إسرائيل تفرض إغلاقاً شاملاً على الضفة وغزة في ذكرى تأسيسها

قلق من عدم مسؤولية الفصائل عن عملية أريئيل

حارس إسرائيلي يؤمن مدخل مستوطنة «أريئيل» في الضفة بالقرب من نابلس السبت (أ.ب)
حارس إسرائيلي يؤمن مدخل مستوطنة «أريئيل» في الضفة بالقرب من نابلس السبت (أ.ب)
TT

إسرائيل تفرض إغلاقاً شاملاً على الضفة وغزة في ذكرى تأسيسها

حارس إسرائيلي يؤمن مدخل مستوطنة «أريئيل» في الضفة بالقرب من نابلس السبت (أ.ب)
حارس إسرائيلي يؤمن مدخل مستوطنة «أريئيل» في الضفة بالقرب من نابلس السبت (أ.ب)

قررت إسرائيل فرض إغلاق شامل على الضفة الغربية وقطاع غزة، بدءاً من يوم الثلاثاء وحتى صباح الجمعة، وهي الفترة التي ستحيي فيها الدولة العبرية عيد تأسيسها إلى جانب ذكرى قتلى المعارك.
وقال الجيش الإسرائيلي إنه «بناء على تقييم الوضع الأمني وتوجيهات المستوى السياسي، تقرر فرض الإغلاق الشامل من الثلاثاء وحتى صباح الجمعة». وتشمل إجراءات الإغلاق فرض طوق أمني على الضفة الغربية المحتلة وإغلاق جميع الحواجز والمعابر بالإضافة إلى إغلاق المعابر مع قطاع غزة. وأكد الجيش أن إعادة فتح الحواجز ورفع الطوق الأمني سيكونان «رهناً بتقييم الوضع».
وبحسب القرار؛ فإنه خلال فترة الإغلاق، لن يكون المرور ممكناً (من الضفة وغزة إلى مناطق «48») إلا في الحالات الإنسانية والطبية والاستثنائية، وبموافقة خاصة من منسق عمليات الحكومة الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية. وجاء قرار الإغلاق بعد يومين من تنفيذ فلسطينيين عملية قتلا خلالها حارس أمن مستوطنة «أريئيل» شمال الضفة الغربية، وهي عملية عززت معها إسرائيل جهودها الأمنية.
وأعلن الجيش الإسرائيلي أمس أنه أنهى رسم خرائط منزلي منفذي العملية في «أريئيل»، في خطوة ترمي إلى هدم المنزلين، بحسب الإجراء المتبع، وأنه اعتقل 12 من المطلوبين، وأنه صادر أسلحة في مناطق مختلفة.
وقال ناطق عسكري إن قوات الجيش الإسرائيلي وجهاز الأمن العام وشرطة الحدود تقدموا الأحد «باتجاه مراكز عدة في أنحاء الضفة الغربية لاعتقال المشتبه فيهم الضالعين في نشاطات معادية، ومصادرة أسلحة غير قانونية، بما في ذلك قرية قروات بني حسن والجلزون ومركة وصانور».
وحددت القوات؛ بحسب البيان، «منزلي كل من يحيى مرعي ويوسف عاصي، اللذين نفذا عملية إطلاق النار على مدخل مستوطنة (أريئيل) وقتلوا هناك الحارس غوليف دانيئيل فياتشيسلاف». وأوضح بيان للجيش الإسرائيلي أنه جرى اعتقال مشتبه فيه بمساعدة المسلحين اللذين نفذا الهجوم. واندلعت خلال ذلك أعمال مظاهرات عنيفة في مخيم الجلزون للاجئين، رشق خلالها عشرات المتظاهرين بالحجارة القوات التي ردت بتفريق المظاهرات وإطلاق النار. وقال الناطق أيضاً إنه جرى اعتقال 5 نشطاء ومصادرة مسدسات وبندقية وسلاح من نوع «كارلو».
وأثناء المواجهات أصيب فلسطينيون بالرصاص بمخيم الجلزون في رام الله.
وفي حين قالت «حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين» إن «حملة الاعتقالات المسعورة التي تشنها قوات الاحتلال في مدن الضفة المحتلة، والتي استهدفت عدداً من المواطنين والأسرى المحررين؛ بينهم قيادات من الحركة؛ لن تنجح في كسر إرادة وعزيمة شعبنا، وإخماد انتفاضته المشتعلة»، طالبت وزارة الخارجية الفلسطينية الإدارة الأميركية بالضغط على إسرائيل لوقف سياسة العقوبات الجماعية التي تفرضها على المواطنين الفلسطينيين، ودعتها إلى الوفاء بالتزاماتها وتنفيذ مواقفها المعلنة بعيداً من ازدواجية المعايير.
وقالت «الخارجية»، في بيان، إن «حرص الإدارة الأميركية على إنجاح الجهود المبذولة لتهدئة الأوضاع يجب أن يترافق مع ترجمة تعهداتها إلى خطوات عملية، خصوصاً مواقفها بشأن الحقوق المتساوية بالحرية والكرامة والازدهار للطرفين». وأدانت «الخارجية» اعتداءات قوات الاحتلال وميليشيات المستوطنين على المواطنين في البلدات والقرى الفلسطينية، وحملت الحكومة الإسرائيلية برئاسة نفتالي بنيت، المسؤولية الكاملة والمباشرة عن هذه العقوبات الجماعية، وعدّتها كمن يصب الزيت على النار، وأنها سبب رئيسي لاستمرار التصعيد الإسرائيلي وخلق مزيد من الانفجارات في ساحة الصراع.
النشاط الموسع لاعتقال ناشطين فلسطينيين جرى على خلفية أن الفصائل الفلسطينية لم تقف خلف العملية الأخيرة أو التي قبلها، وإنما جرى تنفيذها بشكل فردي، وهو نوع من العمليات التي تؤرق إسرائيل؛ لأنها لا تستطيع التنبؤ بمثل هذا النوع من العمليات. وأكد المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، ران كوخاف، للإذاعة العامة الإسرائيلية «كان»، أمس، أن «العمليات التي نُفذت منذ (عملية) بئر السبع، ليست بتوجيه من (حماس) أو تنظيم آخر... وهذا يصنع تحدياً كبيراً وكثيراً من المصاعب».
وكان الجيش قد اعتقل في وقت متأخر، السبت، منفذَي عملية إطلاق النار في مستوطنة «أريئيل»، وقالت وسائل إعلام إسرائيلية وفلسطينية، في حينه، إنهما ينتميان إلى «حماس».



الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
TT

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)

يتضاعف خطر انعدام الأمن الغذائي في اليمن بعد تفاقم الأزمة الاقتصادية، وانهيار سعر العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، بفعل الحرب الحوثية على الموارد الرئيسية للبلاد، وتوسيع دائرة الصراع إلى خارج الحدود، في حين تتزايد الدعوات إلى اللجوء للتنمية المستدامة، والبحث عن حلول من الداخل.

وبينما تتوالي التحذيرات من تعاظم احتياجات السكان إلى المساعدات الإنسانية خلال الأشهر المقبلة، تواجه الحكومة اليمنية تحديات صعبة في إدارة الأمن الغذائي، وتوفير الخدمات للسكان في مناطق سيطرتها، خصوصاً بعد تراجع المساعدات الإغاثية الدولية والأممية خلال الأشهر الماضية، ما زاد من التعقيدات التي تعاني منها بفعل توقف عدد من الموارد التي كانت تعتمد عليها في سد الكثير من الفجوات الغذائية والخدمية.

ورجحت شبكة الإنذار المبكر بالمجاعة حدوث ارتفاع في عدد المحتاجين إلى المساعدات الإنسانية في اليمن في ظل استمرار التدهور الاقتصادي في البلاد، حيث لا تزال العائلات تعاني من التأثيرات طويلة الأجل للصراع المطول، بما في ذلك الظروف الاقتصادية الكلية السيئة للغاية، بينما تستمر بيئة الأعمال في التآكل بسبب نقص العملة في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية، وانخفاض قيمة العملة والتضخم في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة.

وبحسب توقعات الأمن الغذائي خلال الستة أشهر المقبلة، فإنه وبفعل الظروف الاقتصادية السيئة، وانخفاض فرص كسب الدخل المحدودة، ستواجه ملايين العائلات، فجوات مستمرة في استهلاك الغذاء وحالة انعدام الأمن الغذائي الحاد واسعة النطاق على مستوى الأزمة (المرحلة الثالثة من التصنيف المرحلي) أو حالة الطوارئ (المرحلة الرابعة) في مناطق نفوذ الحكومة الشرعية.

انهيار العملة المحلية أسهم مع تراجع المساعدات الإغاثية في تراجع الأمن الغذائي باليمن (البنك الدولي)

يشدد الأكاديمي محمد قحطان، أستاذ الاقتصاد في جامعة تعز، على ضرورة وجود إرادة سياسية حازمة لمواجهة أسباب الانهيار الاقتصادي وتهاوي العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، منوهاً إلى أن عائدات صادرات النفط والغاز كانت تغطي 70 في المائة من الإنفاق العام في الموازنة العامة، وهو ما يؤكد أهميتها في تشغيل مؤسسات الدولة.

ويضيف قحطان في حديث خص به «الشرق الأوسط» أن وقف هذه الصادرات يضع الحكومة في حالة عجز عن الوفاء بالتزاماتها، بالتضافر مع أسباب أخرى منها الفساد والتسيب الوظيفي في أهم المؤسسات الحكومية، وعدم وصول إيرادات مؤسسات الدولة إلى البنك المركزي، والمضاربة بالعملات الأجنبية وتسريبها إلى الخارج، واستيراد مشتقات الوقود بدلاً من تكرير النفط داخلياً.

