عندما ضربت الفيضانات، لم تتمكن ماريا ديدوفيتس من فتح الباب لتغادر منزلها بالقرب من كييف، فاضطرت السيدة البالغة من العمر 82 عاماً أن تخرج من النافذة، في كارثة جديدة سببتها الحرب في أوكرانيا تُضاف إلى القتل والدمار.
فقد تسببت الحرب التي شنتها روسيا في 24 فبراير (شباط) بفيضانات في دميديفكا، التي تبعد حوالي خمسين كيلومتراً شمال كييف، بعد غارة روسية على سد قريب، وفق تقرير لوكالة الصحافة الفرنسية. وأمام منزلها الذي لا تزال المياه تغمره، تقول ماريا ديدوفيتس بحذائها المطاط الغارق في المياه حتى كاحليها: «المياه غزتنا. كافحنا بقوة». وأصابت الضربة الروسية السد ومحطة لتوليد الطاقة الكهرومائية في كييف، أواخر فبراير، مما أدى إلى تدفق المياه على أجزاء من ديميديفكا، كما قال مسؤول القرية أولكسندر ميلنيتشنكو للوكالة الفرنسية.
وتضج المنطقة بأصوات المضخات التي تسحب الماء من أقبية عشرات المنازل، المكان المفضل لتخزين الطعام في الكثير من البيوت الأوكرانية. في بعض الأماكن، ما زالت المياه تصل إلى مستوى الركبة. وعندما بدأت القوات الروسية هجومها في أواخر فبراير للسيطرة على كييف، وجدت ديميديفكا التي تضم منازل صغيرة مع حدائق، نفسها في قلب الحرب.
ولِمنع تقدم القوات الروسية، فجر الجيش الأوكراني جسراً يقع بجوار القرية فوق نهر إيربين، كما فعل في أماكن أخرى بالقرب من كييف. والطريق الذي يعبر ديميدفكا والجسر يوصلان إلى وسط كييف مباشرة. ويستغرق الوصول إلى القصر الرئاسي من هناك حوالي ساعة. وقال أولكسندر ميلنيتشنكو، إن الروس لم يكونوا قادرين على العبور، فسلكوا اتجاهاً آخر، وانتهى بهم الأمر بالذهاب نحو مدينة بوتشا التي يتهم فيها جنود روس بارتكاب «جرائم حرب». وقال: «لو لم نفعل ذلك (...) لكان الروس يطلقون النار الآن من داخل كييف»، موضحاً أن ذلك منعهم من الوصول إلى بلدتين أخريين على الطريق المؤدي إلى العاصمة.
وإلى جانب تفجير الجسر، قال ميلنيتشنكو إن السلطات فتحت السد، ما أدى إلى ارتفاع مستوى المياه في النهر حوالي 30 سنتيمتراً، ليصبح أوسع من أن يتمكن الروس من عبوره باستخدام جسر عائم.
حدثت الفيضانات بعدما أصابت قذيفة السد في 27 فبراير، مما أدى إلى ارتفاع المياه عدة أمتار. ولولا سد يقع على مشارف دميديفكا، لكانت المياه الهادرة سببت أضراراً أسوأ بكثير. ورغم أن مياه هذا الفيضان لم تعبر السد إطلاقاً، قال السكان إنها تسربت من الأرض. وأصابت الفيضانات حوالي ستين من منازل دميديف البالغ عددها 750 في البلدة، وهو عدد أقل بكثير من مائتي منزل تقريباً أدت المعارك إلى تدمير أو إلحاق أضرار بها.
لكن بعد شهرين على الفيضانات، تتواصل جهود ضخ المياه. ويبدو أن التخلص من كل المياه وتجفيف المنازل سيستغرق بضعة أسابيع أخرى. أما السهل الشاسع الذي امتص الجزء الأكبر من المياه، فما زال بعيداً عن التعافي. مع ذلك، تمكن المهندسون من ترميم الجسر جزئياً عبر نهر إيربين حتى تتمكن السيارات من استخدامه مرة أخرى. في بعض المناطق شمال العاصمة، يدفع سائقون سياراتهم بحذر فوق جسور معدنية عائمة موقتة.
لكن الحرب وتأثيرها يجعلان ماريا ديدوفيتس غاضبة ومنهكة. وقالت بحزم «لا دبابات ولا فيضانات»، مؤكدة: «لا أريد سوى السلام».
ديميديفكا... بلدة شمال كييف تعاني من دمار الحرب والفيضانات
ديميديفكا... بلدة شمال كييف تعاني من دمار الحرب والفيضانات
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة