من «اليوغا» إلى «البادل»... معركة المرأة مع التيار الديني في الكويت لا تزال ساخنة

نجح المجتمع المدني في الكويت في كسب واحدة من معاركه المحتدمة مع التيار الديني، الذي يتصاعد نفوذه في الكويت. فقد سمح مجدداً بعودة فعاليات لعبة «البادل» بعد أن نجح نائب إسلامي في إيقافها.
ورياضة البادل (racquet Padel) هي لعبة من ألعاب المضرب، وقد شهدت انتشاراً ملحوظاً وإقبالاً واسعاً بين أوساط الشباب في الكويت، كما ازدهرت هذه الرياضة في ظل التداعيات التي فرضتها جائحة (كورونا)، حيث أقفلت المنشآت الرياضية.
وتجمع لعبة (بادل) بين لعبتي التنس والاسكواش، وتمارس في ملعب أصغر حجماً من ملعب التنس الأرضي، فيه جدار كمصد لارتداد الكرة ويتكون الفريق من لاعبين اثنين يقابله فريق آخر بالعدد نفسه.
والأربعاء الماضي عادت فعاليات دورة البادل التي انطلقت خلال شهر رمضان، في أجواء عائلية شاركت الشرطة النسائية في توفير الأمن لها.
وأعلن النائب الإسلامي أحمد مطيع العازمي، أنه تواصل مع وزير الداخلية الشيخ الكويتي أحمد النواف، الذي أبلغه بإلغاء مسابقة بادل.
وكتب عبر «تويتر»: «تواصلت مع الأخ النائب الأول لرئيس الوزراء ووزير الداخلية، الشيخ أحمد النواف بخصوص المسابقة المختلطة للعبة البادل، وأبلغني مشكوراً بإلغائها. لا نقبل أبدا المساس بقيم مجتمعنا وعادات وأخلاق أفراده، خصوصاً في مثل هذه الأيام الفضيلة من هذا الشهر الكريم». كما طالب عضو مجلس الأمة فايز غنام الجمهور، وهو من التيار الإسلامي، بإيقاف هذه اللعبة لأنها في رأيه، تشهد اختلاطاً وارتداء ملابس غير محتشمة.
وقال الجمهور، إن وزير التجارة فهد الشريعان، أوقف بطولة بادل، وذلك تجاوباً مع طلبه، وكتب عبر «تويتر»، قائلاً إن وزير التجارة تجاوب مع مطالبه في «وقف ما يسمى دورة بطولة لعبة البادل، ودعوة أبنائنا وبناتنا بعدم ارتداء اللباس المحتشم، والاختلاط بينهم بتجاوز على القانون للترخيص وبفوضى الإعلانات، لذلك على وزارة التجارة الاستمرار بمخالفة جميع من يدعوا للإعلان لأي دورة بغير ترخيص، والتشديد بالمخالفة».
لكن وزارة التجارة ردت على النائب الجمهور نافية أن تكون قد أصدرت قراراً بمنع اللعبة، وقالت: «لم نوقف دورة لعبة البادل بسبب اللباس غير المحتشم، والاختلاط بين الرجال والنساء، لأن هذا ليس من اختصاص الوزارة»، لكنها أضافت: «استدعيت الشركة المنظمة بسبب التراخيص اللازمة للأنشطة التجارية».
ووجه عضو مجلس إدارة الجمعية الاقتصادية الكويتية محمد بدر الجوعان، انتقاداً للنائب الإسلامي قائلاً عبر «تويتر»: «لم تهزه سرقات صندوق الجيش و(الصندوق) الماليزي، وعمليات غسل الأموال، ولكن هزته لعبة بادل! هل دور نائب الأمة «يحط دوبه دوب» لعبة شبابية مثل البادل؟ مع الأسف، كل متنفس للشباب في هذا البلد يغلق بحجج غير منطقية».
وأضاف الجوعان: «تواصلت مع وزير التجارة ووضح لي مشكوراً، أن المنع كان لحالة فردية لشركة تزاول نشاطاً تجارياً من غير رخصة لإقامة معارض، أما دورات البادل الأخرى فلا علاقة للوزارة فيها، كما حدث في أكثر من دورة وهي مسموحة، أما في موضوع الأخلاق العامة فهي منوطة بوزارة الداخلية».
