«للموت 2»... قراءة في المستويين الجماهيري والفني

ذروة الصخب لا تحجب بعض الملاحظات

ماغي بوغصن ودانييلا رحمة في شخصيتَي سحر وريم
ماغي بوغصن ودانييلا رحمة في شخصيتَي سحر وريم
TT

«للموت 2»... قراءة في المستويين الجماهيري والفني

ماغي بوغصن ودانييلا رحمة في شخصيتَي سحر وريم
ماغي بوغصن ودانييلا رحمة في شخصيتَي سحر وريم

قراءة مسلسل «للموت 2» على مستويين، تضعنا أمام نتيجة ستبدو متفاوتة. المستوى التجاري يحقق المطلوب منه، بعد جزء أول شكل حالة. كان على الجزء الثاني أن يؤكد حضوراً يراهن على «القوة»، وإلا وضع نفسه في موقف محرج. المستوى الفني مصاب بشطحة. يفرط في صب الزيت على النار حد تصاعد الرائحة. جماهيرياً، العمل في ذروة الصخب، حضوره على «السوشيال ميديا» يطغى، ومغامرات أبطاله جزء من يوميات الناس وضجيج المواقع. فنياً، لا مفر من الاعتراف ببعض «الخبصة».

رندا كعدي ووسام صباغ

كل شيء متوقع في مسلسل يلعب جمهوره على الأصابع، ويجعله لا يعرف رأسه من قدميه. الثبات في نص نادين جابر مسألة مستحيلة. وما يرتكز على وضعية، ينقلب فجأة إلى وضعية مضادة. فرص النجاة شبه معدومة، والتوق إلى بداية جديدة شقاء يضاف إلى ماضي الشخصيات. الحرب سيدة الجبهات والهدنة لعد الخسائر، وما يجري في الأحياء الفقيرة لا يقل ضراوة عما يحتدم في نفوس الأثرياء.
تقلب الموازين وتتغير المعادلات، ولا يبقى شيء على حاله مع انفراط تحالف «سحر» (ماغي بو غصن) و«ريم» (دانييلا رحمة). يشهد المخرج فيليب أسمر على باب الجحيم مفتوحاً على مصراعيه، فيصوره بلمعة. التهديد بالقتل كشربة الماء، والصراخ يكاد يصم الأذنين. فخ المسلسل في الشعرة المقطوعة بين الحماسة والمبالغة. الحقيقة أنه منتظر وقدرته على حبس النفس هائلة. لا تمر حلقة من دون خض المشاهد، وثمة لقطات تجعله يفتح فمه تحت وقع الدهشة. إنما المبالغة تجد تربة خصبة وسط حقل الألغام. اجتثاثها كان ليضيف نقاطاً إلى مستواه الفني.

