دمشق والقامشلي تتبادلان «رفع الحصار»

آثار الحرب والدمار في مدينة حلب (رويترز)
آثار الحرب والدمار في مدينة حلب (رويترز)
TT

دمشق والقامشلي تتبادلان «رفع الحصار»

آثار الحرب والدمار في مدينة حلب (رويترز)
آثار الحرب والدمار في مدينة حلب (رويترز)

سمحت القوات الحكومية وعناصر «الفرقة الرابعة» في مدينة حلب بشمال سوريا بمرور كميات محدودة من مادة الطحين، مساء أول من أمس (الخميس)، لتدخل الأحياء الكردية في الشيخ مقصود والأشرفية، بعد حصار استمر نحو 24 يوماً، فرضتها حواجز «الفرقة الرابعة» التابعة للنظام، في وقت فتحت قوى الأمن الداخلي «الأسايش» التابعة لـ«الإدارة الذاتية» في اليوم نفسه، جميع الطرق المؤدية إلى المربعات الأمنية في مدينتي الحسكة والقامشلي، بشمال شرقي البلاد، بعد حصار استمر أكثر من 20 يوماً.
وقال محافظ الحسكة، اللواء غسان خليل، إن الحياة تعود تدريجياً إلى حالتها الطبيعية، بعد نجاح المساعي الروسية والحكومية في إنهاء الخلافات، فيما دعا مسؤول كردي بارز حكومة دمشق إلى إعلاء مصلحة سوريا وشعبها بالتوصل إلى اتفاق شامل مع «الإدارة الذاتية» وقواتها العسكرية، والتخلي عن سياسات الحصار.
وأفاد مصدر مسؤول في حي الشيخ مقصود، خلال اتصال هاتفي من داخل الحي، بأن عناصر حواجز «الفرقة الرابعة» سمحت بدخول نحو 32 طناً من مادة الطحين إلى أحياء الشيخ مقصود والأشرفية، عند الساعة الثانية عشرة من ظهر الخميس الماضي. وذكر المصدر، الذي طلب عدم ذكر اسمه، «أن كميات الطحين التي وصلت الأحياء تكفي لإنتاج الخبز ليوم واحد فقط، وتم توزيعها على الأفران السبعة في الأحياء التي عادت للعمل، وتم توزيع الخبز على السكان صباح أمس الجمعة».
ودخلت هذه الكمية من الطحين بعد ساعات من إعلان مبدئي توصل إليه مسؤولون من الحكومة السورية مع ممثلي «الإدارة الذاتية» برعاية ضباط من الجيش الروسي، يفضي إلى رفع الحصار المفروض من قِبل حواجز «الفرقة الرابعة» عن الأحياء الكردية في حلب، والسماح بإدخال المواد الغذائية والأساسية ومادة الطحين والأدوية إليها.
وفي الحسكة، شاهد موفد «الشرق الأوسط» قيام قوات «الأسايش» بإزالة الحواجز والسواتر الإسمنتية التي نصبتها مؤخراً في محيط المربع الأمني، وفتح طريق شارع القامشلي في حي مرشو وبداية شارع القضاة في حي المحطة، كما فتحت قوات «الأسايش» شارع مشفى الحكمة وسط السوق المركزية، والشارع الرئيسي الذي يربط حي النشوة بمركز المدينة.
أما في القامشلي، فقد عمدت قوات «الأسايش» إلى إزالة جميع الحواجز العسكرية والكتل الإسمنتية للقوات الحكومية المنتشرة داخل مركز المدينة، وفتحت الطريق الواصل من المسجد الكبير باتجاه بوابة نصيبين الحدودية مع تركيا، إلى جانب فتح الطريق الواصل بين مركز البلدية ونقطة نصيبين الحدودية، دون أي وجود أمني أو عسكري لحواجز حكومية، ليصبح الطريق المؤدي نحو البوابة سالكاً بعد إغلاقه منذ 11 عاماً، باستثناء الإبقاء على نقطة أمنية واحدة تضم مجموعة من «الأمن العسكري» التابع للنظام داخل البوابة الحدودية.
بدوره، أكد محافظ الحسكة اللواء غسان خليل، أن الحصار المفروض على مدينتي الحسكة والقامشلي كسر بعد نجاح المساعي الروسية والحكومية السورية. وقال في إفادة صحافية، إن الأوضاع في المدينتين عادت إلى حالتها الطبيعية «بعد نجاح المساعي الروسية والسورية في إنهاء الإشكالات المستمرة منذ 20 يوماً، وجرت اجتماعات واتصالات إيجابية بين ممثلين عن الدولة السورية وقوات (قسد) برعاية روسية»، حيث عقدت اجتماعات في كل من مدينة حلب ومدينة القامشلي، أفضت إلى فك الحصار عن هذه المدن، بانتظار أن يدخل الاتفاق والتطبيق حيز التنفيذ خلال الساعات المقبلة.
من جانبه، دعا آلدار خليل، عضو الهيئة الرئاسية لـ«حزب الاتحاد الديمقراطي»، الذي يدير «الإدارة الذاتية»، شرق الفرات، الحكومة السورية، للتخلي عن سياسات الحصار. وقال في حديث صحافي، «إن أرادت حكومة دمشق مصلحة سوريا وشعبها، عليها أن تتوصل لاتفاق شامل مع الإدارة الذاتية وجناحها العسكري. فأساليب الضغط والحصار لن تُوصِل إلى أي نتيجة تُذكر».
وعن دور حواجز الفرقة الرابعة وحصارها للأحياء الكردية في حلب، أضاف قائلاً: «هي جهة تنفيذية ودورها تقني، والأهم في هذا الموضوع هو العقلية التي يتعامل بها النظام مع مجمل القضايا».
وأشار القيادي الكردي إلى أن «الإدارة الذاتية» وقواتها العسكرية المدعومة من تحالف دولي تقوده واشنطن «لا نية لها للانفصال عن سوريا، أو إلغاء وجود مؤسسات الدولة السورية في مناطق نفوذها».
واختتم حديثه بالقول: «نحن إدارة ذاتية، وهي جزء من سوريا، وليس لدينا تحرك خارج هذا الإطار. وما تَم من جانبنا كان مجردَ جواب على حصار النظام حيي الشيخ مقصود والأشرفية ومناطق الشهباء».



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».