماع ضم قيادات حوثية تُدير شؤون محافظة ذمار، (100 كيلومتر جنوب صنعاء) نصت على قيام ما تسمى مكاتب الأشغال العامة والمرور وصندوق النظافة والتحسين وإدارة أمن ذمار باستهداف صغار الباعة في المدينة وضواحيها قبيل انتهاء العام الحالي.

وبرّرت الجماعة الانقلابية حملتها بأنها للحفاظ على ما تسميه المنظر العام للشوارع، وإزالة العشوائيات والاختناقات مع زعمها بوجود مخالفات.

واشتكى مُلاك متاجر صغيرة، طالهم التعسف الحوثي لـ«الشرق الأوسط»، من ابتزاز غير مسبوق على أيدي مشرفين ومسلحين يجمعون إتاوات بالقوة تحت مسميات عدة.

وذكروا أن مسلحي الجماعة دهموا شوارع وأسواق شعبية في مناطق عدة بذمار، وباشروا بجرف المتاجر ومصادرة عربات البائعين واعتقلوا العشرات منهم عقب رفضهم دفع مبالغ مالية «تأديبية».

وأجبر الوضع المتردي كثيراً من السكان في ذمار ومدن أخرى تحت سيطرة الجماعة على العمل بمختلف المهن، حيث يعجّ الشارع الرئيسي للمدينة وشوارع فرعية أخرى منذ سنوات عدة بآلاف العاملين بمختلف الحِرف جُلهم من الشباب والأطفال والنساء؛ أملاً في توفير لقمة العيش.

انتهاكات ممنهجة

ويصف عبد الله (30 عاماً) وهو مالك متجر صغير، ما يتعرض له صغار الباعة من حرب شعواء من قِبل الجماعة الحوثية بأنه «انتهاكات ممنهجة» بقصد التضييق عليهم ودفعهم إلى الالتحاق ببرامج التعبئة العسكرية.

ويشير مراد، وهو مالك عربة متجولة إلى أنه تمكن من استعادة عربته من بين أيدي عناصر حوثيين بعد مصادرتها مع عربات بائعين آخرين في سوق شعبية وسط المدينة، وأكد أن ذلك جاء بعد استجابته بدفع مبلغ مالي لمسلح يُشرف على تنفيذ الحملة الاستهدافية.

الحوثيون صادروا عربات باعة بزعم التهرب من دفع إتاوات (فيسبوك)

وليست هذه المرة الأولى التي تستهدف فيها الجماعة صغار الباعة بذمار، فقد سبق لها أن نفذت منذ مطلع العام الحالي ما يزيد على 6 حملات للبطش والتنكيل بالمئات منهم؛ بغية إرغامهم على دفع إتاوات.

وكان الانقلابيون الحوثيون أطلقوا قبل نحو شهر حملة استهدفت بالتعسف والابتزاز تجاراً وبائعين في سوق «المثلث» بمدينة ذمار، أسفر عنها جرف متاجر صغيرة ومصادرة عربات وإتلاف بضائع.

وسبق للباعة الجائلين أن طالبوا مرات عدة سلطات الانقلاب في ذمار بتوفير أسواق بديلة لهم، بدلاً من الحملات التي تُشنّ عند كل مناسبة طائفية بهدف جمع أكبر قدر من المال.