الممثل اللبناني باسم مغنية

التركيبة تتغذى بالصدمة، فلا غرابة بعودة «عمر» (باسم مغنية) من الموت بعد الحريق. المسلسل «مكشوف» بقدر كونه مزنراً بمفاجآت ثقيلة. وسبب «انكشافه» هو أوراق قوته، فيجر المشاهد إلى التفكير خارج القالب. قد تتوقع نجاة «عمر»، واستعمال «سحر» كل أسلحتها للانتقام من «ريم» بعد مقتل «أمير» (بديع أبو شقرا)، لكن من كان ليترقب خطة «أمين» (فادي أبي سمرا) للإيقاع بـ«سارية» (كارول عبود) وسلبها مالها؟ لا غرابة في دناءته وقبح قلبه أمام سلطان المال، إلا أن الأمور حين تبلغ حد الاتجار بزوجته وجسدها، فهنا الأسئلة المتعلقة بتعمد الذهاب إلى «الإكيستريم» في الكتابة، تصبح مشروعة.
في المعركة المفتوحة على كل الاحتمالات، الويل لمن لا يملك أنفاساً طويلة. دوامة الثأر تسبب الدوار الحاد، والرأس لا يعود قادراً على التحمل. قسوة الحياة على الطفولة في الشوارع، وتحول البشر إلى أرقام، والبراءة إلى ضحايا تجارة المخدرات، فصل آخر من انهمار الحمم الحارقة. الدور المتوحش تقدمه ليليان نمري بفظاظة المحترفة، وهي هنا كثير من الواقع اللاإنساني وشيء من لعبة «الإكيستريم» المراد منها تسديد كفوف على وجه مشاهد لا يعرف من أين تأتيه الضربة.
ليس هذا الجزء مناسباً لإظهار قدرات ممثل مجتهد كمحمد الأحمد. انتقاله من وضعية المأكول حقه في الجزء الأول، إلى رجل مافيا يهرب السلاح وينفذ عمليات الاغتيال ويطلق الرصاص بدم بارد، لم يصب تماماً في مصلحته. ما ينقذه هي مفاتيح النجم، فيدوزن بها المواقف الحائرة ما بين الاندفاع والصمت ويوظف النظرات في المكان الصحيح، بديلاً من الصراخ.
في ميزان القوى، ترجح كفة «سحر». الدور «صاروخي» في حالة ماغي بو غصن الممسكة به من عنقه. لم تخذله ولم يخذلها. بركان مشاعر متضاربة، رأفة وحب مقابل الجريمة والعقاب. مجموعة نساء في امرأة، جميعهن مقنعات. شوارعيتها في كباش خاسر مع رغبتها المستحيلة بأن تصبح ربة بيت وتنجب طفلاً. يمنحها النص شيئاً من القدرات الاستثنائية، فتخطط وتنفذ وتوقع الجميع تحت رحمتها.
على ضفاف الماضي الأليم، تتمدد «ريم» بجراحها. أصعب ما تواجهه المرأة هي الخيارات المحدودة، كأن تلزم على المفاضلة بين ابنتها وحبيبها. دانييلا رحمة تملأ مكانها ولا يزاحمها أحد في ساحتها. الأمومة المطعونة في خاصرتها، والحب المولود من رحم مبتورة، يصيبانها في صميمها.

الممثل السوري محمد الأحمد

السؤال مطروح عن احتمال التفكير بجزء ثالث، استناداً إلى اتساع الجماهيرية، وهذا يتطلب تروياً. لن يهدر «عمر» ما تبقى من حياته بعد النجاة، وفي رقبته رد الجميل حيال منقذته «جنى» (جويل داغر) المخدوعة عاطفياً ووالدها «شفيق» (كميل سلامة) الواقع تحت تأثير «سحر». باسم مغنية فنان في إدارة الشخصية. يجعلها على صلة بالناس، رغم أخطائها. يتحرك بارتياح في أكثر الأماكن وعورة.
بجانب الأبطال الأربعة وجبهاتهم التي لا تهدأ، يوميات من حياة اللبنانيين. في الحي الشعبي حيث انقطاع الكهرباء وتقنين المولدات، وحيث يموت الأطفال بنار الشمعة، تحمل «حنان» (رندا كعدي)، و«أم محمود» (ختام اللحام) هموم الموجوعين. نجمة على رأس نص يقارب مرض الألزهايمر بجمالية حزينة. فمن خلال القدير أحمد الزين، يستعاد لبنان المنارة والمجد العتيق. حبه لـ«حنان» نبل المسلسل.
كانت كارول عبود ضحكة العمل قبل أن تتخذ خطاً آخر. هنا حاجة المرأة إلى الحب والاحتواء، ومن فرط التعطش إلى حضن، تقع في غرام أول رجل يظهر اهتماماً. «للموت 2» أحد منعطفاتها، بشخصية لها مفرداتها وقد أصبحت على الألسن.
رندا كعدي من أجمل الأمهات في الدراما اللبنانية، تمثل بطيبة قلبها وعذوبة أعماقها. تحتضن تالين بو رجيلي بشخصية الصغيرة المشاغبة «خلود» وتخرجها على مهل من ماضيها. أمومتها ممتدة إلى «لميس» ومشاكلها. ريان الحركة بتخبطات المراهقة وصدماتها، توازن بين الهدوء والعصف. يبقى وسام صباغ ودوجا حجازي. لا يمكن أن تكون الحياة عادلة مع بشر لا حول لهم ولا قوة. ترقص «رامونا» لتسدد ديوناً ورطها بها زوجها، وتتألق بالفجيعة حين يحترق ولداها. «محمود» وجع الشاب الآدمي في بلد يرسل الأوادم إلى جهنم.