وبدأت لعبة «البادل» في الظهور بأواخر ستينات القرن الماضي في المكسيك، وازدادت شهرتها مع وصولها إلى سواحل المتوسط في إسبانيا، فيما وصلت إلى عدد من الدول العربية مثل السعودية، والإمارات، وقطر، ومصر، والبحرين في عام 2014. أما في الكويت فقد انتشرت مع أواخر عام 2019.
و«البادل» لا تشترط فئة عمرية معينة إنما تتطلب المرونة البدنية رغم صغر ملعبها مقارنة بالرياضات الشبيهة وأصبحت «البادل» واحدة من الرياضات، التي تمارس بكثرة في أوساط الشباب الخليجيين. واعتمدت اللجنة الأولمبية الكويتية في شهر مايو (أيار) الماضي لعبة «البادل» كإحدى الألعاب التي تشرف عليها وتم بموجب القرار تشكيل أعضاء لجنة «البادل» برئاسة عيسى بهبهاني، ويوسف السلطان نائبا له، ونور العبد الرزاق أميناً للسر، ونجيب العوضي ودانة خاجة عضوان.

- اليوغا
ورغم أن «الحرية الشخصية مكفولة» بحكم الدستور في الكويت، فإن بعض أعضاء مجلس الأمة خاضوا معارك لتقييد تلك الحريات وفرض الرقابة عليها، خصوصاً فيما يتعلق بالمرأة والآداب والفنون.
في 4 فبراير (شباط) الماضي (2022)، منعت وزارة الداخلية الكويتية جلسة يوغا نسائية كان من المقرر تنظيمها في الصحراء، بعد مطالبة نائب بإلغائها بحجة أنها تمثل أمراً «خطيراً» على المجتمع الكويتي.
وكانت مدربة اليوغا الكويتية، إيمان الحسينان، تعتزم تنظيم جلسة يوغا للنساء فوق 18 عاما، في منطقة الزور بصحراء الكويت، وتشمل الجلسة «التنفس السليم، والاسترخاء، وتمارين يوغا، وجلسة تأمل».
لكن النائب الكويتي حمدان العازمي طالب بمنع الرحلة، وكتب في تغريدة على (تويتر): «نشدد على وزير الداخلية سرعة التحرك ووقف هذه الممارسات الدخيلة على مجتمعنا المحافظ، ومحاسبة من منح لها التراخيص فوراً. هذا أمر خطير».
النائب العازمي سبق له أن قدم استجواباً لوزير الدفاع الشيخ حمد جابر العلي الصباح، في يناير (كانون الثاني) في شأن قرار السماح للنساء بالانضمام إلى الجيش في وظائف إدارية وغير قتالية، وذلك لأول مرة في تاريخ الكويت، ووافقت وزارة الدفاع على فرض قواعد جديدة على النساء الملتحقات بالجيش، بما في ذلك ضرورة ارتداء الحجاب، والحصول على إذن من ولي الأمر للانضمام، وعدم السماح لهن بحمل السلاح، كما تقدم وزير الدفاع باستقالته من الحكومة في 16 فبراير (شباط) الماضي.
قضية اليوغا هي الأخرى خلقت جدالاً ساخناً في الكويت، بين من يرى أن التيار الديني أصبح يفرض أجندته على المجتمع بما يقيد حرية الأفراد التي ضمنها الدستور، وبين من يرى أنه يحمي السلوك العام من الاتجاهات الليبرالية.
بعض النساء الكويتيات نظمن وقفة احتجاجية في ساحة الإرادة أمام مقر مجلس الأمة في 7 فبراير 2022. ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن الدكتورة ابتهال الخطيب أستاذة اللغة الإنجليزية في جامعة الكويت قولها: «إن القضية ليست قضية رياضة، رغم أهميتها، وإنما هي نقطة في مشهد كبير عام إذا تنازلنا عنها سنشهد تنازلات أخرى».