تكرس موجة الجفاف الشديد وقلة الأمطار خلال فصل الشتاء التوقعات المناخية المتشائمة بالنسبة لعديد من القطاعات الحيوية في العراق؛ خصوصاً في جانبها الزراعي الذي بدا تأثره الشديد بذلك، من خلال تراجع إنتاج المحاصيل الزراعية الاستراتيجية، كالحنطة والشعير، إلى النصف تقريباً. وقد ارتفعت إلى الضعف أسعار الطن الواحد من تلك المحاصيل خلال الأشهر الأخيرة، طبقاً لبعض الإحصاءات الرسمية.
كما عززت موجات الغبار والعواصف الترابية المتواصلة منذ أسابيع في معظم محافظات البلاد وكرست التوقعات المتشائمة بشأن المناخ، إذ تبدو موجات العواصف الرملية كأنها «شاهد إثبات» على ما يمكن أن تأتي به الظروف المناخية من تأثيرات سلبية على البلاد؛ خصوصاً في ظل تعثر المسار السياسي، وما يعانيه من انسداد بعد تأخر تشكيل الحكومة لأكثر من نصف عام.
في غضون ذلك، تعرضت أنحاء العراق أمس الأحد لعاصفة ترابية هي السادسة خلال شهر، أدت إلى إغلاق مطاري بغداد والنجف الدوليين وتعطيل الرحلات الجوية، في ظاهرة يزداد تكرارها. وغطّت سحب من الغبار أغلب مناطق جنوب العراق، بينها العاصمة بغداد، ويتوقع أن تستمر لبضعة أيام، وفقاً لدائرة الأرصاد الجوية العراقية.
وأعلنت إدارة مطار بغداد عن «توقف الحركة الجوية ليوم أمس، بسبب سوء الأحوال الجوية وتدني مدى الرؤية إلى أقل من 500 متر».
وموجة الجفاف الممتدة لثلاثة مواسم لا تفسر وحدها مشكلة المناخ وتحولاته السلبية المتسارعة في العراق؛ بل يمكن النظر أيضاً إلى مشكلات العراق المائية مع دول الجوار، تركيا وإيران، بوصفها عوامل لا تقل أهمية، وتساهم في عمليات الجفاف والتصحر التي تأكل سنوياً آلاف الدوانم والأراضي الزراعية.
وإلى جانب تأثيرات السدود المائية التي أقامتها تركيا على منابع نهري دجلة والفرات وانعكاساتها الكارثية على حصص العراق المائية، يشتكي العراق منذ سنوات من الجارة الإيرانية التي تقوم بحرف مسارات الأنهر الواصلة للعراق إلى داخل أراضيها، وقد لوحت وزارة الموارد المائية خلال الأشهر الأخيرة مرات عديدة بتدويل قضية المياه مع أنقرة وطهران.
وقال مدير عام المركز الوطني لإدارة الموارد المائية، حميد حسين، في تصريحات أمس، إن «إيران بدأت بإنشاء سدود، ما أثر على الإيرادات المائية إلى العراق، وقامت بإنشاء نفق يحول المياه من حوض ديالى إلى حوض الكرخة، ما أثر كثيراً على هذه الإيرادات. وخلال السنتين الماضيتين بدأنا نلاحظ تغيّراً ملحوظاً بإيرادات نهر ديالى، بالإضافة إلى التغيّر المناخي في المنطقة خلال السنوات الثلاث الماضية وشحة الإيرادات المائية».
وتظهر صورة متداولة تناقصاً حاداً في مناسيب نهر ديالى وبحيرة حمرين وانخفاضهما إلى أقل من النصف قياساً بالسنوات الماضية، إلى جانب تراجع مناسيب سد دربندخان في إقليم كردستان، وتتغذى هذه الأنهر والبحيرات والسدود من المياه الواردة من الأراضي الإيرانية.
ويعد العراق من الدول الخمس الأكثر عرضة لتغير المناخ والتصحر في العالم؛ خصوصاً بسبب ازدياد الجفاف مع ارتفاع درجات الحرارة التي تتجاوز في أيام من فصل الصيف 50 درجة مئوية. وحذر البنك الدولي في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي من انخفاض بنسبة 20 في المائة في الموارد المائية للعراق بحلول عام 2050، بسبب التغير المناخي.
أما الموجة الترابية التي بدأت أمس، فقد صبغت سماء بغداد و5 محافظات أخرى باللون الأحمر الناجم عن حمرة الرمال التي حملتها العواصف من مناطق غرب البلاد الرملية والتي تتأثر بدورها بمنخفض أفريقي، بحسب هيئة الأنواء الجوية العراقية. وتوقعت الهيئة في بيان استمرار العواصف الترابية خلال الأيام القليلة المقبلة، قائلة: «امتداد المنخفض الجوي القادم من شمال أفريقيا (الخماسيني) ابتداءً من الأقسام الشمالية الغربية للبلاد». وأكدت الهيئة «استمرار تأثير المنخفض الجوي على الأقسام الشمالية الغربية من البلاد الذي يمتد ليشمل المنطقة الوسطى وأجزاء من المنطقة الشمالية، تحديداً منطقة الجزيرة من الموصل وكركوك».
وشهد العراق خلال الأسابيع الماضية أكثر من 5 عواصف ترابية أدت إلى دخول العشرات إلى المستشفيات، لتلقي العلاج لإصابتهم بمشكلات في الجهاز التنفسي، وغلق مطاري بغداد والنجف لعدة ساعات.
ونبه مدير عام الدائرة الفنية في وزارة البيئة العراقية، في لقاء مع وكالة الأنباء العراقية، من ازدياد العواصف الرملية؛ خصوصاً بعد ارتفاع عدد الأيام المغبرة إلى «272 يوماً في السنة لفترة عقدين». ورجح «أن تصل إلى 300 يوم مغبر في السنة عام 2050».
وتمثل زيادة الغطاء النباتي وزراعة غابات بأشجار كثيفة تعمل كمصدات للرياح أهم الحلول اللازمة لخفض معدل العواصف الرملية، بحسب الوزارة.
العراق: توقعات مناخية متشائمة في موسم شديد الجفاف
عواصف ترابية تشل مطارَي بغداد والنجف
العراق: توقعات مناخية متشائمة في موسم شديد الجفاف
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة