إنهاك في صفوف الجنود الأوكرانيين على الجبهات الشرقية

ضباط شباب يقودون العمليات العسكرية لصدّ تقدم القوات الروسية

جنود أوكرانيون على متن دبابة بالقرب من كراماتورسك شرقي أوكرانيا في 30 أبريل (أ.ف.ب)
جنود أوكرانيون على متن دبابة بالقرب من كراماتورسك شرقي أوكرانيا في 30 أبريل (أ.ف.ب)
TT

إنهاك في صفوف الجنود الأوكرانيين على الجبهات الشرقية

جنود أوكرانيون على متن دبابة بالقرب من كراماتورسك شرقي أوكرانيا في 30 أبريل (أ.ف.ب)
جنود أوكرانيون على متن دبابة بالقرب من كراماتورسك شرقي أوكرانيا في 30 أبريل (أ.ف.ب)

تشق شاحنة من طراز «كاماز» طريقها بأقصى سرعة آتية من الجبهة، وعلى متنها عدد كبير من الجنود الأوكرانيين المنهكين التابعين للواء «81»، بعدما تلقوا أوامر بالانسحاب من الجبهة الشرقية؛ حيث تتقدم القوات الروسية.
سارت الشاحنة 12 كيلومتراً، السبت، مموهة في الغابة، وسط تبادل نيران المدفعية، إلى أن بلغت نقطة الخروج في سفياتوجيرسك. لمدة شهر، شارك اللواء «81» وشعاره: «دائماً في المقدمة»، في الهجوم المضاد، وحاول عرقلة التقدم الروسي على هذه الجبهة في منطقة دونباس الأوكرانية؛ حيث تقضم القوات الروسية تدريجياً الأراضي، قرية بعد قرية.
قال قائدهم اللفتنانت يفغين سامويلوف لوكالة «الصحافة الفرنسية»، إن «الجميع يدرك أنه يتعين علينا حماية الخط هنا. لا يمكننا السماح للعدو بالاقتراب، ونحن نحاول الصمود بكل قوتنا». وأضاف اللفتنانت، وقد بدا عليه التوتر خشية تعرض الوحدة المكشوفة للنيران الروسية في أي وقت؛ مشيراً إلى السماء: «كما تسمع، العدو قريب جداً جداً». يبعد رتل الدبابات الروسية حوالي 7 كيلومترات على الجانب الآخر من التلة.
وأصبح يتعين على هذا الضابط من أكاديمية أوديسا العسكرية، البالغ 21 عاماً، قيادة 130 مجنداً، أغلبهم يكبرونه بضعف عمره. وقال الضابط الشاب ذو اللحية السوداء القصيرة: «إنها حربي الأولى، كان من المفترض أن أتخرج بعد 4 أشهر؛ لكن تم إرسالي إلى هنا». ولا يترك سامويلوف واسمه الحركي «شمشون»، دفتر ملاحظاته الأحمر الذي يدون فيه جميع التحركات، إضافة إلى كل طلبات وملاحظات عناصره الذين يخاطبهم دائماً بصوت هادئ.
تم تعبئة قسم الجنود المظليين في 23 فبراير (شباط)، عشية بدء الحرب. في بداية المعارك، أمضوا أكثر من شهر في الدفاع عن إيزيوم التي سقطت في الأول من أبريل (نيسان)، قبل أن ينضموا إلى القتال الدائر حول قرية أوليكساندريفكا. قال اللفتنانت سامويلوف الكتوم، إنها «معارك صعبة جداً».
في هذا اللواء، كما في أي لواء آخر، لا يتم تقييم الخسائر. «تصبح النظرة غائمة وضبابية تارة أخرى، وننتقل إلى قضية أخرى».
يسود صمت مطبق في الشاحنة العسكرية خلال الطريق الذي استغرق ساعة للوصول إلى المبنى الخلفي؛ حيث يتعين عليهم التوقف لمدة أسبوع من أجل الخلود إلى الراحة. عند الالتقاء بشاحنة مسرعة محملة بالذخيرة والصواريخ بعيدة المدى على الطريق المهجور، يقوم الجنود تلقائياً برفع شارة النصر، والنظر نحو الأفق بصمت.
لدى وصولهم إلى القاعدة، يحين وقت تفريغ سلاحهم ونزع معداتهم، والتوجه مباشرة إلى إحدى غرف المبنى المهجور المحروم من التيار الكهربائي؛ حيث ينتظرهم الفحص الطبي بعد العودة من المهمة. ويعاني بعض هؤلاء الناجين من العمليات القتالية من «إصابات طفيفة في الجبهة، ومن كسور لمن دفنوا تحت الأنقاض أثناء القصف، ولمن أصيب بشظايا»، وفق ما ذكر طبيب اللواء فاديم كيريلوف (25 سنة) لوكالة «الصحافة الفرنسية». وأضاف: «لكننا نرى بشكل أساسي مشكلات جسدية، مثل ارتفاع ضغط الدم وأمراض مزمنة متفاقمة».
يعاني الرجال بشكل كبير من متلازمة «قدم الخندق»، وهي جروح طفيفة مرتبطة بالتعرض لفترات طويلة للرطوبة والظروف غير الصحية والبرد. وأوضح الطبيب: «لمدة شهر لم يتمكنوا من تجفيف أحذيتهم (...) لذلك هناك كثير من إصابات القدم؛ خصوصاً الفطريات والالتهابات».
بعد الزيارة الطبية، كان للجميع رد الفعل نفسه: عزل أنفسهم، وتشغيل هواتفهم، للاتصال إما بزوجاتهم أو أطفالهم أو أقاربهم.
على الجبهة، يُحظر استخدام الهاتف أو أي تطبيق يتطلب تحديد الموقع الجغرافي. يقوم 4 جنود بتركيب الأسرَّة المعدنية الصدئة، وينظفون الأرض من الغبار.
ويقول «شمشون»: «حان الوقت لينال الرجال قسطاً من الراحة، ولتضميد الجروح الجسدية والمعنوية والنفسية، واكتساب القوة قبل العودة إلى القتال». وأضاف: «سينامون في جو دافئ، ويأكلون طعاماً طبيعياً، ويحاولون الاستمتاع بالحياة نوعاً ما».


مقالات ذات صلة

زيلينسكي يدعو إلى  تحرك غربي ضد روسيا بعد الهجمات الأخيرة

أوروبا الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي (قناته عبر «تلغرام»)

زيلينسكي يدعو إلى  تحرك غربي ضد روسيا بعد الهجمات الأخيرة

دعا الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، الغرب إلى التحرك في أعقاب هجوم صاروخي جديد وهجوم بالمسيرات شنتهما روسيا على بلاده

«الشرق الأوسط» (كييف)
أوروبا المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف (د.ب.أ)

الكرملين: التصريح الأخير لترمب بشأن أوكرانيا «يتماشى تماماً» مع الموقف الروسي

نوّه الكرملين الجمعة بالتصريح الأخير لدونالد ترمب الذي اعترض فيه على استخدام أوكرانيا صواريخ أميركية لاستهداف مناطق روسية.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
أوروبا القوات الأوكرانية تقصف مواقع روسية على خط المواجهة في منطقة خاركيف (أ.ب)

مسؤول كبير: أوكرانيا ليست مستعدة لإجراء محادثات مع روسيا

كشف أندريه يرماك رئيس مكتب الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في مقابلة أذيعت في وقت متأخر من مساء أمس (الخميس) إن كييف ليست مستعدة بعد لبدء محادثات مع روسيا.

«الشرق الأوسط» (كييف)
أوروبا عسكري أوكراني يحتمي أمام مبنى محترق تعرَّض لغارة جوية روسية في أفدييفكا (أ.ب)

قتال عنيف... القوات الروسية تقترب من مدينة رئيسية شرق أوكرانيا

أعلنت القيادة العسكرية في أوكرانيا أن هناك قتالاً «عنيفاً للغاية» يجري في محيط مدينة باكروفسك شرق أوكرانيا، التي تُعدّ نقطة استراتيجية.

«الشرق الأوسط» (كييف)
الولايات المتحدة​ تشمل المعدات المعلن عنها خصوصاً ذخيرة لأنظمة قاذفات صواريخ هيمارس وقذائف مدفعية (رويترز)

مساعدات عسكرية أميركية إضافية لأوكرانيا بقيمة 500 مليون دولار

أعلنت الولايات المتحدة أنها ستقدم معدات عسكرية تقدر قيمتها بنحو 500 مليون دولار لدعم أوكرانيا، قبل نحو شهر من تنصيب الرئيس المنتخب دونالد ترمب.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
TT

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)

تخضع «هيئة تحرير الشام»، التي قادت قوات المعارضة للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، لعقوبات من الأمم المتحدة منذ فترة طويلة، وهو ما وصفه المبعوث الخاص للمنظمة الدولية إلى سوريا غير بيدرسون، بأنه «عامل تعقيد لنا جميعاً».

كانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف في السابق باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت العلاقات بالتنظيم في عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما فُرض عليها تجميد عالمي للأصول وحظر أسلحة.

ويخضع عدد من أعضاء «هيئة تحرير الشام» أيضاً لعقوبات الأمم المتحدة مثل حظر السفر، وتجميد الأصول، وحظر الأسلحة، ومنهم زعيمها وقائد إدارة العمليات العسكرية أحمد الشرع، المكنى «أبو محمد الجولاني»، المدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.

وقال دبلوماسيون إنه لا يوجد حالياً أي مناقشات عن رفع العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة على الجماعة. ولا تمنع العقوبات التواصل مع «هيئة تحرير الشام».

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟ (رويترز)

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

فرضت الأمم المتحدة عقوبات على «جبهة النصرة»، لأن الجماعة مرتبطة بتنظيم «القاعدة»، ولأنها كانت «تشارك في تمويل أو تخطيط أو تسهيل أو إعداد أو ارتكاب أعمال أو أنشطة» مع «القاعدة» أو دعماً لها وتستقطب أفراداً وتدعم أنشطة «القاعدة».

وجاء في قائمة العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة: «في يناير (كانون الثاني) 2017، أنشأت جبهة النصرة (هيئة تحرير الشام)، وسيلة لتعزيز موقعها في التمرد السوري وتعزيز أهدافها باعتبارها فرعاً لتنظيم (القاعدة) في سوريا»... ورغم وصف ظهور «هيئة تحرير الشام» بطرق مختلفة (على سبيل المثال كاندماج أو تغيير في الاسم)، فإن جبهة «النصرة» استمرت في الهيمنة والعمل من خلال «هيئة تحرير الشام» في السعي لتحقيق أهدافها.

وفُرضت عقوبات على الجولاني بسبب ارتباطه بتنظيم «القاعدة» وعمله معه.

كيف يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة؟

تستطيع أي دولة عضو في الأمم المتحدة في أي وقت تقديم طلب لرفع العقوبات عن كيان أو شخص إلى لجنة عقوبات تنظيمي «داعش» و«القاعدة» التابعة لمجلس الأمن الدولي المؤلف من 15 دولة.

وإذا جاء الطلب من دولة لم تقترح في البداية فرض عقوبات الأمم المتحدة، فإن اللجنة تتخذ القرار بالإجماع.

وإذا تقدمت الدولة التي اقترحت في البداية فرض العقوبات بطلب الشطب من القائمة، فسيمحى الاسم من القائمة بعد 60 يوماً، ما لم توافق اللجنة بالإجماع على بقاء التدابير.

لكن إذا لم يتم التوصل إلى إجماع، يستطيع أحد الأعضاء أن يطلب إحالة الطلب إلى مجلس الأمن للتصويت عليه في غضون 60 يوماً.

ولم تتضح بعد الدول التي اقترحت فرض عقوبات على جبهة «النصرة» والجولاني.

ويستطيع أيضاً الشخص أو الكيان الخاضع للعقوبات أن يطلب إزالة التدابير عن طريق الاتصال بأمين عام المظالم، وهو منصب أنشأه المجلس في عام 2009، ليقوم بمراجعة الطلب.

وإذا أوصى أمين عام المظالم بإبقاء اسم ما على القائمة، فسيظل مدرجاً على القائمة. وإذا أوصى أمين عام المظالم بإزالة اسم ما، فسترفع العقوبات بعد عملية قد تستغرق ما يصل إلى 9 أشهر، ما لم توافق اللجنة في وقت أسبق بالإجماع على اتخاذ إجراء أو الإحالة إلى المجلس لتصويت محتمل.

هل هناك استثناءات من العقوبات؟

يستطيع الأشخاص الخاضعون لعقوبات الأمم المتحدة التقدم بطلب للحصول على إعفاءات فيما يتعلق بالسفر، وهو ما تقرره اللجنة بالإجماع.

ويقول المجلس إن عقوباته «لا تستهدف إحداث عواقب إنسانية تضر بالسكان المدنيين».

وهناك استثناء إنساني للأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة يسمح «بتوفير أو معالجة أو دفع الأموال أو الأصول المالية الأخرى أو الموارد الاقتصادية، أو توفير السلع والخدمات اللازمة لضمان تقديم المساعدات الإنسانية في الوقت المناسب، أو لمساندة الأنشطة الأخرى التي تدعم الاحتياجات الإنسانية الأساسية».