مقالات ذات صلة

مسلسلات مستوحاة من جرائم حقيقية تفرض نفسها على الشاشة المصرية       

يوميات الشرق لقطة من البرومو الترويجي لمسلسل «ساعته وتاريخه» الذي يعرَض حالياً (برومو المسلسل)

مسلسلات مستوحاة من جرائم حقيقية تفرض نفسها على الشاشة المصرية       

في توقيتات متقاربة، أعلن عدد من صُنَّاع الدراما بمصر تقديم مسلسلات درامية مستوحاة من جرائم حقيقية للعرض على الشاشة.

داليا ماهر (القاهرة )
يوميات الشرق من وجهة نظر العلاج بالفنّ (غيتي)

علاج القلق والكآبة... بالمسلسلات الكورية الجنوبية

رأى خبراء أنّ المسلسلات الكورية الجنوبية الزاخرة بالمشاعر والتجارب الحياتية، قد تكون «مفيدة» للصحة النفسية؛ إذ يمكنها أن تقدّم «حلولاً للمشاهدين».

«الشرق الأوسط» (سيول)
يوميات الشرق الفنانة مايان السيد في لقطة من البرومو الترويجي للمسلسل (الشركة المنتجة)

«ساعته وتاريخه»... مسلسل ينكأ جراح أسرة مصرية فقدت ابنتها

أثار مسلسل «ساعته وتاريخه» التي عرضت أولى حلقاته، الخميس، جدلاً واسعاً وتصدر ترند موقع «غوغل» في مصر، خصوصاً أن محتوى الحلقة تناول قضية تذكّر بحادث واقعي.

داليا ماهر (القاهرة )
يوميات الشرق سهر الصايغ خلال تسلمها إحدى الجوائز (حسابها على إنستغرام)

سهر الصايغ: تمردت على دور «الفتاة البريئة»

قالت الفنانة المصرية سهر الصايغ إنها تشارك في مسلسل «أسود باهت» بدور «شغف» التي تتورط في جريمة قتل وتحاول أن تكشف من القاتل الحقيقي.

مصطفى ياسين (القاهرة )
يوميات الشرق مريم الجندي في مشهد يجمعها بأحد أبطال المسلسل (لقطة من برومو العمل)

«ساعته وتاريخه» مسلسل مصري يجذب الاهتمام بدراما حول جرائم حقيقية

في أجواء لا تخلو من التشويق والإثارة جذب المسلسل المصري «ساعته وتاريخه» الاهتمام مع الكشف عن «البرومو» الخاص به الذي تضمن أجزاء من مشاهد مشوقة.

انتصار دردير (القاهرة )

الشماغ السعودي في ذروة مواسم بيعه

بائع يستعرض عشرات الأنواع من الشماغ الذي يبلغ أعلى مواسمه البيعية في آخر رمضان (الشرق الأوسط)
بائع يستعرض عشرات الأنواع من الشماغ الذي يبلغ أعلى مواسمه البيعية في آخر رمضان (الشرق الأوسط)
TT

الشماغ السعودي في ذروة مواسم بيعه

بائع يستعرض عشرات الأنواع من الشماغ الذي يبلغ أعلى مواسمه البيعية في آخر رمضان (الشرق الأوسط)
بائع يستعرض عشرات الأنواع من الشماغ الذي يبلغ أعلى مواسمه البيعية في آخر رمضان (الشرق الأوسط)

أفصح مختصون في نشاط صناعة واستيراد الشماغ السعودي عن بلوغ هذا الزي التقليدي الرسمي أعلى مواسم البيع السنوية، مسجلاً مبيعات تُقدَّر بنحو 900 مليون ريال سنوياً، كاشفين عن توجهات المستهلكين الذين يبرز غالبيتهم من جيل الشباب، وميلهم إلى التصاميم الحديثة والعالمية، التي بدأت في اختراق هذا اللباس التقليدي، عبر دخول عدد من العلامات التجارية العالمية على خط السباق للاستحواذ على النصيب الأكبر من حصة السوق، وكذلك ما تواجهه السوق من تحديات جيوسياسية ومحلية.
ومعلوم أن الشماغ عبارة عن قطعة قماش مربعة ذات لونين (الأحمر والأبيض)، تُطوى عادة على شكل مثلث، وتُلبس عن طريق وضعها على الرأس، وهي لباس تقليدي للرجال في منطقة الخليج العربي وبعض المناطق العربية في العراق والأردن وسوريا واليمن، حيث يُعد جزءاً من ثقافة اللبس الرجالي، ويلازم ملابسه؛ سواء في العمل أو المناسبات الاجتماعية وغيرها، ويضفي عليه أناقة ويجعله مميزاً عن غيره.
وقال لـ«الشرق الأوسط»، الرئيس التنفيذي لـ«شركة الامتياز المحدودة»، فهد بن عبد العزيز العجلان، إن حجم سوق الأشمغة والغتر بجميع أنواعها، يتراوح ما بين 700 و900 مليون ريال سنوياً، كما تتراوح كمية المبيعات ما بين 9 و11 مليون شماغ وغترة، مضيفاً أن نسبة المبيعات في المواسم والأعياد، خصوصاً موسم عيد الفطر، تمثل ما يقارب 50 في المائة من حجم المبيعات السنوية، وتكون خلالها النسبة العظمى من المبيعات لأصناف الأشمغة المتوسطة والرخيصة.
وأشار العجلان إلى أن الطلب على الملابس الجاهزة بصفة عامة، ومن ضمنها الأشمغة والغتر، قد تأثر بالتطورات العالمية خلال السنوات الماضية، ابتداءً من جائحة «كورونا»، ومروراً بالتوترات العالمية في أوروبا وغيرها، وانتهاء بالتضخم العالمي وزيادة أسعار الفائدة، إلا أنه في منطقة الخليج العربي والمملكة العربية السعودية، فإن العام الحالي (2023) سيكون عام الخروج من عنق الزجاجة، وسيشهد نمواً جيداً مقارنة بالأعوام السابقة لا يقل عن 20 في المائة.
وحول توجهات السوق والمستهلكين، بيَّن العجلان أن غالبية المستهلكين للشماغ والغترة هم من جيل الشباب المولود بين عامي 1997 و2012، ويميلون إلى اختيار التصاميم والموديلات القريبة من أشكال التصاميم العالمية، كما أن لديهم معرفة قوية بأسماء المصممين العالميين والماركات العالمية، لافتاً إلى أن دخول الماركات العالمية، مثل «بييركاردان» و«إس تي ديبون» و«شروني 1881» وغيرها إلى سوق الأشمغة والغتر، ساهم بشكل فعال وواضح في رفع الجودة وضبط المواصفات.
وأضاف العجلان أن سوق الملابس كغيرها من الأسواق الاستهلاكية تواجه نوعين من المشكلات؛ تتمثل في مشكلات جيوسياسية ناتجة عن جائحة «كورونا» والحرب الروسية الأوكرانية، ما تسبب في تأخر شحن البضائع وارتفاع تكاليف الشحن وارتفاع الأسعار بسبب التضخم وارتفاع أسعار الفائدة، بينما تتمثل المشكلات المحلية في انتشار التقليد للعلامات العالمية والإعلانات المضللة أحياناً عبر وسائل الاتصال الاجتماعي.
من جهته، أوضح ناصر الحميد (مدير محل بيع أشمغة في الرياض) أن الطلب يتزايد على الأشمغة في العشر الأخيرة من شهر رمضان من كل عام، ويبدأ الطلب في الارتفاع منذ بداية الشهر، ويبلغ ذروته في آخر ليلتين قبل عيد الفطر، مضيفاً أن الشركات تطرح التصاميم الجديدة في شهر شعبان، وتبدأ في توزيعها على منافذ البيع والمتاجر خلال تلك الفترة.
وأشار الحميد إلى أن سوق الأشمغة شهدت، في السنوات العشر الأخيرة، تنوعاً في التصاميم والموديلات والماركات المعروضة في السوق، وتنافساً كبيراً بين الشركات المنتجة في الجودة والسعر، وفي الحملات التسويقية، وفي إطلاق تصاميم وتطريزات جديدة، من أجل كسب اهتمام المستهلكين وذائقتهم، والاستحواذ على النصيب الأكبر من مبيعات السوق، واستغلال الإقبال الكبير على سوق الأشمغة في فترة العيد. وبين الحميد أن أكثر من نصف مبيعات المتجر من الأشمغة تكون خلال هذه الفترة، مضيفاً أن أسعارها تتراوح ما بين 50 و300 ريال، وتختلف بحسب جودة المنتج، والشركة المصنعة، وتاريخ الموديل، لافتاً إلى أن الشماغ عنصر رئيسي في الأزياء الرجالية الخليجية، ويتراوح متوسط استهلاك الفرد ما بين 3 و5 أشمغة في العام.