أدوات الإصلاح

طبقاً لخبراء اقتصاديين، تنذر الإخفاقات في إدارة الموارد السيادية ورفد خزينة الدولة بها، والفشل في إدارة أسعار صرف العملات الأجنبية، بآثار كارثية على سعر العملة المحلية، والتوجه إلى تمويل النفقات الحكومية من مصادر تضخمية مثل الإصدار النقدي.

توقف تصدير النفط يتسبب في عجز الحكومة اليمنية عن تلبية احتياجات السكان (البنك الدولي)

ويلفت الأكاديمي قحطان إلى أن استيراد مشتقات الوقود من الخارج لتغطية حاجة السوق اليمنية من دون مادة الأسفلت يكلف الدولة أكثر من 3.5 مليار دولار في السنة، بينما في حالة تكرير النفط المنتج محلياً سيتم توفير هذا المبلغ لدعم ميزان المدفوعات، وتوفير احتياجات البلاد من الأسفلت لتعبيد الطرقات عوض استيرادها، وأيضاً تحصيل إيرادات مقابل بيع الوقود داخلياً.

وسيتبع ذلك إمكانية إدارة البنك المركزي لتلك المبالغ لدعم العرض النقدي من العملات الأجنبية، ومواجهة الطلب بأريحية تامة دون ضغوط للطلب عليها، ولن يكون بحاجة إلى بيع دولارات لتغطية الرواتب، كما يحدث حالياً، وسيتمكن من سحب فائض السيولة النقدية، ما سيعيد للاقتصاد توازنه، وتتعافى العملة الوطنية مقابل العملات الأجنبية، وهو ما سيسهم في استعادة جزء من القدرة الشرائية المفقودة للسكان.

ودعا الحكومة إلى خفض نفقاتها الداخلية والخارجية ومواجهة الفساد في الأوعية الإيرادية لإحداث تحول سريع من حالة الركود التضخمي إلى حالة الانتعاش الاقتصادي، ومواجهة البيئة الطاردة للاستثمارات ورجال الأعمال اليمنيين، مع الأهمية القصوى لعودة كل منتسبي الدولة للاستقرار داخل البلاد، وأداء مهاهم من مواقعهم.

الحكومة اليمنية تطالب المجتمع الدولي بالضغط على الحوثيين لوقف حصار تصدير النفط (سبأ)

ويؤكد مصدر حكومي يمني لـ«الشرق الأوسط» أن الحكومة باتت تدرك الأخطاء التي تراكمت خلال السنوات الماضية، مثل تسرب الكثير من أموال المساعدات الدولية والودائع السعودية في البنك المركزي إلى قنوات لإنتاج حلول مؤقتة، بدلاً من استثمارها في مشاريع للتنمية المستدامة، إلا أن معالجة تلك الأخطاء لم تعد سهلة حالياً.

الحل بالتنمية المستدامة

وفقاً للمصدر الذي فضل التحفظ على بياناته، لعدم امتلاكه صلاحية الحديث لوسائل الإعلام، فإن النقاشات الحكومية الحالية تبحث في كيفية الحصول على مساعدات خارجية جديدة لتحقيق تنمية مستدامة، بالشراكة وتحت إشراف الجهات الممولة، لضمان نجاح تلك المشروعات.

إلا أنه اعترف بصعوبة حدوث ذلك، وهو ما يدفع الحكومة إلى المطالبة بإلحاح للضغط من أجل تمكينها من الموارد الرئيسية، ومنها تصدير النفط.

واعترف المصدر أيضاً بصعوبة موافقة المجتمع الدولي على الضغط على الجماعة الحوثية لوقف حصارها المفروض على تصدير النفط، نظراً لتعنتها وشروطها صعبة التنفيذ من جهة، وإمكانية تصعيدها العسكري لفرض تلك الشروط في وقت يتوقع فيه حدوث تقدم في مشاورات السلام، من جهة ثانية.

تحذيرات من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد (أ.ف.ب)

وقدمت الحكومة اليمنية، أواخر الشهر الماضي، رؤية شاملة إلى البنك الدولي لإعادة هيكلة المشروعات القائمة لتتوافق مع الاحتياجات الراهنة، مطالبةً في الوقت ذاته بزيادة المخصصات المالية المخصصة للبلاد في الدورة الجديدة.

وكان البنك الدولي توقع في تقرير له هذا الشهر، انكماش إجمالي الناتج المحلي بنسبة واحد في المائة هذا العام، بعد انخفاضه بنسبة 2 في المائة العام الماضي، بما يؤدي إلى المزيد من التدهور في نصيب الفرد من إجمالي الناتج الحقيقي.

ويعاني أكثر من 60 في المائة من السكان من ضعف قدرتهم على الحصول على الغذاء الكافي، وفقاً للبنك الدولي، بسبب استمرار الحصار الذي فرضته الجماعة الحوثية على صادرات النفط، ما أدى إلى انخفاض الإيرادات المالية للحكومة بنسبة 42 في المائة خلال النصف الأول من العام الحالي، وترتب على ذلك عجزها عن تقديم الخدمات الأساسية للسكان.

وأبدى البنك قلقه من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد، وتفاقم الأزمات الاجتماعية والإنسانية.